Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
مَقَامَةُ بَيْعِ الكَلِمَةِ بِقَلَمِ فُؤَادٍ زَادِيكِي
مَقَامَةُ بَيْعِ الكَلِمَةِ بِقَلَمِ فُؤَادٍ زَادِيكِي فِي ذَاتِ يَوْمٍ وَ الشَّمْسُ لَاهِبَةْ، وَ مِنِّي النَّفْسُ رَاغِبَةْ، فِي سَرْدِ نَصٍّ فِيهِ نَبْضُ المَشَاعِرِ، وَ رَوْنَقُ الخَوَاطِرِ، فَكَانَ مَا كَانْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانْ. إِذْ خَرَجْتُ أَسْعَى عَلَى وَجْهِى، أَبْحَثُ عَنِ الأَدَبِ فِي سُوقِ الكَلَامِ، وَ أَرْتَشِفُ مِنْ مَعِينِ الفَصَاحَةِ وَ البَلَاغَةِ مَا يَبْعَثُ عَلَى الوِئَامِ، وَ إِذَا بِشَيْخٍ وَقُورْ، جَالِسٍ عَلَى حَافَّةِ الطَّرِيقِ، جَلِيلِ الحُضُورْ. يَلُفُّ عِمَامَتَهُ، وَ يَنْظُرُ إِلَى الأُفُقِ البَعِيدْ، كَأَنَّهُ يَبْحَثُ عَنْ شَيْءٍ مَا يُرِيدْ. فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَ قُلْتُ: "يَا شَيْخُ، مَا خَطْبُكَ، وَ إِلَى أَيْنَ دَرْبُكَ وَ أَنْتَ هَا هُنَا؟" فَأَجَابَنِي: إِنَّنَا أَنْتَ وَ أَنَا. كَانَ يَزْفِرُ زَفْرَةَ العَارِفِينْ، بَاحِثًا عَنْ مَعِينْ "يَا فَتَى، إِنِّي لَأَبْحَثُ عَنْ حَرْفٍ ضَاعَ فِي بَحْرِ الكَلَامِ، وَ أَرْتَقِبُ مَنْ يُعِيدُ لِي شِعْرِي الَّذِي سَرَقَتْهُ رِيَاحُ الأَيَّامِ". فَقُلْتُ لَهُ: "وَ كَيْفَ لِحَرْفٍ أَنْ يَضِيعْ، فَهَلْ مِنْ شَارٍ وَ مَبِيعْ؟ إِنَّ الشُّعَرَاءَ كَثُرْ، وَ لِلْخَطَّاطِينَ أَثَرْ" فَقَالَ مُبْتَسِمًا: "إِنَّهُ حَرْفُ المَعَانِي، كَثِيرُ المَغَانِي، لَا يُدْرِكُهُ إِلَّا مَنْ صَدَقَ وَ مِنْ قَلْبُهُ نَطَقَ، بِعُمْقٍ فِي فِكْرِهِ، وَ تَرَوٍّ فِي أَمْرِهِ، أَمَّا أُولَئِكَ، فَهُمْ صُنَّاعُ الأَلْفَاظِ دُونَ رُوحْ، وَ لِهَذَا تَرَى نَجْمَهُمْ يَرُوحْ". فَمَا كَانَ مِنِّي إِلَّا أَنْ تَأَمَّلْتُ فِي مَا قَالْ، فَخَطَرَ عَلَى بَالِي سُؤَالْ، قُلْتُ: "يَا شَيْخُ، دُلَّنِي عَلَى السَّبِيلْ، لَأَجِدَ فِي ذَلِكَ أَيَّ دَلِيلْ فَلَدَيَّ الدَّافِعُ فِي مَعْرِفَةِ الحَرْفِ الضَّائِعِ، فَإِنِّي أَرْغَبُ فِي اقْتِفَاءِ أَثَرِهِ، وَ قَطْعِ خَبَرِهِ". فَقَالَ: "هُوَ فِي صُدُورِ الشُّعَرَاءِ، وَ فِي قُلُوبِ الحُكَمَاءِ، فَانْظُرْ فِي أَنْفُسِهِمْ تَجِدْ مُرَادَكَ، وَ تُوَفِّرْ جِهَادَكَ". ثُمَّ قَامَ وَ انْصَرَفْ، وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى كُلِّ طَرَفْ، تَارِكًا إِيَّايَ فِي بَحْرِ التَّأَمُّلْ، دُونَ مُجَامَلَةٍ أَوْ تَجَمُّلْ، فَأَخَذْتُ أَسِيرُ فِي سُوقِ الأَدَبْ، وَكُلِّي بَوَاعِثُ طَرَبْ، أَسْتَمِعُ إِلَى مَا يَتَغَنَّى بِهِ الشُّعَرَاءُ، وَأَرَى مَا يَسْطُرُهُ الكُتَّابُ وَ العُلَمَاءُ. وَ فِي زَاوِيَةِ السُّوقْ، رَأَيْتُ رَجُلًا يَبِيعُ الكَلِمَاتِ، بِرِقَّةٍ وَ ذَوْقْ، كَمَا تُبَاعُ البِضَاعَةْ، فِي ظَرْفِ سَاعَةْ، دَنَوْتُ مِنْهُ وَ سَأَلْتُهُ: "بِكَمْ تَبِيعُ الكَلِمَةَ؟". فَأَجَابَنِي بِضَحْكَةٍ سَاخِرَةٍ: "الكَلِمَةُ بِلَا ثَمَنْ، وَ لَكِنَّ المَعْنَى هُوَ الَّذِي لَا يُسَاوِيهِ ثَمَنْ". فَأَدْرَكْتُ حِينَئِذٍ أَنَّ الأَدَبَ لَيْسَ زُخْرُفًا نَشْتَرِيهِ، وَ لَا كِتَابًا نَبْتَغِيهِ، بَلْ نُورًا نَسْتَضِيءُ بِهِ، وَ نَحْنُ نَدْخُلُ فِي مِحْرَابِهِ.. وَ أَنَّ الحَرْفَ إِذَا فَارَقَهُ المَعْنَى، أَصْبَحَ لَعْنَةْ، وَ صَارَ كَالسَّرَابِ فِي قَلْبِ الكِتَابِ. التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 07-10-2024 الساعة 12:26 AM |
#2
|
||||
|
||||
الشكر الكثير و الامتنان الكبير لشخصكم الكريم استاذة رنا عبد الله و الاستاذ عمر طه اسماعيل العلواني لنشر نصي مقامة بيع الكلمة في العدد ٥١ من مجلة ملتقى ضفاف الرافدين المنشورة على موقع كلاميو العالمي دمتم و دام العطاء الراقي
|
#3
|
||||
|
||||
شكرًا من كل قلبي لمعالي الدكتور عدنان الطيبي و الدكتورة مها يوسف نصر و أسرة مجلة القلم للثقافة و الفنون لتوثيق نصي مقامة بيع الكلمة في عدد شهر اوكتوبر ٢٠٢٤ من المجلة دمتم و دام العطاء
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|