Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-08-2022, 03:05 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 46,992
افتراضي الوطن والمواطنة بقلم الشاعر فؤاد زاديكى

الوطنُ والمواطنةُ



بقلم الشاعر فؤاد زاديكى


ما هو الوطن؟ ربّما يسخرُ أحدُكمْ مِنْ طرحي لهذا التساؤل, لكنْ بالحقيقة إنّ من لا يطرحُ مثلَ هذا السؤال لمعرفة الجوابِ الصّحيحِ يكونُ منافقًا و مُرائيًا, فالوطنُ لا يمكنُ أنْ يكونَ البيوتَ و الأشجارَ و الأرضَ و البحرَ و النّهرَ و الصّخورَ والجبالَ الخ... الوطنُ هو الكرامةُ الإنسانيّة. الوطنُ هو الشّعورُ بالأمانِ والاستقرارِ وهو تحقيقُ العدالةِ الاجتماعيّةِ وإحقاقُ الحقّ بالعمل و بالتّعليم وبالحياةِ الحرّةِ الكريمةِ. الوطنُ هو الصّدرُ الذي يحتضنُ جميعَ أبنائِه دونَ استثناءٍ ولا تَمييزٍ, بلا محسوبياتٍ و محزوبياتٍ, بلا اعتباراتٍ عشائريّة أو فئويّة أو قوميّةٍ أو طائفيّةٍ. إنّ الأوطانَ العربيّةَ عمومًا أصبحتْ مزارعَ لحكّامِها و زعمائِها وأزلامِهم والمنتفعين من وجود هذه السّلطة أو تلك, يتحكّمونَ بمصائرِ الشّعوبِ و يسعونَ لقهرِها و إذلالِها و ترهيبِها و اخضاعِها هذا وبدلَ أن يكونَ الحاكمُ خادمًا للشّعب. في أيّ بلدٍ عربيٍّ ترى اليومَ الحاكمَ يخدمُ شعبَهُ؟ بكلِّ تأكيدٍ لا يوجدُ هذا البلدُ على خارطةِ المنطقِ و الحقِّ و العدالةِ الاجتماعيّة والمساواةِ بين المواطنين.
نحنُ نتغنَّى بالوطنِ و نُضحّي من أجلِه بالغالي و النّفيس لكنَّ الذي يحصل أنّ المسؤولينَ القائمينَ على سدّةِ الحكمِ والقيادةِ لا يهمّهم هذا و إنّ الذي يهمّمهُ أن يسرقوا خيراتِ البلد و ينهبوها فالرئيسُ في أيّ بلدٍ عربيٍّ لا يُعرَفُ كم هو راتبُه فمفتاحُ القاصةِ بيدِهِ و كلُّ شيءٍ يسيرُ بأمره. هل يُمكنُ توجيهُ النّقدِ أو الّلومِ أو حتّى العتابِ لأيِّ حاكمٍ عربيٍّ مِنْ قبلِ مواطنٍ لهُ دونَ أنْ ينالَ المنتقدُ عقابَه إنْ بالسّجنِ أو التّصفيةِ الجسديّةِ أو بنفيهِ إلى خارجِ البلدِ؟ ثمّ هلْ رأيتُم اِبنَ مسؤولٍ خاضَ معركةً في كلّ الحروب التي خاضتها هذه البلدان؟ أو أدّى الخدمةَ الإلزاميّة؟ وإن حصلت معجزة وخدم أحدُ هؤلاء فسيكون بعيدًا عن خطوطِ المواجهةِ معَ العدوّ إنْ لم يكنْ في بيته أو في مكان لا يحضر الدّوام, ثمّ يأتي هذا المسؤول ليبيع لنا وطنيّات بالحديثِ عن الوطنِ و المواطنَةِ وعن الدّفاعِ عن الوطنِ. إنّهم منافقونَ ومُراؤونَ كّذَبَة يكذبون على شعوبِهم ويبيعونَ لها كلامًا معسولًا مستهلكًا هم لا يؤمنونَ به ولا يطبّقونه عمليًّا.
الوطنُ مفهومٌ كبيرٌ تمّتِ الإساءةُ لهُ وإليهِ بتشويِهه والحطّ من قدرِه لقد أصبحتِ المواطنةُ صكًّا يمنحُه الحاكمُ, فهو الذي يصنّفُ النّاسَ بالوطنييّنَ أو اللاوطنيّين وربّما بالعملاءِ و الخونةِ و الجواسيسِ فكلُّ من يدقّ على طنبورِ الحاكمِ يَرضى الحاكمُ عنه و كلّ من يُعارض الحاكمَ يُصنَّفُ في خانةِ العمالةِ و الخيانةِ وإلى ما هنالكَ مِنْ أوصافٍ يحلو لبوقِ الأنظمةِ أن تصنّفَها بحسب مزاجِ السّلطةِ الحاكمةِ.
في أغلبِ البلدانِ العربيّةِ يزيدُ عددُ السّجونِ و المعتقلاتِ على عددِ المدارسِ و الجامعاتِ و يزيدُ عددُ الفروع الأمنيّةِ ومفارزها على عددِ المستشفياتِ و المراكزِ الصّحّيّةِ و الاجتماعيّةِ و الثّقافيّةِ و الأنديةِ الرياضيّةِ مجتمعةً. ليسَ الوطن عبارةً عن اسمٍ خالٍ مِنَ الإحساسِ بهِ فأغلب الشّعوبِ العربيّةِ مقهورةٌ في بلدانِها لا تشعرُ بالانتماءِ إلى هذهِ الأوطانِ لأنّها تعيشُ فيها غريبةً و مهمّشةً إذْ تنعدمُ الحرّيّاتُ على وجهِ العمومِ في كلِّ البلادِ العربيّةِ, فلا حريّاتٌ شخصيّةٌ و لا حرّيّةُ معتقدٍ و لا حريّةُ ممارسةِ السياسةِ ولا حرّيّةُ أحزابٍ كما وتنعدمُ حرّيةُ التّعبيرِ عنِ الرأي و ما أكثرَ معتقليّ أصحاب الرأي الحرّ الذين يقبعونَ في سجونِ هذهِ الانظمةِ الشّموليّةِ الفاسدةِ, هكذا وعلى هذا النّحو مِن الممارساتِ مِن قبلِ السّلطةِ الحاكمةِ لا يمكنُ أنْ يكونَ الوطنُ سليمًا معافًى في ظلّ أوضاع كهذه ولا مواطنًا يشعرُ بالانتماء لهذا الوطنِ.
إنّ الحرّيّةَ هي الأساسُ و هي مفقودةٌ و الشّخصُ المناسبُ لا يتمُّ وضعُهُ في المكانِ المناسبِ بل تأتي التّعيينات بغيرِ ذلك أي بالواسطةِ أو بِدوافعِ القرابةِ أو الانتماءاتِ الحزبيّةِ و بِدَفعِ الرّشوةِ الخ...
الحاكمُ المُستبِدُ بالبلدِ وبالشّعبِ هو الذي يُعطي صكوكَ الوطنيّةِ و يوزّعُها على النّاسِ بحسبِ ولائِها لهُ. انظروا إلى أصحابِ الفكرِ العربِ كيفَ أنّهمْ يُبدعونَ في بلدانِ الغربِ و أمريكا و يبلغونَ مراتبَ عاليةٍ من الإنجازاتِ بينما كانُوا في بلدانِهم خارجَ نطاقِ الخدمةِ الفعليّة الفاعلةِ لأسبابٍ يعرفُها الجميعُ.
أنا شخصيًّا لا أستطيع الادّعاءَ بأنّي مواطنٌ في بلدي لأنّي أشعرُ بغبنٍ حقيقيّ وبتهميشٍ لا مبرّرَ لهُ. لا أشعرُ بالانتماءِ لهُ بسببِ سوءِ معاملةِ الحاكمِ لي ولغيري من المواطنين الآخرين.
نعيشُ في بلدٍ أوروبيٍّ منذُ سنواتٍ ونحنُ نشعرُ بكرامتنَا فالكلُّ سواسيةٌ أمامَ القانونِ إذْ لا يوجدُ ابنُ سيدةٍ و ابنُ جاريةٍ, فِإنِ التزمت بالقوانينِ والتّعاليم السّائدةِ دونَ أنْ تتجاوزَها وتتعدّى حدودَك لتعتدي على حقوقِ الغيرِ فأنتَ معزّزٌ مُكرّمٌ في هذا البلد أو ذاك من البلادِ الاوروبيّةِ الراقيةِ فهي لا تنظرُ إلى النّاسِ من خلالِ الانتماءِ الدّينيّ أو القوميّ أو العرقيّ, فالإنسانُ إنسانٌ مَنْ كانَ وكيفما كانَ و مِنْ أينَ أتى.
لماذا سيكونُ في خانةِ السّجلِ المدنيّ عبارةُ الدّين؟ أو المذهبِ؟ هل هناك داعٍ لذلك؟ هل هذا ما يحدّدُ هويّةَ الانتماءِ الوطنيّ؟ رحمَ اللهُ الزّعيمَ سعدَ زغلولٍ عندما قال: "الدّينُ للهِ و الوطنُ للجميعِ" و من الضّروريّ جدًّا إلغاءُ وزارتي الأوقافِ و الإعلام في كافّةِ البلدانِ العربيّةِ فهما تسوّقانِ للأنظمةِ و تبرّرانِ فظائعَ الحكّامِ و تغطيان جرائمَهم بحقِّ شعوبِهمْ.
لا اِزدهارَ و لا تقدّمَ ولا عُمرانَ ولا تَحَضُّرَ في هذهِ البلدانِ التي تفتقرُ إلى احترامِ الذّاتِ و الشّعورِ بمسؤوليّةِ الحاكمِ تجاهَ شعبِه, و أغلبُ الحكّامِ في البلدانِ العربيّةِ مستبدّونَ و فاسدونَ, لا أستطيعُ المُجاملةَ و لا النّفاقَ لأقولَ غيرَ ما هو الحقُّ, فأكونُ بذلكَ كَمَنْ يضحكُ على نفسِهِ.
أوطانُنا ليستْ بحالةٍ جيدةٍ مِنْ مختلفِ الجوانبِ وعلى جميعِ الأصعدةِ لانّ حكّامَنا ليسوا أمناءَ على الأمانةِ التي أُوكِلَتْ إليهم, فالشّعبُ الذي مِنَ المفترضِ أنْ يكونَ سيّدَ السّلطات نراهُ عبدًا مأمورًا مقهورًا يعيشُ أوضاعًا مزريةً و كلُّ ذلكَ بفضلِ سُوءِ إدارةِ الحاكمِ و استغلالِهِ للسّلطةِ لصالحِهِ وصالحِ أسرتِهِ و حزبِهِ.
نأملُ أن يأتي الوقتُ الذي فيهِ يعيشُ المواطنُ في هذهِ البلادِ العربيّةِ بكرامتِهِ وهو يتمتّعُ بكاملِ حقوقِهِ و يمارسُ حريتَهُ بصدقٍ لا تلكَ الحريّة الكاذبةِ الزّائفةِ التي يُسَوِّقُها إعلامُ هذهِ الأنظمة الفاسدةِ.
لا وطنَ بدونِ كرامةٍ و لا وطنَ بدونِ تحقيقِ العدالةِ الاجتماعيّةِ و لا وطنَ بعيدًا عنِ الحرّيّة و المساواةِ بينَ جميعِ المواطنين.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:16 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke