Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > شعر - قصة- نثر- مقالة الخ للأعضاء والمنقول

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-03-2015, 10:32 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 46,023
افتراضي نصر جميل شعث الشاعرة اللبنانية أمال نوّار: “كمرآة في ذهنها فحوى الحواس”. إمدادات هذ

الشاعرة اللبنانية أمال نوّار: “كمرآة في ذهنها فحوى الحواس”.

نصر جميل شعث22 سبتمبر 2007بعيدًا عن الطوفان اليومي للنصوص والمجاميع الشعرية المكتوبة على إيقاع التساهل وسهولة النشر، وعلى وقع المقالات الصحفية المشاركة في تطبيع هول الرداءة؛ لعدم وعي الذهن بمبدأ المرآة، ولعدم التفريق بين الشعر وتفاصيل السطح التي قوّضت العبارةَ والهيبة في القصيدة؛ وبعيدًا عن تواطؤ النظرة المكبوتة مع بدعة الاستعراض الإيروتيكي المكتوبة، وما إلى هنالك من أضواء فجّة يَخجل منها مثالُ الضوء، ويخجل منها مُواطِنُ الظلّ .. بعيدًا عن كل ذلك، وقريبا من الذات في الظلّ الخلاق؛ تعود مواطنة الشعر، الشاعرة اللبنانية أمال نوّار (المقيمة في أمريكا)، لتقدّم للمشهد الشعري العربي مجموعتها الشعرية الثانية الموسومة بعنوان: ” نبيذها أزرق ويُؤنِسُ الزجاج”، (دار النهضة العربية، تموز 2007). وذلك بعد أن أصدرت مجموعتها الأولى بعنوان: ” تاج على الحافة” (دار الفارابي، 2004 ). حيث نرى مهارة أمال نوّار الشعرية، خلال أنشطةِ الحواس والشعور المتلاحقة؛ على أنّ ما تتميز به قصائد نوّار هو التؤدة، وامتلاكها قاموسًا من المفردات والتراكيب والاستعارات والصور الفريدة واللدنة المنحازة للرمل والحجر والصلصال، والموازنة بين الرومانسية والايروتيكية. بجماليات الانحياز والتوازن، هذه، تحتفظ، الشاعرة، بخصوصيتها التي تميّزها عمن حولها من “اللبوات” أو ” اللمْبات” الإعلامية المبذولة في فضاء الورق والانترنت. وهو ما كانت عبّرت عنه نوّار في أكثر من قصيدة، عن إيثار ذاتها الشرود إلى “الداخل”، والإقامة في “الظلّ”، فكلاهما مَعيْن وسَماء الموهبة. ولنستشهد، مثلا، بقصيدة “عربة وهم”، والتي فيها تقول نوّار:
” ما حاجتي إلى الضوء
حين يَجري فيّ النهر
وعيني الغريقة في بطن عيني العميقة؟
ذلك أنني كنتُ دنيا أضوءُ وأحلكُ
أمشي وأنا شاردة خلف الباب”.
نوّار في غربة الظل:
إذن، تبتدىء الشاعرة نوّار مجموعتها الجديدة بقصيدةٍ تحمل عنوان: “في غربة الظل”. وما بين عنوان المجموعة وعنوان القصيدة الأولى نَلحظ – عشية المضيّ في عالم الشاعرة- البنية الدلالية العامة للمجموعة، خلال هذا التقابل بين “غربة” كوضع وموضوع وجودي، وفعل المضارع “يُؤنِسُ”. وكذلك بين “الظلّ” كغموض وإيحاء، و”الزجاج” كشفافيةٍ بوصفه بيانـًا للون نبيذِ الشاربة الشاردة الغائبة، التي يَعْبر بها النبيذ الأزرق غاية الوصال؛ إذا ما علمنا أنه المبتدأ والفاعل، معًا، في عنوان المجموعة. ولكنه يؤنسُ الزجاجَ من الداخل. وهكذا، يؤهلنا وصفُ ما تقدم لقراءة نوّار في غربة الظلّ. فمنذ تلك القصيدة الأولى تراوح الشاعرة كتابة حَرَجها وحيرة إجابتها أمام برودة الليل وفراغ البئر، أي أمام سؤال النار وسؤال الماء. فتتساءل: ” بأي حبر أدفّىء شعور الليل/ وبأي كلمة أصيب وتر البئر؟” . وتظهر حقيقة انفصال الزجاج عن الحلم عندما يُصاب الزجاج بالمؤثرات الخارجية، فيعيق ذلك وصالَ الرؤيةِ الحلمَ أو الرؤيا. لذا تعبيرًا عن خطورة الوضع الخارجي ترسم الشاعرة لها جسرًا، في الأفق، بين الهواء(القلق) وظلها(الوهم).. والنتيجة أنها ترى ذاتها في مرآة الغياب. ونرى، بدورنا، ” امرأة الثلج” في مرآة الحضور، تكتب عنها امرأة ثالثة، بلغة حياد إيجابي، طالبة من الرائي النظر بظاهر العين وبطنها إلى الوضع والحال: ” أنظر إليها في الصقيع/ كيف هي منغلقة على ذاتها”. ولكن حالة الانغلاق، هذه، والتي تستند إليها شعرية المجموعة؛ لا تؤخذ بالمعنى الذي يعلّله علم النفس، بل بالمعنى الذاتي المنفتح على فلسفة الاتجاه للداخل. ذلك أنّ الأرض باردة، مثلما تصرخ الشاعرة بذلك، في قصيدة ” شجرة أول الليل، وآخر البحر” ، قائلة:
“أنت باردة أيتها الأرض
باردة
حتى ولو اشتعل زيت بحارك
في دم الحجر”.
وعليه، فقصائد الشاعرة هي وصال روحي، بطاقة إيروتيكية متحولة في العمق. فلا يَصعد الجسدِ لسطح لغة الاستعراض، ولا تظهر رموز الاتصال العضوي. وإنما هي طاقة صادرة عن نشوة، وعن حلم يسري في جسد الأنثى/ الكتابة؛ منشدًا لحظة الإفاضة العظيمة على برودة الأرض القاصرة عن التمرئي في مرآة الصفاء الذهني الصادر عَن ـ والمنعكس على ـ والخالق لـ ـ نشوة الحواس وجموحها وتماوجها وتمازجها في هدأة زرقة النبيذ المرئي كبيان كابٍ، للرائي، من خارج الزجاج. لذا، بقدر ما تبحر العبارة الشعرية في تحولات الإستعارات والصور، للتعبير عن شهوة الجسد وحرارة الداخل، بقدر ما تشتهي الشاعرة الغموض كمتعة وكشكل من أشكال الوصال والحلول في العتمة والظلّ بوصفهما مَعْقلي الحنان والحنين السرّيين:
“إذ غير متاع الظلمة
ما الذي يؤخذ إلى أحشاء البحر؟”
وهي بهذة الزرقة المظلمة ليست متشائمة، من الداخل، ولا قصيدتها مثقلة بالتراكيب المأساوية المدفوعة، بوقع الخارج مباشرة عليها، وإنما هي عاشقة وصال وحالمة. فهي ذي تقول:
“بلؤلؤ أعمى لفرط أسراري أشتهي وصال كلماتك”؟!
وهذا التكتم الداخلي على وصال الكلمات/الشعر بمكنون الأنوثة، إن هو إلا مواصلة نوّار إعلاءَ غنائية الظلّ، في الوقت الذي تصل الآخر المطلق بالمخاطبة، وتجهر للقارىء بالشعر الجميل، حتى غدا الجهر أناها، وهي ظلها، في قصيدة ” أغمض عليّ القلب”، التي تقول فيها:
“كأنك الجهر وأنا الخفاء/ كأنك أنا، وأنا ظلي”.
وعلى طريق هذا التفاعل الشعري بين الأضداد، تمشي الأنوثة ذات التواضع الرومانسي وذات الكبرياء الشعري أمام الطبيعة؛ فنستمع في قصيدة: “العصفور الناسك” لهذه الغنائية الهادئة والصافية:
“أنا الأقلّ من خفقة عصفور،
والأضلّ من خيال ريشة،
والأرقّ من بصمة ضوء على المياه”.
كمرآة في ذهنها فحوى الحواسّ:
تستخدم الشاعرة نوّار كلمة “ذهن” في ثمانية مواضع خلال قصائد المجموعة، وقد استدعت هذه الملاحظة تمريرَ اليدِ داخل السياق للمسِه ومعرفة أبعاد الكلمة؛ فكان معناها في كل مرّة يشير إلى صفاء القريحة وطراوة الغموض بالايروتيكا ونشوة المزاج. فضلا عن التمتع برؤية الإيروتيكيا خلال فنّ إضافة الشاعرة العناصر(كالماء) للذهن؛ لأجل إنتاج وتوليد جماليات الحرارة والنضج الجسدي الشعري ووصال الآخر، في الطرف البارد البعيد، بإشاعة غنائية الحبّ والصفاء المخلوقة من ثلاثية الماء والجمر والحليب:
“من ذهن الماء تقطفني
فاكهةَ جمر
بفم فجّ يسكب حليبَه من عطشٍ”.
وهذه الفنون سوف تبدّد شعور الخوف من الماء، أثناء تحولات الجسد. فمن الخوف إلى اتّقاد شهوة البحر في الرمل. وهذا الإقدام الايروتيكي يظلّ قادرًا على التمسّك بذرائعه للنجاة، ووصْل برودة الأرض ويبابها بروح الغمام. إنها صلاة في الظلّ للسماويّ؛ لوصال الرمل وخلق الحبّ من الصلصال:
“يا روح الحُبّ في الغمام
صيّرْ الحُبّ من صلصال”.
وهذا هو ما رفعته الشاعرة، في قصيدة ” صلاة للحالم بجنية البحر” للسماء. وأما في قصيدة “على بُعْد شمس”، فقد كانت غنائية القدرة على خلق تحولات الكون بالطاقة الايروتيكية لدى شاعرة التراب هكذا :
“ابتعد
فأنا حين أشتهي البحر
كل شيء يغدو رمليا فيّ
كل شيء.”
إلى جانب ذلك، ثمة التذاذ بفنّ إيواء الحسّي في الذهن وصدورِه عنه؛ أي الصفاءَ والجوهرَ والنشوة والمرآة .. فلتركيبة “ذهن الماءِ” ايقاع الأنوثة التي: “مياهها صافية وثوبها يعكس الخرير”. كما يشير استخدام الشاعرة المتكرر لكلمة “ذهن” إلى تشكيل ورسم وصقل الآنية والخارطة والمرآة، بفعل النبيذ الأزرق الكوني؛ إضافة لحرية المخيلة بشرودها وسياحتها، وسفر الذهن وحلوله في نبيذ الذات.. وفي امتداد زرقة البحار والمحيطات. أو نفاذه وحلوله في حجر قريب، وتحوّله من علانية الصفاءِ والشفافية في متناول الحواس، إلى الغموض والإقامة كجوهر، كسرّ، يغذّي مخيلة الحواس، كلما أغمض، على سره، وامّحى في الضوء، كـ” يد محفوفة بالعشق” .. :
” كأنها آية رمل في كتاب الريح
ولا يزيدها الضوء إلا إمّحاء”..
حيث في قصيدة “في غربة الظل” :
” بعيدة المراكب عن ذهن المياه
وها الحجر يشعّ بعماء سره”
وفي قصيدة “جوع بلا قرار”:
” من ذهن شريد تدوم فيه الصيحات” ،
وفي قصيدة “يد محفوفة بالعشق”:
” لمستكِ فضاء لا يُسبر باللمس
أراني وأسمعني وأشمّني وأتذوقني
أنا القليلة فيها كطير
كذرّة غبار
في ذهن الخارطة”
وفي قصيدة ” غابة الرخام”:
” وحدي على أرصفتك يا روما
ثمرة نسيان
عظامك تَعصف بالذاكرة
وأنا حبر يمّحي عن ذهن الشطآن” ،
وفي قصيدة ” لأنكَ قلبي”:
” من ينقّب في الثلج
عن حُروقِ شمسٍ علقت
في ذهن الجرار”
وأخيرًا في قصيدة” أهزوجة خادمة في منام الجسد” تقول الشاعرة:
“متروكة كالأسى في البحر للصياد
كمرآة في ذهنها فحوى الحواس
وكنت لا أُحْدَس أو أُسْتَشَفُ
لا أُقتَضَبُ أو أُكَثّفُ
لا أُراوَدُ أو أُسْتَعافُ
متروكة في بُعْدٍ يُجْهَلُ أنّي فيه أُجْهَلُ
أحيا بموات يقظتي
كخشخاش “عمر الخيام”: خادمةُ طيورٍ
وجسدي يُؤكلُ لفرطِ المنام”.
وبذا، فإنّ الغموض ليس موضوعًا مقصودًا في القصائد، بل هو نتاج خصيصة رفض العيش في الأضواء، وهو، تاليا، نتاج تزاحم أنشطة الحواس والشعور فيما بينها، تاركة الشاعرة لنا قصائد عالية الكثافة، تغمس ذهن القارىء بطراوة الغموض وتلفحه بفحوى الحواس. فيصبح الغموض كذات امتدادًا يفتح المدى على الاستقبال والتأويل، ومن طريق ذلك هو” وصال المسافات” .. بالكلمات.
إيلاف، 19 سبتمبر 2007.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:37 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke