Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الثقافي > حقوق الإنسان و الحريات العامّة

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-08-2010, 04:34 PM
kestantin Chamoun kestantin Chamoun غير متواجد حالياً
Master
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 6,847
افتراضي مازالوا يتنفسون..باب موصد خلفه ما يشبه الأحياء,,,,

مازالوا يتنفسون..باب موصد خلفه ما يشبه الأحياء
تحقيقات
شارك

في "رحلة" الوصول إلى مكانهم صادفتنا أزقة تتخللها مجار مكشوفة، ومبان منتشرة بشكل عشوائي كالمتاهات لا يستطيع تمييزها إلا قاطنها، لنبلغ باباً مفتاحه ركلة، يحبس وراءه روائح كريهة، جعلتنا نتردد لبرهة بالدخول.


هنا بأحد الأحياء العشوائية بمدينة حلب، وتحديدا في حي الشعلة القريب من منطقة الصالحين يعيش الأشقاء جميلة، محمود، وأحمد، في مأوى تبرع لهم فيه أهل الخير.

تخلى عنها الزوج وفقدت الأهل
كانت العائلة -حين كان ما يزال ممكنا تسميتها عائلة- (الأب والأم و7 أولاد، 3 منهم ذكور) يسكنون العراء لسنوات عديدة، جاوروا فيها الحشرات وعانوا جميعاً من إعاقة ذهنية ومرض وراثي منع أغلبهم من المشي أيضاً، ليقضى الوالدين وأختين لهم فيه، وتعود جميلة من تجربة زواج فاشلة، ويرحل الأخ الأكبر عن أخوته الـ4.
جميلة رحمة كبيرة العائلة، بعمر الـ 45، مقعدة تعجزعن الحراك، دون أن تكلم أخوتها بسبب خلافاتهم الدائمة، تجلس في عتبة غرفتها، وحولها قطط تتمشى في باحة الدار، ترمي لهم بقطع من بقايا لحم، تسارع إليها الذباب قبل أن يفطنوا هم بوجودها، تقوم بتربيتهم "لأنها لا تؤذي، عكس أخوتي الذين يؤذونني، يبولون وتضايقني رائحة بولهم، ويأكلون ولا يطعمونني".
تضع بقربها مقتنياتها من غاز صغير ومكنسة قديمة وطعام فسد بعضه، يأتيها كحسنة من الجيران.
"المنزل" مفترش بقطع قذرة من القماش المتناثر، وبرميل وهيكل غسالة قديمة يبين للناظر أن أحداً لم يلمسهم منذ سنين، لا شيئ يوحي بوجود حياة فيه، سوى وعاء ماء بالقرب من جميلة، التي أعتادت اللعب به لأسباب لا يعلمها أحد.
تزوجت جميلة في عمر الـ 14 ، لتعود بعد مرور 5 سنوات إلى ذويها مطلقة بسبب خلافها مع أهل زوجها.
وبصوت متعب ومتقطع رغم علو نبراته روت جميلة أنه "بعد طلاقي مرضت وضاقت بي الدنيا فأخذني أبي المتوفي إلى الطبيب الذي وصف مرضي بالشلل النصفي، وكنت حينها في الـ 20 من عمري".
وبملامح لا يفارقها الحزن أضافت "كان أبي يحبني ويحضر لي الطعام فهوعلى دراية أني وحيدة ولا أستطيع العمل، ولكن بعد موته لم يبق لي أحد، حتى هويتي وأغراضي فقدتهم بمنزلنا السابق".
وبين ممتلكاتها المتناثرة حولها على الأرض والتي لم أستطع تمييز أغلبها، حيث كانت أشبه بالخردة التي ترمى بسلات المهملات، نقد معدني بقيمة 10 ليرات، أخبرتني بأنها "تحتفظ به لترسل أولاد الجيران لشراء ما تحتاج إليه".
ليس لجميلة أمنيات كبيرة كمثيلاتها سوى"غسالة لغسل ثيابها، وتلفاز للتسلية وقضاء الوقت بمشاهدته" هذه وسائل كافية للإحساس بالنعيم، في ظل "خوفها الدائم من الذهاب لدار العجزة".

مشلول في غرفة منسية منذ سنين
محمود، الأخ الأصغر لجميلة، بعمر الـ 40، لا يحب مخالطة الناس، يجلس في غرفته التي تفتقد للنور، ولا تحوي سوى نافذة صغيرة تطل على الزقاق، ولون جدرانها القاتم من الأوساخ المتراكمة بمرور السنين زاد من ظلامها، لتكون أشبه بمغارة.
حدثنا محمود بعد زيارتنا الثانية، إلا أن كلامه كان غير مفهوم في أغلبه، ومنعته حاسة سمعه الضعيفة من إستقبال أسئلتنا أيضاً.
أمنية محمود، الذي "يشكي الآلام دائماً"، الوحيدة "الحصول على ما يمنع وجود الذباب الدائم معه".
أما الأخ الأصغر، القاطن الثالث في "دار المنسيين" فأمتنع عن الإجابة على أسألتنا، مثلما لم يرد على شكرنا له لإستقبالنا.
تصرف أرجعه جارهم رجب حسين "لقدراته العقلية المحدودة، فهو مريض وفقد كليته منذ فترة قريبة".
وروى رجب عن هذه العائلة قائلاً "معاناة الأولاد سببه مرض وراثي بالعائلة من الأم، أما الأب المتوفي حالياً، فقد كان بصحة جيدة ليتأثر لاحقاً بزوجته وأولاده، فيصبح مثلهم لا يعي بتصرفاته حتى فرط بأمواله كلها".
اما الشقيق إبراهيم، أكبر العائلة، رحل منذ سنين خلت تاركاً قصص يرويها معارفهم عن استشهاده على حدود لبنان، ليموت الأب والأم و2 من بنتاتهم مفتخرين بقصته تلك.

الأخ يعمل مستخدم ليعيل أخوته
أما محمد أخاهم الأصغر، 30 سنة، متزوج ويعمل كمستخدم، براتب شهري لا يتجاوز 8000، وعن حالة أخوته قال "أخوتي مقعدين منذ سنين طويلة، أحاول مساعدتهم وأصرف راتبي عليهم، فقد أخذتهم إلى مستشفى الرازي فوصفوا لهم بعض الأدوية للأعصاب، والأوكسجين لأحمد، وأقوم بشرائها لهم، رغم أن الأمل بشفائهم معدوم ويحتاج إلى معجزة حقيقية".
وأكمل "كانت أختي جميلة بدار العجزة لكنها شكت من المعاملة السيئة هناك، وهم لايريدون الذهاب إلى أي مكان، وليس بإمكاني إجبارهم، وهم راضيين بالقدر وصابرين عليه".
وبين محمد أن حالة أخوته تسوء مع تقدمهم بالسن "فجميلة مثلاً لم تكن تشكي من المرض عندما كانت متزوجة، وضع أخوتي صحياً وعقلياً في تدهور".
وعن عائلتهم قال "كنا نعيش في الشارع جميعاً بعد خسارة أبي لمنزلنا القديم بمنطقة الجندول، ليتبرع لنا أهل الخير بهذا المنزل الذي يقطنه أخوتي الآن، لدينا أخت أرملة تعيل 8 أولاد لذا لانراها ولاتستطيع مساعدتنا".
وتمنى محمد أن "يساعده الناس بإطعام وإكساء إخوته العجزة".

قصص يرويها الجيران عن العائلة
رويدة زوجة أخيهم محمد حركت بيدها بإشارة تدل على عدم وعي زوجها لكلامه، قائلة "وصف لنا الطبيب مرضهم بالضمور العضلي، أذهب كل أسبوع لتنظيف منزلهم، ولكني غالباً لاأستطيع الدخول لأنهم يمنعونني ويسبوني ويقومون بضربي أحياناً".
قاطعت حديثها والدتها لتقول بصوت عال متباهية "أساعد أبنتي بالطعام والشراب حتى يستطيع زوجها إيفاء الدين المتراكم عليه وشراء المنزل الذي يقطنه، والعائلة كلها تعاني من المرض لكن زوج أبنتي لم يرضع من أمه المتوفاة لذا لم يصاب بمرض أخوته".
وبينت أنهم "كانوا يعيشون بخيمة في منطقة عسان لاتقيهم حر الصيف ولابرد الشتاء وهم لايستطيعون الحركة، حتى أن والدته المتوفاة كانت الحشرات والديدان تمشي على جسدها".
واضافت "ساعدتهم بعدها بجمع مبلغ من المتبرعين لشراء منزلهم الحالي، وقمنا بتشيع ودفن أختيه ووالديه"، وجلست وأشارت بيدها لتوحي بأنها تريد أن تنسى شئ ما " بلا ما أحكي، مرضت أبنتي نفسياً عندما رأت حالتهم لأول مرة".
ضيق المساحة والقذارة لم تقتصر فقط على بيوتهم، بل امتدت لتكون صفة لحيهم وأزقتهم، لكن سعة صدرهم ودعواتهم وشكرهم لنا، جعلتنا نبتسم بينهم رغم مرارة القصة واستمرار المأساة.
حلا حريتاني-سيريانيوز

2010-08-04 20:13:44
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:47 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke