مشاركتي على برنامج (حديث الساعة) و الموضوع عن رفاق السوء في أكاديمية رياض الشعر و الأدب تقديم الأديبة الصديقة إنصاف أبو ترابي و الدكتور إنعام الطيبي بإشراف الدكتورة إنعام أبو سعيد قبل قليل
يقول المثل قُلْ لي مَنْ تُعاشِرْ أقل لك مَن أنت و هذا يعني بوضوح تامّ مدى تأثّر الإنسان بالصّديق فإذا كان جيّدًا أفاد و متى كان سيئًا أضرّ, إنّها مجموعة علاقات تخضع لمؤثّرات خارجيّة يتعرّض لها الإنسان خاصّةً عندما يكون في سنّ حسّاسة كفترة المراهقة فهي مرحلة خطرة و دقيقة على الوالدين أن ينتبها لها و أن يحرصا أشدّ الحرص على مراقبة أبنائهم فالأبناء ليسوا في مستوى وعيٍ يخوّلهم تجاوز هذه المرحلة الحسّاسة فهم بحاجة إلى الرعاية و الانتباه و مواصلة التوعية و التحذير من مغبّة الوقوع في شرك أصدقاء السوء الذين يمكن أن يحرفوا أبناءهم عن جادة الصّواب و يقودوهم إلى طريق وعرة شائكة تسبّب لهم متاعب كثيرة و تعرّضهم لمخاطر متعدّدة منها الانقطاع عن المدرسة أو تناول المخدّرات أو القيام بأعمال غير قانونية بل و ربّما إجراميّة تكون نتيجتها سجن الأحداث.
من هذا المنطلق على أولياء الأمور و الوالدين خاصّة أن يعرفوا مَن هم أصدقاء أبنائهم و أن يظلّوا في متابعة دائمة و سأضرب لكم مثلًا من واقع حياتنا الشخصيّة هنا في ألمانيا, فعندما قدمنا إلى هذا البلد المضياف و الكريم إلى جانب كل الرعاية و الاهتمام و الدّعم الذي حظينا به, إلّا أنّ الحياة لم تكن يسيرة كما ينبغي فأولادنا كانوا في أعمار دقيقة وحسّاسة فهم قدموا إلى مجتمع يجهلون عنه أشياء كثيرة لهذا السبب ظلّت متابعتنا لهم على نحوٍ مستمرّ حتّى أنّنا كنّا نذهب لمسافات بعيدة بعض الشيء لنرى مع من يلعبون و ماذا يفعلون و خاصّة عندما علمنا أن بعض هؤلاء الشباب يتناولون السجائر و قد لا يكون هذا الأمر بخطورة غيره من الممنوعات إلّا أنّنا راينا في ذلك تجاوزًا لسنّهم و لسلوكهم و فيه الضّرر الكبير, كنّا نقوم بجولات دائما و بكبسات مفاجئة حيث كانوا يلعبون و بالنهاية كسبنا أولادنا و فهم أولادنا بعد ذلك لماذا كان حرصنا عليهم لتلك الدرجة.
عندما يُترك الأبناء على هواهم دون رقيب أو حسيب و بدون قصاص معقول (لا أقصد به القصاص الجسدي بل المعنوي من خلال التوعية و التوجيه), فإنّهم قد ينزلقون إلى ما لا يُحمد عُقباه و يقول المثل الشّعبي لدينا (رَبّي إبنك بلا أجَلُو مِيمُوت) أي كن حازمًا بعض الشيء عندما تدعو الضرورة لذلك بالتعامل مع الأطفال بسياسة الحبل و الجزرة, لا أن يكون تساهلٌ بالمطلق و لا حزمٌ شديدٌ قد يؤدي إلى عقد نفسية يُصاب بها الأبناء لاحقًا. التربية ضرورية للغاية و مهما تكن التربية البيتية مستقيمة و سليمة فالوقت الذي يُمضيه الأبناء خارج المنزل هو أكثر من ذلك الذي يقضيه في البيت و هو بهذا يعاشر فلانًا و علّانًا بأشكال مختلفة من السلوكيّات و التّصرف و الذّهنيّة لذلك يجب على الوالدين متابعة سلوك أبنائهم و ملاحظة أيّ تغيّر سلبي يمكن أن يطرأ على تصرّفاتهم, و من هنا يكون وجوب دقّ ناقوس الخطر كي يتمّ إنقاذ أبنائهم من مهاوي الرذيلة و الشذوذ و الانحراف الخ... موضوع جدير بالاهتمام فأولادنا أكبادنا تمشي على الأرض, و ليس لدى الآباء مَن هم أهمّ مِنْ أبنائهم بالنّسبة لهم, فلا فائدة في ربح الحياة و خسارة أبنائنا فهم الحياة الحقيقيّة لنا.