مُعانَاةُ الإنسَانِ في الحَيَاةِ بقلم: فؤاد زاديكى
مُعانَاةُ الإنسَانِ في الحَيَاةِ
بقلم: فؤاد زاديكى
فِي عُمقِ الحَيَاةِ، يَتَقَلَّبُ الإِنسَانُ بَينَ أَفْرَاحِهَا وَأَتْرَاحِهَا، وَكَأَنَّهَا بَحرٌ لَا يَهدَأُ، تَصفَعُهُ الأَموَاجُ مِن كُلِّ جَانِبٍ. يُوَاجِهُ الإِنسَانُ صُعُوبَاتٍ لَا حَصرَ لَهَا، بَعضُهَا يَأتِي كَالصَّاعِقَةِ لِيَهدِمَ مَا بَنَاهُ مِن أَحلَامٍ وَآمَالٍ، وَبَعضُهَا يَتَسَلَّلُ بِهُدُوءٍ لِيَخطَفَ مِنهُ لَحَظَاتِ السَّلَامِ. فِي كُلِّ يَومٍ يَفتَحُ الإِنسَانُ عَينَيهِ عَلَى تَحَدٍّ جَدِيدٍ، يُرهِقُهُ التَّفكِيرُ فِي المُستَقبَلِ وَيُؤلِمُهُ حَملُ الذِّكرَيَاتِ.
يُجَاهِدُ الإِنسَانُ لِيَبنِيَ لِنَفسِهِ مَكَانًا فِي هَذَا العَالَمِ، لَكِنَّهُ يَجِدُ نَفسَهُ مُحَاصَرًا بِقُيُودِ المُجتَمَعِ وَتَوقُّعَاتِ الآخَرِينَ. يُكَافِحُ لِإِثبَاتِ ذَاتِهِ، لِيُرضِيَ نَفسَهُ وَالآخَرِينَ، لَكِن نَادِرًا مَا يَجِدُ الرِّضَا الكَامِلَ. تَتَصَارَعُ دَاخِلَهُ الرَّغبَةُ فِي الحُرِّيَّةِ مَعَ خَوفِهِ مِنَ المَجهُولِ، وَيَقُودُهُ هَذَا الصِّرَاعُ إِلَى طُرُقٍ مَلِيئَةٍ بِالعَثَرَاتِ.
وَمَعَ ذَلِكَ، يَستَمِرُّ الإِنسَانُ فِي السَّعيِ، لِأَنَّ الأَمَلَ فِي غَدٍ أَفضَلَ هُوَ مَا يُبقِيهِ وَاقِفًا. يَحمِلُ فِي قَلبِهِ حُزنًا دَفِينًا، لَكِنَّهُ يُخفِيهِ خَلفَ ابتِسَامَةٍ رَسَمَهَا لِيَتَجَاوَزَ قَسوَةَ الأَيَّامِ. إِنَّهُ صِرَاعٌ دَائِمٌ، بَينَ الرَّغبَةِ فِي الحَيَاةِ وَبَينَ قَسوَةِ وَاقِعِهَا، لَكِنَّ الإِنسَانَ يَبقَى مُتَشَبِّثًا بِآخِرِ خَيطٍ مِنَ الأَمَلِ، لَعَلَّهُ يَجِدُ فِي نِهَايَةِ الطَّرِيقِ مَا يُنسِيهِ كُلَّ مَا عَانَاهُ.
المانيا في ٣١ آب ٢٤
__________________
fouad.hanna@online.de
التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 14-12-2024 الساعة 09:27 AM
|