Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > منتدى فرعي خاص بالأديب الشاعر صبري يوسف

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-12-2007, 03:35 PM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي أنا والراعي ومهارتي ببيع العدس ـ قصة قصيرة

أنا والرَّاعي ومهارتي بِبَيعِ العدس


إهداء: إلى الأخوين سليمان ونعيم يوسف والرَّاعي






قصّة قصيرة


كانت شمس حزيران تحرق جلودنا ونحن نحصد باقات العدس، لا نستطيع أن نحصده لشدّة تشابكه مع الخرنوب والسيِّل والكاروش والقُنْجرّة والزِّيؤان والبَرْبُور والشوقلّة والشَّوك والبلّق العين والعُقَّيدة والختمية والقَلْق والحِمْحِم*، بصعوبة كنّا نميّز شيقان العدس من تلافيف الأشواك والأعشاب البرّية التي كانت تخنق العدس، فما كنّا نستطيع أن نحصده بلا هذه الأشواك والأعشاب!
ظللتُ أفكِّر بطريقةِ ناجحة للتخلّصِ من حصادِ العدس تحت شمس حزيران القائظة، بعد أن قضيتُ شهوراً في تدريس مادة اللغة الانكليزية، ما كان جسدي النَّحيل يساعدني على تحمُّلِ الحصاد مثل أخويَّ، أحياناً كانا يستعملان القيناغات** في أصابعهما تفادياً من دخول الأشواك إلى أصابعهما، جرّبت أكثر من مرَّة استعمال القيناغات، لكنها كانت تسقط من أصابعي الرفيعة، فكانت الأشواك تأخذ طريقها إلى أصابعي، حصاد العدس بعد فصلين من التدريس، أشغالٌ شاقَّة، لم يبرح من ذاكرتي موضوع التورُّط في الحصاد لأسابيع في مشروعٍ بإلكاد يغطِّي انتاجه سهرة عامرة، ورحتُ أفكرّ بطريقة سريعة لوضع حدٍّ للتخلص من حصاد العدس والأشواك حتّى لو ضحَّيتُ بحصتي من الانتاج!
فجأةً وجدتُ على تخوم أشواكنا وعدسنا راعياً يسرح مع أغنامه، حوله قطيع كبير من الأغنام، فهتف قلبي لمشاهدته، فخطر على بالي مباشرة اقناعه بشراء العدس بدلاً من أن نتعذَّبَ في حصاده أياماً من دون فائدة مُحرزة!
تقدَّمتُ نحوه وسلّمت عليه، كانت لغتي الكردية تسعفني لخوض هكذا حوارات، وعندما ادخلته في معمعانات مخطَّطي بدأت أشرح له فوائد عدسنا وفوائد الأعشاب الكثيفة المتداخلة بين العدس، فوائد كبيرة تساعد على زيادةِ درِّ حليب أغنامه، وبدأت أعرض عليه بيع العدس جملة وتفصيلاً بما فيه العدس الذي كنا قد حصدناه منذ يومين.
غمغم حديثه في البداية لكنِّي أدخلته في لبِّ الحوار فابتعد عن الغمغمة وبدأ يدخلُ في حيثيات الحوار، فقدَّمت له عرضاً بحيث لو تراجعت إلى أقل من النصف بكثير يتحمَّس للاقدام على شرائه، كان أخويَّ أثناء محاورتي مع الراعي غائصَين في حصاد العدس بهمَّةٍ لا تلين، وما كانا يعرفان أنني على وشك أن أبيع العدس، كان الرَّاعي يرتدي شروالاً وقميصاً خاكيَّاً وعلى كتفه جمداني مخطَّط بالأحمر والأبيض تتدلَّى نهاياته على صدره، وعندما أصبحنا متقاربين نحو السعر، سألني هل أهلك سيوافقون على بيع العدس؟ فقلت له ولو! أنا مخوَّل ببيعه، ولنا حقل آخر من الشّعير أستطيع أن أقنعهم ببيع الشّعير أيضاً، فقال، دعنا الآن من الشعير وخلّينا بالعدس!
لفتَ تأخُّري انتباه أخي الكبير، فسأل أخي الآخر، لماذا تأخَّر صبري يا ترى، ما هذا الموضوع الهامّ الذي يحاور فيه هذا الرَّاعي، ولماذا لا يأتي ويحصد معنا، أليس شريكاً معنا في الحصاد والانتاج؟!
اسأله ماذا يفعل مع الرَّاعي.
ناداني أخي، متسائلاً فيما إذا لديّ حديثاً ما هاماً مع الرَّاعي؟
لحظة لو سمحت، استأذنت من الرَّاعي، وتوجَّهتُ نحو أخويَّ وأخذتهما جانباً، أشرح لهما مخطَّطي في مسألة بيع العدس قائماً بما فيه المحصود، فسألت أخي، ما هو السعر الذي يناسبك لو استطعت أن أقنع الرّاعي بشرائه؟
فقال لي وأنتَ بكم ممكن أن تبيع العدس وكم ستكون حصتي؟
بحدود ألفين ليرة سورية أو أكثر بقليل، ستكون حصتك أكثر من ألف ليرة.
لكننا ثلاثة، لو بعت العدس بألفين لم يحصل كل واحد منا على ألف ليرة.
لا تقلق، ستحصل، لأنني لا أريد حصتي من البيع، أريد أن أقدِّم حصتي لكما هدية، فقال لي لو تستطيع أن تقنعه بشراء العدس بأكثر من ألفين ليرة سنبيعه في الحال.
لحظات وسأعود إليكما، عدْتُ إلى الرَّاعي باسماً، فابستم هو الآخر، قائلاً، أراك مبتسماً!
لأنَّ حظَّكَ رائع.
لماذا؟
لأنني استطعت أن أقنع اخوتي ببيع العدس بثمن رخيص جدّاً، فقد قلت لهما أنَّ أوضاعكَ الاقتصادية ليست على ما يرام، مشيراً إلى أن العدس لا يساوي قيمة حصاده، فلِمَ لا نبيعه لهذا الرَّاعي المسكين بثمن رخيص كعلفٍ لأغنامه؟
وهل استطعت أن تخفِّض السِّعر كثيراً؟
طبعاً.
وبكم اتفقتم.
بحدود أربعة آلاف ليرة.
تمتم، لكن ألا ترى أن العدس لا يساوي أربعة آلاف ليرة؟
لا تقلق، لأنني أستطيع أن أضغط عليهم أكثر، وأخفِّض السعر إلى ثلاثة آلاف ليرة.
أوافق على شرائه بثلاثة آلاف.
حالما، قدَّم موافقته، صافحته وهزَزْتُ يده كموافقة نهائية، ثم طلبتُ من أخي أن يلتقطَ صورةً وأنا أصافحه وأهزُّ يده، اندهش الرَّاعي لقدوم أخي وتوجيه عدسة الكاميرة نحوه، قائلاً للراعي أنظر إلى الكاميرة، فقال ماذا حصل، قلت له لاتقلق، أخي يريد أن يلتقط لنا صورة تذكارية على البيع، أخرج الراعي محفظته، وأعطاني المبلغ عداً ونقداً، أعدت إليه مائة ليرة سوري (خير دين)، كمكافأة على اتفاقنا، فَرَحَ لموقفي، ثم وزّعتُ المبلغ على أخويّ بالتساوي.
فيما كان أخي الكبير يقبض حصَّته ويضعها في جيبه، تساءلَ ضاحكاً:
انّي أندهش على أفكارِكَ وحلولِكَ السَّريعة، بأية طريقة استطعت أن تقنعَ الرَّاعي ببيع العدس بهذه السرعة وبهذا السعر الغالي، وأريد أن أفهم، ماذا استفدت أنتَ من كل هذه العملية؟!
ضحكتُ من أعماقي، وفيما كنتُ أبيِّن له أنني الرَّابح الأكبر، دخلَتْ أغنام الرَّاعي في الحقل، لملمنا حاجاتنا من الحقل، موجّهين أنظارنا نحو ظلالِ المنزل، تاركين خلفنا الأغنام ترعى العدس بنهمٍ كبير.
على ماذا كنتَ تقهقه وقد خرجتَ من المولد بلا حمّص، وبأي منظور أنت الرَّابح الأكبر؟
أنا الرَّابح الأكبر، لأنني ببيع العدس تخلَّصتُ من همِّ حصاد العدس لأسابيع، اليوم سأستلم قيمة ساعاتي الإضافية من التدريس، سأشتري بها صندوقاً من عرق الريّان وصندوقين من بيرة بردى، سنحتفل أنا وأصدقائي بمناسبة بيع العدس، سنسهرُ اللَّيلَ كلّه، وغداً سأنامُ حتى منتصف النَّهار، متخلِّصاً من حصاد العدس، طالما أصبحَ في ذمَّةِ الأغنام!
ضحك أخويَّ ضحكاً طازجاً، وعندَ المساء قامَ العرقُ ركباً، وفيما كنتُ أسردُ للأصدقاءِ مهاراتي في بيعِ العدسِ والأشواكِ، تعالَتْ قهقهاتنا عابرةً نسائمَ اللَّيلِ العليل!

ستوكهولم: كانون الأول (ديسمبر) 2007
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
sabriyousef1@hotmail.com

www.sabriyousef.com


هوامش:
*الخرنوب والسيِّل والكاروش والقُنْجرّة والزِّيؤان والبَرْبُور والشوقلّة والشَّوك والبلّق العين والعُقَّيدة والختمية والقَلْق والحِمْحم: من الأعشاب والحبوب والزهور البرّية.
** قيناغات: مفردها قيناغة، يتم ارتداؤها بأصابع اليد اليسرى كي تحمي الأصابع من الشَّوك أثناء الحصاد بالمنجل.

نقلاً عن موقع إيلاف

http://www.elaph.com/ElaphWeb/Cultur.../12/289806.htm

التعديل الأخير تم بواسطة SabriYousef ; 21-12-2007 الساعة 03:38 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22-12-2007, 10:15 PM
SamiraZadieke SamiraZadieke غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 8,828
افتراضي

شكرا لك أستاذ صبري لهذه القصة الحلوة التي ترجعنا إلى ذكريات الأمس
بارك الرب جهودك الكبيرة ...
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23-12-2007, 10:56 AM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي

العزيزة أم نبيل

يفرحني عندما أترجم حالة عابرة من حالات الزمن الغابر، حدثاً، موقفاً، لأنَّ الماضي بكل تفاصيله وأحزانه وأتراحه هو زاد ثمين للكاتب، فأرتشف من عوالمه المتراقصة في وهج الذاكرة أقاصيص وأشعاراً كي تبقى ساطعة على ربوع الحياة!

كل المودة والإحترام
وكل عام وأنتم بخير والبشرية بألف خير
صبري يوسف ـ ستوكهولم

التعديل الأخير تم بواسطة SabriYousef ; 23-12-2007 الساعة 03:36 PM
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23-12-2007, 05:20 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 46,965
افتراضي

مهارةٌ كبيرةٌ
و خبرةٌ بصيرةٌ

و حجّةٌ قويّةٌ
و قوّةٌ قديرةٌ

و حنكةٌ عليمةٌ
و لفتةٌ صغيرةٌ

نتائجٌ جليلةٌ
فوائدٌ وفيرةٌ

أتتها منك وصفةً
و قصّةٌ قصيرةٌ

معلّمٌ مشاكسٌ
جهودُهُ جديرةٌ


سُعِدنا يا عزيزنا
فخطّةٌ مثيرةٌ


حصدتَ منها فوزَكَ
و أعينٌ قريرةٌ

أخوكَ شاء فهمَها
و ظنُّه حفيرةٌ

شرحتَ مسعىً جئتهُ
و روحُك الأميرةُ

تعي بأنّ ربحَهُ
فوائدٌ كثيرةٌ.

أراني في سعادةٍ
و فكرتي منيرةٌ

جنينا منها ربحنا
لإخوتي. ضرورةٌ!

قصة فيها من التعبير المباشر و المتفاعل مع المشاعر الإنسانية التي غرست غراسها في تربتها لتنمو عطاء صادقا جميلا و مبسّطاً لكنه يحمل في أعماق فكرته أشياء كبيرة لحمل معاني الاشتياق و التذكّر و المحبة و التفاني و تكاسل الشباب الذي ربما لم يكن من أنماط سلوكيتك في الحياة غير أنه تعبير حيّ و جميل يشدّنا إلى أيام ماضية و ذكرياتها التي لا تنسى. جميع هذه النباتات البرية و الأزهار الجميلة عرفناها و هي جزء من تراث شعبنا الأزخيني الجميل و لا يمكن أن ننساها أو نتخلى عنها.

أمّا القيناغاتُ1 و ما أدراكَ ما القيناغاتُ

تشدّ على الأصابع كي لا تصيبُها البريناتُ2

عندما يشتدّ عراكُ الحصادِ و تتكوّم الملّواتُ3

و ينزلُ العرقُ من لاشاتنا4 فتمتليءُ منه الجوياتُ5

و ينشفُ ريقنا و تعلو من حناجرنا الهاوراتُ6

من شدّةِ الحرّ و?َق?َقّهِ7 ترتفعُ ال?وبارتُ8

إلى مژّكات9 السماءِ فتظنّ أنّها نفشتوكاتُ10!

1:القيناغات: أصابع تصنع من التنك و بعض القماش لها أظافر طويلة تساعد على تجنّب الإصابة بضرر اللأشواك و غيرها من الأعشاب الضارة بجلد اليدين أثناء قيام الفلاح بحصد مزروعاته مثل الحنطة أو العدس أو الشعير بالم?زون (المنجل). و هي جمع و مفردها قياغة.
2:البرينات: جمع و مفردها برين و هي الجروح التي تصيب جسم الإنسان أو الحيوان.
3:الملّوات: جمع مفردها ملّوة. و هو ناتج الحصاد الذي يتم تجميعه في ?ديسات و يتم نقله في شخر على ظهر الدواب.
4:لاشات: يقصد أبدان البشر و أجسادهم. و هي جمع و المفردة هي: لاشة.
5:الجويات: جمع جوية و هي الحفرة الصغيرة التي تتجمع فيها المياه و لا يكون فيها الماء داريا بل ساكناً(ساقية ماء مغلقة).
6:الهاورات: هي كردية و معناها النداء أو طلب النجدة و الاشتغاثة. مفردها: هاوارة(طلب المساعدة على شكل صراخ و نداء)
7:?َق?َقّ الحرّ: شدّته و يمكن التعبير عنه بأنه و لشدّة هذه الحرارة يكاد يحسّ المرء بأن صوتا يصدر عنها و هو تعبير مجازي لشدة وطأة الحر.
8:ال?وبارتُ: سحب الدخان الصاعدة إلى السماء أو الغيوم المتراكمة أو السحب عموما.
9:مژّكات السماء: أعالي السماء و هي من الكلمة الكردية مژّ و هو الغيم أو الضباب لأنه يكون عادة في السماء لذا أريد التعبير عنه على هذا النحو.
10:نفشتوكاتُ: (بالفاء المعجمة) مفردها نفشتوكه و هي الرقية أو التعويذة التي يعملها أحد الشيوخ أو السحرة.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 27-12-2007, 12:21 PM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي

الصديق العزيز أبو نبيل

تحية وكل عام وأنتم بخير كل الخير ورأس سنة ميلادية مباركة عليكم وعلى البشر أجمعين

مروركم يتماوج مثل حبات المطر، يتهاطل فوق مروج الغربة، أفرح عندما يترك نصّي قصّي شعري أثراً دافئاً في عوالمك الحفية، فتعبر الجهة الأخرى لتنهل حفاوة الذكرى وتقدمها لصباحنا المندى بالحنين إلى تلكَ الروابي المسترخية في ذاكرة لا تمحى!

مع خالص المودة والاحترام
صبري يوسف ـ ستوكهولم
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:28 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke