Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-11-2015, 09:54 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,049
افتراضي عبقريّة طبيب بقلم: فؤاد زاديكه

عبقريّة طبيب

بقلم: فؤاد زاديكه


كان في زمَانٍ ما و مكانٍ ما, منْ هذا العصرِ العصيبِ المليء بالمشاكلِ و المتاعبِ و الغاصِّ بالهموم و المصاعب, الحافلِ بالكثيرِ من أشكالِ التخلّف و العنصريّة و الجهل و الأفكارِ البربريّة الداعية للقتل, أهلكه الانقسام, و دمّره الانتقام. هذا العصر القابل للانفجار و للتخريب و الدّمار في كلّ لحظةٍ و بلا سابقِ إنذار. كانَ هناكَ رجلٌ منحته الطبيعةُ قدرة سحريّة فائقة بشفاء المرضى مهما كان نوعُ مرضهم الجسدي و العلّة التي يعانون منها, كان يلجأ إلى المعالجة بالطبّ النفسي. رجلٌ استطاعَ أنْ يكسبَ شهرةً واسعة في البلدة التي كان يقيمُ بها, قام بمعالجة الكثير من الأمراض المتنوّعة, فصار كالعلم مشهوراً و معروفاً و كالقِبلة التي يقصدها كلُّ صاحب علّة أو مرض.
كان يقوم بعمله هذا ليس من أجل الفائدة و المكسب, بل من أجل إسعاد الآخرين و إدخال الفرحة إلى قلوبهم و الراحة إلى نفوسهم, كان يقول لهم, إنّ الذي أفعله ليس بقوّة منّي, إنّه عملٌ عجائبيٌّ أستطيع إدراكه و أعرف أسبابه. أشعر بالراحة الكبيرة حين أساهم في شفاء مريض و علاجه بلا دواء و لا وصفة.
كان و بمجرد أن يضع يده على جسد المريض في مكان شعوره بالألم, و بجلسات نفسية مع المريض كانت تزول كلّ حالات المرض و تختفي أعراضه, فيتعافى المريض و يشفى شفاءًا تامّاً, بلا أعراض و لا نتائج سلبيّة, و كأنه لم يكنْ يعاني من قبل أيّة حالة مرَضيّة, أكثر من تسعين بالمائة من الحالات التي قام بعلاجها كانت نتائجها إيجابيّة. إنّ للهِ في خلقِه شؤوناً, و هو القادرُ على فعلِ كلِّ شيءٍ, فهو يقول للشيء كنْ فيكون, و لذا فلا يجب أن نشعر بأيّة غرابة في هذا, و يجبُ ألاّ يخامرَنا أيُّ شكٍّ أو تشكيكٌ بذلك, إذا كان لدينا إيمانٌ حقيقيٌّ بقدرة الصانع و الخالق, من منطق أنّ اليسر منه و من لدُنِ رحمته, و عطاءِ حكمته. و هو القادر على كلّ شيء, و كذلك من باب أنّ النفس البشريّة هي الركيزة و البناء, فهي سبب العلّة و المرض و من خلالها يمكن الشفاء.
لم يكن الرجل ليسعى وراء المال و لا الحصول على الشّهرة, و إنّما هدفَ إلى إسعاد الناس و جعلهم لا يثقون كثيراً بالأطباء العاديّن و بأدويتهم و ما يفعلونه مع مرضاهم, خاصّة في حالات أمراض السرطان الخبيث, و التي على الأغلب يقوم الأطباء بمعالجة كيماوية لها عن طريق الأشعة و الجلسات الاشعاعية, تلك التي تقضي بدورها على الأجزاء السليمة من الجسم, فتقتلها.
صارت لدى الرجل (ي. ه) سمعة كبيرة لم تبق محصورة داخل الأُسَر التي يعالج مرضاها فحسب, إذِ انتقل الخبر إلى الدوائر المعنيّة و أجهزة الشرطة, بعد تلقّي شكاوى من المشافي لأسباب قلّة المرضى الذين يتوجّهون إلى مشافيهم و توقّف أعمالهم, بسبب هذا الرّجل. لقد أصبحت المشافي خالية خاوية, و الأطباء بلا عمل.
علم الرجل بأن الدوائر المختصة تقوم بملاحقته, فهرب و اختفى من وجهها, و كان كلّ سكان البلدة مستعدين لحمايته و إخفائه مهما كلّفهم ذلك من ثمن, فهم أحبّوه لأنّه لم يكن يأخذ منهم أيّ مقابل ماديّ لما يفعله مع المرضى, كان عمله نزيهاً شريفاً و من باب إنساني بحت, لا للمصلحة الخاصة و لا للتجارة. و نتيجة للمضايقات و الملاحقات و لتتبّع أخباره, لم يعد قارداً على العيش في البلدة ممّا اضطره لمغادرتها و الانتقال إلى مكانٍ آخر, تجنّباً لإلقاء القبض عليه و محاكمته, لأنّ ما يقوم به من وجهة نظر السلطات هو عملٌ غير مرخّص به و غير قانونيّ, إنّه عملُ غير مشروع و لا يندرج تحت صفات قانونية, سنّتها الأنظمة و القوانين المتّبعة في هذه البلدة, و السائدة منذ عقود و أزمنة طويلة.
غادر (ي.ه) بلدته التي كانت مسقط رأسه و موضع ذكرياته, غادرها حزيناً خائفاً حائراً من كلّ الذي جرى و يجري, فهو بعمله هذا لم يُسئ لأحد و لم يظلم أحداً أو يعتدي على أيّ إنسان, بل على العكس من ذلك فهو أراح الناس من همومهم بشفائه لأمراضهم و إدخاله الفرح و البهجة إلى قلوبهم و نفوسهم, ممّا خلق إلفة و مودّة بينه و بينهم ولّدتْ علاقة محبّة صادقة صافية, لا منفعة من ورائها و لا مقاصد سيئة.
في البلدة الجديدة التي انتقل إليها, تابع الرجل عمله لكن بحذر و بحيطة فخبرُه مُشاع, و هو شبه غريب عن البلدة و الناس, يحتاج إلى وقت طويل للتعرّف على الناس و لبناء علاقات صداقة جديدة. لم يكن الرجل غبيّاً أو جاهلاً, فلقد درس الطبّ و الفلسفة و الحكمة و علم النفس الحيويّ. لم يمارس مهنته التي تعلّمها, كغيره لأنّه لم يعترف بالقوانين و لا بطرق معالجة المرضى, تلك التي كان يراها ابتزازاً و عملاً يهدف إلى الربح أكثر من كونه عملاً إنسانيّاً نبيلاً, ففي كلّ عام يموت الملايين بسبب العلاج الكيماوي, و هذا هو الأمر هو الذي دفع (ي.ه) إلى عدم القبول بهذه الممارسات, و لعلمه بأنّه لن يكون قادراً على إيقاف العمل بها, و لا إقناع الدوائر الطبيّة - بما فيهم أصحاب القرار - بوجهة نظره و لا بطريقة علاجه, تلك الطريقة التي تعتمد النفس كمدخل لعلاج أيّة حالة مرضيّة يعاني منها الجسد. فالنفس هي التي تتسبّب بالمرض الجسدي.
كانت لديه خبرة كبيرة و عميقة في دراسة علم النفس و خاصة الطبّ النفسي, و استطاع بمعرفته هذه أن يشفي حالات كثيرة استعصت على الطبّ الفيزيائي المعمول به في مشافي العالم كلّه. لم ييأس و حاول مرة أخرى أن يجد له أرضيّة في البلدة الجديدة, فصار له ما أراد لكن ببطء و في الخفاء, و على الرغم من جميع هذه المساعي الحذرة و البطيئة و المخفيّة, فإنّ دوائر الدولة علمت به فلاحقته من جديد, و تمكّنت من إلقاء القبض عليه, و محاكمته و تجريده من شهادته و منعه من ممارسة المهنة طول الحياة.
تمّ إطلاق سراحه بعد فترة من الزمن, لكنّهُ وُضِع تحت المراقبة الدائمة و المستمرّة, و صار يتعرّض للمضايقات, مّما دفعه إلى مغادرة دولته متوجّهاً إلى دولة أخرى, و هناك حاول بطريقة ما أن يمارس عمله كالسابق و هناك أيضاً تمّ توقيفه و منعه من صلاحية ممارسة العمل, لكنه استمرّ بطرق أخرى عن طريق المراسلة بواسطة الانترنت و غيره و الاستشارة في ممارسة مهنة الطبّ النفسي و صارت له شهرة كبيرة عمّت كلّ العالم, و عرفت الطريقة باسمه, و صار له تلامذة و مدافعون كثر عن طريقته. إنها المصالح الخاصة التي تقتل الطموح و تقف في وجه الشعور الإنساني, لقد غلبت المادة الإنسانيّة و أطاحت بها, في عصر المادّة و المصالح.
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 09-11-2015 الساعة 09:58 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:40 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke