Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الأزخيني

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-05-2010, 11:10 PM
نوري إيشوع مندو نوري إيشوع مندو غير متواجد حالياً
Member
 
تاريخ التسجيل: Aug 2007
المشاركات: 96
افتراضي أبرشية نصيبين ومدرستها الشهيرة والعريقة في تاريخ كنيسة المشرق

أبرشية نصيبين ومدرستها الشهيرة والعريقة في تاريخ كنيسة المشرق



الشماس: نوري إيشوع مندو

تنويه: تحت عنوان " نصيبين في تاريخ ميزوبوتاميا " أقامت بلدية نصيبين مؤتمراً بتاريخ 8 _ 9 أيار 2010 شارك فيه العديد من الباحثين والمستشرقين وعدد كبير من محبي التاريخ للتحدث عن تاريخ هذه المدينة. ولم يتطرق المؤتمر بشكل جدي عن تاريخ الكنيسة ومؤسساتها في هذه الأبرشية العريقة. لذا رأيت من المفيد أن أنشر هذا المقال لإفادة محبي التاريخ. علماً أنني شاركت في هذا المؤتمر وكنت قد حضرت هذه الدراسة وكلفت مترجماً للغة التركية لترجمتها، وقدمت المقال وترجمته التركية لراعية المؤتمر رئيسة بلدية نصيبين. وبعد أن اطلعت عليها اعتذرت بسبب ضيق الوقت. ربما لم يروق لها حقيقة تاريخ نصيبين. بل ستبقى كل قطعة حجر في نصيبيبن ومحيطها تتحدث عن تاريخها المجيد منذ فجر المسيحية وحتى تاريخ إبادة مسيحييها سنة 1915.
المقدمة:نصيبين هي إحدى مدن ما بين النهرين وهي مدينة عريقة في القدم، جاء اسمها في العهد القديم، وقال عنها مار أفرام النصيبيني إنها " أكاد " المذكورة في سفر التكوين، وينسب تأسيسها إلى نمرود الجبار[1].
أما اسمها الخاص عند سكان ما بين النهرين " صوبا " أو " نصيبين " وهي مشتقة من اسم " نصو " " غلات " ومعناها نصب أو زرع. وقد دعيت بهذا لما فيها من البساتين والجنان.
ويعتقد المؤرخون أن تأسيسها يعود إلى سنة 4000 ق.م. وقد دعاها السومريون[2]" تريو "، وفي زمن حكم حمورابي[3]ملك بابل[4]دعيت " آراميس " وتعني الحديقة أو البستان. أما في المصادر الآشورية[5]فقد دعيت " نابولا ".
أما اليونان[6]فقد دعوها " أنطاكية مقدونية ". وكان المقدونيين[7]في القرن الثالث قبل الميلاد قد جعلوا نصيبين مركزاً لسك العملة، فازدهرت اقتصادياً وقد أطلقوا على المدينة اسم " أنتيموسيا " وتعني " مدينة الزهور "، ودعوا النهر الذي يمر بها " مقدونيا " أو " لميكدونيوس ".
وتذكر المصادر الرومانية موقع نصيبين في " الجزيرة العليا " ضمن منطقة " ميزوبوتاميا " أي " بين النهرين ".
وفي القرن الأول الميلادي كانت نصيبين تحت حكم الأرمن[8]، وكان " أردوس " شقيق الملك ديكران[9]والياً عليها. وفي عهده سكب عملة في نصيبين عرفت باسم الملك ديكران.
أما الرومان فقد جعلوها قلعة الشرق الحصينة ومقراً لقائد بلاد ما بين النهرين. ثم أصبحت عاصمة ديار ربيعة[10]. وبحكم موقعها كحد فاصل بين المملكتين الرومانية[11] والفارسية[12]دعيت مدينة التخوم أومدينة الحدود، بسبب أهمية موقعها المتميز كبوابة لمرور القوافل بين الشرق والغرب.
احتلها المسلمون عندما فتحها عياض بن غنم سنة 640م، وقد حكمها الأمراء الحمدانيون[13] في النصف الأول من القرن التاسع الميلادي، واحتلها صلاح الدين الأيوبي[14]سنة 1188م، واستولى عليها المماليك[15]سنة 1193م، واجتاحها تيمورلنك[16] سنة 1395م، وخضعت لسلطة العثمانيين[17]سنة 1515م ولا زالت حتى يومنا هذا ضمن حدود الدولة التركية[18]. ويبلغ عدد سكانها اليوم نحو 75000 نسمة، وهي مركز قائممقامية تابعة لولاية ماردين.
وكان لهذه المدينة أهمية متميزة لأنها محطة قوافل، ومركز تجاري مرموق وبقعة زراعية خصبة، وكانت عاصمة لمملكة وطنية، جددها سلقوس الأول نيقاطور (355_280) ق.م، وقد دعاها اليونان " أنطاكية مقدونية "، وقعت سنة 297م بأيدي الرومان فجعلها ديوقلسيانس قلعة الشرق الحصينة، ومقراً لقائد بلاد ما بين النهرين.[19]
وكانت الديانة المسيحية قد انتشرت فيها انتشاراً عجيباً، فبنيت فيها الكنائس الفاخرة وكثرت فيها وفي أطرافها الأديار، وفتحت فيها المدارس فسميت " ترس كل المدن المحصنة " و" رئيسة مابين النهرين " و " رئيسة المغرب " و" أم العلوم " و" مدينة المعارف " و" أم الملافنة ".[20]
تقع نصيبين على سفح جبل إيزلا ومعناه " الشبكة "، يخترقها نهر " مقدونيا " أو" الهرماس " ويعرف اليوم بنهر " الجغجغوهي مختصرة من الجملة الأرمنية " جغجخوت " وتعني " البحيرة البطيئة المياه "، وهذه إشارة لوجود البحيرة جنوب المدينة.
وإلى شمالها يقع وادي " بونصرا "، ويعتقد البعض أن تسمية الوادي جاءت من اسم الملك " نبوخذنصر " الذي جمع في الوادي المذكور أعداداً كبيرة من سبايا اليهود.
وقد تغنى الشاعر سيف الدين الحلي بطبيعة نصيبين، واصفاً البحيرة الطبيعية التي تقع جنوب المدينة، وكيف يتنقل السكان بواسطة الزوارق في هذه البحيرة. وهذا هو المصدر الوحيد الذي وجدته يذكر البحيرة، التي جفت مع الزمن وتحولت إلى وادي يفصل نصيبين عن القامشلي. وبالفعل إذا تمعن المرء في موقع مدينة القامشلي يجد أنها مبنية في وادي مما يؤكد هذه المعلومة.

1_ نصيبين كما رآها الرحالون:تحدث العديد من الرحالة عن نصيبين في فترات متفاوتة نذكر منهم:
جاء في معجم البلدان لياقوت الحموي " نصيبين مدينة من بلاد الجزيرة، على جادة القوافل من الموصل إلى الشام، وفيها وفي قراها على ما يذكر أهلها أربعون ألف بستان، وعليها سور بنته الروم، وهي مدينة وبيئة لكثرة بساتينها ومياهها، ظاهرها مليح المنظر وباطنها قبيح المخبر، وينسب إلى نصيبين جماعة من العلماء والأعيان ".[21]
وجاء في صورة الأرض لابن حوقل " وكان من أجلّ بقاع الجزيرة وأحسن مدنها وأكثرها فواكه ومياهاً ومتنزهاتٍ وخضرةً ونضرة، إلى سعة غلات من الحبوب والقمح والشعير والكروم الرائعة الزائدة على حد الرخص، وهي مدينة كبيرة في مستواةٍ من الأرض، معروفة الفرسان مشهورة الشجعان، إلى ديارات للنصارى وبيعٍ وقلاَّياتٍ، تقصد للنزهة وتنتجع للفرحة والفرج ".[22]
وجاء على لسان ابن جبير في رحلته " نصيبين شهيرة العتاقة والقِدم، ظاهرها شباب وباطنها هرم، جميلة المنظر، متوسطة بين الكبر والصغر، يمتد أمامها وخلفها بسيط أخضر مد البصر، قد أجرى الله فيها مذانب من الماء تسقيه، وتحف بها عن يمين وشمال بساتين ملتفة الأشجار يانعة الثمار، ينساب بين يديها نهر قد انعطف عليها انعطاف السوار، والحدائق تنتظم بحافتيه، وتفيء ظلالها الوارفة عليه. فخارجها رياضي الشمائل، أندلسي الخمائل، يرف غضارة ونضارة، ويتألق رونق الحضارة، فرحم الله أبا نواس حيث يقول:
طابتْ نصيبينُ لي يوماً فطبتُ لها يا ليت حظي من الدنيا نصيبينُ ".[23]
وجاء على لسان ابن بطوطة في رحلته " نصيبين مدينة عتيقة متوسطة قد خرب أكثرها، وهي في بسيط أفيح فسيح فيه المياه الجارية، والبساتين الملتفة، والأشجار المنتظمة، والفواكه الكثيرة، وبها يصنع ماء الورد الذي لا نظير له في العطارة، ويدور بها نهر يعطف عليها انعطاف السوار، منبعه من عيون في جبل قريب منها، وينقسم انقساماً فيتخلل بساتينها، ويدخل المدينة فيجري في شوارعها ودورها. وبهذه المدينة مارستان ومدرستان، وأهلها أهل صلاح ودين وصدق وأمانة ".[24]
وجاء في المنجد في الأعلام " نصيبين مدينة في ما بين النهرين، كانت منذ القرن الثالث مهد الآداب السريانية حتى سقوطها في أيدي الساسانين سنة 365م، ازدهرت فيها مدرسة نسطورية في أواخر القرن الخامس وحتى منتصف القرن السادس، لمع منها نرساي وبرصوما " [25]
ويتحدث المؤرخ المقدسي سنة 988 عن بيوت نصيبين الجميلة، وأسواقها الممتدة عبر كل المدينة، وحصنها وجامعها الذي يتوسط المدينة. وهذا الوصف للجامع هو الدليل الأول على تحويل كنيسة القديسة فبرونيا إلى جامع.
وفي سنة 1766 مر السائح الدانمركي نيبوهر من نصيبين فوصفها بقوله: " نصيبين بلدة مؤلفة من 150 بيت مشيدة من التراب، أما قلعتها فلم يبقى منها إلا بعض الحجارة المنحوتة. أما الجسر الذي فوق نهر الهرماس " الجغجغ " الذي يخترقها والمشيد على 12 قاعدة فلا زال قائماً، لكن الشيء الذي يستوجب رؤيته فيها هو بقايا كنيسة مار يعقوب النصيبيني ".[26]
وفي سنة 1799 زار نصيبين الرحالة أوليفر فوصفها بقوله: " لا زال في نصيبين بعض الأنقاض ومنها بقايا قوس نصر عائد للرومان، كما أنه يوجد معبد مربع الشكل وضمن المعبد دهليز يحتوي لحد " قبر " غطاءه من مرمر أبيض. كما رأينا خمسة أعمدة حجرية لا زالت قائمة، وشاهدنا لوحة مرمرية تشير إلى موقع كان سابقاً ميداناً لسباق الخيل ".[27]
وقد تحدث الرحالة بادجر الذي زار نصيبين عدة مرات بين سنتي 1844_ 1850 عما يتداوله أهل المدينة عن تقليد ملتزمون به: " يزور المسلمون ضريح القديس يعقوب النصيبيني للتبرك منه قبل أن يتوجهوا لزيارة ضريح الإمام زين العابدين والصلاة في جامعه، لأن التقليد يقول أن الإمام زين العابدين مؤسس الجامع كان يصلي ووجهه باتجاه ضريح مار يعقوب عوض القبلة ".[28]

2_ زمن انتشار المسيحية في نصيبين: وبعد دخول المسيحية إليها في الجيل الأول على يد مار أدي الرسول[29] أحد الأثنين والسبعين تلميذاً، تقلدت دوراً رائداً ومميزاً في المشرق.
فبعد أن بشر أدي الرسول مدينة الرها، انحدر إلى نصيبين وبلاد الجزيرة، وهدى سكانها إلى الإيمان المسيحي. ويقول ماري بن سليمان في كتاب المجدل: " وتوجه أحي وماري إلى نصيبين وعمد أهلها، وأنفذ ماري إلى المشرق، وأحي إلى قردي دبازبدي ". وعليه تكون المسيحية منتشرة في نصيبين منذ القرن الأول.
وهناك في متحف اللاتران بروما كتابة منقوشة على الحجر تعرف باسم " حجر ابرسيوس " يعود تاريخها إلى نحو سنة 200 م، دونها أسقف هيرابوليس في فيريجية الوسطى المدعو افيرسيوس مارسيللوس، فبعد أن طاف البلاد وسجل ملاحظاته بشأن المسيحيين قال: " رأيت أيضاً السهل السوري وكل المدن ونصيبين وما وراء الفرات، في كل مكان وجدت أخوة "، ويقصد بكلمة الأخوة المسيحيين.
ويخبرنا مطران نصيبين إيليا برشينايا في تاريخه: " سنة ستمائة واثنتي عشرة يونانية سيم بابو الأسقف الأول بنصيبين، ومن أجل لم تكن له منزلة المطرنة، رتب اسمه في الديوفاطخين، أي سفر الأحياء والأموات الذي يقرأ أثناء القداس بعد اسم مار يعقوب ". ويقابل هذا التاريخ اليوناني سنة 301 م. وهكذا نستطيع القول أن بداية القرن الرابع الميلادي هو بداية تاريخ أبرشية نصيبين.

3_ حدود أبرشية نصيبين: إن حدود هذه الأبرشية يمتد من أطراف الموصل وحتى بلاد أرمينية. ونجد أحياناً عشرين أسقفاً يتبعون مطران نصيبين. وقد عين المطران أدي شير حدود هذه الأبرشية إذ قال: " أبرشية بيث عربايي، وتمتد من بيث زبداي ومن بلد إلى نصيبين، وقاعدتها نصيبين. والمراعيث المتعلقة بهذه المطرابوليطية هي: " ا_ بيث زبداي 2_ قردو 3_ بيث مكسايي 4_ أرزون 5_ أوستان أرزون 6_ بيث رحيماي 7_ قوبا أرزون 8_ طبياثا 9_ بلد 10_ آذورمية 11_ كفر زمار 12_ سنجار 13_ كانوش 14_ أخلاط 15_ ميافرقين 16_ آمد 17_ حران 18_ حصن كيبا 19_ رشعينا 20_ ماردين 21_ دارا 22_ دنيسر. وهذه المدن كلها في بلاد ما بين النهرين، ومواقعها معروفة ".
وبعد أن كانت أبرشية نصيبين قبل عهد المطران عبديشوع الصوباوي " القرن 13 م " تدعى أبرشية نصيبين وأرمينية، وذلك لامتداد حدودها إلى بلاد أرمينية.، أضحت أسقفية في القرن السادس عشر. ويتضح ذلك من صورة إيمان البطريرك عبديشوع مارون(1555_ 1567) التي أعلنها أمام البابا بيوس الرابع، حيث يعد نصيبين بين الكراسي الأسقفية. وفي نهاية القرن السادس عشر أقيم يعقوب(1584_ 1615) مطراناً لنصيبين وماردين، ومقر كرسيه مدينة ماردين. لأنه سنة 1566 خربت نصيبين ولم يبق فيها إلا بيوت قليلة.
ولبثت أبرشية نصيبين مأهولة بأبناء كنيسة المشرق، وكان مطرانها الأخير يدعى إبراهيم، نقله مار يوحنا هرمز النائب البطريركي يوحنا هرمز سنة 1789 إلى كرسي كركوك. وعليه نرى نهاية هذه الأبرشية العريقة التي استمرت أكثر من ستة عشر قرناً. وأصبحت نصيبين رعية تتبع أسقفية ماردين، يخدمها كاهن يقيم الخدمة الروحية في كنيسة مار يعقوب النصيبيني.
وفي سنة 1913 كان في نصيبين 130 نسمة من أبناء كنيسة المشرق، يخدمهم الأب حنا شوحا، وكان يقيم الخدمة الدينية في مصلى، وإلى جانبه مدرسة لأبناء الرعية. وقد استشهد الأب شوحا خلال الحرب العالمية الأولى، سنة 1915. ولم يبق أحد من أبناء كنيسة المشرق في هذه المدينة العريقة والشهيرة عبر التاريخ.

4_ مكانة أبرشية نصيبين في كنيسة المشرق:يعد مجمع مار اسحق، المنعقد في ساليق سنة 410 م بحضور ماروثا الميافرقيني، أول مجمع هام في تاريخ كنيسة المشرق. ويتناول القانون الأخير تحديد المقاطعات الكبرى في كنيسة المشرق. فكرسي الجاثليق هو في ساليق وقطيسفون وهي أبرشيته. وتعد أبرشية عيلام الأبرشية الأولى، تليها أبرشية نصيبين التي تعد الأبرشية الثانية، لأنها مدينة مهمة ومركز لإشعاع ثقافي وديني واسع. وكان مجمع مار اسحق قد اتبع نظاماً لترتيب الأبرشيات بنص واضح: " يكرم الكرسي على مقدار أهمية المدينة نفسها ". وعليه نجد في حفلة سيامة الجاثليق، يقف مطران عيلام في الوسط على درجة المذبح، وهو المطران السايوم " الراسم "، ويقف عن يمينه مطران نصيبين، وعن يساره مطران ميشان. وورد في الكتاب الليتورجي: " إن المطارنة الذين يرافقون الجاثليق يميناً ويساراً للتنصيب على العرش هم مطارنة عيلام ونصيبين وميشان ".
وكان لمطران نصيبين مكانة رفيعة بين أخوته المطارنة، وله صوته المسموع بينهم. ويخبرنا تاريخ كنيسة المشرق عن بعض هؤلاء المطارنة، منهم مار يعقوب النصيبيني الذي حضر مجمع نيقية سنة 325 م كممثل لكنيسة المشرق، كذلك حضر تدشين كنيسة القيامة بأورشليم في عهد الملك قسطنطين بنفس الصفة.
وفي مجمع داديشوع سنة 424 م تتجلى هذه المكانة بشخص هوشع مطران نصيبين، عندما يتوجه بكلامه إلى الأحبار المجتمعين بسبب استقالة الجاثليق قائلاً: " ما لي أراكم ساكتين وراضين بالاشتراك مع هؤلاء المرذولين والمسقطين ". وكان في كلامه قوة كبيرة أفلحت في إنهاض الهمم وتوحيد الكلمة وتوطيد العزم، وإذا بالمطارنة جميعاً يخرون راكعين عند قدمي الجاثليق، ويعدونه بحرم المعارضين وعزلهم. وهكذا عاد الجاثليق عن الاستقالة، وعاد السلام إلى كنيسة المشرق.
وعندما كلفت الملكة بوران ابنة كسرى الثاني، الجاثليق ايشوعياب الثاني الجدالي(628_ 645) للسفر إلى مدينة حلب، ولقاء الإمبراطور هرقل لعقد صلح نهائي بين المملكتين الفارسية والرومانية، نجد قرياقس مطران نصيبين من الأعضاء البارزين المرافقين للجاثليق.
وفي مجمع طيمثاوس الثاني المنعقد سنة 1318 م، وضع مطران نصيبين عبديشوع الصوباوي، كتابين مهمين لحياة كنيسة المشرق. أحدهما مجموعة القوانين المجمعية، والثاني الأحكام الكنسية. فأيد المجمع الكتابين المذكورين. وهناك الكثير من المواقف لمطارنة نصيبين لا مجال لذكرها.

5_ أشهر مطارنة نصيبين:تعاقب على كرسي أبرشية نصيبين أكثر من ستين مطراناً أهمهم:
ا: مار يعقوب النصيبيني (309_ 338): ولد في مدينة نصيبين، من أسرة تنتمي إلى يعقوب أخي الرب. اختار سيرة الزهاد والمتوحدين، وفي مطرنته لم يغير سيرته التقشفية، وزاد على ذلك الاعتناء بالفقراء. صنع الله على يده معجزات كثيرة باهرة. سنة 313 م بدأ بتشييد كنيسة في نصيبين وكملها سنة 320 م. ثم بنى دير قيبوثا " الفُلك " على جبل جودي. وبعد عودته من مجمع نيقية سنة 325 م افتتح مدرسة نصيبين الشهيرة، وجعل مار أفرام تلميذه معلماً فيها. توفي سنة 338 م، وقبر في الكنيسة التي بناها.
ب: برصوما (415_ 496):ولد في مقاطعة قردو، درس في الرها على الأستاذ هيبا، وأقام فيها حتى سنة 449، ثم رحل إلى نصيبين. ولا نعلم متى سيم مطراناً على نصيبين. لكن في سنة 457، عندما ترك نرساي الرها، كان برصوما مطراناً لنصيبين، فأعاد فتح مدرستها وجعل نرساي مديراً لها. ويقال إنه نال حظوة عند فيروز الملك الفارسي. له عدة أعمال أدبية.
ث: بولس النصيبيني (524_ 573):هو أحد تلاميذ مار آبا. تلقى العلم في مدرسة نصيبين وعلم فيها. رسمه مار آبا مطراناً على نصيبين بين سنة 524 وسنة 530. توفي سنة 573 وله عدة كتابات أهمها: 1_ ضوابط الشريعة الإلهية 2_ مقالة جدلية مع قيصر.
د: روزبيهان ( القرن الثامن):اقتبل الاسكيم الرهباني في دير مار ميخائيل قرب الموصل. ثم أصبح رئيساً لدير مار أوجين في جبل إيزلا، حتى رسم مطراناً لنصيبين. اهتم في نهضة دير مار أوجين في مطرنته، وخصص له واردات قرية هيزجان المجاورة للدير، لتوفير وسائل المعيشة للرهبان، فازداد عدد الرهبان وانتشروا في شتى المقاطعات.
ذ: قبريانوس (741_ 767):عين مطراناً لنصيبين سنة 741. وفي سنة 758 شيد كنيسة فخمة في مركز الأبرشية. له مقالة في الرسامة. وقد أسهم في تنظيم كتاب الحبريات، وفي تنظيم الطقوس الذي حققه ايشوعياب الثالث.
ر: سركيس الأول (القرن التاسع):هو من أهل باجرمي. ارتقى إلى مطرانية نصيبين. في سنة 860 انتخب جاثليقاً لكرسي المشرق، توفي سنة 872. كان سركيس غيوراً ذا همة سامية في إصلاح شؤون كنيسته. ورمم الأديار والكنائس، ونشط طلبة المدارس، ورسم عدة أساقفة.
ز: إيليا برشينايا (975_ 1056): ولد في السن، ترهب في دير مار ميخائيل قرب الموصل. في سنة 1002 أقيم أسقفاً على بيث نوهدرا. سنة 1008 عين مطراناً لنصيبين. توفي سنة 1056 ودفن في كنيسة ميافرقين، له عدة مقالات وكتاباً في النحو، وأربعة كتب تتضمن أحكاماً كنسية. وأهم مصنفاته هو تاريخه الاستقرائي الذي يدعى تاريخ إيليا برشينايا.
س: عبديشوع ابن العارض (القرن الحادي عشر):هو أبو الفضل الموصلي. كان حسن الخلق والخلقة. له باع طويل في العلم والتدبير. رسم مطراناً لنصيبين. وفي سنة 1074 اختير بطريركاً لكنيسة المشرق، فدبر الكنيسة بحكمة، وقد أرضى الجميع. وقد حصل من الخليفة القائم بأمر الله على براءة أمان لرعيته وبيعه. توفي سنة 1094 ودفن في بيعة دار الروم.
ش: إيليا أبو حليم (1108_ 1190):ولد في ميافرقين سنة 1108. وبعد أن تضلع في الآداب العربية والآرامية رسم مطراناً لنصيبين. ويقال إنه لم يكن بين آباء كنيسة المشرق من يماثله علماً وحكماً وكرماً وبلاغة وفصاحة. لذلك اختير سنة 1176 بطريركاً لكنيسة المشرق. توفي سنة 1190. كان إيليا أبو حليم مرتاضاً بالعلوم النحوية واللغوية والحكمية.
ص: يهبالاها الثاني ابن قيوما (القرن الثاني عشر):ولد في الموصل. أقيم أسقفاً على ميافرقين، ثم مطراناً لنصيبين. وكان يهبالاها رجلاً ذكياً. سنة 1190 أنتخب بطريركاً لكنيسة المشرق. وفي فترة بطريركته رسم 18 مطراناً و37 أسقفاً. توفي سنة 1222.
صا: مكيخا الثاني ( القرن الثلث عشر):كان من أهل جوغبان من أعمال نصيبين. وكان ذا حدة وصرامة، شهيراً بالعلم والفضل. اختير مطراناً لنصيبين فدبرها أحسن تدبير، حتى أنتخب بطريركاً لكنيسة المشرق سنة 1257. وفي عهده زحف المغول واجتاحوا مناطق الشرق الأوسط. توفي سنة 1290.
صب: عبديشوع الصوباوي (القرن الثلث عشر):هو عبديشوع بن بريخا . سنة 1285 أقيم أسقفاًً على سنجار و بيث عربايي، و في سنة 1290 أقيم مطراناً لنصيبين وأرمينية. توفي سنة 1318. ويعد الصوباوي أغزر كاتب شرقي في القرن الثالث عشر . له عدة مؤلفات أهمها: 1 فهرس المؤلفين 2-الجوهرة 3_ نوما قانون 4_ فردوس عدن 5_ تنظيم الأحكام الكنسية.

6_ الحياة الرهبانية في أبرشية نصيبين:كانت الحياة الرهبانية منتشرة انتشاراً كبيراً في كنيسة المشرق، منذ القرن الرابع للمسيحية. ويتضح ذلك من مقالة أفراهاط الحكيم الفارسي سنة 337 بخصوص الرهبان، حيث يطلق عليهم لقب المنفردين، أو البتولين، أو بني العهد. ويسمي الراهبات بتولات، أو بنات العهد. أما في القرون المسيحية الثلاثة الأولى، فلم يكن في المشرق رهبان أو راهبات، يعيشون في ديورة منظمة بقوانين رهبانية. إنما كان الرجال والنساء من ينقطعون عن العالم، للصوم والصلاة والاختلاء في الصوامع أو في بيوت ذويهم.
وأول من أنشأ الطريقة الرهبانية، كان أنطونيوس الكبير المعروف بأبي الرهبان، وذلك سنة 305 في صعيد مصر. وقد دخلت الطريقة الرهبانية إلى كنيسة المشرق على يد مار أوجين في القرن الرابع، إذ قدم من مصر ومعه سبعون تلميذاً، وحل في أبرشية نصيبين، حيث سكن في مغارة قرب قرية معرى، في جبل إيزلا المطل على نصيبين،مدة ثلاثين سنة. وتتلمذ له إخوة كثيرون، حتى صار عدد الرهبان ثلاثمائة وخمسين راهباً. ثم بنى على جبل إيزلا ديراً كبيراً عرف باسمه " دير مار أوجين ". وتفرق رهبانه في الجزيرة وفارس وهم يبشرون بكلمة الخلاص، فارتفع بسعيهم شأن المسيحية في المشرق. توفي مار أوجين سنة 363، ودفن في مغارة تحت المذبح في الدير الذي بناه.
وبعد موته استمرت حياة الرهبنة في كنيسة المشرق، وازدهرت بسبب السيرة الحسنة للرهبان الذين انتشروا في العالم، مبشرين بالإيمان والفضيلة. ومن هؤلاء الرهبان برز ملافنة زينوا الكنيسة بتأليفهم وعلمهم. وأخذت الكنيسة منهم أغلب الأساقفة لتدبير الأبرشيات، لتميزهم بالعلم والفضيلة والغيرة على خلاص النفوس. وفي نهاية القرن الخامس، أخذ عدد الرهبان بالتناقص بسبب قرارات المجمع الذي عقده الجاثليق آقاق سنة 486، وفيه ألغيت العفة للإكليروس. وبرغم ما بذله الجاثليق مار آبا من جهود، لم يفلح في إعادة الحياة الرهبانية إلى سابق عهدها. حتى ظهر في منتصف القرن السادس رجل ذو غيرة عارمة، فعكف على إصلاح الحياة الرهبانية. إنه إبراهيم الكشكري الذي ولد في كشكر سنة 491، وتلقى العلم في مدرسة نصيبين، وبعد أن نال من العلم قسطاً وافراً، توجه إلى منطقة الحيرة للتبشير، ومنها ذهب إلى صعيد مصر، واطلع على حياة الرهبان وممارستهم الروحية. ثم عاد إلى نصيبين وانزوى في جبل إيزلا، وبنى فيه ديراً عظيماً، فشاع صيته وتتلمذ له رهبان كثيرون. وفي سنة 571 وضع قوانين لرهبانيته، منها اللباس وفرض عليهم أن يحلقوا قمة الرأس ليظهر على شكل إكليل، واستحق إبراهيم الكشكري بفضائله وقداسة سيرته أن يلقب بالكبير. وعرف ديره بالدير الكبير، وقد توفي سنة 588.
ويقول توما المرجي عن الدير الكبير: " مثلما في الأزمنة السالفة، كل من يريد أن يتعلم الفلسفة اليونانية كان يقصد أثينا، كذلك في زمن مار إبراهيم، كل من رغب في الفلسفة الروحية، كان عليه أن يسرع إلى دير هذا القديس، ويجعل نفسه إبناً له ". وقد أصبح الدير الكبير ينبوع رجال شابهوا الرسل بسيرتهم، وملئوا المشرق بالأديار حتى بلغت أكثر من ستين ديراً. واستمر دير مار إبراهيم الكشكري حتى سنة 1222 حيث خرب على يد المغول ثم التركمان. وفي اللائحة التي قدمها سنة 1607 إلى بولس الخامس بابا روما، الوفد الذي أرسله البطريرك إيليا السابع، وردت أخبار عن أحوال كنيسة المشرق، وفيها تذكر أسماء خمسة وثلاثين ديراً مأهولاً، منها دير مار أوجين ودير مار إبراهيم الكشكري ودير مار يعقوب الحبيس ودير مار يوحنا نحلايا ودير مار آحا. وهذه الأديار تقع ضمن حدود أبرشية نصيبين، مما يدل على استمرار الحياة الرهبانية في هذه الأبرشية حتى بداية القرن السابع عشر.
كذلك تأسست عدة ديورة للراهبات، ولا نعرف منها في أبرشية نصيبين سوى دير " مارت نارسوي " في مدينة نصيبين، وكن يلبسن ثوباًً أسود، ويقصصن شعرهن، ويعشن عيشة مشتركة، وكانت وظيفتهن تلاوة الصلوات القانونية والتراتيل في الكنيسة.
ففخر أبرشية نصيبين أنها مهد الرهبانية المنظمة في كنيسة المشرق، وقد تمكنت الكنيسة بواسطة هؤلاء الرهبان من الانتشار في العالم.

7_ مدرسة نصيبين الأولى:يقول برحدبشبا عربايا: " إن يعقوب النصيبيني فتح مدرسة في نصيبين سنة 325م، وجعل مار أفرام معلماً لها "[30].
أما العلامة لابورت فيقول: " إن المدينة المطرابوليطية الكبيرة نصيبين رأت داخل أسوارها أول كلية لاهوتية وأول جامعة درس فيها علم الإلهيات "[31].
كانت نصيبين قد ضمت إلى المملكة الرومانية منذ سنة 298م، وكان مار يعقوب النصيبيني مطرانها الأول في مطلع القرن الرابع،وقد اشترك في مجمع نيقية سنة 325م لدحض بدعة آريوس، ولدى عودته من المجمع أنشأ مدرسة لتثقيف المسيحيين على طرفي الحدود، حيث سلم إدارتها لمار أفرام النصيبيني، فدبرها بغيرة ونشاط حتى سنة 363م، وقد اضطر الإمبراطور البيزنطي جوفيان أن يعيد نصيبين إلى الملك الفارسي شابور الثاني، عندها تركها مار أفرام مع علماء المدرسة وانطلقوا إلى الرها، وهناك فتح مدرسة لبني جلدته عرفت بـ" مدرسة الفرس ". اجتمع إليه تلاميذ كثيرون علمهم وهذبهم واستمر في رئاستها حتى وفاته سنة 373م.
خلف مار أفرام في رئاسة مدرسة الفرس في الرها قيورا، الذي يصفه برحدبشبا عربايا بقوله: " أنه كان ممتازاً بتقواه وغزارة علمه، وقد أحسن تدبير المدرسة مكملاً وظيفته بهمة لا تخشى مللاً، ساهراً على مصالحها المادية والأدبية ". توفي قيورا سنة 437م فانتخب الملفان نرساي النوهدري رئيساً لها، فدبرها بحكمة ودراية فنمت المدرسة وازدهرت مدة عشرين سنة، حتى اختلف مع نونا أسقف الرها بسبب منهجية المدرسة التي تتبع فكر تيودوروس المصيصي وتيودر الطرسوسي، بينما نونا يميل إلى فكر كيرلس الإسكندري، وقد تعرض نرساي إلى تهديدات شتى ليتراجع عن أفكاره وقناعاته، لكنه لم يستسلم فهيج أعداءه العوام من الناس ضده بهدف تصفيته وإحراقه، وفي سنة 457م غادر نرساي الرها ليلاً بناءً على نصيحة الأصدقاء حفاظاً على حياته، وبعد هجرة نرساي أخذت مدرسة الفرس بالتراجع حتى أغلقت سنة 498م من قبل قيورا أسقف الرها الذي نال أذناً من الإمبراطور زينون بإغلاقها، ودمرت أبنيتها وشيد على أرضها كنيسة على اسم " والدة الله ".

8_ مدرسة نصيبين الثانية:بعد أن غادر نرساي الرها توجه نحو المشرق، وعندما بلغ نصيبين لم يدخل المدينة وإنما توقف في دير الفرس الذي يقع شرقي المدينة، وهناك اجتمع معه برصوما مطران نصيبين الذي اقترح عليه دخول المدينة، ويؤسس مدرسة فيها من شأنها تنوير بلاد ما بين النهرين بأجمعها. وكان في نصيبين مدرسة صغيرة يترأسها المفسر شمعون الجرمقاني " الكشكري "، وبغية القيام بتوسيعها اشترى برصوما خان قوافل ضمه إلى المدرسة، وبسبب شهرة نرساي تقاطر إليها خلال مدة قصيرة أعداداً كبيرة من الأخوة من كل حدب وصوب.
وقد قال عنه برحدبشبا عربايا: " إن المزايا والخصال التي يتمتع بها نرساي من أفكار مهمة وقدرة على التصرف بكرامة ورجولة، ومظهر خارجي جذاب ولطافة وتهذيب وطيبة وجمال تعليمه وبهائه، جذبت إليه هذا الاهتمام الكبير والتعاطف الشعبي، ولقب بالمعلم لأنه كان معلماً لا منازع له في الرها ونصيبين، وقد سن لمدرسة نصيبين الشهيرة قوانين ظلت تسير عليها سنوات عديدة بعد وفاته ".[32]
وقال عنه ماري بن سليمان في كتابه المجدل " نرساي لسان المشرق وشاعر المسيحية وباب الديانة المسيحية وقيثارة الروح القدس وملفان الملافنة ".[33]توفي سنة 503م بعد أن ترأس مدرسة نصيبين 46 سنة.
وبعد وفاته خلفه في رئاسة المدرسة اليشاع برقوزبايي، يلقبه عبديشوع الصوباي بالمفسر. كان اليشاع رجلاً عالماً ومتضلعاً في كل ما يخص الكتاب المقدس، توفي سنة 509م بعد أن خدم المدرسة 7 سنوات.
وبعد وفاته خلفه في رئاسة المدرسة إبراهيم بيث ربان، وقد لقب بـ " بيث ربان " لصلة القرابة التي كانت تربطه بالملفان نرساي، كان إبراهيم يتحلى بصفات علمية رائعة، وتقوى راسخة، مما جعله محبوباً عند شعب نصيبين، وفي عهده بلغ عدد الطلاب نحو الألف، فاضطر إلى استحداث طرق للتعليم، وإلى توسيع البنايات لكي تستوعب هذا العدد الضخم من الطلاب، فبنى 80 غرفة جديدة وألحقها بمستوصف ومسبح، واشترى مزرعة تغطي وارداتها جزءاً من مصاريف المدرسة، واستمر في رئاسة المدرسة ستين سنة حتى توفي سنة 569م. ويقول عنه برحدبشبا عربايا: " إن إبراهيم دبر المدرسة ستين سنة مواظباً على الصوم والصلاة، ومحيياً الليالي بالمطالعة والتأليف، ولم يزل يعلم تفسير الكتب المقدسة، واستنارت كل أرض فارس بتعليمه، وولد أولاداً روحانيين لا يعدون ولا يحصون، وذاع صيته في مملكتي الفرس والروم معاً ".[34]
وبعد وفاته خلفه في رئاسة المدرسة إيشوعياب الأرزني، وبعد أن علم مدة سنتين بكل دقة ونشاط انتخب أسقفاً على أرزون سنة 571م، ثم بطريركاً لكنيسة المشرق سنة 581م.
وخلفه في رئاسة المدرسة إبراهيم النصيبيني، ويلقبه الصوباوي بابن القرداحي " ابن الحدادين "[35]، ويقول عنه برحدبشبا عربايا أنه كان رجلاً ذا همة عظيمة، متفنناً في جميع العلوم، غيوراً نشيطاً تقياً نقياً، ولكن رئاسته لم تدم إلا سنة واحدة لأن المنية اختطفته سنة 572م.
وخلفه في رئاسة المدرسة حنانا الحديابي، ويثني عليه برحدبشبا عربايا جزيل الثناء، ويصف فضائله العديدة الحميدة ومناقبه الحسنة. ويقول ماري بن سليمان أن عدد تلاميذه بلغ الثمانمائة،[36]وسرعان ما ظهرت في تعاليمه آراء لا تلائم تعاليم كنيسة المشرق، وتخلى في شرح الكتب المقدسة عن تفاسير المصيصي، وتبع آراء الذهبي الفم، وأحدثت هذه التعاليم ضجة كبيرة وخلافاً عميقاً في صفوف الأساتذة والطلاب، وأسفرت عن مغادرة نحو 300 طالب مدرسة نصيبين، وحدثت هذه الأزمة بعد سنة 596م. ومنذئذ بدأت المدرسة بالانحطاط.
أما إيليا مطران نصيبين فقد أسس مدرسة " بيث سهدي " بجانب مدرسة نصيبين الجامعية في سبيل مقاومة تعاليم حنانا. توفي حنانا سنة 610م بعد أن ترأس المدرسة 38 سنة.
وخلفه في رئاسة المدرسة ربان سورين وقد علم فيها 50 سنة حتى توفي سنة 660م، ويقول عنه الصوباوي إنه ألف كتاباُ فنذ فيه آراء الهراطقة ببراهين قاطعة وأدلة عقلية، وميمراً في رؤساء مدرسة نصيبين.[37]
واستمرت مدرسة نصيبين بحيويتها، حيث تخرج منها مجموعة من العلماء، تركت نتاجاتهم الأدبية آثاراً عميقة في تاريخ الفكر المشرقي، ومنهم شخصيات مرموقة وصلت إلى مراكز عالية في كنيسة المشرق، نذكر منهم الجاثليق مار آبا الكبير وتوما الرهاوي وقيورا الرهاوي وإبراهيم الكشكري مصلح الرهبانية المشرقية وبرعدتا ويوسف الأهوازي والجاثليق سبريشوع الأول وباباي الكبير والجاثليق إيشوعياب الجدالي والجاثليق ما إمه وسهدونا المعروف بمرطوريس والجاثليق إيشوعياب الحديابي وعنانيشوع الراهب وبولس النصيبيني وميخائيل باذوقا وبرحدبشبا عربايا والربان أوكاما وجبرائيل راقودا وإيليا الراهب مؤسس دير السعيد قرب نينوى وغيرهم الكثيرين.
وبعد القرنين السابع والثامن أحدث الفتح العربي تغيرات في مختلف المجالات والأصعدة، فضعفت المدرسة وتراجعت كثيراً وتناقص عدد المدرسين والطلاب، فتقلص إشعاعها وإستولى عليها الخمول بعد أن كانت أكبر جامعة لاهوتية في كنيسة المشرق، أما مكتبتها الغنية بالمخطوطات فأصبحت طعمة للنار في القرن الثاني عشر.

9_ قوانين مدرسة نصيبين: إن مدرسة نصيبين كانت جمعية حقيقية منظمة بقوانين وضوابط، يسوسها رئيس يدعى " ربان " ويسمى أيضاً " المفسر " لأن من أخص وظائفه تفسير الأسفار الإلهية. وبعده يأتي " المقرىء " ووظيفته تعليم صناعة النحو، والألحان الكنسية وتآليف الآباء اليونان. وبعده يأتي " المهجىء " ووظيفته تعليم التهجئة والقراءة الفصيحة للمبتدئين.[38]وبعده يأتي " الوكيل " ويسمى رئيس البيت الذي يعتبر مسؤولاً عن ممتلكات المدرسة كافة،ووظيفته أن يتسلم دخل المدرسة وينفق عليها، وينتخب لهذه المهمة من كان مستقيماً مقتدراً على إدارة أمور المدرسة، منصفاً بين الأخوة بدون محاباة، ولا يجوز له أن يقدم على عمل مهم دون مشورة رئيس المدرسة، وإذا تغافل عن وظيفته طرد من المدرسة ومن المدينة أيضاً، ويتم انتخاب رئيس البيت لمدة سنة واحدة.[39]ويأتي في القوانين اسم" الكاتب " ومهمته أن يعلم التلاميذ الخط، ومنهم من كان كاتباً لرئيس البيت ومساعداً له. وبعده نرى " الإخوة المعرفين والمفتشين " وهم الكهنة أو العلماء في المدرسة، وكان الرئيس أو الوكيل لا يعمل شيئاً مهماً دون مشورتهم، وكانوا يسهرون على حفظ النظام الداخلي للمدرسة. وكان في المدرسة " مدير مكتبة " مهمته المحافظة على الكتب وصونها.
وكانت المدرسة تتلقى الهدايا والهبات كالأراضي والأموال والعطايا المختلفة، الأمر الذي جعلها تمتلك أموالاً ضخمة غير منقولة، وكانت هذه الأموال تستغل لصالحها، فقد تم بناء حمام في مدينة نصيبين كانت أرباحه تؤول لصالح المدرسة، وتم بناء مشفى لمعالجة المرضى، وشراء قافلة جمال تؤول أرباحها لصندوقها، ومن هذه الواردات تم تشيد أبنية جديدة لها، وأجنحة لسكن التلاميذ، ومساعدة التلاميذ الفقراء والمرضى، كذلك شيدت دار للضيافة لاستقبال الضيوف العابرين في نصيبين والاهتمام بهم.
أما التلاميذ وتسميهم القوانين " الأخوة " فكان عليهم أن يلتمسوا الدخول إلى المدرسة من الوكيل، وأن يكون لهم معرفة في القوانين، وكانوا يتعهدون أن يحفظوا البتولية ويسيروا سيرة صالحة لا عيب فيها، ولهم زي خصوصي يفرقهم عن غيرهم. وأما شعر رؤوسهم فلم يؤذن لهم أن يحلقوه، ولا أن يخصلوه مثلما كان يفعل باقي القوم، بل كانوا يحلقون فقط قمة رؤوسهم لتصبح دائرة كأنها إكليل.

10_ الحياة اليومية في مدرسة نصيبين:كانت الحياة اليومية وبرنامج التدريس كالتالي: صباحاً عند صياح الديك، يستيقظ الجميع ويذهبون إلى غرف الدرس، فيلزم كل منهم مكانه حتى المساء، وكانوا يجلسون في الغرفة على صفين. ومن كان ينقطع عن الدرس والكتابة ولا يحضر ساعات التدريس والألحان الطقسية، يتلقى من رؤساء القلالي توبيخاً شديداً، وإذا لم يسمع منهم يعاقبه الوكيل. وكان التلاميذ يلتزمون أيضاً حضور فرض الموتى والاحتفالات الكنسية، وكل من ينقطع من دون سبب يوبخ جهاراً. وفي المساء وبعد تلاوة المزامير يذهب كل تلميذ إلى قلايته، حيث لكل قلاية رئيس يجب طاعته. وسكان القلاية الواحدة يتناولون الطعام سوية، ولا يجوز تناول الطعام في الجنائن والبساتين، وحضور المآدب والولائم في المدينة، أو زيارة أديرة الراهبات. وكان السكن في المدينة ممنوعاً إلا إذا لم يبق مكان في المدرسة، وإذا مرض تلميذ كان الآخرون يقومون بخدمته.
وكل تلميذ يختم دروسه يرسله الرئيس ليعلم في المكان الذي يعينه له، وكان للتلاميذ سلطة على أموالهم، ومجبرين على تأمين معيشتهم، ومن كان يريد أن يقرض ما كان يتوفر له من المال، لم يكن يؤذن له أن يأخذ عليه أكثر مما عينته الكنيسة " أي واحد بالمئة ". أما التلاميذ الفقراء فكانوا يعملون في العطلة السنوية، من بداية شهر آب وحتى نهاية تشرين الأول، أي في زمن الحصاد وقطف الزيتون، ويشترط على الذين يعملون أن يسيروا سيرة صالحة، حتى لا يرذل بسببهم اسم المدرسة، وما يكسبه التلاميذ خلال عملهم في العطلة الصيفية، يستعملونه لمصروفهم الشخصي، أما الضعفاء والمرضى الذين لا يستطيعون العمل فكانوا يراجعون الوكيل ليساعدهم، ولم يكن يسمح لهم بالتسول. أم من ينكث بوعده فيتزوج، أو يسرق أو يزرع الفتنة بين الأخوة، أو من وجد شيئاً مفقوداً ولم يخبر الوكيل حتى يسأل عنه صاحبه، أو أخذ كتاباً من المدرسة ولم يعده بقصد يطرد من المدرسة. أما دخول التلاميذ إلى المدرسة والإقامة فيها فكان مجانياً.
ويظهر من قوانين مدرسة نصيبين أن التلاميذ كانوا ينصرفون إلى العلم والصلاة والتأمل والزهد والتصوف والفقر والتجرد والقداسة[40]. وأقدم هذه القوانين رسمها الملفان نرساي، وكرسها هوشع مطران نصيبين سنة 496م، لكي لا يتصرف الأخوة كلا وفق هواه. وبعد قرن أي في سنة 590م وضع حنانا الحديابي قوانين أخرى وعددها واحد وعشرون قانوناً، وذلك في أيام شمعون مطران نصيبين، وتم تصديقها في سنة 602م على عهد آحاد أبوي مطران نصيبين. ومن خلال هذه القوانين نرى هذه المدرسة تسير بنظام صارم، ومنهجية واضحة حتى بلغ عدد تلاميذها الألف، فشكلت جامعة بعدد تلاميذها ودقة قوانينها.

11_ المواد الدراسية في مدرسة نصيبين: كانت مهمة المفسر في مدرسة نصيبين تفسير الأسفار الإلهية وشرحها، معتمداً على تفسير تيودورس المصيصي ويسمونه " التفسير "،وشرح الملفان أفرام ويدعونه " التقليد "، وما دونه مار نرساي يسمونه " التقليد المدرسي ".
وكان المفسر في شرحه الكتب الإلهية يعلم المنطق والفلسفة، ويقول عبديشوع الصوباوي في كتابه " نوموقانون " إن الدروس كانت تدوم ثلاث سنين، ففي السنة الأولى يدرس التلاميذ، أسفار التكوين والخروج والعدد واللاويين وتثنية الاشتراع ويشوع بن نون والقضاة وصموئيل والملوك والأمثال والجامعة وراعوث ونشيد الإنشاد وأيوب ورسائل بولس الرسول، كما كانوا يتعلمون الهجاء والقراءة والألحان التي في طقس الموتى والكتابة على اللوح.
وفي السنة الثانية يدرسون المزامير وكتب الأنبياء والقراءة والكتابة على اللوح وتراتيل القداس وفقاً لمدار السنة الطقسية.
أما في السنة الثالثة فيدرسون القسم المتبقي من أسفار الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وترتيل البيم، وتدخل ضمن هذه الدراسة مواد النحو والصرف والخط، أما قراءة المزامير وتعلمها غيباً فأول ما يبدأ به الطالب وفقاً للطريقة المدرسية، أما الجغرافيا والبلاغة والعلوم الطبيعية فلم تكن من المواد الأساسية.
وقد اتبعت المدرسة في عهد الملفان أفرام الطريقة اليونانية السباعية في التدريس، فكان التلاميذ يتعلمون القواعد والخطابة والجدل والموسيقى والألحان، والهندسة والرياضيات والفلك لاحتساب التقويم والأعياد والأصوام، كذلك التاريخ وكتب التصوف الروحي وسير القديسين وأعمال الشهداء وكتابات الآباء[41]، وكان الوقت كله مخصصاً للدراسة والصلاة.
وقد تضمن القسم الأول من " نوموقانون " منهاج تدريس أسفار العهدين القديم والجديد والتي تعتبر شرعية، إلا أن الملحق المضاف إلى القسم الأول يحدد من أين يتوجب التدريس ونظام دراسة الكتب، وكان هذا القانون ضرورياً لفصل الكتب " الحقيقية " عن الكتب " المنحولة "[42]. وقد تضمن الجزء التالي من نوموقانون قرارات المدرسة النصيبينية.
ويقول برحدبشبا عربايا: إن الدروس في مدرسة نصيبين كانت تتم على فصلين، والواقع أن القرارات الواردة في نوموقانون لا تخص مدرسة نصيبين وحسب، وإنما تخص المدارس الأخرى، ومن هنا يمكن الاستنتاج أن قوانين مدرسة نصيبين كانت مطبقة في أماكن تعليمية أخرى، واتبعت مناهجها التدريسية في مدارس كثيرة.
وينص قانون المدرسة الذي ورد في مؤلفات عبديشوع الصوباوي، أنه في السنة الأولى تبدأ الدراسة هناك حيث يوجد خبز في المدرسة، يوم الاثنين بعد الأحد الذي ينشد فيه ترتيلة " بعد تابوتك ". أما في المدارس التي لا يوجد فيها خبز، فإنه يتوجب على الدارسين أن يشتغلوا لكي يطعموا، ويجب أن تبدأ الدروس يوم الاثنين الذي يلي يوم الأحد الذي تنشد فيه ترتيلة " ليس من الحياة ".
وطبقاً لمواد الدراسة المطبقة في هذه المدارس، يمكن التخمين أنه كان يرتادها المتعلمون الذين سبق أن مروا بالتعليم، بحيث تصبح هذه المدارس بالنسبة إليهم المرحلة الثانية من التعليم. وعليه يتوجب على الدارسين أن يكتبوا في السنة الأولى الجزء الأول من الصلوات ورسائل بولس والأسفار الخمسة، ويبدو أن التعليم كان يتألف من نسخ الطالب لأجزاء من الكتب التي يتوجب حفظها لاحقاً، وبفضل هذا الأسلوب التعليمي تحفظ النصوص من جهة، ويعاد استنساخ المخطوطات من جهة أخرى.
أما الطلاب الذين كانوا يشتركون في فرق الإنشاد والتراتيل الكنسية، فعليهم أن يحفظوا في سنتهم الدراسية الأولى التراتيل الجنائزية. وفي السنة الثانية ينسخون الجزء الثاني من الصلوات والمزامير والأنبياء ويحفظون التراتيل الليتورجية. أما في السنة الثالثة فيكتبون كتاب العهد الجديد، مع الجداول التي تحدد النظام اليومي لقراءة الكتاب المقدس، وكذلك التراتيل " العونايات "، فيتخرج التلميذ مشبعاً بالعلم والمعرفة.

12_ ما تبقى من آثار نصيبين في الزمن الحاضر: إن عوادي الزمان أزالت الكثير من آثار هذه الأبرشية. ولم يبق من عظمة هذه الآثار إلا الشيء اليسير جداً، نذكر منها:

ا: كنيسة مار يعقوب النصيبيني:أسسها مار يعقوب مطران نصيبين على أنقاد معبد أصنام أنطياخوس سنة 313، وانتهى العمل فيها سنة 320. كانت هذه الكنيسة آية في الجمال والفن المشرقي، واسعة الأرجاء، زينت جوانبها الأربعة بزخارف ونقوش جميلة، فيها أسوار تعلوها نقوش كثيرة وبديعة. تحت مذبحها الشرقي سرداب مربع يحوي ضريحاً من الرخام المغبر طوله 3 أذرع، مغطى بحجر مقبب، يقال إنه ضريح مار يعقوب النصيبيني باني الكنيسة. وفيها حجرة سطرت عليها جملة بالأسطرنجيلية. ومع تدوال الأيام قوض نصفها وبقي نصفها الآخر حتى اليوم. وقد رممها سنة 1562 مطران نصيبين ايشوعياب.
وقد أخذها السريان الأرثوذكس من الكلدان في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. ويؤيد قولنا هذا ما قاله المطران اسحق ساكا في كتابه كنيستي السريانية: " حتى أواسط القرن التاسع عشر، استولى البطريرك يعقوب الثاني 1847_ 1871 على بيعة مار يعقوب النصيبيني في نصيبين، ورسم لها قورلس اشعيا ". ومن المعلوم أن ملكية الكاتدرائية تعود للمشارقة منذ البدايات، وقد سقطت الكاتدرائية بفعل الزلازل الذي ضرب نصيبين سنة 713، فشيدت من جديد من قبل المطران سبريشوع الأول،[43]وانتهت الأعمال في عهد المطران قبريانوس الأول.[44]وفي سنة 1119 جرت أعمال ترميم الكنيسة في عهد المطران سبريشوع الثالث.[45]أما التجديد الأخير الذي أجراه المشارقة فكان في سنة 1562 في عهد المطران إيشوعياب.[46]
وقد عمل السريان الأرثوذكس الكثير للاستيلاء على الكاتدرائية، وأخيراً نالوا قراراً من حاكم ديار بكر سنة 1865 يعطيهم حق ملكيتها، بعد أن قبض منهم مبلغاً كبيراً من الذهب. ويبدو أن السريان الكاثوليك والأرمن الأرثوذكس كانوا أيضاً يبذلون الجهود لدى الباب العالي في القسطنطينية[47]لضبط هذه الكنيسة، لكنهم لم يتوصلوا إلى أي نتيجة تذكر. لكن الكلدان لم يقبلوا بهذا القرار الجائر، وعليه نقرأ في رسالة البطريرك يوسف السادس أودو[48]الموجهة إلى مطران الجزيرة العمرية مار بولس هندي[49]بتاريخ 14/5/ 1866 يشرح فيها ما جرى بقوله: " تبين لنا بأن دير مار يعقوب النصيبيني بحسب فصل الباب العالي أصبح للسريان، وقد كتبنا إلى مطران آمد مار بطرس دي نتلي[50] ومطران ماردين مار أغناطيوس دشتو،[51]كي يقفوا بوجه اليعاقبة أمام المحكمة ليعود لنا كما كان ".[52]
أما البطريرك يوسف السادس أودو فإنه تابع هذه القضية بشكل جدي، وقد كلف لهذه الغاية بطريرك الأرمن الكاثوليك أنطوان حسونيان،[53]والذي بذل جهوداً مضنية في القسطنطينية، لكي يحصل من الباب العالي على قرراً يعيد الكنيسة إلى أصحابها الشرعيين، لكنه لم يفلح. وقد بلغ البطريرك أودو أنه فشل في تحقيق طلبه. وعليه خرجت الكنيسة من يد المشارقة، وذلك واضح من قول الشماس إسحق سكماني[54]المرافق للبطريرك أودو خلال سفره إلى روما لحضور المجمع الفاتيكاني الأول: " في أيلول 1869 ارتحلنا إلى قضاء نصيبين، وهنا زرنا مع البطريرك أودو قبر مار يعقوب داخل الكنيسة المبنية على اسمه، وهي كنيسة عمارتها فاخرة، إلا أن الخراب قد أصابها وحالها يرثى له، وهي الآن بيد طائفة اليعاقبة ".[55]
وقد جدد السريان الأرثوذكس الكنيسة سنة 1872 على عهد البطريرك يعقوب الثاني والمطران قورلس إشعيا، وذلك واضح من اللوحة الحجرية المثبتة في مدخل الكنيسة والمكتوبة بالسريانية الغربية. ويؤيد قولنا هذا ما قاله المطران إسحق ساكا في كتابه " كنيستي السريانية " حيث يقول: " حتى أواسط القرن التاسع عشر استولى البطريرك يعقوب الثاني (1847 _ 1871) على بيعة مار يعقوب النصيبيني، ورسم لها قورلس إشعيا "[56].
وبعد أن فقد المشارقة الأمل في إعادة هذه الكاتدرائية، حيث لم يبقى لديهم مركزاً في نصيبين يقيمون فيه شعائرهم الدينية، مما حدا بالبطريرك يوسف عمانوئيل الثاني[57]بالعمل على إيجاد مركزاً لهم في هذه المدينة العريقة في تاريخ كنيسة المشرق، وذلك واضح من مذكرات سكرتير البطريرك عمانوئيل الخوري داؤد رمو[58]حيث جاء فيها: " سنة 1905 اشترى البطريرك مار يوسف عمانوئيل لهذه الغاية داراً في نصيبين بمبلغ 180 ليرة ذهبية وافتتحها مركزاً للطائفة في المدينة ".[59]وعين لخدمة الرعية هناك الأب متي كلاشو.[60]

ب: دير القديسة فبرونيا:أسسته الراهبة برونة، وجمعت فيه نحو 50 راهبة. وجعلت لهن قانوناً شديداً صارماً. وبعد استشهاد الراهبة فبرونيا، دفنت في الدير المذكور. وموقع الدير هو جامع زين العابدين الحالي. وقد بقي جسد فبرونيا في ضريح الدير حتى يومنا هذا.

ث: دير مار أوجين:يقع دير مار أوجين في سفح جبل إيزلا المطل على نصيبين، بالقرب من قرية معرى. والدير مستو في واد بين جبلين، يشرف على البرية وعلى نصيبين. ويتكون دير مار أوجين من مجمع ديري رهباني، يشتمل على المباني التالية:
1_ الكنيسة الكبرى : وفيها ضريح مار أوجين، وإلى جانبه ضريحا أختيه تقلا وأسطرنطاس، والأضرحة الثلاثة هي من الرخام المغبر.
2_ المصلى الصيفي : يقع شرقي الكنيسة الكبرى. ويشتمل على غرفة متسعة فيها قبور كثيرة.
3_ بيت الصلاة : وهو مؤلف من ثلاثة أروقة عالية معقودة بالآجر، وعلى الرواق الأوسط قبة يعلوها القرميد الأحمر، وتحتها غرفة مربعة على اسم العذراء مريم.
4_ أطراف الدير : ويوجد في أطراف الدير مناسك وصوامع شتى. يكتنفها سور، وآثاره بينة ظاهرة، وبئر كبيرة ومغارة وسيعة فيها عظام الراقدين.
وقد شيد هذا الدير في القرن الرابع المسيحي، وكانت له أهمية لدى كنيسة المشرق. حيث راجت فيه أسواق العمران الروحي والعلمي والديني والثقافي عدة أجيال. وقد استولى عليه السريان الأرثوذكس في أواخر القرن السابع عشر، ودمره الجيش التركي في سنة 1925.
د: دير مار إبراهيم الكشكري:يقع هذا الدير في منطقة بيث جوجل جنوبي قرتمين، وجنوب شرقي بيث ريشا. بناه إبراهيم الكشكري في القرن المسيحي السادس. وقد قام هذا الدير الشهير بدور رائد في الحياة الفكرية لكنيسة المشرق. وقد دعي بالدير الكبير، حيث أضحى مدرسة رهبانية روحية، يتدرب فيها الرهبان على الفضائل المسيحية والغيرة الرسولية. استولى عليه السريان الأرثوذكس في القرن التاسع عشر.

ذ: دير يوحنا الطائي:يقع شرقي دير مار أوجين ويبعد عنه 3 كم. ويوحنا مؤسس الدير هو أحد تلاميذ مار أوجين. وقد دفن يوحنا الطائي في ديره، وشيد الرهبان فوق ضريحه كنيسة مقببة فخيمة، مؤلفة من سوق واحد، يفصله عن الخورس حاجز. وقد استولى السريان الأرثوذكس على هذا الدير في القرن التاسع عشر.

ر_ مجمع بيث سهدي:[61] شيد في النصف الأول من القرن السادس عند باب الروم ويعرف اليوم بـ حي زهير، وكان المجمع يضم كنيسة ودير ومدرسة. وقد شيد على خرائبه جامع بصمة يد علي.
وفي القرن السادس عشر ( سنة 1570 ) نجد للمشارقة في نصيبين حضور كثيف، " يضم سبعة آلاف بيت داخل المدينة، يخدمهم مطران وتحت يده أربعة أساقفة وعدد من الكهنة والشمامسة، ولهم في المدينة سبعة كنائس هي: 1_ مار يعقوب النصيبيني. 2_ مار أوجين وشليطا. 3_ مار توما الرسول. 4_ مار كيوركيس وقرياقوس. 5_ القديسة بربارة الشهيدة. 6_ مريم سيدة الزروع. 7_ مار يوحنا الطائي. ".[62]

الخاتمة:لا نغالي إن أطلقناتسمية جامعةعلى مدرسة نصيبين، فمن حيث عدد الطلاب والإختصاصات وتنوع المعارف والضبط العلمي، والنظام التدريسي والمناهج والتحصيل، تتمتع بكل السمات الأساسية التي تؤهلها لحمل هذا اللقب، وتسبق بكل حق جامعات العصور الوسطى بقرون عديدة، وقد أنارت مدرسة نصيبين المشرق بأسره، فأنجبت العديد من العلماء الذين أغنوا الحركة الفكرية والأدبية عبر قرون عديدة، وبفضلهم غدت لغة كنيسة المشرق لغة فكر وعلوم، سلسة محكمة البناء غنية المفردات متعددة الأساليب.





1_ مدرسة نصيبين الشهيرة المطران أدي شير ص 3.

2_ السومريون: شعب غير سامي استوطن بلاد سومر في جنوبي العراق منتصف الألف الرابع قبل الميلاد. أسسوا حضارة رفيعة امتد أثرها أمتداداً واسعاً.

3_ حمورابي ( 1892 _ 1750 ق. م ): أشهر ملوك الدولة البابلية. قضى على الأمارات الصغرة وحقق وحدة ما بين النهرين. ساعد على استقرار البدو بتوزيع الأراضي الملكية عليهم وعلى الجنود. اشتهر بشرائعه الإدارية والاجتماعية.

4_ بابل: مدينة قديمة في أواسط ما بين النهرين، تقع أنقاضها على نهر الفرات قرب الحلة مسافة 80 كم جنوب شرق بغداد. تعتبر من اكبر وأشهر مدن الشرق القديم. أنشأت حولها في أوائل الألف الثاني قبل الميلاد دولة كبرى، فبسطت سيادتها على سائر بلاد ما بين النهرين، وازدهرت فيها العلوم الفلكية والرياضية والآداب. ثم أفل نجمها فخضعت للحثيين والقسيين والأشوريين. دمرها سنحاريب الأشوري سنة 689 ق.م، ثم أعاد بناءها أسرحدون. فتحها قورش سنة 539 ق. م. احتلها الإسكندر سنة 331 وجعلها عاصمة القسم الشرقي من إمبراطوريته وفيها توفي. من آثارها: باب عشتار وبلاط نبو خذنصر والطريق الملوكي.

5_ الأشوريون: شعب سامي استوطن في شمالي ما بين النهرين وأنشأ فيها دولة ازدهرت في القرن 14 ق. م، فبسطت سيادتها على سائر بلاد ما بين النهرين. ثم امتدت إلى سائر بلدان الشرق وكانت لها إمبراطورية واسعة.

6_ اليونان: دولة في جنوب شرقي أوربا في الطرف الأقصى لشبه جزيرة البلقان، عاصمتها أثينا. يتألف خمس أراضيها تقريباً من الجزر المنتشرة في بحري إيجه والأبيض المتوسط. كانت اليونان في العصور القديمة مهداً لإحدى أغنى حضارات الغرب والعالم.

7_ مقدونية: بلاد في شبه جزيرة البلقان. نشأت فيها دولة مقدونية في القرن 6 ق. م. وكانت متخلفة عن المدن اليونانية في نظمها وحضارتها. سيطرت على العالم اليوناني في عهد فيلبس الثاني وابنه الإسكندر الثالث.

8_ الأرمن: شعب هند أوروبي استوطن أولاً بلاد أرمينيا حول بحيرة وان. ثم نزح قسم منهم في القرن 11 إلى كيليكيا حيث أسسوا مملكة أرمينيا الصغرى.

9_ ديكران ( 95 _ 54 ق. م ): ويعرف بديكران الكبير. هو ابن الملك ديكران الأول ملك أرمينيا، وصهر ميتريدات الرابع أوباتور ملك البنطس. هزمه الرومان بين سنتي 69 _ 68 ق. م. أشتهر بتنظيم الجيش وتحصين القلاع وفتح الطرق في مملكته.

10_ ديار ربيعة: هي البلاد الواقعة بين الموصل ورأس العين في شمالي ما بين النهرين. أطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.

11_ الرومان: تأسست مملكتهم حول روما سنة 753 ق. م. ولما قويت بدأت الفتوحات فضمت إليها أقاليم إيطاليا ودمرت قرطاجة سنة 146 ق. م. واحتلت مكدونيا واليونان وآسيا الصغرى وسورية وحولتها إلى أقاليم رومانية. وفي سنة 395 قسمت الإمبراطورية الرومانية إلى غربية عاصمتها روما، وشرقية عاصمتها القسطنطينية. توالت على الإمبراطورية السلالات اليوليانية والفلامنية والإنطونية والأباطرة السوريون ثم الايليريون. توالت عيها هجمات البربر إلى أن سقطت سنة 476 م.

12_ الفرس: هم قبيلة رحالة تسربوا في زمن مجهول عبر جبال القوقاز إلى الهضبة الإيرانية. وفي القرن 7 ق. م استقروا بإقليم فارس الخالي الذي كان يتبع الإمبراطورية الآشورية. وربطت الحكام الفرس منذ العصور الأولى وشائج قربى بالميديين الذين أقاموا دولة قوية في القرن 7 ق. م. وفي منتصف القرن 6 ق. م ظهر كورش الأكبر ونصب نفسه حاكم ميديا وقام بسلسلة من الفتوحات. وقد شيد الفرس منذ بداية تاريخهم إمبراطوريتهم على أسس استعاروها من البابليين والآشوريين.

13_ الحمدانيون: دولة أسسها حمدان بن حمدون شيخ قبيلة تغلب واتخذ ماردين قاعدة له سنة 892 م. وسع ابنه عبد الله وحفيده سيف الدولة حدود الإمارة حتى حمص وجعل حلب عاصمة له. كان حكم ولده سعد الدوة بداية الإنحطاط. قضى عيهم افاطميون سنة 991 م.

14_ صلاح الدين الأيوبي: ولد في تكريت سنة 1138 م. وهو مؤسس الدولة الأيوبية، ويعتبر اكبر ملوك المسلمين على أيام الصليبيين. عزل الخليفة الفاطمي واعترف بسلطة الخليفة في بغداد وذلك سنة1171. انتصر على الزنكيين قرب حمص واحتل سورية والموصل. استوى على طبرية وهزم الإفرنج قرب حطين سنة 1187، واسر ملك القدس غي دي لوزينيان وفتح بيت المقدس. ثم عقد هدنة مع الصليبيين وسالمهم. توفي في دمشق سنة 1193م.

15_ المماليك: هم عبيد أتراك وجراكسة ومغول. استعان بهم اليوبيون للخدمة العسكرية، فتمكن بعض زعمائهم في الوصول إلى الحكم واسسو في مصر سلالتي المماليك البحرية والبرجية.

16_ تيمورلنك ( 1336 _ 1405 ): ويعرف بتيمور الأعرج. هو ملك المغل وحفيد جنكيزخان. ولد في كش بالقرب من سمرقند واعتلى عرش بدهائه وبطشه. فتح خوارزم وقشغر وفارس وسورية ومصر. خرب بغداد سنة 1386. دخ في صراع مع العثمانيين فانتصر على بايزيد الثاني سنة 1402.اتخذ سمرقند عاصمة له وجاء إليها بالعمال والفنانيين والعلماء فازدهرت على أيامه.

17_ العثمانيون: هم سلالة السلاطين الأتراك. وقد تسمت السلطنة باسم مؤسسها عثمان الأول. تولوا الإمارة من سنة 1326 وحتى سنة 1516، ثم الخلافة الإسلامية من سنة 1516 وحتى سنة 1924.

18_ التركية: جمهورية قسمها الأكبر في آسيا وجزء صغير في أوربا. أنشأها مصطفى كما أتاتورك سنة 1923 وجعل أنقرة عاصمتها. تتألف من جزأين يفصلهما مضيق البوسفور شرقاً ومضيق الدردنيل غرباًَ.

19_ كنيسة المشرق الأب يوسف حبي ج1 ص 268.

20_ تاريخ كلدو وآثور المطران أدي شير ج2 ص41.

21_ معجم البلدان ياقوت الحموي ج5 ص 288.

22_ صورة الأرض ابن حوقل ص 191.

23_ رحلة ابن جبير ابن جبير ص 214 .

24_ رحلة ابن بطوطة ابن بطوطة 230 .

25_ المنجد في الأعلام دار المشرق ص 710 .

26_ المعلوم من تاريخ نصيبين تأليف: عدة مؤلفين بتكليف من بلدية نصيبين باللغة التركية سنة 2001 ص 46 nusaybin tarihin tanigi .

27_ المعلوم من تاريخ نصيبين تأليف: عدة مؤلفين بتكليف من بلدية نصيبين باللغة التركية سنة 2001 ص 47 nusaybin tarihin tanigi .

28_ نصيبين أبرشية مشرقية وتوابعها تأليف: جان فييه ص 119. nisib metrpoli syriaque orientale

29_ مار أدي الرسول: هو أحد الأثنين والسبعين رسولاً. بشر الرها أولاً وأبرأ ملكها أبجر أوكاما، وشيد فيها كنيسة على اسم المخلص، ثم انحدر صوب نصيبين وبلاد الجزيرة وآشور وأرزن وبشر هناك. عاد إلى الرها بعد 12 سنة من التبشير في المناطق المذكورة، توفي فيها سنة 49 ودفن في الكنيسة التي شيدها.

30_ تاريخ كلدو وآثور المطران أدي شير ج2 ص41.

31_ مدرسة نصيبين الشهيرة المطران أدي شير ص59.

32_ ثقافة السريان في القرون الوسطى نينا بيفوليفسكايا ص99.

33_ أدب اللغة الآرامية الأب ألبير أبونا ص 127.

34_ أدب اللغة الآرامية الأب ألبير أبونا ص 153.

35_ مدرسة نصيبين الشهيرة المطران أدي شير ص26.

36_ مدرسة نصيبين الشهيرة المطران أدي شير ص29.

37_ تاريخ كلدو وآثور المطران أدي شير ج2 ص287.

38_ مدرسة نصيبين الشهيرة المطران أدي شير ص52.

39_ مدرسة نصيبين الشهيرة المطران أدي شير ص57.

40_ كنيسة المشرق الأب يوسف حبي ج1 ص284.

41_ مدرسة نصيبين الشهيرة المطران أدي شير ص52.

42_ ثقافة السريان في القرون الوسطى نينا بيغو ليفسكايا ص210.

43_ المطران سبريشوع الأول: هو المطران الثلاثين في قائمة مطارنة نصيبين، كان أسقف بلد عندما دعاه الجاثليق حنانيشوع ليكون مطراناً لنصيبين. سنة 713 قام بإعادة بناء كنيسة مار يعقوب النصيبيني التي دمرها الزلزال الذي ضرب المدينة. توفي سنة 727.

44_ المطران قبريانوس الأول: هو المطران الثاني والثلاثين في قائمة مطارنة نصيبين. انتخب مطراناً لنصيبين سنة 741، وفي عهده انتهت الأعمال في كنيسة مار يعقوب النصيبيني. توفي سنة 767.

45_ المطران سبريشوع الثالث: هو المطران السادس والخمسين في قائمة مطارنة نصيبين. كان أحد تلاميذ البطريرك مكيخا. انتخب مطراناً لنصيبين سنة 1105.

46_ المطران إيشوعياب الرابع: هو المطران الثالث والسبعين في قائمة مطارنة نصيبين. انتخب مطراناً لنصيبين سنة 1554. ويذكر اسمه كمطران لنصيبين وآمد وماردين وأرمينيا. سنة 1562 عمل بهمة مميزة وأعاد بناء كنيسة مار يعقوب النصيبيني.

47_ القسطنطينية: هي بيزنطيا القديمة. أسسها الإغريق في القرن 7 ق. م. جعلها قسطنطين عاصمة الإمبراطورية الرومانية الشرقية واسماها باسمه وذلك سنة 320 م. فتحها العثمانيون سنة 1453 ودعوها استنبول وفيها استقر السلاطين حتى نقلت العاصمة إلى أنقرة بأمر مصطفى أتاتورك سنة 1924. والقسطنطينية هي مركز بطريرك القسطنطينية، وفيها عقدت أربع مجامع مسكونية.

48_ البطريرك يوسف السادس أودو: ولد في ألقوش سنة 1793. دخل الرهبنة الهرمزدية الأنطونية سنة 1812. رسم كاهناً في آمد سنة 1822. رسم مطراناً على الموصل سنة 1825. نقل إلى كرسي العمادية سنة 1827. انتخب بطريركاً سنة 1847. توفي سنة 1878 ودفن في دير السيدة قرب ألقوش. يعتبر من أشهر بطاركة كنيسة المشرق بعد الإتحاد.

49_ المطران جيروم بولس هندي: هو ابن أخ البطريرك هندي. ولد في آمد سنة 1814. درس في مجمع انتشار الإيمان في روما. رسم كاهناً سنة 1840. رسمه البطريرك يوسف أودو مطراناً للجزيرة العمرية سنة 1852. توفي في آمد سنة 1873.

50_ المطران بطرس دي نتلي: ولد في خسراوة في إيران. درس في مجمع انتشار الإيمان في روما. رسم كاهناً سنة 1830. رسمه البطريرك يوحنا هرمز مطراناً للجزيرة العمرية سنة 1832. نقل إلى أبرشية آمد سنة 1842. سافر إلى روما سنة 1867 لحضور الاحتفالات المائة الثامنة عشرة لاستشهاد الرسولين بطرس وبولس ممثلاً للبطريرك يوسف أودو. وتوفي في ألبانو قرب روما.

51_ المطران أغناطيوس دشتو: ولد في ألقوش سنة 1794. دخل الرهبنة الهرمزدية الأنطونية ورسم كاهناً سنة 1821. رسمه البطريرك هندي مطراناً على آمد وقرى الموصل. نقل إلى أبرشية ماردين سنة 1827. توفي سنة 1868 بعد أن دبر أبرشيته أربعين سنة، وخلالها وسع كاتدرائية الربان هرمزد وشيد دار المطرانية.

52_ رسائل البطريرك مار يوسف أودو تعريب: الأب بطرس حداد ج1 ص 47.

53_ البطريرك أنطوان حسونيان: بطريرك الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية. ولد في اسطنبول سنة 1809. توفي في روما سنة 1884. أسس جمعية راهبات الحبل بلا دنس سنة 1852.

54_ الشماس إسحق سكماني: هو من أهالي ألقوش. عمل كاتباً لدى البطريرك يوسف أودو. وكان يرافقه في أغلب رحلاته. كان يتقن الكلدانية والعربية والتركية والكردية، وله إلمام بالفرنسية والإيطالية.

55_ رحلة سكماني تأليف: الشماس إسحق سكماني تحقيق: بنيامين حداد ص 31.

56_ كنيستي السريانية تأليف: المطران اسحق ساكا ص252.

57_ البطريرك يوسف عمانوئيل الثاني: ولد في ألقوش سنة 1852، وضعه البطريرك يوسف السادس أودو في مدرسة اليسوعيين في غزير لبنان وهو بطريقه إلى روما. رسم كاهناً سنة 1879. رسم مطراناً على أبرشية سعرت 1892. عمل الكثير في هذه الأبرشية رغم كثرة الصعوبات، فشيد كنائس ومدارس عديدة في مراكز الأبرشية المترامية الأطراف. انتخب بطريركاً سنة 1900. توفي سنة 1947 ودفن في كنيسة مسكنتا بالموصل. خلال مذابح السفر برلك ساعد بسخاء قوافل المهاجرين، وله قوله المشهور فيهم: " لا أتحول عنهم حتى تروني متسولاً كواحد منهم ". زار أوروبا خمس مرات في فترة بطريركيته، التقى خلالها بالعديد من الرؤساء الروحيين والزمنيين، ونال أرفع الأوسمة منهم. وخلال مقابلته للسلطان عبد الحميد سنة 1902 منحه الوسام العثماني الأول ومدالية اللياقة الذهبية بالإضافة إلى راتب شهري قدره ألفي غرش شهرياً، ونال منه 57 وساماً عثمانياً لمطارنة وكهنة ووجهاء الطائفة، ولعب دوراً وطنياً كبيراً في إبقاء لواء الموصل جزء غير منفصل عن العراق، بعد خروجه من سيطرت العثمانيين. وأصدر ملك العراق فيصل الأول في 8 تموز سنة 1925 إرادة ملكية عين بموجبها غبطته عضواً في مجلس الأعيان، وبقي يمارس مهامه حتى استعفى سنة 1942 بسبب الشيخوخة. عينه الكرسي مبعوثاً رسولياً لمسيحيي الجبال، وقلده مهمة تهذيبهم بواسطة رسله وكهنته، ونجح في إعادة عدداً كبيراً منهم إلى حظيرة الكنيسة الجامعة، وافتتح أكثر من ثمانين كنيسة ومدرسة في قرى ولايتي وان وهكاري. بالإضافة إلى افتتاحه العديد من المراكز الجديدة من كنائس ومدارس في دير الزور وأورفا والعشار والأهواز والجزيرة العليا والشام وبيروت وغيرها. رسم خلال بطريركيته 17 مطراناً وأكثر من 100 كاهن. واستطاع سنة 1916 أن يقنع أنور باشا قائد القوات العثمانية في العراق من فك الحصار عن بلدة آزخ المحاصرة من قبل الجنود والعشائر الكردية، وهكذا نجا سكانها بفضله.

58_ الخوري داؤد رمو: ولد في الموصل سنة 1872، وبعد أن أتم دراسته دخل المعهد الكهنوتي البطريركي سنة 1897، رسمه المطران يوسف خياط كاهناً سنة 1899. سنة 1900 عينه البطريرك يوسف عمانوئيل كاتماً لأسراره، فقام بهذه الخدمة بمحبة وأمانة وعطاء مدة 47 سنة، وقد رافق البطريرك في حله وترحاله، فكان مثال الخادم الأمين المخلص لسيده. بعد وفاة البطريرك عمانوئيل سنة 1947 طلب من البطريرك الجديد يوسف غنيمة أن يعفيه من مهامه ليعيش ما تبقى له من العمر بهدوء، توفي سنة 1949 ودفن في كنيسة مسكنتا بجوار معلمه البطريرك عمانوئيل.

59_ الخواطر تأليف: الخوري داؤد رمو تحقيق: الأب بطرس حداد ص 133.

60_ الأب متي كلاشو: هو هرمز حنا كلاشو ولد في تلكيف سنة 1874. دخل المعهد البطريركي سنة 1900. رسم كاهناً سنة 1904 ودعي متي. وبقي في المعهد يدرس حتى سنة 1906 حيث عين للخدمة في أدنة. سنة 1906 نقل للخدمة في نصيبين وبقي فيها حتى سنة 1913. عاد إلى مسقط رأسه وخدم هناك حتى توفي سنة 1949.

61 _ مجمع بيث سهدي: شيد هذا المجمع الشماس إليشاع عند باب الروم بناء على طلب مطران نصيبين إيليا الأول، وذلك في النصف الأول من القرن السادس. وكان المجمع يضم مدرسة ودير وكنيسة، ولم يبقى منه اليوم أي أثر.

62_ تقويم قديم للكنيسة النسطورية الكلدانية تأليف: الخوري ( المطران ) بطرس عزيز ص 17.

التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 11-05-2010 الساعة 06:32 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-05-2010, 06:18 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 46,841
افتراضي

تشكر على هذه الدراسة القيمة و الغنيّة بالمعارف و المعلومات الكثيرة ملفونو نوري و قد قمت بتثبيتها لأهميتها. الرب يبارك حياتك.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:19 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke