Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-11-2021, 09:21 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,567
افتراضي إعادة نَظَر بقلم/ فؤاد زاديكى

إعادة نَظَر

بقلم/ فؤاد زاديكى

قد يكون الفكر الشيوعيّ أكثر غنًى من غيره, لكن في ظلّ انعدام حريّة التّعبير, بما يتعارض مع القيم الإنسانيّة و مواكبة العصر بكلّ مستجداته, فإن ذلك يكون أمرًا سيّئًا. في بدايات انطلاق أفكارنا في عمر الشّباب و الفتوّة, كنّا نشعر بتفوّق داخلي, وكان ذلك يدفعنا إلى ثقةٍ بالنّفس, كانت تتجاوز حدود المعقول و المنطق.
بعدَ اعتناقنا الفكر الماركسي – اللينيني في الخمسينيات و السّتّينيات من القرن الماضي كنهج سياسي وعمل نضالي, صارت الشيوعيّة بمنظورنا و مفهومنا هي الأفضل و الأكثر نجاعةً و ثباتًا من كلّ ما عداها من الأفكار والأنظمة السائدة في ذلك الوقت, فهي تقدّم حلولًا لمشاكل المجتمع و النّاس, و حيث كان الصّراع بين تيّارين هما الأقوى, يتمثّل الأوّل في الفكر الرأسمالي, و الذي كان ينتهجه الغرب و أمريكا و بين الفكر الشيوعي, الذي كان سائدًا في بلدان الإتحاد السوفياتي و الصين و كوبا و غيرها من دول المعسكر الاشتراكي.
يجب الاعتراف بأنّ الكثير من مبادئ الفكر الماركسي هي سليمة و إنسانيّة وهي تحقّق بعض العدالة, لكنْ فيها هي الأخرى شوائب كثيرة و عيوب, شأنها شأن أنظمة الفكر الرأسمالي, لكونها دكتاتوريّة, فهي تعتمد سلطة دكتاتورية الطبقة العاملة, و التي تبرّر ذلك بأنّها الأكثرية في جميع المجتمعات, غير أنّ هذا لا ينفي عنها صفة الدكتاتوريّة, و هي صفة غير عادلة, فالحكم الدكتاتوري مهما كان نوعه, لا يحترم حقوق الإنسان, ولا يحافظ على الديمقراطية, وهي يُخضعُ فئةً لفئةٍ أخرى من المجتمع.
من خلال منظوري المتواضع, فإنّ التّاريخ ظلم تروتسكي[1], وربّما لو لم يتمّ استبعاده على يديّ ستالين[2], لما وقع الاتحاد السوفياتي في ما وقع به من أخطاء قاتلة, أدّت إلى انهياره تدريجيًّا ومن ثمّ سقوطه المدوّي أيّام الرئيس غورباتشوف[3].
لن أخوضَ غمار عرضٍ سياسي للفكر الشّيوعي من حيثُ سلبيّاته و إيجابيّاته هنا, بل أريد فقط الإشارة إلى كيفيّة تعاملنا كشيوعيين مع الفكر الشيوعي, الذي كنّا نؤمن به في تلك الأيّام. إنّ كلّ ما كانَ يُقال لنا عن الفكر الشيوعي و عن الإتحاد السوفياتي, كان مقدّسًا لا يجب المساس به أو الاعتراض عليه و لا حتّى إبداء الرأي المخالف له, و نتيجة لسيطرة تلك الرؤية و الممارسة حصل الانشقاق الأكبر في الحزب عندما خرج عنه رياض التّرك[4] و جماعة المكتب السياسي اعتراضًا على هيمنة خالد بكداش على الحزب و توجيه الحزب إلى فكرة النشاط بين الأقليّات القومية مثل الكرد و السريان و الأرمن و غيرهم, ممّا كان يعيب عليهم فكرة عدم العمل ضمن صفوف العرب, لكونهم أغلبيّة.
إنّ دكتاتوريّة البروليتاريا (الطبقة العاملة) هي دكتاتوريّة بالمعنى و المضمون لهذا المفهوم, لهذا فهي لا يمكن أن تكون عادلة, إنّها حكم أكثريّة لأقليّة, و هذا الحكم يمتاز بالنّظرة الشمولية كأيّ حزب شموليّ, لا يقبل بالآخر, فلا نشاط حزبي آخر ضمن الدّولة الشيوعيّة, ولا حرّيات دينيّة أو فكريّة, ولا منظّمات مجتمع مدني فاعل, و لا هيئات حقوق الإنسان و غيرها كثير, هي معدومة في النّظام الشيوعي.
كنّا ننظر إلى أمريكا (بلد العمّ سام) و دول الغرب الأخرى, التي يسود فيها النّظام الرأسمالي, بأنّها سبب كل البلاء, الذي يحصل في العالم, لكنّنا كنّا مخطئين بهذه النّظرة, لقد كانت تلك بروباغاندة قادة الفكر الشيوعي, الذين كنّا نأتمر بأوامرهم و نتقيّد بتعليماتهم, دون تردّد أو تذمّر و كأنّها أحكام عسكرية, الغاية منها الانضباط و الالتزام, لقد كان حكم ستالين للاتحاد السوفياتي حديديًّا, و على هذا النّحو كان قادة الحزب يفرضون علينا أوامرهم بصرامة, ويتحكّمون بنا.
عندما سقط الاتحاد السوفياتي, شعرنا بصدمة كبيرة, إذ كنّا نعتقد أنّ حصول مثل ذلك من الأمور المستحيلة, لقد انهارت آمال الكثيرين, و ساد إحباطٌ كبير في أوساط كثيرٍ من الشيوعيين, أعلم أنّ أسبابًا كثيرةً كانت وراء انهيار الاتحاد السوفياتي, منها ما هو داخلي و منها ما كان خارجيًّا, كالضغوط التي مارسها الغرب على الاتحاد السوفياتي و العمل على تطويقه, لكنّ أكثر ما كان سببًا خارجيًّا في ذاك الانهيار, هو تدخّل البابا يوحنا بولس الثاني[5] على الخطّ, حيث كان له بحكم موقعه الدينيّ كرأس الكنيسة الكاثوليكيّة تأثير كبير على عالم الكثلكة, وكان مسمار (بولندة) الدّولة, التي ينتمي إليها البابا هو الذي تمّ دقّه في نعش الاتحاد السوفياتي, لكنّ الخطر الأكثر تأثيرًا كان من خلال ممارسات ستالين الطويلة للعنف و الترهيب والاعتقالات و التّصفيات الجسدية و النّفي إلى سيبيريا ومحاربة الأديان والفساد و الظّلم و القمع الفكري و الجسدي و غيرها من الأمور و العوامل, التي ولّدت شحناتٍ من الغضب الشّعبي, الرّافض لجميع تلك الممارسات. لقد عاش الاتحاد السوفياتي كلّه, ضمن سجنٍ كبير, انقطع فيه عن العالم, لكنّ ذلك عاد بإيجابيّة على الاتحاد السوفييتي بحيث تمكّن ستالين من بناء دولة قويّة عسكريًّا صارت أقوى ثاني قوّة عسكرية في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكيّة, تمتلك ترسانة من الأسلحة النووية و المتطورة. فكان فشله بسبب تلك الممارسات الخاطئة لقادته و المتحكّمين بقراره.
أحسسنا كشيوعيين - وكان هذا شأن أغلبنا – وكأنّنا صحونا بعد غفوةٍ طويلةٍ من الزّمن, إنّ انهيار الاتحاد السوفييتي وضع حقيقة الفكر الشيوعي على المحكّ, أجل إنّه فكر فيه الكثير من القيم الإنسانية بما يخصّ العدالة, لكنّها هي الأخرى ليست مطلقة, فهي نسبية تعود بالنّفع على فئةٍ دونَ أخرى.
إنّ أيّ حكم أو نظام سياسي, مهما كان, عندما لا يُراعي حقوق المواطنين, و لا يحقّق العدالة الاجتماعيّة, ولا يفسح مجال التعبير عن حريّة الرأي و حريّة ممارسة الحياة السياسية بدون ضغوط أو إكراه, فإنّه سيفشل و سيسقط في الهاوية, لأنّ ممارسة القوّة كأسلوب للسيطرة, قد تنفع إلى وقتٍ معيّن, لكنّها لا تستطيع الاستمرار إلى ما لا نهاية. إنّ نظامًا كهذا سيحفر قبرَه بيده, فالظلم لا يدوم و شمس الحرّيّة ستشرق ولو غابت لحين, فالإنسان هو ابن الحريّة و سيّد نفسه, وكلّ مَن يستعبده و يستغلّه و ينتهك حقوقَه المشروعة سيكون مصيرُه نهاية وخيمة.

[1] - تروتسكي: التروتسكية: هي نظرية ماركسية كما دعا إليها الثوري الروسي ليون تروتسكي وعرف تروتسكي بأنّه الماركسي الأرثوذكسي والبلشفية اللينينية وأيّد تأسيس حزب طليعي للبروليتاريا ، الأممية البروليتارية وديكتاتورية البروليتاريا القائمة على التحرر الذاتي للطبقة العاملة والديمقراطية الجماهيرية. ينتقد التروتسكيون الستالينية لأنّهم يعارضون نظرية جوزيف ستالين للاشتراكية في بلد واحد لصالح نظرية تروتسكي للثورة الدائمة . ينتقد التروتسكيون أيضًا البيروقراطية التي نشأت في الاتحاد السوفيتي تحت حكم ستالين. بموجب أوامر ستالين في أكتوبر عام 1927 تمّ طرد تروتسكي من السلطة وطُرد من الحزب الشيوعي (نوفمبر 1927.

[2] - ستالين: سياسي سوفياتي، ولد في جورجيا وقاد الاتحاد السوفياتي، أرادته أمّه رجل دين فأسّس نظامًا يحارب الأديان، عرفت بلاده في ظله أقسى أنواع الدكتاتورية، لكنّه وضعها في مصافّ الدول الكبرى، لعب دورًا محوريًّا في هزيمة النازية فكانت جائزته أوروبا الشرقية. ولد جوزيف ستالين (واسمه الكامل جوزيف فيساريونوفيتش ستالين) يوم 18 ديسمبر/كانون الأول 1879 في مدينة "غوري" الجورجية لأب إسكافي وأم فلاّحة. درس ستالين نظريات ماركس الشيوعية التي وافقت ميوله للثورة والتمرّد على نظام المجتمع، فصاغ ماركس ولينين رؤاه وتوجهاته، فاعتنق النظريات التي طرحاها، لكنه عارض الاشتراكية العالمية في بدايات الحكم الشيوعي للاتحاد السوفياتي مفضلا البدء بالبناء الاشتراكي المحلي. ورغم خلافه مع تروتسكي -الذي يعتبر من أكبر منظّري الاشتراكية- فقد كان ستالين أحد الذين أغنوا الفكر الشيوعي والطرح اللينيني الماركسي، من خلال كتبه وتطبيقاته في حكم الاتحاد السوفييتي.

[3] - غورباتشوف: ميخائيل غورباتشوف، هو سياسيٌ بارز كان له دور كبير في إنهاء الحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، إضافةً لدوره في هدم جدار برلين. وقد كان آخر رئيسٍ للاتحاد السوفيتي سابقًا. امتاز غورباتشوف منذ طفولته بمهاراته التنظيمية العالية وتفانيه الكبير أثناء العمل، وأبدى ميلًا للعمل في المجال السياسي، ومع تقدمه في السن ازداد شغفه بالعمل السياسي وأصبح عضوًا بارزًا في الحزب الشيوعي. أصبح غورباتشوف أصغر عضوٍ في المكتب السياسي عام 1979، وعُيّن في عام 1985 أمينًا عامًا للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي، وقد كان آخر رئيسٍ للاتحاد السوفيتي.

[4]- رياض التّرك: سياسي سوري معارض نشط في صفوف الحزب الشيوعي، واعتقل لنحو عشرين عامًا لانتقاداته المتواصلة لسياسات النظام.ولد رياض الترك عام 1930 في مدينة حمص، وعاش سنوات طفولته الأولى في دار أيتام تابعة للجمعية الإسلامية الخيرية في حمص. درس في كلية الحقوق بجامعة دمشق، وحصل على إجازة في المحاماة عام 1958.
دخل الترك السجن أول مرة عام 1952 في عهد الرئيس السابق أديب الشيشكلي وبقي فيه خمسة أشهر، ثم عاد إليه مرة أخرى سنة 1960 -خلال فترة الوحدة بين مصر وسوريا- ولبث فيه 15 شهرًا. وخلال مسيرته السياسية تقلد منصب الأمين العام للجناح الثالث (بعد جناح وصال بكداش وجناح يوسف فيصل) للحزب الشيوعي السوري المعروف باسم "الحزب الشيوعي السوري، المكتب السياسي" وقد تأسّس الحزب الشيوعي السوري عام 1924، وتعرّض لنزاع داخلي عام 1969 ظل ينمو حتى عام 1972 حين انقسم إلى جناحين: جناح بكداش وجناح رياض الترك، وقد انضمّ جناح الترك إلى تحالف المعارضة اليسارية السورية "التجمع الوطني الديمقراطي" منذ تأسيسه عام 1980.

[5] - البابا يوحنّا بولس الثاني: ولد في 18 مايو 1920 باسم كارول جوزيف فوتيلا في بولندا. انخرط في سلك الكهنوت عام 1946 وأصبح أسقفًا ثم كاردينالاً عام 1967 وأخيرًا حبرًا أعظم للكنيسة الكاثوليكية خلفًا للبابا يوحنا بولس الأول, وعند انتخابه كان البابا غير الإيطالي الأول منذ عهد إدريان السادس (1952- 1953) كما كان البابا البولندي الأول في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية. اعتُبر البابا يوحنا بولس الثاني واحدًا من أقوى عشرين شخصية في القرن العشرين، وقد لعب دورًا بارزًا في إسقاط النظام الشيوعي في بلده بولندا وكذلك في عدد من دول أوروبا الشرقية، وكذلك فقد ندد "بالرأسمالية المتوحشة" في تعليمه الاجتماعي, ونسج علاقات حوار بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية والكنيسة الأنكليكانية إلى جانب الديانة اليهودية والإسلامية، كان البابا واحدًا من أكثر قادة العالم سفرًا خلال التاريخ، إذ زار خلال توليه منصبه 129 بلدًا. وكان يجيد الإيطالية والألمانية والإنجليزية والإسبانية والبرتغالية والروسية والكرواتية إلى جانب اللاتينية والبولندية لغته الأم.


__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:17 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke