Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
مرضُ الخوف من كورونا بقلم/ فؤاد زاديكى
مرضُ الخوف من كورونا بقلم/ فؤاد زاديكى لقد تعوّد الإنسان منذ نشأتِه, ودرجَ على حالة رفضِه للجديد, خاصّةً عندما يمسُّ هذا الجديد المعتقد الدّيني أو ما هو سائدٌ و معمولٌ به في المجتمعات البشريّة. لذا نرى وفي جميع العصور المتعاقبة كيف تمّ التصدّي الشّرس لظهور دين جديد, فيه نبذ لمعتقد ديني سائد, وكيف أنّ هؤلاء البشر, الذين كانوا يعبدون الآلهة أو الأصنام و الأوثان, رفضوا الدين الجديد وقاوموه بأشرس ما يمكن. بكلّ الأساليب القاسية والوحشيّة. عندما جاء المسيح بدعوته, رأى فيها اليهود والرومان خطرًا على وجودهم, فاليهود راؤوا فيه خطرًا يتهدّد معتقدهم الدّيني, الذي ورثوه عن آبائهم و أجدادهم, بينما الرّومان راؤوه من زاوية أخرى إذ ظنّوا أنّه يشكّل خطرًا على دولتهم وامبراطوريتهم, خاصّة عندما قال أنا ملك اليهود, فهم فهموا من ذلك أنّها مملكة أرضيّة و ليست سماويّة, علمًا أنّه قال لهم و بصريح العبارة: "إنّ مملكتي ليست من هذا العالم". لهذا أمر اليهود الحاكم الروماني بأن يقوم بصلبه, خوفًا على مصير دولته. لقد صلبوا المسيح و قتلوه, كما قتلوا الآلاف من الرّسل و القديسين على مرّ العصور منذ ما يزيد عن الألفي سنة. كان هؤلاء الرّسل و المبشرون يقومون بنشر الكرازة من أجل خلاص البشر, فرأى اليهود و الرّومان أنّه تحدٍّ لهم, ولهذا لا يجوز السّماح لأتباع هذا الدّين الجديد أن ينشطوا في أيّ مكان و بأيّة طريقة, فهم يشكّلون خطرًا حقيقيًّا على سلطانهم الدنيوي. هذا ما قرأناه و ما عرفناه باليقين الأكيد, وهناك شواهد و دلائل كثيرة لا حصر لها على طوابير من الشّهداء, الذين قدّموا أرواحهم فداءً لهذه الدّعوة الإنسانيّة المسالمة والوديعة. من هنا نلاحظ أنّ كلّ فكرة جديدة قد يرى فيها البعض خطرًا عليهم, لهذا يخافون من انتشارها أو العمل بها, بالطبع نستثني من هذا ما يحصل في عالم الابتكارات و الإنجازات العلميّة و التكنولوجيّة والاختراعات المختلفة و المتنوّعة في كافّة مجالات الحياة. سوف نتناول اليوم موضوعًا هو بأهميّة بالغة في حياة البشر, ولا يجب أن نستهين بخطورته و بالنتائج التي يمكن أن تكون له, إنّ هذا الموضوع هو انتشار فيروس (كوفيد 19) أو ما يُسمّى بكورونا, إنّ هذا الفايروس خلق حالة من الهلع الشديد في كلّ العالم, ولم يعد حديث يشغل النّاس في هذه الأيام و منذ حوالي السنتين - من يوم ظهوره و انتشاره – مثل فايروس كورونا, فجميع محطات العالم التلفزيونيّة و وسائل الإعلام و التّواصل الاجتماعي و أخبار الدول و السياسات لا تتوقّف عن الحديث عنه, و عن متحوّرات جديدة له تظهر بين الفترة و الأخرى. صار حديث الناس في كلّ أنحاء العالم و بين مختلف المستويات الاجتماعيّة و الطبقيّة, ومن الملاحظ أنّ هناك مَن يؤمن بوجود هذا الفايروس و بتأثيره على البشرية و منهم من لا يؤمن أصلًا بوجود هذا الفيروس, كما يتمّ تصويره و نشر مخاوف وتحذيرات عنه. وهو فكر جديد نوعًا ما. ما يهمّنا اليوم بهذا الموضوع هو مدى تأثير هذه الظاهرة على حياة النّاس الاجتماعية, فمن وراء كورونا تفكّكت أُسَر و مجتمعات, إنّ لهذا تبعات خطيرة على المجتمعات البشرية, كيف لك أن تزور أخًا و أمام الباب يقول لك: عليك ان تُجري فحصًا للتأكد من خلوّك من كورونا؟. مثل هذه الأمور والمواقف لم تكن من قبل, و في مدى عامين تخلخلت أركان مجتمعات و بيوت و أسر من جرّاء هذه الحالة, بسبب الذعر و حالة القلق و الخوف و فقدان الثقة و عدم الشّعور بالأمان و الاستقرار, كما تخشى على نفسك من زيارة قريب أو صديق لمناسبة ما. نعلم جيّدًا و من خلال متابعاتنا لهذه الحالة كم أنّها أثّرت في جميع مفاصل الحياة الإنسانيّة, وعلى جميع الأصعدة السياسية و الرّياضية و الاقتصادية والنفسية و الاجتماعية الخ... إنّ بروز دافع الشّكّ في كلّ حركة انتقال و تنقّل, وانعدام الشعور بالأمان في تواجد الإنسان خارج بيته, يخلق لدى الإنسان غير المصاب بعقدة نفسية تكون لها مخاطر أشدّ و أكثر فتكًا من كورونا و قد أسميتها (مرض الخوف) من كورونا وليس الخوف من الإصابة به, فمجرد أن ينحصر فكرنا كلّه و اهتمامنا باتجاه واحد هو (كورونا) فإنّ ذلك يعرّضنا للإصابة بهذا الهلع أكثر من كورونا نفسه, وعلى صعيد الأسرة الواحدة ظهرت مواقف متباينة و حصلت مشادّات كلاميّة و تشنّجات بالمواقف فيها يخصّ الحديث عن كورونا و عن أخطاره و وجوب أخد اللقاح أو عدم أخذه, و ما إذا كان سيتمّ إقرار إلزاميّة اللقاح من عدمه, وكيف يمكن التّعامل مع الحالات المستجدّة فيما يخصّ قرارات الحكومات في بلدانها و مدى تأثير ذلك على المواطنين, و قد راينا في دول أوروبية كثيرة كيف قامت مظاهرات و احتجاجات على قرارات حكوماتهم بخصوص تشديد إجراءات الوقاية, علمًا أن الذي حصل على اللقاح يُصاب هو الآخر بكورونا فاللقاح ليس ضمانة أكيدة لعدم الإصابة به, وعلى الشّخص أن يأخذ لقاحًا ثم لقاحًا ثانيًا و ثالثًا إلى ما لا نهاية. إنّ الشّخص, الذي يَبقى تفكيرُه منحصرًا بكورونا دون أن يمارس حياته بشكل طبيعي, فإنّه سوف يُصاب بما هو أخطر من كورونا, أيّ مرض الخوف وهذا ستكون له انعكاسات خطيرة قد تصعب معالجتها, لهذا ننصحّ ألّا يستسلم النّاس لهذه الحالة فهي بحدّ ذاتها مرض. لقد أثبت علماء النّفس و لاجتماع أنّ الشعور الدائم بالخوف من أيّ شيء, أو طارئ له مخاطر كبيرة على الاستقرار النّفسي و على الجسد الذي يتبع إرشادات و أوامر العقل و النّفس. لهذا فمن رأيي القول: إنّ أفضل مناعة و حصانة و حماية للناس من هذا الفايروس هو عدم تضخيم مخاطره, و عدم الوقوع ضحية هوس منه, ومن المثير للاستغراب أنّ مئات الآلاف من البشر كانوا يموتون في كلّ عام بمرض الأنفلونزا أو أعراض القلب و غيرها, و منذ أن ظهرت فكرة كورونا اختفى هذا العدد و صارت الوفيات جميعها تقع تحت مسمّى كورونا, خيرُ ما نفعله هو ممارسة حياتنا بشكلٍ طبيعي, و متى كان ولا بد فعلينا أن نحاول تفادي الإصابة بكورونا, لكن بحدود عقلانيّة بدون تهويل و تضخيم.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|