Arabic keyboard |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
العيشُ في الماضي بقلم: فُؤاد زاديكَى أَنْ يَعيشَ الأَفْرادُ أَو المُجْتَمَعاتُ أَو
العيشُ في الماضي
بقلم: فُؤاد زاديكَى أَنْ يَعيشَ الأَفْرادُ أَو المُجْتَمَعاتُ أَو الدُّوَلُ في زَريبَةِ الماضِي، فَهذِهِ مُشْكِلَةٌ عَويصَةٌ لأَصْحابِها، فَالماضِي يُمْكِنُ لَنا أَنْ نَتَعَلَّمَ مِنهُ العِبَرَ لِفَهْمِ ما يَنْبَغِي عَمَلُهُ في الحاضِرِ لِخِدْمَةِ المُسْتَقْبَلِ. أَمّا هؤُلاءِ فَلا يُمْكِنُ لَهُم أَنْ يَخْرُجُوا مِن هذا الماضِي، بَلْ يَضَعُونَهُ في خانَةِ المُقَدَّسِ الَّذِي يُمْنَعُ المَساسُ بِهِ، وَ لا حَتّى مُحاوَلاتِ تَطْويرِهِ وَ إِظْهارِ ما بِهِ مِن عُيوبٍ وَ مِن أَفْكارٍ لا يُمْكِنُ لهَا أَنْ تَعيشَ أَوْ تَكونَ قابِلَةً لِلحَياةِ في الحاضِرِ، الَّذِي شَهِدَ الكَثيرَ مِن التَّطَوُّرِ الفِكْرِيِّ وَ التِّكْنُولُوجِيِّ وَ العِلْمِيِّ. المُشْكِلَةُ تَكْمُنُ في أَنَّ أُولَئِكَ المُتَمَسِّكِينَ بِالماضِي يُرَوِّجُونَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ فِيهِ كانَ كامِلًا وَ خالِيًا مِن العُيوبِ، وَ هُم يُحاوِلُونَ فَرْضَ هذهِ القَناعَةِ عَلَى الجَميعِ بِاِعْتِبارِها حَقيقَةً مُطْلَقَةً. يُغْفِلونَ أَنَّ الماضِي كانَ يَحْتَوِي عَلَى أخْطَاءٍ وَ قُصُورٍ، وَ أَنَّ الإِنْسانِيَّةَ بِطَبيعَتِها في تَطَوُّرٍ دائِمٍ، وَ ما كانَ صالِحًا لِماضٍ مُعَيَّنٍ لا يُمْكِنُ أَنْ يَكونَ بالضَّرورَةِ مُناسِبًا لِحاضِرٍ مُخْتَلِفٍ. إِنَّ العَيْشَ في الماضي وَ التَّمَسُّكَ بِهِ يُؤَدِّي إِلَى تَجَمُّدِ الأَفْكارِ وَ عَدَمِ القُدْرَةِ عَلَى الإِبْداعِ وَ الابتِكارِ. فَالحَياةُ تُطالِبُنا دائِمًا بِالنَّظَرِ إِلَى الأَمامِ، وَ بِاِسْتِخْدامِ الدُّروسِ المُسْتَفادَةِ مِن الماضي كَأَساسٍ لِبِناءِ مُسْتَقْبَلٍ أَفْضَلَ. لَكِنَّ أُولَئِكَ المُتَمَسِّكِينَ بِروايَةِ قُداسَةِ الماضِي يُغْلِقُونَ أَبْوابَ التَّطَوُّرِ، وَ يَجْعَلُونَ الحاضِرَ يَتَأَخَّرُ بَدَلًا مِن أَنْ يَتَقَدَّمَ. وَ لِكَيْ نَصِلَ إِلَى مُسْتَقْبَلٍ أَفْضَلَ، يَجِبُ عَلَيْنا أَنْ نَتَجَرَّأَ عَلَى تَحْلِيلِ الماضِي وَ نَقْدِهِ بِشَكْلٍ عِلْمِيٍّ وَ مَوْضوعِيٍّ. فَهَذا لا يَعْنِي الاِسْتِهْزاءَ بِهِ أَو تَقْليلَ قِيمَتِهِ، بَلْ يَعْنِي اِحْتِرامَهُ وَ الاِسْتِفادَةَ مِن خِبْراتِهِ لِبِناءِ حاضِرٍ وَ مُسْتَقْبَلٍ يَتَماشَى مَعَ طُموحاتِ الإِنْسانِيَّةِ في التَّقَدُّمِ وَ التَّطَوُّرِ. لِنَتَذَكَّرْ أَنَّ الحَياةَ لا تَتَوَقَّفُ عِنْدَ زَمانٍ مُعَيَّنٍ، وَ أَنَّ الإِنْسانَ كائِنٌ مُبْتَكِرٌ بِطَبْعِهِ. مَنْ يَسْتَمِرُّ في العَيْشِ في قَيْدِ الماضِي سَيَجِدُ نَفْسَهُ مَعَزولًا عَنِ العالَمِ، وَ عاجِزًا عَنْ مُواجَهَةِ تَحَدِّياتِ الحاضِرِ وَ المُسْتَقْبَلِ. المانيا في ١٧ نوفمبر ٢٤ |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|