Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم يوم أمس, 05:33 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,029
افتراضي أهمِّيَّةُ الكتابَةِ ودَوْرُهَا بِقَلَمِ: فؤاد زاديكِي عِندَمَا تَضِيقُ بِنا سُبُلُ

أهمِّيَّةُ الكتابَةِ ودَوْرُهَا

بِقَلَمِ: فؤاد زاديكِي

عِندَمَا تَضِيقُ بِنا سُبُلُ الحَياةِ، وَ نَتَخَبَّطُ فِي مَتَاهَاتِهَا، نَشْعُرُ بِحَاجَتِنَا الماسَّةِ وَ الشَّدِيدَةِ لِلْكِتَابَةِ، فَهِيَ تَنْفِيسٌ عَنْ المَشَاعِرِ وَ تعبيرٌ عنِ الأفْكَارِ، وَ هِيَ كذلكَ البُوصَلَةُ الَّتِي تَعْطِينَا الوَجْهَةَ الجَمِيلَةَ فِي هَذِهِ الحَياةِ. فِي أَوْقَاتِ الخَوْفِ وَ القَلَقِ، حِينَ يَعْجَزُ الإِنسَانُ عَنْ إِجَادَةِ الكَلِمَاتِ، الَّتِي تُرِيحُ قَلْبَهُ وَ تُوَضِّحُ تَوَجُّهَ فِكْرِهِ، تَظَلُّ الكِتَابَةُ هِيَ الوَسِيلَةُ الأَمْثَلُ لِلتَّعْبِيرِ عَنْ كُلِّ تِلْكَ الأَحَاسِيسِ، الَّتِي يَصْعُبُ وَصْفُهَا بِالكَلِمَاتِ المَنْطُوقَةِ.

تُعَتَبرُ الكِتَابَةُ لُغَةَ الرُّوحِ، وَ سَاحَةً تَعْبِيرِيَّةً خَالِيَةً مِنَ الحُدُودِ، تَتَنَقَّلُ فِيهَا الأَفْكَارُ وَ المَشَاعِرُ بِحُرِّيَّةٍ، لِتُصْبِحَ أَدَاةً فَعَّالَةً لِلتَّوَاصُلِ مَعَ الذَّاتِ أَوَّلًا ثُمَّ مَعَ الآخَرِينَ. فَهِيَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ مَجْمُوعَةٍ مِنَ الكَلِمَاتِ المُنَظَّمَةِ، بَلْ هِيَ رِحْلَةٌ فِكْرِيَّةٌ تُتِيحُ لَنَا تَرْتِيبَ أَفْكَارِنَا وَ تَنْظِيمَ مَشَاعِرِنَا. وَ عِنْدَمَا نَقُومُ بِكِتَابَةِ مَشَاعِرِنَا على الوَرَقِ، يُصْبِحُ مِنَ السَّهْلِ التَّعَامُلُ مَعَهَا وَ تَوْجِيهُهَا نَحْوَ بِنَاءِ فِكْرِيٍّ وَ رُوحِيٍّ.

الكِتَابَةُ لَهَا أَهَمِّيَّةٌ خَاصَّةٌ فِي حَيَاةِ المُثَقَّفِ، فَهِيَ بِمَثَابَةِ الضَّوْءِ، الَّذِي يُضِيءُ لَهُ الطَّرِيقَ فِي رِحْلَةِ البَحْثِ عَنْ الحَقِيقَةِ وَ المَعْرِفَةِ. إِنَّ المُثَقَّفَ، الَّذِي يَعْتَمِدُ عَلَى الكِتَابَةِ كَأَدَاةٍ لِتَطْوِيرِ نَفْسِهِ، يُسَاهِمُ فِي نَشْرِ الوَعْيِ وَ الرُّقِيِّ الفِكْرِيِّ فِي مُجْتَمَعِهِ. مِنْ خِلَالِ الكَلِمَاتِ المَكْتُوبَةِ، يُمْكِنُ لِلْمُثَقَّفِ نَقْلُ أَفْكَارِهِ العَمِيقَةِ، وَ تَحْلِيلَاتِهِ الدَّقِيقَةِ، وَ رُؤْيَتِهِ الخَاصَّةِ لِلعَالَمِ مِنْ حَوْلِهِ. الكِتَابَةُ تُمَكِّنُ المُثَقَّفَ مِنْ خَلْقِ حِوَارٍ دَاخِلِيٍّ مَعَ نَفْسِهِ، وَ بِالتَّالِي تَطْوِيرِ أَفْكَارِهِ وَ نَقْدِهَا، مِمَّا يُعَزِّزُ الوَعْيَ الذَّاتِيَّ وَ يُحَقِّقُ تَطَوُّرًا فِكْرِيًّا مُسْتَمِرًّا.

فِي عَالَمِ اليَوْمِ، الَّذِي يَشْهَدُ تَسَارُعًا فِي التَّطَوُّرِ التِّكْنُولُوجِيِّ وَ الثَّقَافِيِّ، تَصْبَحُ الكِتَابَةُ أَدَاةً أَسَاسِيَّةً فِي إِثْرَاءِ الحِوَارِ الفِكْرِيِّ بَيْنَ الأَفْرَادِ وَ المُجْتَمَعَاتِ. فَهِيَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ وَسِيلَةٍ لِلتَّعْبِيرِ عَنْ الأَفْكَارِ فَقَطْ، بَلْ هِيَ قُوَّةٌ مُؤَثِّرَةٌ قَادِرَةٌ عَلَى تَغْيِيرِ المَفَاهِيمِ وَ تَوْسِيعِ آفاقِ التَّفْكِيرِ.
يَسْتَطِيعُ المُثَقَّفُ مِنْ خِلَالِهَا التَّأْثِيرَ عَلَى الآخَرِينَ، وَ تَحْفِيزَهُمْ عَلَى التَّفْكِيرِ النَّقْدِيِّ، مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى تَرْسِيخِ مَفَاهِيمَ جَدِيدَةٍ وَ تَطْوِيرِ التَّفْكِيرِ الجَمَاعِيِّ.

مِنْ خِلَالِ الكِتَابَةِ، يُمْكِنُ لِلْمُثَقَّفِ أَنْ يُسَاهِمَ فِي تَجْدِيدِ الفِكْرِ الإِنسَانِيِّ، فَالكَلِمَاتُ الَّتِي تُكْتَبُ اليَوْمَ قَدْ تَكُونُ هِيَ بَذُورَ التَّغْيِيرِ وَ النَّهْضَةِ الفِكْرِيَّةِ غَدًا. الكِتَابَةُ، إِذًا، لَيْسَتْ مُجَرَّدَ فِعْلٍ فَرْدِيٍّ، بَلْ هِيَ مَهمَّةٌ جَمَاعِيَّةٌ تَسَاهِمُ فِي الرُّقِيِّ بِالبَشَرِيَّةِ وَ تَطَوُّرِ المُجْتَمَعَاتِ.

فِي النِّهَايَةِ، لَا يُمْكِنُ لِأَيِّ مُجْتَمَعٍ أَنْ يُحَقِّقَ الرُّقِيَّ الفِكْرِيَّ دُونَ أَنْ يَكُونَ لِلْكِتَابَةِ دَوْرٌ أَسَاسِيٌّ فِيهِ. إِنَّ الكِتَابَةَ تُمَكِّنُ المُثَقَّفَ مِنَ التَّعْبِيرِ، وَ الفِكْرَ مِنَ التَّفَاعُلِ، وَ بِالتَّالِي تُسَاهِمُ فِي خَلْقِ مُجْتَمَعَاتٍ أَكْثَرَ وَعْيًا وَ تَحَضُّرًا. وَ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ تُكْتَبُ، هُنَاكَ بَذْرَةٌ لِلْعِلْمِ وَ الفِكْرِ تنتظرُ أنْ تُزْرَعَ في أرضٍ خصبةٍ لتُنْتِجَ فِكْرًا نَاضِجًا وَ يُسَاهِمَ فِي تَغْيِيرِ وَ تَطْوِيرِ مُجْتَمَعَاتِنا. فَالكِتَابَةُ لَا تَقِفُ عِندَ حُدُودِ الزَّمَانِ وَ المَكَانِ، بَلْ هِيَ تَتَخَطَّى ذَٰلِكَ لِتَحْتَسِي مَعَانِيَ جَدِيدَةً وَ تُبْصِرَ عُوَامِلَ التَّغْيِيرِ. إِنَّها تَحْمِلُ قُوَّةً قَادِرَةً عَلَى تَحْفِيزِ العُقُولِ وَ النُّفُوسِ لِيَتَجَاوَزُوا التَّحَدِّيَاتِ وَ يَسْتَشْرِفُوا آفاقًا أَكْثَرَ بَذْرًا وَ إِشْعَاعًا.

فَإِذَا كَانَتِ الكتابةُ أداةً لِلنُّموِّ الفِكْرِيِّ وَ الرُّقِيِّ الثَّقَافِيِّ، فَإِنَّها أَيْضًا تَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا مَسْؤُولِيَّةً كَبِيرَةً فِي تَحَمُّلِ تَحْوِيلِ أَفْكَارِ النَّاسِ إِلَى سُلُوكٍ إِيجَابِيٍّ وَ مُنَاصَرَةِ قِيَمِ العَدْلِ وَ المُساوَاةِ. إِنَّهَا تَكُونُ حِينَئِذٍ أداةَ تَغْيِيرٍ تَجْعَلُ مِنَ القَلْبِ وَ العَقْلِ مَرْجِعَيْنِ تَفَاعُلِيَّيْنِ لِبِناءِ مُجْتَمَعَاتٍ أَكْثَرَ تَفَاهُمًا وَ وَحْدَةً.

إِنَّ لِلكِتَابَةِ دَوْرًا عَمِيقًا فِي رَسْمِ مُسْتَقْبَلٍ أَفْضَلَ، وَ فِي سَابِقَاتٍ تَتَجَاوَزُ حُدُودَ الزَّمَانِ، فَفِي كُلِّ مَرَّةٍ تَحْمِلُ فِيهَا الكِتَابَةُ مَعَانِيَ جَدِيدَةً تَسْتَمِرُّ فِي زَرْعِ مَفَاهِيمَ تَصُبُّ فِي مَصْلَحَةِ النَّمَاءِ الإِنسَانِيِّ وَ التَّحَضُّرِ. تَكُونُ الكِتَابَةُ إِذَا فِي النِّهَايَةِ سَبِيلًا لِإِحْيَاءِ الوَعْيِ الفِكْرِيِّ وَ الْحَضَارِيِّ، وَ مِصْبَاحًا يُنِيرُ الطَّرِيقَ إِلَى غَدٍ أَجْمَلَ وَ أَفْضَلَ.

المانيا في ١٦ نوفمبر ٢٤
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:04 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke