وُلِدَ حبّي في مثل هذا اليوم
فؤاد زاديكى
في مثل هذا اليوم و قبل ما يزيدُ عن الستين عامًا, بدأت مشاعر الحب الأولى نحو حبيبة عمري و شريكة حياتي سميرة (أم نبيل) حيث كانت صغيرة السنّ يومذاك لكنها كانت كبيرة بالعقل و بالمعرفة, جاءت لزيارتنا في ديريك بمناسبة عيد العذراء و هو المصادف 15 أوغست, لقد كانت بريئة براءة الوردة بروح ملائكيّة, و قالت لي يومها على ما أذكر إنها ترغب في الذهاب لأحد الأديرة كي تلبس لباس الرهبنة, و تعتزل عن الحياة الدنيا بكل ما فيها, أثّرتْ كلماتها تلك فيّ و أنا أرى فيها طفلة بعمر مبكّر تفكّر على هذا النحو, و هي بهذه المرحلة من العمر, لم أتفاعل معها شعوريًّا من هذا الجانب لكوني بدأت أميل إليها و أشعر بجاذبية و انجذاب إلى تلك الفتاة الجميلة و البريئة و الناعمة نعومة الورد. حاولت أن أتقرّب منها بكلام و حديث و أن أُبعدَ عن رأسها فكرة الرهبنة, شعرتُ بأنّ محاولاتي هذه معها بدأتْ تُعطي ثمارَها, فقلت في نفسي (يا ولد اضرب الحديد و هو حارّ) فأكثرت من الإعراب عن مشاعري و إبداء ميلي لها بشكل واضح, كي أُلفت انتباهها لما لي رغبة به, و بقيت لدينا بضعة أيام كانت كفيلة بأن أبرمَ رأسها و أجعلها تشعر بميل ما نحوي, و من ثمّ تقعُ في الحبّ, لكنّي و بعد ذلك لقيتُ مصاعب كثيرة في تطويعِها لرغبتي, فكانت دائمًا حريصة على نقائها و على الاحتفاظ بكرامتها و المحافظة على نفسها, فلم تستسلم بسهولة كما يحصل مع بعض الفتيات على الأغلب أو في هذه الأيام على أقل تقدير. لقد قاومتْ جميع محاولاتي دون استسلام, و هي مؤمنة بأن سلوكها هذا هو الصحيح و الصائب و أنا بدوري لم أرغمها على ما لا رغبة لها به, فتركتها على حريتها آمِلًا في حصول معجزة ما تجعلها تتجاوب معي على طريقتي التي كنت أفكّر بها و أريدها. و بعد ذلك و حتى بعد عشر سنوات من الحب الكبير و الجميل لم أتمكنْ من الحصول على قبلة واحدة منها, إلى أن حصل ذلك و بعد مرور أشهر على إعلان خطوبتنا, و حين كنّا سويًّا في دار أبيها نلعب بالشدّة (لعبة الورق) و أذكر أننا كنّا نلعب لعبة (الأوغلان) و هي معروفة لدينا في ديريك و القامشلي, فاغتنمتُ فرصة انشغالها باللعب فسرقتُ منها قبلة بلمح البصر و بسرعة فائقة, أظهرت امتعاضًا بعض الشيء للوهلة الأولى و لكنّها عادت إلى طبيعتها و هدوئها بعد "محاضرة فلسفية" مني أدّتْ إلى بعض الليونة و المرونة من قِبَلِها, و لكون حبنا بدأ في يوم مبارك و هو يوم عيد العذراء لها كل الطوبى فإنّي أهنئ حبيبتي و نفسي بعد تهنئتي لكل العالم بهذه المناسبة الغالية على قلوبنا كمسيحيين فأمّنا العذراء الطاهرة و البتول لا يوجد مثلها بين النساء, فعيد عذراء مبارك في حياة الجميع آمين.