Arabic keyboard |
#1
|
|||
|
|||
الكتابة جنّتي المفتوحة على شهيقِ اللَّيل
الكتابة جنّتي المفتوحة على شهيقِ اللَّيل كيف أبدأُ، وكيفَ أنتهي من كتابةِ القصيدة؟! كيف أبدأ بكتابة القصيدة؟! لا أدري، وكيف أنتهي؟ لا أدري أيضاً، لأنَّني لا أنتهي من كتابة القصيدة أصلاً، لهذا نصوصي مفتوحة، وهذا ما قادني إلى التَّفكير بكتابة نصٍّ مفتوح، أنجزت منه قرابة ألف وثلاثمائة صفحة حتى تاريخة، وقد أنجزتُ الأجزاء الثَّمانية منه (800 ص) ونشرتها عبر الشَّبكة لكن بقية الأجزاء أصيغها وأبوِّبها كي أدرجها في سياق النصِّ المفتوح، بحيث تأتي الأجزاء بشكلٍ انسيابي! نَفَسي في الكتابة طويل، تتدفُّق رؤاي وأفكاري وصور القصيدة غالباً بشكلعفوي وغير مقصود، فأحياناً أكتب نصّاً ما عن موضوعٍ ما، لكني سرعان ما أجنح بعيداً عمّا بدأتُ به وأتوه في عالم جديد لا رابط يربطه بما بدأت به وأترك العنان مفتوحاً لمخيلتي، فأنا من طبعي أحبُّ الحرية في الكتابة، حرّية بلا حدود،وبلا أيَّة قيود، حيث أنَّني أثناء لحظة الكتابة لا أفكِّر بأيّ عائق أو رقيب أو حسيب، أكتب بشراهة مكتنزة بالطيران، خاصّة بعد أن استخدمت نظام الوورد، الكتابة عبر الكومبيوتر، وأكثر من تسعين بالمائة من نصوصي خلال السنوات الأربعة الأخيرة كتبتها مباشرة على الكومبيوتر بدون أية مسودات لها، وأعود وأصيغها من جديد فيما بعد، وأحياناً كثيرة، تتغيَّر القصيدة أو النصّ أو القصّة أثناء صياغاتها، وأحياناً أخرى تولد فكرة من الفكرة التي أكتبها، فأكتب الفكرة الجديدة على قصاصة جانبية كي أعود إليها وأنسج منها نصَّاً جديداً، قصةً كانت أم قصيدة. الكتابة هي زادي الثمين في الحياة، أكتب أحياناً ساعات طويلة، ساعات متواصلة يتخلَّلها استراحات خفيفة جدّاً، لكني أعود قبل أن أستريح وأنسج ما يغلي في داخلي، غليان حقيقي، نزيف شعري مهتاج في كينونتي، أفرح فرحاً انتعاشياً عندما أنجز النصّ الذي بين يدي، عندما أتفرَّغ من كتابته أتركه مفتوحاً لكني أنهيه عند نقطة مضيئة على تخومِ السُّؤال، عند جملة متراقصة بين أحضان القارئ، وأرقص كطفلٍ شاهدَ فجأةً لعبةً ثمينة! يحتاجُأيُّ عملٍ إبداعي على أيِّ صعيد كان إلى نوعٍ من العشقِ العميقِ، أشبه ما يكون بالترهبن! أنا لا أؤمن بمبدإِ الرَّهبنة بمفهومها التقليدي إطلاقاً، لكن الرَّهبنة من حيث العطاء في مجال إبداعي ما، تعجبني إلى حدِّ النِّخاع! وهكذا تبدأ نصوصي من حيث لا أدري وتنتهي من حيث لا أدري أيضاً، لكن الذي أدريه هو انني أشعر وكأني مختطف إلى واحات فرحيَّة عشقيّة أشبه ما تكون ببساتين جنان النعيم، لا أشبع من الكتابة مثلما لا يشبع العابر إلى جناتِ النَّعيم من النَّعيمِ، الكتابة جنّتي المفتوحة على شهيق اللَّيل، لهذا أراني سعيداً رغم شظف العيش الذي عشته وأعيشه، وأقولها علناً وبدونِ أيَّةِ مواربة، لولا الكتابة لما تمكّنتُ أن أصمدَ في وجه غربتي وفي وجه عذاباتي وفي وجه الظروف القاسية التي مررتُ بها وما أزال أمرُّ بها في سماء غربتي، وغربتي هي صديقتي الدًّافئة، لأنني عقدت معها معاهدة ودّية فسيحة، هي وهجي المتناميفوقَ مرابعِ الحرفِ، لا تُقلِقني غربتي ولا انكساراتي، ولا هزائمي، أراني قويّاً في ضعفي، أزداد شراهةً في العطاء، شراهتي لا يرافقها شبعاً من بوحِ الكتابة. همّي الوحيد وهدفي الوحيد في الحياة، هو التفرّغ كلّياً للكتابة والأدب والقراءة والفنِّ والعطاءِ، أشعرُ أنَّ هناكَ طاقاتٍ كامنة في أعماقي تحتاجُ إلى عوامل دافئة لاِدلاقها فوقَ مروجِ المحبَّةِ ووجنةِ القمرِ، كتبتُ مؤخَّراً قصصاً وقصائد، كانت أفكارها تراودني مثل الغمام منذ عقودٍ من الزَّمان. ذاكرتي محفوفة بعبق الطفولة،واليفاعة والشباب، تتلألأ أمام ناظري محطات العمر التي قضيتها في ديريك بكل أتراحها وأحزانها، وغربتي! آهٍ .. يا غربتي المتهاطلة مثل بخورِ القصائد، أكتبُ أحياناً نصوصاً في الحلم، وعندما أنهض، أنبشُ خفايا الحلمِ، يتراءى لي الحلم سديمياً، ألتقطُ ما يمكن التقاطه ثم أغوصُ في حلمِ اليقظة والذاكرة البعيدة، أفرشُ خيالي بكل تلألؤاته فوقَ خيوطِ الحلمِ، تتراقصُ أحلام اليقظة مع أحلامِ النَّوم العميقِ ثم تسبحُ فوقَ رحابِ الخيالِ المتماهي مع تدفُّقاتِ خرير الذاكرة، أتركُ الحصادَ مفتوحاً لتماوجاتِ قلمي وأقطفُ ما يتّسعُ لحفيفِ القلمِ، دائماً أجدني غير قادر على لملمةِ جموحاتِ القصائدِ، الكتابةُ عاجرةٌ على ترجمة حالة الغليان، أقطفُ نصيبي من تواشيحِ الجموحِ وأتركُ ما يتوارى في خفايا حلمي، حلمي غير قابل للإمساكِ، لأنه يتشظّى مثل اِندلاعِ شراراتِ النَّيازكِ! آخذ ما يتناغمُ مع حفاوةِ حرفي وأتركُ ما يتوارى لما تبقّى من الزَّمنِ، ويراودني دائماً، هل سأستطيعُ عبرَ زمني الآتي، أن ألملمَ هذه الومضات الهاربة، وأفرشها بهدوءٍ حميم فوقَ هديلِ اللَّيلِ؟! |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|