Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
بداية انهيار حلم الدولة الفلسطينيّة. بقلم: فؤاد زاديكه
بداية انهيار حلم الدولة الفلسطينيّة إنّ ما جرى و ما يجري في قطاع غزّة من اقتتال داخلي بين فصيلي فتح المعتدل و الذي يتمثّل في رئيس السلطة الفلسطينية محمود عبّاس المنضوي تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية و بين حركة حماس خالد مشعل الأصوليّة و المتشددة المدعومة إيديولوجيّا و معنويّا و إعلاميّاً من الإخوان المسلمين في مصر و عسكريا كذلك, و من كلّ من سورية و إيران دعما لوجستياً و عسكريا و مادّياً, ممّا أدى إلى مقتل العشرات و قتل الكثيرين بعد أسرهم بشكل فظيع و غير أخلاقي و تحت أنظار عائلاتهم دون أن تظهر قنوات العرب ما يجري و دون أن تستنكر ما قامت به و ما تقوم به هذه المجموعات الإجرامية الخارجة على القانون الأخلاقي و الإنساني و الشرعي. عندما تقوم إسرائيل بالتعدي و قتل أحد الفلسطينيين تقوم قائمة العرب و لا تكفّ محطّات التلفزة العربية المأجورة من تضخيم الأمر بل و الزيادة على حقيقة ما جرى بتأجيج المشاعر و إثارة التحريض. أما هنا فإن الفلسطيني يقتل أخاه الفلسطيني بدم بارد دون أن يؤدي ذلك إلى فضح هذه الجرائم بل يصار إلى القول بأن حماس حقّقت نصراً عسكرياً حاسماً. و السؤال الذي يفرض نفسه بقوة في ردنا على هؤلاء. ما هو هذا النصر العسكري يا ترى؟ ثم مَنْ يخدم مثل هذا النصر لو صحّت تسميته نصراً؟ و مَن يسعى إلى كلّ هذا التأجيج؟ و مَن يوجّه قيادات حماس للمضي في هذا التصعيد؟ و هل سيخدم هذا قضيّتهم؟ هذا إذا كانت بقيت لهم قضية بعد الذي جرى في قطاع غزة من أعمال بشعة يندى لها الجبين. مثل أن يتمّ أسر الناس ثم يذبحون و يطلق عليهم الرصاص بهذا الحقد و هذه الكراهية!!؟؟ إنّ هذا هو قمّة الإجرام و قد فاق الإجرام الصهيوني ومن يسمع الكلام المعسول من هنية رئيس الوزراء المُقال و غيره من القادة الفلسطينيين بقولهم: إنّ الدم الفلسطيني خطّ أحمر يكاد يصدّق هذه الأكاذيب لكن ربما يكون ذلك المسؤول على حقّ فالخط الأحمر هو أن تصطبغ الشوارع و الساحات و المكاتب بهذا الدم الأحمر الذي أصبح رخيصاً جداً هذه الأيام! لم تمض ساعات على إعلان حماس "لفوزها و نصرها" المعلن على "الخونة و المرتزقة: كما تسمّي خصومها حتى جاءت تعلن إنشاء الدويلة الإسلامية. يا إلهي ما هذا؟؟؟ سؤال كبير الحجم و يحتاج إلى شروحات و تفسيرات و مراجعات و مداخلات كثيرة. هل جاءت كل هذه الترتيبات بتخطيط و دعم من الحرس الثوري الإيراني؟ هناك دلائل كثيرة تؤكد صحة هذا التساؤل و منها أن الرئيس الإيراني المعتوه صرح قبل أيام بأن موعد القضاء على إسرائيل قد حان. و قال بعد ذلك لئلا يقال أن التهديد المباشر سيكون من إيران. قال: إنّ الدول المجاورة لإسرائيل هي التي ستقضي على إسرائيل! إلى هنا و يفهم حتى الشخص العادي بأن دول الجوار الأساسية و هي مصر و الأردن لهما علاقات دبلوماسية مع إسرائيل و ليس بمقدورهما فعل أي شيء لارتباطهما بمعاهدات دولية و مواثيق تمّ التوقيع عليها. بقي إذن سوريا و لبنان و فلسطين. أما عن سورية فليس بمقدورها أن تحارب البتة و هي تحاول اللعب بأوراق صار معظمها مكشوفاً و غير ذي نفع لأنه ألّب عليها المجتمع الدولي في أكثر من مكان. و هي تستميت من أجل أن تعقد اتفاق صلح مع إسرائيل و ما الاتصالات التي دامت طويلا بين رجل الأعمال السوري المعروف و الذي كشف عن اسمه مؤخرا و هو موفد من قبل السلطة السورية و بين مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى سوى الدليل على ذلك, و عندما لم يتم إحراز أي تقدم ملحوظ نفت سورية أن تكون شاركت بمثل هذه المفاوضات. أما عن لبنان فليس بمقدوره أن يحارب و هو لا يثق بالنظام السوري فهو يتهمه دائما بتدبير الاغتيالات في لبنان و خلق القلاقل و البلبلة و المشاكل و قصة حزب الله سوف تنتهي بما ليس بحسبان إيران ولا سورية. بقيت فلسطين و ها هي تفتعل هذه الأزمة من خلال حماس لتقضي على آخر أمل في إمكانية قيام حلم الدولة الفلسطينية و بسيطرة حماس على قطاع غزة و سعيها إلى السيطرة على القرار العام فإن هذا سيقدم خدمة جليلة لإسرائيل و مبررات كثيرة لكي يقف كل العالم في وجه قيام دولة فلسطينية. فهل ستقيم حماس دولتها في سورية و إيران؟ إنّ سياسة اللعب بالنار التي تقوم بها إيران في غزة من خلال دعم و تدريب و تسليح عناصر حركة حماس سيكون له آثار سلبية خطيرة و مستقبلية على قضية الشعب الفلسطيني و لا يمكن أن تقوم له دولة معترف بها دوليا خاصة متى نادت بالدولة الإسلامية على غرار طالبان في أفغانستان أو ما يحلم بتحقيقه جماعة الإخوان المسلمين في كل من مصر و الأردن على الساحة الفلسطينية. ربّ قائل يقول: كيف يمكن للحرس الثوري الإيراني الشيعي أن يدعم حماس ذات التوجه السنّي؟ إن الأمر واضح جدا و بسيط فمن أقام هذه المعادلة اعتمد على مقولة عدو عدوي صديقي. لكن ما الذي يمكن أن يجري بعد أن تقوم أمريكا و إسرائيل بضرب المفاعلات النووية الإيرانية (و هذا قادم لا محالة) و من تحطيم قدرة الجيش الإيراني و شلّ قدراته و حركته و هذا ليس بالحلم بل سيتمّ قبل مغادرة بوش البيت الأبيض؟ إنّ سورية و حماس و حزب الله سيخسرون كلّ شيء. لن تعود في يدهم أوراق يلعبون بها و سيخسرون حليفا و داعما هاما و أساسيّا لهم في هذا المجال. كيف سيقبل الغرب و أمريكا و هم الذين قضوا على نظام الحكم الإسلامي في أفغانستان أن يتكرر ذلك الأمر في غزة؟ إن قادة حماس لا يفكرون بعقولهم بل ينساقون وراء عواطفهم و يقومون بتنفيذ ما يراد منهم على أمل أن يتحقق لهم الحلم الأكبر بإزالة دولة إسرائيل من الوجود كما يدعو إليه الرئيس الإيراني غير المتّزن عقلياً. لقد حارب العرب أربعة حروب و لو خاضوا مئات الحروب الأخرى فهم لن يفلحوا لأن تفكيرهم لا يتعدى حدود الكراهية و الحقد و العنصرية و الجهل, و هم أبعد ما يكونون عن الحكمة و الرشد و التعقل. يفكرون بعواطفهم و يسيرون خلف غرائزهم فيما إسرائيل تبني بالعلم و تخطّط بالعلم و تنفّذ بالعلم و لم تكن غلبة في يوم من الأيام للجهل على العلم! منذ زمن قديم قال أحمد الشقيري رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الأسبق: إننا سنرمي إسرائيل في البحر! و رأينا مَن الذي رمى مَنْ! و ها هو شخص أكثر تشدّدا من الشقيري يدعو هذه المرة إلى القضاء على إسرائيل و تدميرها. كلّ كلمة يتفوه بها هذا الشخص غير المسؤول محسوبة عليه و سينال المصير الذي ناله من قبله الحمقى و الطائشون الذين لعبوا بمصائر شعوبهم و شعوب العالم فصاروا علّة على شعوبهم و خطرا كبيراً على مصير العالم الحرّ. إنّي أعتقد أن حماس وجّهت بهذا العمل الجنوني ضربة قاضية لكل مستقبل القضية و الدولة الفلسطينية و نلاحظ كيف كانت ردة فعل العالم الحرّ و العالم العربي على هذا الجموح الأهوج و الذي قاده غرور أحمق أدى إلى مقتل أبرياء و إخوة في السلاح و النضال! إن التاريخ لمن يرحم مثل هذه الجرائم و سوف يحاسب مرتكبيها عاجلا أم آجلا على ما اقترفته أيديهم من ظلم و قتل و جريمة. لماذا قتل الفلسطيني من قبل اليهودي جريمة فيما قتل الفلسطيني من قبل حماس حق و شرعية و وطنية؟ أليس هذا هو الجنون الأعمى بحد ذاته؟ أليس هذا هو التلاعب بالقضية و خداع الشعب الفلسطيني المسكين من أجل تطبيق نظريات دينية أصولية لها أجندة خارجية لا علاقة لها بقضية فلسطين و تحريرها؟ هل بهذا العمل تستطيع حماس أن تضمن تواجدها في الشرعية الدولية؟ إن أسئلة كثيرة تفرزها ظروف المرحلة و سوف تجيب عليها الأيام و الأسابيع و الشهور المقبلة, و حين يذوب الثلج سينكشف ما تحته من خِرء و خراء. |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|