Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-12-2013, 03:41 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,013
افتراضي دهاليزُ الأبالسة الجزء الثاني

دهاليزُ الأبالسة

الجزء الثاني

ليس باستطاعة مقعدي الفكر و مشلولي الإرادة التخلّص من واقع الأمر المفروض بقبوله دون أيّة محاذير، لأنّ سلطان الخوف قد ملك منهم إرادتهم و شلّ قواهم العقليّة فأفرغها من مضمونها ليحوّلها إلى آلةٍ طيّعةٍ بيد الآخرين يتحكمون بمصيرهم مما يعقد أمورَ حياتهم أكثر فأكثر، و لا يترك لديهم أية فرصة أو مجال للتعبير عن النفس و الفكر و الإرادة و بهذا تنتفي فرص التحوّل و تتآكل إمكانيات التغيير و أيضا تموت الرغبة في السعي نحوَ التحوّل.

إنّ هؤلاء يعيشون عالةً على مجتمعاتهم و بالتالي على غيرهم، يظلّون أسرى أفكار و أهواء رغبات مفروضة عليهم أو أنهم الذين يختارونها بملء إرادتهم لكن دون وعي أو فهم أو حتى إدراك. و يكون الجهل في هذه الحالة هو الآمرُ و الناهي و صاحبُ الكلمةِ الفَصل في تقرير مصير هذا النوع من الناس، لأنه يجعل منهم أدواتٍ طَيّعةً بأيدي الآخرين و هم لن يضمنوا و الحالة هذه أن يضمر المتحكمون بأمرِهم الخيرَ لهم، فيذهبون ضحية جهلهم و غبائهم و يصيرون لقمةً سائغةً لأصحاب الغايات و المقاصد و قد تؤذيهم كما قلنا، فهم يغدون أدوات تنفيذ لمقاصد الغير و لطموحات الآخرين، و لأجندة معيّنة قد تخدم الآخرين أكثر مما تفيدهم كفعلة للأمر و منفذين له فيكون الدافع للفعل هو الرابح بينما المنفّذ هو من دفع الثمن باهظاً و قد يكون هذا الثمن حياة هذا الشخص المأمور.

هنا يلعب الانغلاق الفكري دوراً كبيراً و خطيراً بهذه العملية، لأن الانغلاق الفكري ظاهرة مرضية تطال الفكر و العقل و بالتالي الحواس و الشعور و تنعكس فيما بعد على السلوك، إنه حالة مرضيّة مُستعصية و السبب المباشر لها هو الخوف، الخوف بكلّ حالاته و أحواله، و بكلّ أنواعه و أشكاله، كالخوف من الآخر و الخوف من الغد و الخوف من الجديد و الخوف من التطور و حالة التغيير التي يمكن أن تحصل، و الخوف من المجهول بسبب القصور الفكري للشخص و عدم رؤيته الصحيحة للأمور و منها كذلك الخوف من التحرّر من عبوديّة الأفكار و النصوص و العادت و التقاليد السائدة و ربما المعمول بها كمقدس في واقع الفكر الضيّق و المنغلق.

عندما ينفتحُ الإنسانُ على العالم بعقله و فكرِه و حواسّه، فإنّه يصبحُ قادراً على رؤية الأشياء كما هي بل و أدقّ ممّا تُرى عليه، لأنّ التمحيص الفكري عبر مسعى التحليل و التطبيق و التقييم و المقارنة سوف يُوصل بالنتيجة إلى حالة جديدة غير تلك التي كانت عليها من قبل و هو ما يمكن تسميته بالتغيير أو التحوّل أو التجديد، فالقديم لا يجب أن يبقى أكثر ممّا تُلزِم الحاجة له أو إليه، فإن فقد صلاحيته، فلا طائلَ منه و لا فائدة تُرجى من بقائه و لا من محاولات الإبقاء عليه. مع الانغلاق الفكري يكون انغلاق حضاري أيضا و انغلاق اجتماعي و هذا يعني انعدام التواصل الاجتماعي بين أصحاب هذا الفكر و بين مجتمعاتهم لأسباب الخوف و الشعور بالشك و الريبة من كل ما حولهم، و من الطبيعي أن يؤدي هذا إلى تصرفات غير عقلانيّة أو سلوكيّات غير صحيحة.

هنا أيضاً يلعب وعي الأفراد دوراً هامّاً و أساسيّاً فاعلاً و قد يكون حاسماً كذلك، على اعتبار أنّ الوعي هو مرتكز للسلوك الوجداني و الذي سيأتي تتويجاً له و منسجماً مع روح هذا الوعي الفكري و سيدفع بذلك إلى ممارسة حياتيّة قابلة للحياة، إذ لا حياة مع الجمود بكلّ أنواعه و تصنيفاته و توجّهاته، لا حياة مع التقوقع و مع التخلّف و لا حياة مع ظاهرة العيش بالماضي لأنّ الحاضرَ أهمّ و المستقبل الأهمّ منهما معاً.

للوعي حالاتٌ و تعريفاتٌ و جزئياتٌ متنوّعةٌ و متعدّدة الجوانب و أما الوعي الذي أعنيه و أقصده بالتحديد هنا فهو الوعي الإنساني الشامل و الجامع و هو الذي تكوّنه خبرات الأشخاص و تجاربهم. و بالطبع فإنّ الوعي هو الذي يميّز الإنسان عن باقي الكائنات الحيّة، أمّا الذي يلعب دوراً عظيمَ الشأن في نسبة الوعي و مستواه لدى البشر فهو الثقافة و كلّما تنوّعت مصادر هذه الثقافة كلّما كان تكوّن الوعي لدى الأفراد أعمق و أوسع و أشمل، و لا غرابة في قول: "قلْ لي ماذا تقرأ، أقُلْ لك مَنْ أنت" الإنسان ابن بيئته و ثقافته و كلّما تعدّدت و تنوّعت مصادر تثقّفه، يكون مستوى وعيه أرفع و أغنى معرفة و حضوراً علمياً و أكثر منطقيّة و موضوعيّةً بأحكامه و آرائه و طروحاته. و يمكن القول باختصار أنّ الوعي هو إدراك المرء لوجوده و لما حوله بفهم و تعقّل يستخدم بذلك العقل و هذا ما يفتقده أصحاب الفكر المنغلق إذ لا تتوفّر لديهم سبل الاطّلاع و الانفتاح و التواصل و هذا يحصل بفعل قبولهم الأعمى و امتثالهم لِما يُملى عليهم دون إعطاء فرصة للعقل كي يختار و يتصرّف بوعي فالوعي هو حريّة العقل.

للبحث تتمّة....
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:28 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke