مشاركتي قبل قليل على برنامج حديث الساعة و موضوع اليوم هو حب الذات و الأنانية تقديم الاديبة الصديقة إنصاف أبو ترابي في اكاديمية رياض الشعر و الأدب
الحياة مسرح واسع يقوم فيه كل شخص بتمثيل دوره كما يقوده وعيه و فهمه، و قد ينجح في أداء دوره على أكمل وجه و قد يفشل و هذا يتوقّف على عدّة أمور تلعب دورًا في ذلك منها طبيعة شخصية المرء و طريقة تفكيره و تعامله مع المواقف و منها أمور خارجية خارجة عن إرادته. و الإنسان ككائن عاقل يكون هو السبب في بعض الإخفاقات التي يتعرّض لها في حياته كما هو بالوقت نفسه المسؤول عن نجاحه في خوض معارك الحياة و تجاربها.
إنّ الموضوع المطروح اليوم للنقاش و إبداء الآراء و الافكار، موضوع قيّم للغاية، فلكلّ مشارك وجهة نظره و رأيه الذي سيعرضه في هذا المجال إلّا أنّ الجميع متّفقون على حقيقة أنّ مفهومي حبّ الذات و الأنانية مختلفان اختلافًا كبيرًا، ففي حين أنّ حبّ الذات عند الإنسان يكون ضروريًا فإنّ الأنانية لا داع لها.
من الطبيعي أن تكون غريزة الإنسان بحبّه لذاته مغروسة فيه بالأصل فمن لا يحبّ نفسه لن يكون باستطاعته محبة الآخرين، فمحبّة الإنسان لذاته ينبع منها اهتمامه بشؤون حياته و العمل على أن يكون إنسانًا ناجحًا في حياته، لكن شريطة أن يكون حبّ الذات هذا ضمن الحدود المعقولة و المنطقية دون أن تتجاوز حدودها لتصل إلى مرحلة التطرّف و الوقوع في هوّة النرجسية التي لا تعترف بغير الأنا، إذ هي تقوم بنضخيم هذا الجانب لدى الإنسان مما يجعله يصل إلى مرحلة الشطط و الانحراف عن النّهج السليم، فالشخص الأناني، المفرط في محبته لذاته لا يكون محبوبًا من الوسط الذي يعيش فيه، على الأغلب سوف يتجنّبه الآخرون و بذلك يقلّ عدد أصدقائه و المقرُبين إليه، ممّا سيجعله في عزلة و انفراد.
عندما يكون النفس محبًّا لذاته فهو بدون أيّ شك سيكون قادرًا على فهم ذاته من حيث نقاط القوة و الضعف الكامنتين فيه وبهذا تكون شخصيته مميّزة ضمن الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه. في حبّ الذات يكون احترام للآخرين و الأمر معكوس تمامًا في حالة الأنا فالشخص الأناني لن يحبّ سوى ذاته و قد يحتقر الآخرين، فالشخص المحبّ لذاته يتمتّع ببعض الصفات التي تجعل منه إنسانًا ناجحًا مثل قدرته على الإبداع و التميّز و العطاء و يكون شخصًا اجتماعيًا قادرًا على حلّ مشاكله بنفسه و على أن يكون شخصًا يحبّه الآخرون. مما لا شكّ فيه أنّ الأنانية هي حالة مرضية يجب أن تتمّ معالجتها فهي تضرّ بصاحبها و بمن يتعامل معهم. و من مشاعر الأنانية حبّ التملّك و الرغبة في الصعود على أكتاف الآخرين و منها استغلال عواطف الآخرين و عدم القدرة على الخروج من قمقم الإغراق في الذات و هو مؤذ.