Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
لماذا يشخصنُ المسلمون حواراتهم مع الآخر؟ بقلم: فؤاد زاديكه
لماذا يشخصنُ المسلمون حواراتهم مع الآخر؟ بقلم: فؤاد زاديكه
إنّ الحوار مظهرٌ من مظاهر التحضّر الفكري و الرقيّ الإنساني متى كان في حدود اللياقة و الاحترام, و سعى للوصول إلى الحقيقة عن طريق طرح الفكرة أو الأفكار بالدفاع عنها أو بنقدها و تفنيدها. إذ من الطبيعي ألاّ يكون جميع البشر على فكرة واحدة أو رأي واحد فالتنوّع هو بمثابة غنىً اجتماعي و على الجميع أن يحترمه و أن يراعي واقعه لدى التحاور و النقاش. من حقّ كلّ إنسان أن يدافع عن وجهة النظر التي يؤمن بها, و عليه أن يدعم فكرته بالأدلة و البراهين الدامغة و الداعمة لكي تكون لها مصداقية أو أساس معقول و منطقي و مقبول. أمّا بتعذّر وجود المنطق و بانعدام الحجة و الدليل, فإنّ الشخص يشعر بالضعف و بالإفلاس الفكري لهذا يلجأ إلى شخصنة الموضوع أو الانتقال إلى فكرة أخرى في محاولة يائسة من أجل تبرير هروبه و هو لا يملك الجرأة اللازمة للاعتراف بإخفاقه و عدم تمكّنه من إقناع الآخر بوجهة نظره أو بالفكرة التي يدافع عنها. إنّ شخصنة الحوار (محاولة نقل الفكرة إلى الهجوم على الشخص كشخص) هي محاولة يائسة من الشخص الذي يلجأ إليها و هو سعي فاشل للتغطية على فشله و انكفاء حيلته, و يظنّ بأنّه حين يسعى إلى التخلّي عن الفكرة بالتركيز على الشخص المحاور في محاولة لإظهار عيوبه أو اشياء أخرى لا علاقة لها البتة بالفكرة المطروحة. يظنّ هذا الشخص المفلس بأنه يقوم بحماية نفسه و إخفاء هزيمته ببهرجة كلاميّة و تهجّم شخصيّ يأخذه بعيداً عن الفكرة موضوع الحوار, و حين تتمّ تعرية هذا الموقف و إدانة الشخص لنقله فكرة الحوار إلى مطبّات أخرى, فإنّ العنف اللفظي و التهديد و أسلوب الشتيمة و السّباب يكون منتهى مطافه و هو قمّة الضعف و منتهى العجز الفكريّ بسبب انعدام وسيلة الدفاع و عدم توفّر الحجة و البرهان القاطع و الدليل المنطقي المقبول. مِنَ المستحسن على أيّ شخصٍ راغبٍ بالحوار ألاّ يخرج عن نطاق الفكرة المطروحة و هي موضوع البحث, و أنْ يقرّ بهزيمته, أمّا أنْ يتبع أسلوب اللف و الدوران و الخلط و التكرار و الاتهام و كذلك تسويق الكلام الإنشائي المنمّق بألفاظ بلاغيّة لإظهار قدرته في مجال اللغة, إنّ كلّ هذا إعلانٌ ضمنيّ لحالة العجز و هناك بكل أسف بعض الناس الذين يفرضون عليك الحوار, و حين تقفل بوجههم جميع السّبل يتحججون بعدم المعرفة, أو أنّهم ليسوا من أهل التخصّص, علماً أنّهم الذين ساقوك إلى هذا الحوار و يبقى الأمر المعيب بجميع هذه المواقف و الحالات أن يتمّ التركيز على الشّخص المحاور في مسعى للتقليل من مصداقيته أو من قيمته كالتطرّق إلى خلفيته الفكرية أو العائلية أو سيرته الذاتيّة أو سلوكيته. إنّ هذه الروح الإنهزاميّة و الانتهازيّة تدلّ و بما لا يقبلُ الشكّ على حقيقة أكيدة بأنّ هذا الشّخص هو فاقد الشيء و لذا فهو لن يعطي شيئاً و لا أمل من الحوار مع أمثال هؤلاء فهذا مضيعة للوقت ليس إلاّ. إنّ الشّخص الذي ليس على معرفة تامّة بفكرته أو بإيمانه يقع ضحيّة غرور وهمٍ لأنّه يفكّر بعاطفته لا بعقله, و قد يظنّ بأنّه قادر على تجاوز جميع العقبات بالدفاع عن جميع المواقف. لهذا فمن المؤكّد بأنّ أيّ شخص يحاول شخصنة الحوار إنّما هو يفتقر إلى المعرفة أولاً و ثانياً لا يملك الثقة التي تجعله قادراً على الإقناع أو الدفاع عن فكرته, فهو شخص مفلسٌ فكريّاً لا يقف على أرضيّة معرفيّة تخوّلهُ القدرة على الحوار, فيتحقق ذلك من خلال نحوه منحى إحدى هذه الوسائل الفاشلة و المفلسة و الضعيفة, و التي لن تعزّز موقفه بل هي تدلّ بوضوحٍ على هزيمته النكراء و على ضحالة تفكيره و عدم وعيه بالأمور و لا بالوقائع و بالحقائق الثابتة, سينحو إلى التزوير و إلى النفاق و إلى الكذب, و كأنّه منقادٌ إلى ذلك دون إرادة منه و بلا رغبة, انقياد الأعمى بإيمان أعمى يفتقر إلى أسس ثابتة صحيحة و دقيقة. إنّ شخصنة المسلمين لحواراتهم مع الآخر دليل إفلاس واضح و ضعفٍ بيّن و هزيمة منكرة لا يريدون الاعتراف بها. التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 15-05-2015 الساعة 02:22 PM |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|