لقد سمعت بأن الشباب السوريين الذين زرناهم في مجمع اللجوء قبل أيام صارت بينهم مشاكل بسبب المساعدة المادية التي أعطيناهم إياها و طلبنا منهم أن يقوموا بتوزيعها على بعضهم بالتساوي فهناك من استأثر بالمصاري لنفسه و لم يعط للآخرين و هذا ما أحزننا فعلا فنحن نقوم بعملنا هذا من منطلق إنساني و ليس لأي سبب آخر. فنحن لسنا مؤسسة خيرية اجتماعية و لا بنك نملك سيولة مالية فائقة. إننا نعمل و نعيش من راتبنا الشهري و لا مصدر رزق آخر لنا و حين قمنا بهذه المبادرة الإنسانية كان الهدف الأهم هو إشعار هؤلاء الناس بالأمان و بالراحة و لكي يفهموا بأنهم ليسوا لوحدهم في هذا العالم و أن مشكلتهم هناك من يشاركهم بها. بصراحة شعرت بإحباط كبير و ربما توصلت لقناعة بأن هؤلاء يفكرون بطريقة غير تلك التي يجب أن يفكروا بها فهم الآن يعيشون تحت سقف آمن و سيحصلون على الكثير مما لا يحصل عليه سوريون آخرون يعيشون تحت القصف و في العراء يعانون الأمرين. إذا كان هؤلاء يفكرون و يتصرفون بهذه الطريقة غير الجميلة فهم بكل تأكيد ليسوا على ما ينبغي من الوعي و الفهم و إدراك الظروف التي هم عليها. إذا كان همهم الوحيد و الأوحد هو جمع المال و الاستئثار به أو أنهم ينتظرون من المساعدين لهم أن يمدوهم بالمال بلا حدود فهم يخطئون خطأ كبيراً. طبعا من المعيب أنْ أتحدث معهم في زيارة السبت القادمة بهذا الموضوع فهو إحراج لهم و إشعارهم بالخجل و بالعيب الذي فعلوه. لكن يمكن أن أتحدث لهم بالمرة القادمة عن الحياة و عن النظرة التي يمكن أو يجب عليهم أن ينظروا من خلالها إلى وضعهم و وضع الآخرين و أن يستوعبوا من الدروس القاسية التي مرت بهم عبراً و فوائد. لقد جاءت تبرعات عينية لهم من أشخاص ألمان أيضا, لكن ليست مالية و لهذا فسنقوم نحن بشراء مستلزمات الحياة لهم و لا نفكر مرة أخرى بإعطائهم نقودا متى سيتسبب ذلك بخلافات فيما بينهم. 9 شباب في غرفة واحدة من أصل واحد يختلفون على مبلغ مالي بسيط بدافع الطعام فكيف بعشرين مليون سوري و هم من أديان و طوائف و قوميات مختلفة يمكن لهم أن يتّحدوا حول فكرة واحدة أو أن ينبذوا خلافاتهم من أجل مصلحة الوطن؟ هذا ما نراه من نتائج اجتماعات الائتلاف الوطني السوري أو غيره من المنظمات السياسية التي لم تُشعر المواطن السوري و لغاية اليوم بأنها تعمل من أجل مصلحة الوطن فهم متفقون على ألا يتفقوا و أن يظلوا على خلافات مستمرة إلى أجل غير مسمى.