Arabic keyboard |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
ميزانُ الأخذِ والعطاءِ بقلم: فؤاد زاديكى إنَّ مبدأَ الحياةِ يقومُ على التوازنِ بينَ
ميزانُ الأخذِ والعطاءِ
بقلم: فؤاد زاديكى إنَّ مبدأَ الحياةِ يقومُ على التوازنِ بينَ الأخذِ و العطاءِ، و هذِهِ القاعدةُ تُمثِّلُ ميزانًا دقيقًا لا تستقيمُ الحياةُ بدونه. فالتعاملُ الصَّحيحُ بينَ الناسِ يجعلُ كفَّتَيْ هذا الميزانِ متعادلتَيْنِ، الأمرُ الذي يُؤدِّي إلى خلقِ بيئةٍ إيجابيَّةٍ من التفاهمِ و المحبَّةِ و التعاونِ. العطاءُ يُعبِّرُ عن الكرمِ و المحبَّةِ، بينما الأخذُ يُمثِّلُ حاجةَ الإنسانِ الطبيعيَّةَ إلى القبولِ و المساعدةِ. لكنْ، عندما تختلُّ إحدى كفَّتَيْ هذا الميزانِ، و تَغْلِبُ كفَّةُ الأخذِ على حسابِ كفَّةِ العطاءِ، يظهرُ خللٌ يُسبِّبُ اضطرابًا في العلاقاتِ الإنسانيَّةِ. إذ إنَّ الأنانيَّةَ و الجشعَ يتحكَّمانِ بسلوكِ البعضِ، مما يُؤدِّي إلى تجفيفِ منابعِ العطاءِ لدى الآخرينِ، الذين قد يشعرونَ بالاستغلالِ و الإجحافِ. العطاءُ ليسَ ماديًّا فحسبُ، بل يشملُ الكلمةَ الطيِّبةَ، الابتسامةَ الصادقةَ، المساندةَ النفسيَّةَ، و المشاركةَ في الأحزانِ و الأفراحِ. في المقابلِ، فإنَّ الأخذَ لا يعني الاستغلالَ أو الجشعَ، بل تلبيةَ احتياجاتِ الإنسانِ بطريقةٍ متزنةٍ. إنَّ العلاقاتِ الإنسانيَّةَ تقومُ على التبادلِ الإيجابيِّ. فحينَ يعطي الإنسانُ بصدقٍ، يُنتجُ في قلبِهِ شعورًا بالسعادةِ و الرّضا، بينما الأخذُ بشكرٍ و امتنانٍ يُعزِّزُ من مكانةِ العطاءِ. لكنْ إذا تَمَّ التّعاملُ مع الأخذِ كأنَّهُ حقٌّ مُطلَقٌ دونَ مراعاةِ العطاءِ، فإنَّ هذا يُؤدِّي إلى تفكُّكِ العلاقاتِ و ازديادِ التوتُّرِ بينَ الناسِ. الحياةُ تُعطينا دروسًا كثيرةً عن أهميَّةِ هذا التّوازنِ. فكما تحتاجُ الأشجارُ إلى الماءِ لتنموَ و تُثمرَ، تحتاجُ أيضًا إلى الأرضِ التي تحتضنُ جذورَها. كذلكَ البشرُ، يحتاجونَ إلى مَنْ يأخذونَ منهمْ و مَنْ يعطونَهمْ، لضمانِ استمراريَّةِ الحياةِ بتوازنٍ و انسجامٍ. إنَّ اختلالَ هذا الميزانِ قد يُؤثِّرُ على المجتمعِ بشكلٍ عامٍّ. فالطّمعُ يُؤدِّي إلى تفشِّي الظلمِ و الفقرِ، و يُقلِّلُ من قيمِ التّراحمِ و التّكافلِ، بينما العطاءُ المُفرِطُ دونَ حَدٍّ قد يُسبِّبُ الإرهاقَ للمعطي و يُضعِفُ قدرتَهُ على الاستمرارِ. لذا، يجبُ على الإنسانِ أنْ يُحقِّقَ هذا التوازنَ، و أنْ يُدرِكَ أنَّ الأخذَ و العطاءَ ليسا نقيضَيْنِ بل وجهانِ لعملةٍ واحدةٍ. و بهذا الفهمِ، تُصبِحُ الحياةُ أكثرَ جمالًا، و تزدهرُ العلاقاتُ الإنسانيَّةُ بالمحبَّةِ و الثّقةِ. فالميزانُ بينَ الأخذِ و العطاءِ هو أساسُ الحياةِ الإنسانيَّةِ السليمةِ، و هو دعوةٌ لكلِّ إنسانٍ بأنْ يكونَ جُزءًا منْ هذا التّوازنِ الذي يُحافِظُ على سلامِنا الدّاخليِّ و انسجامِنا معَ الآخرينِ. المانيا في ١٧ نوفمبر ٢٤ |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|