Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-06-2019, 08:44 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,595
افتراضي الأسد وولاية الثعالب بقلم/ فؤاد زاديكى القسم الثالث

الأسد وولاية الثعالب
بقلم/ فؤاد زاديكى
القسم الثالث

قرّر الجميع متّفقين على أن يأخذ الثعلب معه مجموعةً من عامّة الثعالب ويقّدمها إلى الأسد على أنّها الحاشية التي يعتمد على استشارتها في إدارة شؤون الولاية, وهي مِنْ خِيرة الثّعالب وأنّ لها الفضل في كلّ الاستقرار الذي تنعم به الولاية وهو مدينٌ لها بكل الشكر وقد أراد أن يتعرّف جناب الملك عليها ليدرك أن القرارات الفردية لنْ تكون في الصّالح العامّ وأنّ مِنَ الأفضل لدى القائد والحاكم أن يسعى إلى استشارة العقلاء حتى ولو لم يكونوا من العائلة المقرّبة للملك أو من الجماعات التي تربطهم معاً مصالح مشتركة من نوع ما لا تهدف إلى توفير فرص إنجاح المسيرة نحو الديمقراطيّة والتعدّدية والانفتاح دون خوف على المركز الذي يشغله هذا الملك وبالمزيد من الثقة والأمان والاستقرار تسير الأمور العامّة بالمملكة إلى طريق فيه النجاح وله القدرة على تحمّل المخاطر وتجاوز العقبات التي تقف في طريق أيّ تحوّل يهدف إلى إرساء قواعد العدل والمساواة ومبدأ تكافؤ الفرص المعمول به في المجتمعات المتقدّمة والمتطوّرة.

كان هدف الأسد الأساس هو إثارة الفوضى في هذه الولاية وضرب قاعدة الاستقرار الذي كان هذا المجتمع الثعلبي ينتهجها فمتى دبّ الذعر بين الثّعالب وعمّت الفوضى وانتشرت الرشوة والفساد فسيكون بإمكان الأسد إخضاع هذه الولاية الضعيفة إلى سيطرته بأقلّ ما يمكن من الخسائر.

ودّع الثعلب جماعته وأكبر حشد قدم لتوديعه وهو يصلّي من أجل إنجاح مهمته وعدم إلحاق أي أذى محتمل به, كان الوداع محفوفاً بشجون الألم والحزن ومغموراً بدموع الأسى واللّوعة, وقد تأثّر كثيراً لِما رآه من حبّ الثّعالب له ومن حجم إخلاصهم الكبير لعهده ولأفكاره وطريقة حكمه لهم, فلم يكن له بدّ من أن يوجّه لهم كلمة شكر عميقة يحثّهم فيها على المضي قدماً فيما هم عليه من تحابب وتكاتف وتضامن وتراصّ في الصفوف, و كانت علامات الحزن بادية على وجهه وهو يقول لهم: متى عدتُ إليكم فسنمضي معاً مُكْمِلينَ مشوار تقدّمنا وعملنا الجماعي, أما متى سارت الأمور بعكس ما يتمنّاه الجميع ويأملونه فإنّكم يجب أن تثبتوا لمن أراد لكم الشرّ وتربّص بولايتكم سوءًا وسعى إلى قلب استقرارها إلى زعزعة وفوضى فلا تنجرّوا خلف مثل تلك الدعوات المغرضة فهي لن تكون في صالحكم بل هي ستقود ولايتكم إلى خراب واقتتال وهلاك محتّم وسوف تكونون الخاسرين الأوائل من هذه الانقلابات والفتن والمساعي الخبيثة التي تستهدفنا جميعاً, فاليوم أنا وغدًا أنتم!

وصل الثّعلبُ إلى ديوان الملك وهو يرتعش من شدّة الخوف فرأى الأسد جالساً وحوله مجموعةٌ من مستشاريه فحيّاه بما تليق له التحيّة كملك للغابة واستأذن منه بالجلوس , فردّ الملك عليه التحيّة وأشار إليه بمكان جلوسه المخصّص له فجلس الثعلب بعد أن جلس الملك أولًا وجلست جماعة الثعالب التي رافقته في أماكن لها كانتْ أُعِدَّت.

لم ينتظر الأسد طويلًا فقال له: أيّها الثعلب الحكيم. لقد وصلتني أخبارٌ من ولايتك وعرفتُ من خلال التقارير الواردة إليّ بأنك وبفضل حنكتك السّياسيّة وكياستك وصبرك وأناتك ولين عريكتك في ساعة العفو وكذلك للذكاء المفرط الذي تتمتّع به أنك بلغتَ منزلةً عظيمة في قلوب معشر الثّعالب وهم مستعدّون للتضحية بكلّ ما يملكون في سبيلك. كما أنّ هذا الاستقرار الذي صارت إليه ولايتك بدأ يشكّل خطورة كبيرة على مملكة الأسود, ولمجمل هذه العوامل والدّواعي فإنّي أمرتُ باستدعائك وتبيان مدى الضّرر الذي تلحقه بالمملكة من جرّاء هذا الهدوء الذي تنعم به الولاية والرّخاء الذي ينام عليه الثّعالب لأن مجرد تعميم نظريتك على الولايات الأخرى سيتسبّب لنا بحرج كبير وستعلن هذه الولايات عصيانها لأوامرنا وسنفقد الكثير من مناطق نفوذنا ومراكز القوى التي نعتمد عليها لبقاء مملكتنا قويّة الجانب عالية الرأس عظيمة الهيبة بين الممالك الأخرى. فهل تتوقّع الآن قوّة ردّ الفعل التي تكوّنت لدي لأعمالك هذه؟ وهل خطر ببالك كيف يمكن أن أتعامل معك بهذا الخصوص؟ وما الذي يمكن لي أن أفعله بك لأحافظ على استقرار مملكتي؟

كان الحرج الشّديدُ باديًا على الثّعلب لكنْ كان لا بدّ من إجابة الملك على تساؤلاته وتخوّفه ممّا أشار إليه فردّ بالقول: نعم يا سيّدي الملك أعرف كلّ هذا! غير أنّي لا أستطيع أن أحكم جماعتي بالإرهاب والقمع والقتل والسجن لأن هذا ليس من مبادئي؟ وإني أعرف أن مثل هذه السلوكيّة من الحاكم لا تترك له محبة حقيقيّة في قلب الذين يحكمهم, بل يتظاهرون بإعلانهم لمثل هذه المحبة خوفاً منه ولتجنّب غضبه أو بطشه! لا أعرف بماذا يمكن لي أن أجيبك يا مولاي على الذي تريده منّي, لكنّي أولًا وأخيرًا تابعٌ لك وأنت الحاكم تفعل بي ما تشاء وما تراه مناسبًا, وحتى لو أرجعتني إلى ولايتي بسلام دون إلحاق الأذيّة بي فإنّي لن أغيّر نهجي في التعامل مع الجماعة ولن أستغلّ نفوذي وسلطتي لتخويف الناس وقهرهم, أو لإرغامهم على ما ليست لهم رغبة في عمله!

دهش الملك لدى سماعه هذا القول من الثعلب وزاد هذا من رغبته في التخلّص منه وبسرعة فهوَ بدأ يشعر أنّ الأرض من تحت كرسيّه بدأت تتحرّك ويخشى من هزّة قويّة تقلب عليه الأرض والسماء! فنظر إلى جماعته بكبرياء مشوب بالتجاهل والاستخفاف وتوجّه إلى الثّعلب بقوله: وما أدراك بأني أبيّت لك سوءًا؟ أجاب الثعلب: يا ملك الغابة إنّك ومنذ مدة طويلة لم ترسل في طلبي وكنت تفعل ما تشاء من أعمال البطش وتدبير المؤامرات وتفجير الأمكنة وكنّا نعلم علم اليقين أنّكم وراء جميع هذه الأعمال, وكنا في كلّ مرّة نتمكن من إلقاء القبض على الجناة وإحالتهم إلى التحقيق ومحاسبتهم وهذا أزعجكم وأقلقكم ودعاكم إلى التخلّص مني كما يبدو اليوم! وحياتي ليست مرهونة في يد مخلوق بل هي من جلال الله وقدره أنعم بها على أحيائه ومتى أردت فإنّه بإمكانك انتزاعها لكنّ ذلك سيكون ظلمًا وعصيانًا وتَعَديًا على إرادة الله الخالق وكفرًا بمبدأ قداسة الروح والنفس التي كرّمها الله وأكّد على وجوب المحافظة عليها! أنت تعرف - كما تقول - مبدأ التماسك والترابط المتّحد الذي يسير عليه مجتمع ولايتي وإنْ أمرت بالقضاء عليّ فهذا لن يغيّر من الأمر شيئًا, فالنّظام في مجتمعنا غدا ممارسة ذاتيّة وحياتية وهو لا يأتي بالفرض الخارجي أو بالقوة. لقد تعوّدنا على النظام ومبادئ العدالة واحترام الآراء المختلفة وغيرها يا سيّدي الملك.

أحسّ الأسد بأنّه وُضِعَ في قفص اتّهام خطير وقد ضاق عليه الخناق بهذه العظة البليغة التي ألقاها الثعلب على أسماعه فقال له: إنّي أقدّر لك جرأتك وشجاعتك. لكن ألا تراني محقًّا في وجوب الخوف على مصير مملكتي؟ أجابه الثعلب: هذا شأنك يا مولاي الملك. قال الأسد: نعم إنّه شأني دون غيري وحتى حاشيتي ليس لها رأي في شيء ممّا أريد عمله لذا قرّرت أنْ تموت ميتةً ولكن لشجاعتك وحكمتك فإنّي سوف أترك لك خيار نوع الميتة التي تريدها أنت كيلا تقول بأنّ الملك الأسد قد ظلمني. نظر الثعلب إليه باحتقار وهو يقول في نفسه أعرف أنّك لنْ تستشير أحدًا في اتخاذ قراراتك ولهذا فإنّ القرارات التي تتّخذها هي فاشلة وظالمة على الدوام وهذا القرار الذي ستتّخذه اليوم بحقّي هو واحدٌ من هذه القرارات المتهوّرة وغير العادلة وسوف لن تنجح في أيّ مسعى أو قرار تتّخذه لطالما كانت قراراتك فرديّة وكيفيّة وتعسّفيّة.

يتبع...
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:44 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke