Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-06-2019, 10:03 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,567
افتراضي الأسد وولاية الثعالب بقلم/ فؤاد زاديكى القسم السابع

الأسد وولاية الثعالب

بقلم/ فؤاد زاديكى


القسم السابع
_______________


لم يعدْ أمامَ الأسد الحكيم, الذي خبرَ الحياةَ وعرك تجاربَها إلاّ أنْ يبلعَ لسانَه أمامَ هذه الهجمة القويّة والمنظّمة من أقطاب الصقور في مستشاريّة الأسد والموجّهة بالتحديد ضدّه , فأيقنَ أنّ المصائب ستحلُّ عليهم جميعًا, فطريقُ العنف والتعدّي والحروب والفتك بالآخرين, ومحاولة إذلالهم بالقوّة لم ولنْ يُكتبَ لها النجاحُ, وإنْ هِيَ نَجَحَتِ في بادئ الأمر فهي ستخيبُ وستفشلُ في النّهاية, لأنّ القوّة والغطرسةَ لن يكونَ بمقدورهما تحويلَ الباطلِ إلى حقّ ولا الحقَّ إلى باطل.
رضخ الأسدُ الحكيمُ لقرار الأغلبيّة وقال قولته الشهيرة:" ليكنْ لكم ما تريدون لكنْ بعيدًا عنّي, وليكنْ بعلمِكم أنّي بريءٌ من كلِّ التَّبعات التي قد تنجمُ عن هذه الغطرسة, التي لا أرى مبرّرًا لها, وإنّي أرى أنّ الضّررَ الأشدّ والأكثرَ وَقْعًا سيكونُ علينا قبلَ أنْ يقعَ على ولاية الثعالب" وقد ظلّت هذه المقولة الشهيرة من بعده لفترةٍ طويلةٍ يردّدها الأسودُ ويعتبرونَها حكمةً, لو عَمِلَ بها لما حلّ بالمملكة ما حلَّ من سوءٍ وخرابٍ ودمارٍ.

عقد الأسدُ العزمَ في نهاية الأمر على أنْ يبدأ في عملية غزو عسكريّة واسعة النّطاق يجتثّ فيها ولايةَ الثعالب من الأساس, ويهدمُ أركانَها على رؤوسهم أجمعين, مشحونًا بالحقدِ الأرعنِ ومعتمدًا على قوّة ضاربةٍ غاشمةٍ يستطيعُ من خلالها أنْ يفرضَ الأمرَ الواقعَ بالهيمنة, فيخضع له الولاةُ والسادَةُ وقد أعمى الطمعُ بصيرتَه وملأ التكبّرُ قلبَه والغرورُ نفسَه. فاقترحَ على قادة جيوشه أنْ يُعِدّوا خطّةً محكمةً تكونُ فيها المعركةُ حاسمةً وبأقَلّ الخسائرِ المُمْكِنة وكان لديه من القادةِ الأكفّاءِ في هذا التخصّص ما يكفي, فأشاروا عليه بما يلزم واضعينَ خطّةً شارك في وضعها جميع القادة باستثناء الأسد الحكيم الذي اعتذر عن القيام بأيّ دورٍ يكونُ من خلاله اتّخاذُ قرارٍ عسكريّ دون اللجوء إلى طرق أخرى مثل الطرق الديبلوماسيّة, التي يُمْكِنُ من خلالها الوصولُ إلى حلٍّ مقبولٍ يُرضي الطرفين ويحقن الدماء, فالحروبُ تذهبُ ضحيّتَها دماءٌ بريئةٌ لا ذنب لها, وهذا يناقضُ القيمَ الأخلاقيّةَ للمجتمعات, ويخلقُ أجواءَ عداواتٍ وتناحرٍ وخلافاتٍ ومؤامراتٍ واقتتالٍ دائمٍ كانَ بالإمكانِ تجنّبُه بسهولةٍ لو حاولَ طرفٌ واعٍ البحثَ عن طرقٍ أخرى غيرَ سفكِ الدماء وزهقِ الأرواح.

كانتِ الخطّةُ المقرّرُ اتِّباعَها هي أنْ تتمّ مباغتةُ ولاية الثعالب تحت جنح الليل, ليكونَ عنصرُ المفاجأةِ هو عاملُ الحسم, وفعلًا تمّ تطبيقُ الخطة الهجوميّة التي وضعها القادةُ العسكريون بدقّة, ونجح الاختراقُ بسهولةٍ فسقطتْ ولايةُ الثّعالب سقوطًا هشًّا مريعًا, لأنّها لم تكن قد أعدّت عدّتها لحرب متوقّعة فهيَ أُخِذَتْ على حينِ غَرّةٍ, وكانَ الثعالبُ يعلمون أنّ الأسد يبيّتُ لهم المكائدَ والمؤامرات, ويسعى إلى إلحاق الأذى بهم, لكنْ لم يخطرْ على بالهم البتّة - ولو لوهلة واحدة – فكرةُ أنّ يقومَ الأسدُ بغزوهم وبهذه الطريقة الوحشيّة, التي اعتمدت الدمارَ والتخريب والحرق والفتك. كانت نهاية ولاية الثّعالب.

في أقلّ من ثلاثِ ساعاتٍ من العمليات العسكرية والتمشيط تمّ إنهاءُ كلّ شيء, ولم يبق أمام الأسد سوى محاكمة الثعالب على جريمة إعلان العصيان, وعدم احترام القوانين المعمول بها والاتفاقيّات المعقودة بين الجانبين وهي ما يحصل عادة في محاكمة مجرمي الحرب, لذا كان من الواجب - كما يرى الأسد - تلقين الثعالب درسًا في الطاعة, وإرضاخهم لإرادته إلى ما شاء الله كي يكونوا عبرةً لغيرهم.

اقترح الأسدُ على جماعةِ الأسود أن يتمّ إعدامُ كلِّ قادة الثّعالب في محاكمَ عسكريّةٍ ميدانيّةٍ وعلى مرأى من الجميع, إلّا أنّ بعضَ قادتِه اقترحوا عليه فكرةَ أنْ يحاولَ ترهيبهم وهو ينتقمُ منهم. وأنْ يُدْخِلَ الهلعَ والرّعبَ إلى قلوبِهم, كي لا يفكّر أيّ منهم مستقبلًا في التمرّد وشقّ عصا الطاعة, ويرى من أجل تحقيق هذا الهدف أنْ يمنحهم صلاحية تنفيذ حكم الموت بالثعالب وفق طريقة كانوا تعلّموها من التاريخ البشري, وهي طريقة التعذيب بالتنّور, فقال لهم الأسدُ ليكنْ لكم ما تريدون.

أحضرَ الأسدُ المكلّفُ بتنفيذ حكم الإعدام بالثعالب, جميعَ الثعالب الذين تتابعوا على حكم الولاية, وطالبَ بإحضار (التنّور) والذي هو عبارة عن صندوق من الحديد له غطاءٌ من فوق, وبداخله مساميرُ مثبّتةٌ إليهِ مِنْ أطرافِه, يُلقَى بِمَنْ يُرادُ تعذيبُه إلى داخلِ هذا التنّور, ثم يُغطّى البابُ العلويُّ للتنّور ومن تحتِه مكانٌ مُعَدّ لإشعالِ النّار. يتمُّ على الفورِ إشعالُ هذه النار وعندما يُحِسُّ الموجودُ بداخل التنّور بالنّار وشدّة لهيبها, يحاولُ الهروبَ إلى الجهة الأخرى من التنّور فَتَنْغَرِسُ المساميرُ في جسدِه, ويظلّ هكذا والنارُ تشتعلُ مِنْ تحته وهو ينقلُ جسدَه من جهةٍ إلى أخرى ليُصبِحَ طعمًا للمساميرِ الحادّة التي تنهشُ منهُ لحمَه إلى أن يُقضى أمرُه وتستغرقُ تلك الطريقة من التّعذيب أيّامًا إلى أنْ يموتَ مَنْ بداخل التنّور.
على هذا النّحو وبهذه الطريقةِ بدأ الأسودُ الجلاوزةُ يتلذّذون بطريقةِ القضاء على الثعالب واحدًا تِلْوَ الآخَر. كانتْ عملياتُ التعذيب هذه تجري على مرأى من جماعة الثعالب لإدخال الفزع والرّعب إلى قلوبها فلا يُفكّر أيّ منها - في يومٍ من الأيّام - بِإعلان التمرّد أو العصيان وأيضًا لِكَسْرِ شوكةِ رغبتهم في التذمّر أو التململ ليبقى الوضعُ على ما هو عليه من احتلال لولايتهم.
يُتبع...
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:59 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke