Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-06-2007, 08:01 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,021
افتراضي الغيرةُ الحمقاءُ بقلم: فؤاد زاديكه

الغيرةُ الحمقاءُ

(من وحي قصة واقعيّة نُشِرَتْ في خبر)



بقلم/ فؤاد زاديكى





"قرأت قبل أيّام في إحدى الصّحف خبراً عن شخص يُعلن عن ندمه الشّديد لما فعلتْ به غيرةٌ كبيرةٌ كان عليها إذ غيّرتْ حياتَه و قلبتْ كلّ معايير التوازن فيها, و رأيتُ أنْ أقوم بكتابة هذه القصّة من وحي هذا الخبر القصير ربّما تكون فيها فائدة ترجى"

تزوّج (أحمد) من فتاة جميلةٍ, فاعتقد أنّه ملك الكونَ برمّته و صار يغار على كلّ شيء و من كلّ شيء في البيت وفي الشارع وفي كلّ مكان. صارت زوجه تعاني الأَمَرّين من هذه الغيرة التي لا مبرّر لها, فالزوجُ لم تفعلْ شيئاً يستدعي من زوجها الغيور كلَّ هذه الثورة من الغيرة التي صاحبها العنفُ أحياناً كثيرةً فصار يضربها بمجرّد أن تنظر إلى أيّ شخصٍ و هما يسيران معاً في السوق أو في أي مكان آخر, بل تجرأ أكثر فَحَرّم عليها أنْ تخرج من البيت إلاّ بإذنه و متى خرجت فعليها ألاّ ترفعَ بنظرها عن الأرض وألّا تنظرَ إلى أيّ شخص من المارّة أو تتحدّث إلى أيّ منهم حتى و لو كانوا من الأصدقاء أو الأقرباء. وألاّ تردّ عليهم متى طُلِبَ منها شيءٌ ما مِنْ قبل أحدٍ منهم فهذا ممنوعٌ عليها, حتّى لو كان الردّ على التحيّة.

لم تعدِ الزوجُ تُطيق هذه الحياة التي تحوّلتْ إلى جحيمٍ فظيعٍ فليس بمقدورها أن تستمرّ فيها متى دامت على هذه الحال. طلبتْ منه الطلاقَ فرفضَ و أساءَ معاملتها أكثر و أكثر فضاقتِ الدّنيا بِعَينيها. حاولتْ أنْ تصارحَ أهلَها بما يجري معها فكانَ محظورٌ عليها أنْ تتّصلَ بهم أو تكلّمهم أو تزورهم, حتى أنّهُ منعها من مخالطة الجيران ومن الذهاب إليهم لأيّ غرض أو حاجة كما منع عليها أن تستقدمَ أيّ بشر إلى البيت من الجيران في حالِ غيابه.

ذات يوم زارتهما ابنة حميها (أخت زوجها) فاطمة و ما أن سنحتْ لها الفرصةُ بالخلوّ بها حتى شرحتْ لها كلّ ما يجري معها من قِبَلِ أخيها و كيف أحالَ حياتها إلى كتلة من النار و مشاعرَها إلى لهيب لا يخمد و عيشتها إلى فراغٍ لا معنى له. رَجَتْها أنْ تحاول مساعدتها لدى أخيها بالتحدّث معه في الأمر علّ وعسى يُدْخِلُ اللهُ بعضَ الحنان والرأفة والشّفقةِ إلى قلبه، و يفتحُ عقله و قلبه فينصفها من هذا العذاب و يعوّضها عن بعض معاناتها التي كَبُرَتْ وزادتْ منذُ أن تزوّجتْ به. حاولتِ الأختُ و بحضور زوج أخيها أنْ تفاتحَ أخاها بالأمر و هي تقول له: إنّ هذا ليس من العدلِ في شيء بلْ أنّه يُغْضِبُ ربَّ العالمين. لماذا تحاولُ أنْ تعاملَ زوجَك بهذه القسوة بدافع غيرةٍ لا داعٍ لها كما لا معنىً فزوجُك إنسانةٌ مطيعةٌ و مؤدّبةٌ و هي تحترم حياتها الزوجية لكونها واعية ودارسة ومتفهّمة لأمور الحياة بشكل جيّد؟ هل ترى فيما تفعله صواباً؟ وهل هذا من الشّرع أو الدين في شيء؟ لم تكدْ (فاطمة) تَنْتَهي من كلامها مع أخيها حتى علم أنّ زوجَه فاتحتها بخبر معاملته السيئة لها فثارتْ ثائرةُ (أحمد) فهاج وماج مثل حيوانٍ ملدوغ فأسرع إلى غرفة نومه ليَخْرجَ بعد قليلٍ و بيده عَصا غليظةٌ صار ينهالُ بها على جسد الزوجة المسكينة التي لم تجدْ مَن تستعين به سوى أخت زوجها فهربتْ لترمي بجسدها خلفها بقصد أن تحميها و تتلافى ضربات هراوته التي نالتْ من جسدها الكثير. لم تتمكّن أختُه من حمايتها فهي الأخرى نالتْ نصيبَها مِنَ الضرب المبرّح و هو يقول لزوجه: أيّتها العاهرة تكشفين أسرار بيتنا الزوجي وتحاولين التعرّضَ لسمعتي ؟ بأيّ حقّ تكلّمين أختي في موضوع يخصّنا؟ ثم ألم أقل لك لا يسمح لك بالتحدّث مع أيِّ أحدٍ؟ إنّك وبعد ذهاب أختي إلى دارها سوف تأكلين نصيبَك من الضّرب الذي لم يشفِ غليلي منكِ بَعْدُ!
أرادتْ (فاطمة) أنْ تبيتَ في بيت أخيها في تلك الليلة لكي تمنعه من ضرب زوجه (آمنة) لكنّ إصرارَ أخيها على وجوبِ مغادرة بيته فوراً أحالت دون نومها عنده, فخرجتْ وهي تبكي و تقول: والله إنّ الذي تفعله لا يفعله سوى البهائم! أليستْ زوجُك مخلوق لها أحاسيس ومشاعر؟ لماذا لا تراعي مشاعرها و لَطالَما تسيءُ معاملتها بهذا الشّكل الفظيع والأليم فلماذا لا تطلّقها وتتركها في حال سبيلها؟ ثمّ إذا كنت تنوي أن تفعلَ مثل هذا معها فلماذا تزوّجتها أصلًا؟ و وضعتها في جحيم غيرتك العمياء التي لا تعرف شفقةً ولا رحمةً ولا حدوداً؟ تركتْ منزله وهي تُقْسِمُ بالعظيمِ أنّها لنْ تعودَ لزيارته مرّةً أخرى طوالَ حياتها ولسوف تنسى أنّ لها أخًا يُدعى (أحمد). و قبل أنْ تغادرَ المنزلَ توجّهتْ إليه بالسؤال التالي: لو كانت أختُك موضعَ زوجِك وعَلِمْتَ أنّ زوجَها يفعل بها مثل الذي تفعلُه أنتَ بها فهلْ كنتَ ستقبلُ بذلك؟ و كيف كان يمكن أنْ تكونَ ردّةُ فعلك على ذلك؟
وما أنْ خرجتْ (فاطمة) معادرةً حتّى قامَ (أحمد) من جديدٍ بضرب زوجته إلى أنْ تلاشتْ قواها فسقطتْ على الأرض مغشيّاً عليها لا تعلمُ ما الذي يحصل لها. رأى (أحمد) زوجَه على هذه الحال فاطمأنّ إلى أنّها لنْ تفيقَ إلاّ بعد انقضاءِ ساعاتٍ طويلةٍ و حتّى لو هي أفاقتْ و عاد إليها وعيُها فلنْ تكونَ قادرةً على الحركةِ فاغتنمَ بذلك الفرصةَ و قرّرَ الذّهابَ إلى أحدِ المقاهي القريبة ليشرب كأساً من العصير و يأخذ نفساً عميقًا من سيجارته بعد أن أخمد نيرانَ غضبه بما سلّطه على جسد زوجته من وطأة عصاه القاسية والتي كان أعدّها لهذا الغرض.

جرتِ الأمورُ في غير المجرى الذي حَسِبَ له (أحمد) أن يكون فكان الجيران سمعوا ما جرى من حديث وما حصل ويحصل من أخته (فاطمة) التي أخبرتِ الجيرانَ بكلّ شيء ورجتهم أنْ يهرعوا إلى مساعدتها متى طلبت النّجدة أو استغاثتْ طالبةً العون فقاموا بمراقبة الشقة وما أن رأوا الزوج خارجاً من الغرفة حتى هرعوا إليها وهم يقرعون الباب بشدّة. أفاقتْ (آمنة) وهيَ تُغالِب آلامَها و تجرُّ جسدَها المثقلَ معها إلى الباب ثم تقوم بفتحه وما أن صاروا داخلًا حتّى همّوا بحملها و نقلها إلى مشفى قريب من المنزل, وأخبروا الطبيب بجميع ما حصل وجرى وقالوا إنّ أخت الزوج هي التي أخبرتهم بالأمر و رجتهم أن يساعدوا هذه الزوجة المسكينة.

بقيتِ الزوجة في المشفى لبضعةِ أيّامٍ ثمّ قرّرتْ عدمَ العودةِ إلى بيت الزوجية بلْ إلى جهةٍ لا يعلمُها أحدٌ فتاهتْ بعيداً وهي تكتبُ لحياتها سفراً جديداً من المجهول لا تعرفُ إلى أينَ سيقودها. فكّرتْ بِالانتحار لكنّ إيمانَها منعها من الإقدام عليه فكّرت في العودة إلى أهلها فكانَ من المؤكّد أنّ مطالبةَ الزوج بها من أهلها سيكفل له عودتها إليه بموجبِ الحقِّ الشرعيِّ والقانون الظالم فهي لا تزال على ذِمّتِهِ كزوجة, إذْ لم يُطَلِّقْها بعد. وفكّرتْ في العودة إلى زوجِها لكنّها قالتْ في نفسِها: الإنسان يموت مرّةً واحدةً و أنا لا أريدُ أن أموت كلّ يومٍ أكثرَ من مرّة!

نَدِمَ (أحمد) أشدَّ النَّدم على فِعلتِهِ هذه وأدرك مدى ظلمه وقسوة قلبه ومدى تعدّيه على إرادة الله وإغضابه له فحاولَ أنْ يعوّضَ عن كلّ ذلك بأنْ يتحوّلَ إلى شخصٍ آخرَ من خلالِ ولادةٍ جديدةٍ تفتح عقلَه وبصيرتَهُ وقلبه على أفكارٍ نيّرةٍ و يغيّرَ مِنْ طباعه الظالمة والقاسية وبَقِيَ وحيداً يُعاني مِنْ وحدته لأنّ صيتَه السيئَ كان وصلَ إلى كلِّ بيتٍ, فلمْ يَعُدْ أحدٌ يتحدّثُ معه أو يخالطه أو يتعامل معه و كان ذلك عقاباً شديداً له. و قد نظمتُ هذه الأبيات الشّعريّة في نفس الموضوع باسم الزوج (أحمد) و هو يلعنُ حظَّه مُعْلِنًا عن ندمه:



غيرتي الحمقاءُ أدّتْ
لانفجارٍ واقتتالِ


غيرتي السّوداءُ عانتْ
من بلاءٍ وانفعالِ


غيرتي الحمراءُ زادتْ
منْ شقاءٍ في وبالِ


غيرتي الصّفراءُ جادتْ
باحتراقٍ واشتعالِ


غيرتي الزّرقاءُ باءتْ
بانهزامٍ وانحلالِ


غيرتي السّمراءُ جاءتْ
باحتقانٍ وانفصالِ


غيرتي البلهاءُ جنّتْ
حتّى صارتْ في خِبالِ


غيرتي البلهاءُ ساقتْ
لي عناءً كالجبالِ


زوجتي عانتْ كثيرًا
سايرتْ عقلي وحالي


قد نَدِمتُ اليومَ ضاعتْ
كلُّ أحلامِ الجَمالِ


إنّه خيرٌ لو انّي
صرتُ في جمعِ البغالِ!
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 07-07-2019 الساعة 09:00 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17-06-2007, 08:19 PM
SamiraZadieke SamiraZadieke غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 8,828
افتراضي

قد ندمتُ إنّ زوجي
سايرتْ عقلي و حالي


قد أسفتُ إذ خسرتُ
كلّ أحلامِ الجَمالِ


إنّه خيرٌ لو انّي
صرتُ في جمعِ البغالِ!
قصة مؤثرة جدا وهناك الكثير من الرجال على شاكلة هذا الزوج الذي
لايخاف الله
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17-06-2007, 08:47 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,021
افتراضي

شكرا لمرورك العذب و المفرح يا أم نبيل و في الحقيقة تعجّ بيوت و أسر مجتمعاتنا بالكثير من مثل هذه المآسي بل و ممّا هو أفظع و أشدّ نكراً لأنّ القيم السائدة في هذه المجتعات لا تزال بدائية عشائرية لا تتلاءم مع روح التطور الجاري على صعيد الفكر و العلاقات الاجتماعية و هذا أمر محزن فإن الكثير من مثل هذه الأعمال الفظيعة يتمّ السكوت عنها و قبولها بدعوى فروض الدين و الطاعة و الشّرع و العادات المقرفة التي يجب أن ترحل إلى غير رجعة. فإلى متى ستبقى هذه المجتمعات أسيرة مثل هذه الأفكار غير الواقعية و غير المنطقية؟
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24-06-2007, 06:28 PM
الصورة الرمزية georgette
georgette georgette غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
الدولة: swizerland
المشاركات: 12,479
افتراضي

نعم يا ابو نبيل انها الرجولة بعينها!!!!
يا لغشامته ويا لتعاسته
هل يعقل ان تموت الاحاسيس الى هذه الدرجة وان يقسى القلب بهذا الشكل؟؟؟
فليكن الرب مع الضعفاء وقوي على الظالمين
تشكر يا غالي قصة مؤثرة بحق
__________________
بشيم آبو و آبرو روحو حايو قاديشو حا دالوهو شاريرو آمين
im Namen des Vaters
und des Sohnes
und des Heiligengeistes amen
بسم الآب والأبن والروح القدس إله واحد آمين
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18-07-2007, 03:50 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,021
افتراضي

نكهة مرورك عذبة و روح مرورك مفرحة و جمال تعليقك متألق دائما دمت بكلّ خير يا أختي جورجيت.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:28 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke