Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
اليوم العالمي للمرأة بقلم/ فؤاد زاديكى
اليوم العالمي للمرأة بقلم/ فؤاد زاديكى وجودُ المرأة في الحياة نعمةٌ كبيرةٌ من نِعَم الربّ, فهي لم تصبحْ معينًا للرّجل فحسب, بل لها أهمّية كبرى في استمراريّة الحياة كما في إدخال عناصر الفرح و الرّاحة و السّعادة إلى داخل المجتمعات البشريّة ككلّ, فلولا المرأة و عملها الرّائع في حياتنا لكانت حياتُنا أشبه ما تكون بصحراء قاحلة لا نَبْتَ فرحٍ لها و لا زهور محبّة, فهي تُضفي على حياة البشر كلّ أسباب السعادة و الهناء والرّاحة. يُصادف اليوم (الثامن من آذار) مناسبة لها أهمّية قُصوى في حياتنا ألا و هي اليوم العالمي الدّولي للمرأة, و "اليوم الدولي للمرأة أو اليوم العالمي للمرأة هو احتفال عالمي يحدث في اليوم الثامن من شهر مارس / آذار من كلّ عام، ويقام للدلالة على الاحترام العام، و تقدير و حبّ المرأة لإنجازاتها الاقتصادية، و السياسية و الاجتماعية. و في بعض الدول كالصين و روسيا و كوبا تحصل النساء على إجازة في هذا اليوم, و الاحتفال بهذه المناسبة جاء على إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي و الذي عقد في باريس عام 1945 و من المعروف أنّ اتحاد النساء الديمقراطي العالمي يتكوّن من المنظمات الرديفة للأحزاب الشيوعية، (ممّا يعني أنّه كان أحد إنجازات الحركة الشيوعيّة العالميّة) و كان أول احتفال عالمي بيوم المرأة العالمي رغم أنّ بعض الباحثين يرجّح أنّ اليوم العالمي للمرأة كان على إثر بعض الإضرابات النسائية التي حدثت في الولايات المتحدة. في بعض الأماكن يتم التغاضي عن السمة السياسية التي تصحب يوم المرأة فيكون الاحتفال أشبه بخليط بيوم الأم، و يوم الحب و لكن في أماكن أخرى غالباً ما يصحب الاحتفال سمة سياسية قوية و شعارات إنسانية معينة من قبل الأمم المتحدة، للتوعية الاجتماعية بمناضلة المرأة عالمياً. بعض الأشخاص يحتفلون بهذا اليوم بلباس أشرطة وردية" إنّ الأكثر أهمّيةً برأيي - من جميع هذه الشّكليات - هو العمل الفعلي الحقيقي و الفاعل بأن تُعطى المرأة ما تستحقّهُ من تقدير و احترام, ففي العالم العربي, تكون المرأة تابعًا, مهما سمعنا من خطاباتٍ رنّانة لأنّ الممارسات العمليّة على أرض الواقع تدحض كلّ هذه المزاعم, فهي لا تحظى بما يجب من اهتمام أمّا عن الحقوق, فلا تسأل, حقوق المرأة في هذه البلدان صارت في خبر كان, بسبب سيطرة عقليّة ذكوريّة لا تُعطي أيّة فرصة لانطلاق عملية التغيير, فالرّجل الشرقي يُريد من المرأة أن تكون بلا لسان, أي لا تعترض على أوامره و أحكامه, و التي تصبّ غالبيّتها في خانة عالمه الذكوري المطلق. فالصورة النمطية الحالية و المعروفة عن الرجل الشرقي تبدأ من أمور سخيفة للغاية, مثلًا بالشاربين العريضين، و تنتهي بالتحكم الكامل بتصرفات عائلته على نحوٍ دكتاتوري غير قابل للنقاش أو الجدل و كأنّه من المسلّمات، أو بأحكام قره قوشيّة ما أنزل بها من سلطان, و خصوصًا الإناث منها في كلّ مناحي الحياة صغيرها و كبيرها, إذ يجب أن يكون الرّجل هو المحور الذي تدور حوله جميع الظواهر و المواقف و الأمور و الشّخصيات الخ.... هذه الصورة التي أخدها الغرب عن الرجل الشرقي تترسّخ يومًا بعد يوم, و مازالت تترسخ لديه، فلا سبيل لتغييرها إلا لتغيير المجتمع نفسه أو محاولة إصلاحه بشكل جذري لكنْ أليس الرجل مَنْ سيقوم بإقرار و تطبيق هذا الإصلاح؟ أجل إنّه الرّجل. فهل سوف يقدم على خطوة مثل هذه تُنهي سلطته التعسّفيّة, و تقضي على مملكة ذكوريته؟ لا أعتقد ذلك إذا لم يكنْ مستحيلًا. هناك أمثلة حيّةٌ في هذه المجتمعات, تُثبت بالدليل القاطع أنّ هذه النّمطيّة الفكريّة لدى الرجل لن تتغيّر, لأنّ القوانين الوضعيّة, التي سنّها و شرّعها و اقرّها تُجيز له ممارسة ما يحلو له بعيدًا عن ايّة مُحاسبة أو عقاب, فالرّجل يتحرّش بالمرأة و يحميه المجتمع, و هو يمارس العنف السري و لا يُحاسبه المجتمع, ثم يقترف جرائم ما يُسمّى " بالشّرف" و يكون هذا من حقّه. ناهيك عن أسلوب تعامله مع المرأة من فوقيّة مُقرِفة منطلقًا من فكرة أنّ المرأة عورة أو عار أو ضلع اعوج أو مخلوق ناقص, مهمّتها الأساسيّة تنحصر في تلبية شهواته و خلق الظروف التي تحقّق له الرّاحة و السعادة, فهي بنظره دمية للعب و التسلية بها, كما هي آلة تفريخ, لقد ضرب بكلّ مقوّمات أنوثتها و كيانها كمخلوق له مشاعر و احاسيس و حقوق و عليه واجبات مثل الرّجل تمامًا. من أهمّ المبادئ, التي تُطالب بها المجتمعات العالميّة بخصوص المرأة يمكن أن نختصرها بما يلي: المساواة بين الرّجل و المرأة و هذا من أكبر التحدّيات التي تواجه أيّ خطوة يمكن القيام بها لتحقيق العدالة بين الجنسين, فبسبب هذه اللامساواة لا تنال المرأة نصيبها من الثروة في ظلّ نظام اقتصادي يستغلّ المرأة. النساء و في شتى أنحاء العالم مستمرات في بذل المزيد من أعمال الرعاية والأعمال المنزلية، وهذه الأعمال لا تُقدر حق قيمتها، ولا يتم ضمها إلى حسابات إجمالي الناتج المحلي للدول، وإن كان الاقتصاد لا يمكن أن يعمل دونها, و بهذا يكون إجحاف كبير بحقّ المرأة. انعدام الحماية من العنف الأسري الذي تتعرّض له النساء في المجتمعات عمومًا, و العربيّة خصوصًا, فالزوج يحقّ له ضرب المرأة بسبب أو بدون سبب و على المرأة أن تطيعه, و ألّا تعترض على ما يقوم به, و الكثير من أمّهاتنا و خلال الماضي غير البعيد تعرّضن لمثل هذه الأساليب القمعيّة و الممارسات القاهرة خلال المعاملة غير الإنسانيّة. يحقّ للرّجل الشرقي أن يقتل زوجته أو أمّه أو أخته بحجة الدفاع عن الشّرف و كأنّ الشّرف برمّته كمفهوم بات ينحصر بين فخذي المرأة و كأنّ الرّجل لا شرف له, كالكرامة و الرجولة و الشهامة و العدل و الإنسانية و الرحمة و غيرها من قيم الشرف الكثيرة ليبقى هذا المفهوم محصورًا في جزءٍ معيّنٍ من جسد المرأة. إنّ "جريمة الشّرف" موروث ثقافي بائد, غير قابل للحياة و هو يدمّر المجتمعات و يخلق شرخًا كبيرًا بين أبنائه, لهذا لا يجب الاستمرار بممارسته, و من هنا توجّب إنهاء العمل بكلّ منظومة القوانين الوضعية التي تخصّ هذا الجانب و غيره من جوانب كثيرة من حياة النّاس. المرأة مخلوق عاطفي مملوء بالحنان و الرّحمة و المحبّة, و هو جدير بكلّ احترام و تقدير و عون, ليس فقط من خلال الشعارات الرنّانة و الطنّانة, التي تكون للاستهلاك المحلّي فقط. يجب القيام بخطوات جذرية تُلغي كلّ هذه المنظومة القانونيّة, التي وضعها الرجل لخدمة مصالحه و الحفاظ على تفوّقه, هذا التفوّق المزعوم, الذي جعله يصدّق كذبةً كبيرة عاش يعمل من أجلها و القائلة بأنّ المرأة ناقصة عقل و دين و هو القائم على جميع شؤونها, يحقّ له أن يفعل كلّ ما يريد و يحلو له, بينما المرأة لا يحقّ لها أن تفعل مثل ما يفعل أو حتّى الاعتراض على ما يفعل. المرأة نصفُ المجتمع, و هي تقوم بتربية النّصف الآخر من هذا المجتمع, فإذا كانت ناقصةً فكيف يمكن لها أن تقوم بتربية صحيحة و سليمة؟ إنّي أغتنم هذه المناسبة, الكبيرة الأهميّة بالنسبة لنا جميعًا, و ليس للمرأة فقط, كي نعبّر عن شكرنا و امتناننا لهذه المرأة الفاضلة, المناضلة الشرسة من أجل استمراريّة الحياة فهي الأم و الزوجة و الأخت و الحبيبة و الصديقة و الإنسانة. فكلّ عام و أنت بعدالة و مساواة, أنت بكرامة و إنسانيّة, أنت باحترام و تقدير المجتمعات التي تحترم نفسها.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|