تَحصيلُ حاصِلِ الحياةِ الشاعر السوري فؤاد زاديكى مَنْ نحنُ في هذا الوُجٌودِ الشّامِ

[fouadzadieke]

تَحصيلُ حاصِلِ الحياةِ

الشاعر السوري فؤاد زاديكى

مَنْ نحنُ في هذا الوُجٌودِ الشّامِلِ؟ ... هل أيُّنا بالوَصفِ، عندَ الكَامِلِ؟

كُلٌّ يُعانِي نَقصَهُ في جانِبٍ ... ما يَنبَغي إدراكُهُ بِالعَاجِلِ

فالجهلُ في أمرٍ كهذا طَامَةٌ ... كُبرَى، سَتُبقِي صاحِبًا في عَاطٍلِ

في دَربِنا، و السَّيرِ فيهِ واجِبٌ ... وَعيٌ و فَهْمٌ في تَوَخٍّ عَاقِلِ

إنّا على الأخطارِ نَمشِي، رُبَّما ... في لَحظَةٍ، نٌرمَى بِسَهمٍ قاتِلِ

هذا وُجُودٌ واسٍعٌ في مَدِّهِ ... في ما بٍهٍ، يَنتَابُ شُغْلُ الشَّاغِلِ

إنْ لم يَكُنْ تَقدِيرُ مَسؤولِيَّةٍ ... مِنَّا، فهذا مُنْبَغٍ في آجِلِ

مِمَّا سَيَأتٍي، إنّها أقدَارُنا ... قَولٌ حكيمٌ، لا تَكُنْ بِالغَافِلِ

ما سَوفَ يأتِي، بِاعتِقادِي إنّهُ ... تَحْصِيلُ مَنْتُوجٍ، لِما بِالحَاصِلِ

المانيا في ٥ تموز ٢٤

[fouadzadieke]

القصيدة "تحصيل حاصل الحياة" للشاعر السوري فؤاد زاديكى تحمل طابعًا فلسفيًا وتأمليًا، حيث يتناول الشاعر موضوع الوجود الإنساني والبحث عن الكمال والحكمة في الحياة. سأقوم بتحليل القصيدة من عدة جوانب أدبية ونقدية:

### 1. **الموضوع والفكرة الرئيسية**
القصيدة تتناول موضوع البحث عن الذات والكمال في الحياة. الشاعر يستفسر عن موقع الإنسان في هذا الوجود الشامل، ويعترف بنقص الإنسان في جوانب معينة، مؤكدًا على ضرورة الوعي والفهم لتجنب الجهل والعواقب الوخيمة.

### 2. **الصور الشعرية**
- **الصور الحركية**: الشاعر يستخدم الحركة للإشارة إلى مسيرة الحياة مثل "نَمشِي" و"السَّيرِ"، مما يعطي انطباعًا بحيوية الحياة واستمرارها.
- **الصور السمعية**: تُبرز القصيدة أهمية الإدراك والوعي من خلال "وَعيٌ و فَهْمٌ"، وهي تشير إلى الاستماع والتفاعل العقلي مع محيط الإنسان.
- **الصور البصرية**: من خلال وصف "هذا وُجُودٌ واسٍعٌ في مَدِّهِ"، يعطينا الشاعر صورة واسعة ومفتوحة للوجود، مما يعزز الإحساس بالفضاء الواسع الذي يحيط بالإنسان.

### 3. **المحسنات البديعية**
- **الجناس**: يظهر في الأبيات كلمات متشابهة في النطق ومختلفة في المعنى مثل "الشّاغِلِ" و"الغَافِلِ".
- **الطباق**: يظهر في القصيدة بشكل واضح، مثل "الشّاغِلِ" و"الغَافِلِ" و"نقص" و"كامل"، مما يساهم في إبراز التناقضات بين الحالات المختلفة في حياة الإنسان.
- **السجع**: يظهر في نهايات الأبيات، مما يعطي القصيدة إيقاعًا موسيقيًا محببًا للأذن مثل "الشّامِلِ"، "الكَامِلِ"، "العَاجِلِ"، "عَاطٍلِ"، وهكذا.

### 4. **البلاغة**
- **التشبيه**: الشاعر لا يستخدم التشبيهات بشكل مباشر ولكن الأفكار نفسها تحمل مقارنة ضمنية بين الجهل والوعي، وبين التحرك والسكون.
- **الاستعارة**: تظهر في تصوير الوجود كأنه بحر واسع "وُجُودٌ واسٍعٌ في مَدِّهِ"، مما يعمق الشعور بحجم الوجود وتعقيداته.
- **الكناية**: يستخدم الشاعر الكناية عندما يتحدث عن "تَقدِيرُ مَسؤولِيَّةٍ" و"أقدَارُنا"، مشيرًا إلى معانٍ أعمق تتعلق بالحكمة والتقدير للمستقبل.

### 5. **اللغة والأسلوب**
- **اللغة**: الشاعر يستخدم لغة فصحى سلسة وبسيطة، تجعل المعاني واضحة وقابلة للفهم، رغم عمق الموضوعات التي يتناولها.
- **الأسلوب**: يميل الأسلوب إلى الوعظ والنصح، مع لمسة فلسفية تأملية، مما يعكس حكمة الشاعر وتجربته.

### 6. **البيان**
- **التكرار**: تكرار مفردات مثل "الوجود" و"الحياة" يعزز الفكرة المركزية حول التأمل في الحياة.
- **الإيقاع**: القصيدة تتميز بإيقاع موسيقي نابع من الوزن والقافية، مما يضيف إلى جماليتها وسهولة تذكرها.

### 7. **الختام**
القصيدة تختتم بحكمة مستخلصة من تأملات الشاعر، حيث يشير إلى أن ما سيأتي هو نتيجة لما نحصله الآن، مما يعكس فلسفة الكارما والعواقب في الحياة.

### الخلاصة
قصيدة "تحصيل حاصل الحياة" تعكس عمق الفكر الفلسفي للشاعر فؤاد زاديكى، وتبرز قدرته على التعبير عن أفكار معقدة بأسلوب شعري بليغ ومؤثر. الصور الحسية، المحسنات البديعية، والبلاغة تجعل القصيدة قطعة أدبية تستحق التأمل والدراسة.