Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-12-2013, 03:40 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,026
افتراضي دهاليز الأبالسة الجزء الأول

دهاليز الأبالسة

الجزء الأول

علينا ألاّ نستغرب إنْ وجدت في حياة بعض الناس دهاليز قد يصعب علينا و على الآخرين دخولُها و سبرَ أغوارها لتظلّ طلاسم غير معروفةٍ و لا محلولة، و بهذا فإنّ التعامل معها يكون بضبابية غير واضحة المعالم، عسيرة الفهم و يتمثّل ذلك في طريقة التفكير و في ممارسة سلوكيات معيّنة و لهذه الأسباب فقد يستاء بعض البشر من التعامل مع هذه الأنواع من الأفكار و الشخصيّات ممّا يولّد لديها شبهَ عزلةٍ أو ميلاً نحو الانكفاء و التقوقع على الذات أو الشعور بالاحباط.

من ضرورات الحياة الاجتماعية و الانسانية أن يتمّ التواصل بين البشر على اختلاف انتماءاتهم و مشاربهم و تنوّع أفكارهم و قوميّاتهم و معتقداتهم، لأن الانسان بطبعة شخص إجتماعي لا يمكن له أن يعيش بمعزلٍ عن بقية الناس و بالتالي عن مجتمعه، و الذي من المفروض أن يتعامل معه من منطلق أنه عضو فاعل في هذا المجتمع تترتّب عليه واجبات نحو مجتمعه و كذلك له حقوق ينبغي أن يحصل عليها دون أية معوّقات أو وسائل قهر و منع من أية جهة أو طرف، و لأي مبرّرٍ أو سبب كان.

الانسان كائن حرٌّ و عاقلٌ و مدركٌ لما يجري من حوله و من خلال فكره و وعيه يستطيع اختيار المناسب من الأمور و الأفكار و المعتقدات دون إكراه و بدون تدخّلات خارجية تحول دون تحقيق هذا الهدف السامي و النبيل. من حقّ كلّ إنسان أن يفكّر بحريّة و يتصرّف بحريّة و إرادة و وعيه هو المنظار الذي يرى من خلاله الأشياء و معرفته التي اكتسبها من الخبرة و الممارسة و التجربة هي بوصلته التي تقوده إلى الهدف المبتغى و هو النهاية المنشودة و التي يأمل أن يصل إليها و يحققها ليشعر بأهمية وجوده و يتأكد من صوابية قراره أو عكس ذلك. لكنّ المهم في هذا الجانب أن يمتلك الانسان قراره بنفسه و أن يتصرّف بوعيه و حكمته و عقله لكي يكون هو المسؤول الوحيد عن نتائج خياراته التي أرادها و سعى إلى تحقيقها.

إنّ دهاليز النفس البشرية قد تصيبنا بالاحباط متى سبرنا غورها و عرفنا جوهرَها، خاصة عندما تكون بذاتها تحملُ فكراً غير سويّ أو سلوكيّة غير مقبولة منطقيّاً و لا موضوعيّا و لا عقليّاً. لكننا نستطيع القول بأنه ليس من الضرورة و الحكم القاطع المؤكد أنّ هذه الدهاليز ستكون على هذا النحو السيئ لدى الجميع، فالتعميم غير دقيق على الأغلب لذا يتحتّم علينا أن نكون منصفين في تقييمنا و أن نسمّي الأشياء بمسمّياتها بدون أيّ خَلْطٍ أو تشويهٍ أو ظلم. فالعدل يبقى دائما سيّد الأحكام عندما يكون الحاكم منصفا و الناطق بالحكم محترماً لفكره و لمهنته و لموقعه و لقراره، آخذاً بعين الاعتبار جميع الظروف و كلّ الإحداثيّات التي من شأنها أن تكون لعبت دوراً ما في الوصول إلى هذه الحالة.

الحياة مسرح كبيرٌ و واسعٌ و المسرحيّاتُ المعروضةُ على خشبتِه متنوّعةُ التجارب و مختلفةُ الخبرات و غنيّةُ الأفكار، لكونها تمثّلُ حياةَ بشر يقومون بأدوارهم على خشبة هذا المسرح فمنهم من ينجح في تأدية دوره على الوجه المطلوب و منهم من يفشل و منهم أيضاً مَنْ يتألّق بألمعية و بتفوّق مُذهل قد يكون خارقاً. و من خلال ما يُعرض تتبلور الرؤى و تتولّد القناعات و تتحدّد الخيارات و تُتَّخَذ التدابير و الاجراءات الوقائية إن كانت النتائج سلبيّةً أو الإجرائيّة الموافِقة عندما تلبّي هذه الأدوار طموحات الفكر الإنساني بتحقيق قيم الحق و الخير و الجمال.

إنّ الإنسان كائن عاقل يتميّز عن غيره من المخلوقات بهذه الميزة التي تجعله يتأمّل المواقف و الأحداث فيبدأ بالتفكير بها و من ثمّ بتقييمها و بالتوصّل إلى النتيجة التي من خلالها يكون عبّر عن نوعيّة تفكيره و عن طريقة التعامل مع مجريات الأمور و بالتالي حقّق ذاته من زاوية إرادته الحرّة و اختياره الذاتي غير المرهون بشروط أو إملاءات و لا تأثيرات خارجيّة تكون وليدة ضغوطٍ و ممارساتٍ تحاول الحدَّ من حريته الفكريّة في سعيي إلى تكبيل إرادته و مصادرة قراره. لن يكون الإنسان عاقلاً إن هو لا يتمتّع بحريته الفكرية و الشخصيّة لأنه بغير هذا سيكون تابعاً ليس إلاّ.

من الحياة نتعلّم، فهي مدرسةٌ كبيرة و من تجارب الآخرين نغني معارفنا و من تجاربنا و خبراتنا نصقل مواهبَنا و نزيد من حصيلتنا العلمية و المعرفية، و التي يجب أن تتنوّع لا أن تنحصرَ ضمنَ نطاق محدّد أو سبيلٍ معيّن دون غيره. إنّ القراءة و المطالعة هما الخطوة الأولى نحو تثقيف أنفسنا و إغناء معرفتنا، هناك أشخاصٌ كثرٌ يحملون شهادات تخصّصية عالية عندما تحاورهم أو تناقشهم بأمور الحياة و الكون تراهم فارغين من الداخل، حيث أنّ معرفتهم لا تخرج عن نطاق العلم المعيّن الذي تخصصوا به، ينبغي على الإنسان أن يسعى بكل جدّ و نشاط لاكتساب العلم و المعرفة المختلفة و المتنوّعة و المتعدّدة الاتجاهات.

نحن أبناء الحياة و عندما لا يكون تأهيلنا المعرفي ناضجاً واعياً منفتحاً فسيكون _بكلّ تأكيد _ سبباً مباشراً في عجزنا و في انطوائنا و ربّما في خَلقِ دهاليزَ فكريّة و نفسيّة في عالمنا الداخلي. إنّ الانفتاح يقودنا إلى المعرفة و إلى التعاطي مع الآخر بحكم كونه الشريك لنا في رحلة الحياة المفروضة علينا جميعاً، إذ ليس من أيّ أحدٍ منّا جاء إلى هذا العالم و هذه الحياة بملء إرادته و بمشيئته، و هذا لا يعني بالضرورة أنّنا لهذا و لسببه نكون أشخاصاً مُسيّرين و ليس مُخَيّرين. لطالما يملك كلّ شخصٍ منّا عقلا نيّراً و إرادة حرّة فهو المسؤول عمّا يختاره و عمّا سيدفع ثمناً له إنْ كان هذا الخيار في غير موضعه. نحن أحرار باختيارنا و بتفكيرنا الحرّ لذا نحن لسنا مسيرين.

للبحث تتمّة...
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:34 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke