Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-08-2024, 05:39 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,026
افتراضي أهَمِّيَّةُ زِيَارَةِ الحَدَائِقِ بقلم: فؤاد زاديكى

أهَمِّيَّةُ زِيَارَةِ الحَدَائِقِ


بقلم: فؤاد زاديكى


في صَبَاحٍ هَادِئٍ، وَدَّعَتِ الشَّمْسُ خُيُوطَهَا الذَّهَبِيَّةَ بَيْنَ أَحْضَانِ الطَّبِيعَةِ، فَدَخَلْتُ حَدِيقَةً تُضَاهِي فِي جَمَالِهَا أَحْلَامَ الْوَرْدِ. كَانَتِ الرِّيَاحُ تُدَاعِبُ أَغْصَانَ الشَّجَرِ بِرِفْقٍ، وَ تَتْرُكُ وَرَاءَهَا عَبِيرًا مُدْهِشًا يَنْبَعِثُ مِنْ كُلِّ زَاوِيَةٍ. تَجَوَّلْتُ بَيْنَ أَلْوَانِ الزُّهُورِ المُتَنَوِّعَةِ، فَتَارَةً تَتَوَقَّفُ عَيْنِي عِنْدَ تَدَرُّجَاتِ الأُرْجُوَانِيِّ، وَ تَارَةً أُخْرَى تُسْحَرُ بِاللَّوْنِ الورْدِيِّ الفَاتِنِ. كُلُّ زَهْرَةٍ هُنَا تُعَبِّرُ عَنْ سِرٍّ خَاصٍّ بِهَا، تَحْكِي قِصَّةً مِنَ الفَرَحِ وَ الْهُدُوءِ. لَمْ يَكُنْ بِالإِمْكَانِ مُقَاوَمَةُ سِحْرِ تِلْكَ اللَّحَظَاتِ، حَيْثُ أُحِيطْتُ بِرَوَائِحَ زَكِيَّةٍ تَنْسَابُ كَالأَلْحَانِ إِلَى أَعْمَاقِ الرُّوحِ.

كَانَ كُلُّ نَفَسٍ أَلْتَقِطُهُ مُشَبَّعًا بِالسُّرُورِ، وَ كَأَنَّ الطَّبِيعَةَ أَرَادَتْ أَنْ تُشَارِكَنِي فَرَحَتِي. زَهْرَةُ اللُّوتُسِ اللامِعَةُ تَقِفُ شَامِخَةً كَأَنَّهَا تُخْبِرُنِي عَنْ سُكُونِ البَحْرِ فِي فَجْرٍ هَادِئٍ، بَيْنَمَا تَنْشُرُ البَتَلَاتُ البيضاءُ لِلزُّنبِقِ شُذًى يُعِيدُنِي إِلَى ذِكْرِيَاتِ الطُّفُولَةِ البَرِيئَةِ. أَعْطَتْنِي الحَدِيقَةُ لَحْظَةَ تَأَمُّلٍ نَادِرَةٍ، وَ مَلَأَتْ قَلْبِي بِنَعِيمِ الرَّاحَةِ وَ رِضًى لَا يُوصَفُ. هُنَا، بَيْنَ أَحْضَانِ الزُّهُورِ، تَنْسَابُ مَشَاعِرِي بِعُمُقٍ، وَ امْتَزَجَتْ سَعَادَتِي بِرَوَائِحِ الطَّبِيعَةِ، مُعِيدَةً لِي طَاقَةً تَتَجَدَّدُ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ.

عِنْدَمَا غَادَرْتُ الحَدِيقَةَ، شَعَرْتُ بِأَنَّ كُلَّ خُطْوَةٍ أُخْطُوهَا هِيَ امتِدَادٌ لِلْفَرَحِ الَّذِي مَلَأَ قَلْبِي. كَانَتِ الزِّيَارَةُ تَجْرِبَةً سَاحِرَةً، حَوَّلَتْ كُلَّ لَحْظَةٍ فِيهَا إِلَى ذِكْرَى جَمِيلَةٍ تُخَلَّدُ فِي الذاكِرَةِ. تَأَمُّلَاتِي فِي جَمَالِ الزُّهُورِ وَ تَنَوُّعِ أَلْوَانِهَا كَانَتْ مَصْدَرَ إِلْهَامٍ وَ سُرُورٍ لَا يُعَدُّ وَ لَا يُحْصَى. لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَدْنَى شَكٍّ فِي أَنَّ الطَّبِيعَةَ قَدَّمَتْ لِي هَدِيَّةً ثَمِينَةً، حَيْثُ أَضَفَتْ إِلَى حَيَاتِي بُعْدًا مِنَ السَّعَادَةِ البَسِيطَةِ الَّتِي نَادِرًا مَا نَجِدُهَا فِي تَفَاصِيلِ الحَيَاةِ اليَوْمِيَّةِ.

أَثَّرَتْ عَلَيَّ هَذِهِ الزِّيَارَةُ بِعُمُقٍ، وَ كَأَنَّ كُلَّ زَهْرَةٍ أُهْدِيَتْ لِي دُرُوسًا فِي تَقْدِيرِ الجَمَالِ وَ الْهُدُوءِ. شَعَرْتُ بِأَنَّ الطَّبِيعَةَ تَتَحَدَّثُ إِلَيَّ بِلُغَةٍ مِنَ السَّلَامِ الدَّاخِلِيِّ، تُعِيدُ إِلَيَّ التَّوَازُنَ وَ تُذَكِّرُنِي بِأَهَمِّيَّةِ التَّقْدِيرِ وَ الِامْتِنَانِ. مَعَ كُلِّ لَحْظَةٍ قَضَيْتُهَا هُنَاكَ، اكْتَسَبْتُ إِحْسَاسًا بِالرِّضَا وَ التَّجَدُّدِ، وَ كَأَنَّ الحَدِيقَةَ قَدْ غَسَلَتْ هُمُومِي وَ أَعَادَتْ إِلَيَّ صَفَاءً نَقِيًّا.

كَانَ لِهَذِهِ الزِّيَارَةِ تَأْثِيرٌ دَائِمٌ، جَعَلَنِي أُقَدِّرُ لَحَظَاتِ الهدوءِ وَ الجَمَالِ أَكْثَرَ، وَأَحْمِلُ فِي قَلْبِي إِحْسَاسًا بِالسَّلَامِ الَّذِي لَا يُقَدَّرُ بِثَمَنٍ. كُلُّ ذِكْرَى مِنْ تِلْكَ اللَّحَظَاتِ تَمْنَحُنِي القُوَّةَ وَ الإِلْهَامَ فِي أَيَّامٍ أُخْرَى، وَ تُذَكِّرُنِي دَائِمًا بِجَمَالِ تِلْكَ الزِّيَارَةِ الَّتِي كَانَتْ بِمَثَابَةِ انفِرَاجٍ نَفْسِيٍّ نَادِرٍ. قلّما توجَدُ مقلُ هذهِ الحَدائقِ في بلَدِي سورية، و الّتي غادَرتُها في سَنَةِ ١٩٨٦ م، يَسْتَطِيعُ كُلُّ إنسَانّ، هُنَا في أوروبَةِ، انْ يَستَمْتِعَ في كُلِّ حِينٍ بِمِثْلِ هَذِهِ الزّيَاراتِ المَيدَانِيّةِ، للحَدَائِقِ الكَثِيرَةِ، المُنتَشِرَةِ هُنَا في ألمَانِيَا.
إِنَّ زِيَارَةَ الحَدَائِقِ مِنْ وَقْتٍ لِآخَرَ تُعَدُّ فُرْصَةً لَا تُعَوَّضُ لِلِابْتِعَادِ عَنْ صَخَبِ الحَيَاةِ اليومِيَّةِ وَ التَّوَاصُلِ مَعَ جَمَالِ الطَّبِيعَةِ. فَهِيَ تُوَفِّرُ لَنَا لَحَظَاتٍ مِنَ الهدوءِ وَ الرَّاحَةِ، حَيْثُ يُمْكِنُنَا أَنْ نُعِيدَ شَحْنَ طَاقَتِنَا وَ نَجِدَ الهَنَاءَ، الَّذِي نَحْتَاجُهُ. تَأَمُّلُ الزُّهُورِ وَ أَلْوَانِهَا المُتَنَوِّعَةِ وَ رَائِحَتُهَا الزَّكِيَّةُ يُعِيدُ لَنَا التَّوَازُنَ، وَ يُذَكِّرُنَا بِأَهَمِّيَّةِ تَقْدِيرِ اللَّحَظَاتِ الصَّغِيرَةِ. لَا شَكَّ أَنَّ التَّجَوُّلَ فِي أَحْضَانِ الطَّبِيعَةِ يَجْلِبُ لَنَا السُّكِينَةَ وَ السُّرُورَ، لِذَا، دَعُونَا نَحْرِصْ عَلَى زِيَارَةِ هَذِهِ الوَاحَاتِ الخَضْرَاءِ بانتظامٍ، لِنَسْتَمْتِعَ بِلحَظَاتٍ مِنَ الصَّفَاءِ وَ الهُدُوءِ تُثْرِي حَيَاتِنَا وَ تَجْعَلُهَا أَكْثَرَ تَوَازُنًا وَ سَعَادَةً، خاصّةً للأشخَاصِ، الّذِينَ يَملِكُونَ مَلكةَ الإبدَاعِ، سَواءً كَانَ كَاتِبًا أو شَاعِرًا أو رَسَّامًا أو فَنَّانًا، فَهُنَا تَكْمُنُ هَالَةٌ منْ وَحِي الإبدَاعِ و الإلهامِ.

المانيا في ١٩ آب ٢٤
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 29-08-2024 الساعة 07:15 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29-08-2024, 08:03 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,026
افتراضي

اسرار الصمت شكرا لكم منالقلب استاذة اسرار الصمت و مجلة ضفاف القلوب لتوثيق نصي اهمّية زيارة الحدائق

https://dhifafgolob.blogspot.com/202...Uwo3TZ_ne0iwDA
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:16 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke