Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-01-2014, 11:26 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,567
افتراضي دهاليز الأبالسة بقلم: فؤاد زاديكه القسم الخامس

دهاليز الأبالسة

بقلم: فؤاد زاديكه

القسم الخامس

"ليس دائماً سوى وجهُ ربِّكَ الكريم" " ما خالدٌ سوى الذي لا نهاية له " " الكلُّ فانٍ " " ليس شيءٌ بدائمٍ على وجهِ الإطلاق " " الأبدية و الخلود لفكر الحقّ و للحقيقة " " لن يدوم صاحب قدرة و سلطان " بهذه الأبديات الفراغيّةُ و العبارات المحشوّة بمتفجّرات القدر و معبأة بشحنات المعاناة و الألم مما يلفّ كوننا هذا من مخاطر و مصيرنا من تلاعبات و انتهاكات تختلف بتسمياتها و تتعدد صورها إلاّ أنها واحدة بالنتيجة المنعكسة على واقع الحياة و الناس.

قد أختار من الخيال شخصية ألقي بالضوء عليها، و قد أغلّف شخصية حقيقيّة بما يضمن لي النجاة من عقاب و أحكام قد تصدر غيابيا أو وجاهيا و قد يتم تنفيذ مراميها دون أية محاكمات كما هو الحال في سجون الوطن و مساجينه بما فيهم معتقلو الفكر و الرأي الآخر. كتبت هذا الدهليز من أبالسة العصر و أنا لم أكن غادرت سورية بعد و بالدقة و التحديد و التاريخ المجيد أنه كان بعضه في العام 1985 و بعضه الآخر بعد رحيلي أو هجرتي عن الوطن و هي كانت هجرة ترحيلية بالمعنى المجاز، فلقد سُدّت بوجهي كلّ المنافذ و أريد لي أن أتنفّس من داخل زنزانة فكرية محددة النوافذ و مقترحة الأبواب و أنا في فسحة الحياة الواسعة و الخصبة برؤاها و الغنية بعطاءاتها.

لم تكن معرفتي به معدومة فالكل يعرفه في البلدة و المحافظة و حتى القرى و الأرياف النائية، أعطي سلطان القوة و قرار التنفيذ فكان قادرا على فعل ذلك بمهارة متفانية و ذكاء عبقريّ. كان على خلاف ما هم عليه رجال الأمن و المخابرات، إذ يُعرف عنهم القوة و البطش و الشراسة. كان هاديء الطباع، لديه روح النكتة و لكنه كان كثير التعدّي على حقوق المواطنين شأن كلّ رجل أمن سوري و خاصة الفروع و المفارز الأمنية التي كان عددها في كل بلدة سورية يفوق عدد مدارسها. فلأمن ثم الأمن ثم الأمن كان الشعار المطبّق، لكن أمن مَنْ؟ هنا يكمن السؤال و هنا تتوضّح الصورة، إنّه أمن النظام و ليس أمن المواطن، فهذا الأخير هو آخر همّ لرجل الأمن و السلطة الحاكمة.

عرفته معرفة قديمة_ جديدة بحكم وظيفة أحد أبناء عمتي في الدائرة الأمنية التي كان يترأس فرعها هذا الرجل الليّن " ليونة الحديد " و ربّما يتبادر إلى أذهانكم تساؤل كيف يمكن أن يكون الحديد ليّناً و هذا كنت أسأله دائما عندما ألتقط خبرا أو معلومة عن هذا الشخص المقتدر و صاحب الصلاحيات الواسعة و التي كانت تتجاوز سلطتي المحافظ و رئيس فرع الحزب في المحافظة. معرفتي به كمعرفة كل مواطن من مواطني محافظة الحسكة و هي معرفة تمتد إلى سنوات طالت بقدر ما طال عذابيو اشتدّت معاناتي و ثَقُلَتْ بالقدر الذي ثقلت معه ذاتي و قدرة تحمّلي، متمّلة الإهانة المعنوية و صابرة على الظلم و هما وليدا تقديراتٍ شخصيّة نجما عن أحكام ذاتيّة بحتة ذهبتُ ضحّيتها خلال صراعٍ بين الوجاهات لإثبات الذات و تحقيق القوة الفاعلة. ذهب مستقبلي لسنوات طويلة فصرت كالذي فُطِمَ من ثدي أمّه، أبحث عن زجاجة قوت ألجم بها جوع أطفالي و أسدّ رمقهم، أو عن شهادة حسن سلوك تصدر عن هذه الجهة أو تلك من مصادر القرار و ما أكثرها في بلد ليس له قرار. كنت أبحث عن أية شهادة حسن سلوك أو قبول أو اعتراف من هذه الجهات كي أستطيع من خلالها أو بموجبها إثبات وجودي في مجتمع لا يعترف بالمواطن لما هو عليه من انتهازية و وصولية و مساع مؤذية قد تتسبب بقتل الأخ أو سجن الصديق إذ كان الكلّ يخشى من الكلّ، مما انعدمت الثقة و سادت عمليات الالتفاف حول الصدق و الحق و المنطق و كان هذا لسان الحال و بكلّ أسف.

كان هذا المجتمع بما تمّت عليه البرجمة المقصودة من فوق، لم يعد يعرف الرحمة و لا يعترف بالحقّ، إنه مجتمع الكلاب التي ينهشُ فيها كلٌّ لحمَ الآخر، و هو تطبيق عمليّ واقعيّ و حيٌّ لشريعة الغاب في عالم الأحياء من البشر. فالقويّ له سلطان يحق له القضاء على الضعيف أو استغلال ضعفه ليشتري ذمته خادما مطيعا و مرائيا منافقا يطعنك في الظهر دون ندم و بلا ضمير، بل تراه يتلذذ برؤيتك و أنت تموت أمامه ببطئ شاربا على روحك كأس عرق أو مدخّناً لسيجارة لم يدفع ثمنها من جيبه، يكون قد حصل عليها بالتسلبط على الضعفاء و الذين لا ظهر لهم كما نقول في لهجتنا العامية المعروفة.

لم أكنْ أدرك الخفايا التي كانت وراء النوايا، و مِنْ أين لي معرفة ذلك و أنا الانسانُ المسلوب الإرداة، "الضعيفُ الحجة" و قد وضعتها بين مزدوجين لتوضيح حقيقة أنني لم أكن يوماً ضعيف الحجة و لا الثقافة و المعرفة، فالمعروف عن الشيوعيّين ثقافتهم و وسع اطلاعهم و تنوّع مصادر ثقافتهم و غنى أفكارهم، فالشيوعيّ محاورٌ لديه أسلحة كثيرة للمقاومة. لقد كنت بحكم الواقع المفروض و المنطق المعمول به شخصاً ضعيفا بحيث لم أكن قادرا على استخلاص حقي من بين يدي الباطل الذي أراد النيل مني و منه. يقولون إنّ العدلَ سيّدُ الأحكام هذا عندما لا يكون هناك أكثر من حاكم واحد يتحكم بمصير الناس و بمنطق المساواة و بروح الحقّ. كان للواقع المعاش قرار الادانة و التبرئة و أينَ منها إدانة؟ و أين لها من تبرئة؟

يُتبع.....
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:00 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke