Forum of Fouad Zadieke

Forum of Fouad Zadieke (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/index.php)
-   خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/forumdisplay.php?f=277)
-   -   حينَ يَفقِدُ الإنسانُ السَّيطَرَةَ على ذاتِه بقلم: فُؤاد زادِيكِي (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/showthread.php?t=50897)

fouadzadieke 11-05-2025 11:35 PM

حينَ يَفقِدُ الإنسانُ السَّيطَرَةَ على ذاتِه بقلم: فُؤاد زادِيكِي
 
حينَ يَفقِدُ الإنسانُ السَّيطَرَةَ على ذاتِه


بقلم: فُؤاد زادِيكِي

عِندَما يَبلُغُ الإنسانُ مَرحلَةً لا يَستَطيعُ فيها السَّيطَرَةَ على نَفسِه، يُصبِحُ وَقعُ الحياةِ أثقَلَ مِمّا يُحتَمَلُ، و يَغدو أسيرًا لحالةٍ تُفرَضُ علَيهِ دونَ اختِيارٍ.
و هذِه الحالةُ، الّتي يَنزَلِقُ إليها غالِبًا بِفِعلِ الضُّغوطِ النَّفسِيَّةِ أو الأزماتِ الحادَّةِ، تُنتِجُ تَفاعُلاتٍ داخِلِيَّةً قَدرُها أنْ تُؤثِّرَ بِقُوَّةٍ على مُستَقبلِه و مَسيرتِه في الحياةِ.

فَفي لحظاتِ الغَضَبِ، أو في ساعاتِ الضَّعفِ و الانكَسارِ، قد يَفقدُ المرءُ رُشدَه، و يَتصرَّفُ بانفِعالٍ دونَ تَفكيرٍ أو حِسابٍ.
و إذا تَكرَّرت تِلكَ اللحظاتُ و أصبَحت نَهجًا، فإنَّ الشَّخصَ يَتَحوَّلُ تدريجيًّا إلى كائِنٍ مَقهورٍ، تَدفَعُه الأهواءُ و تَجرُّه النَّزَعاتُ السَّلبيَّةُ. حينَها، يَفقدُ الإنسانُ قُدرَتَه على التَّمييزِ بينَ ما يَنبَغي و ما لا يَنبَغي، و يُصبِحُ خاضِعًا لِقُوى داخِلِيَّةٍ تَسلِبُه إرادَتَه.

الإنسانُ الّذي لا يُدرِكُ مَكامنَ ضَغطِه و لا يُحاوِلُ السَّيطَرَةَ علَيها، إنّما يَحفُرُ بيدِهِ حُفرةً عَميقةً تَبتَلِعُ استِقرارَه و سَكينَتَه.
فَالأمراضُ النَّفسيَّةُ، و التَّوتُّرُ الدّائِمُ، وَ فِقدانُ الثِّقةِ بالنَّفسِ، كلُّها تَظهَرُ كَثمارٍ مُرَّةٍ لِحالاتِ العَجزِ عن ضَبطِ الذاتِ.
كما أنَّ العَلاقاتِ الاجتِماعِيَّةَ تتأثَّرُ بشدَّةٍ مِثلَما يَتأثَّرُ العملُ و الإنتاجُ و التَّواصُلُ السَّليمُ معَ الآخرينَ.

لا يُمكِنُ أنْ يُحقِّقَ الإنسانُ التَّوازُنَ في حياتِه إلّا إذا امتَلَكَ أَدواتِ السَّيطَرَةِ على المَشاعِرِ و الانفِعالاتِ.
و ذلكَ لا يَكونُ إلّا من خِلالِ التَّأمُّلِ، و الرِّياضَةِ الرُّوحِيَّةِ، و مُراجَعَةِ الذَّاتِ، وَ طَرحِ الأسئِلَةِ الجَوهَرِيَّةِ على النَّفسِ.
ما الّذي يُغضِبُنِي؟ ما الّذي يُقلِقُنِي؟ لماذا تَتكرَّرُ حالاتُ انفِلاتي؟ كيفَ يُمكِنُ أنْ أكونَ أهدَأَ و أقوى؟

كلُّها أسئِلَةٌ لا بُدَّ مِن طَرحِها بِصِدقٍ إنْ أَردنا الخُروجَ مِن سِجنِ الضَّعفِ النَّفسيِّ.
فَالحُرِّيَّةُ الحَقِيقِيَّةُ لا تَكمنُ في الخُروجِ إلى العالمِ، بَل في تَحريرِ النَّفسِ من داخِلِها، و حينَ نَفشَلُ في ذلكَ، تَتراكمُ الأَعباءُ، و نَفقِدُ هُويَّتَنا، و نُصبِحُ كَالسَّفينةِ التَّائهةِ في بَحرِ العَواصفِ.

لا عَيبَ أنْ نَضعُفَ، فَالبَشَرُ يَخطَأونَ و يَضعُفونَ.
لكنَّ العَيبَ أنْ نَستَسلِمَ لهذا الضَّعفِ دونَ مُحاوَلةٍ للتَّغَلُّبِ علَيهِ.
فالإنسانُ القَوِيُّ ليسَ مَن لا يَسقُطُ، بَل مَن يَنهَضُ كُلَّما تَعثَّرَ، و يَسعى إلى إصلاحِ ذاتِه.

فَحينَ نَتَعلَّمُ السَّيطَرَةَ على نُفوسِنا، نَكُونُ قد مَلَكنا أَغلى مَفاتيحِ النَّجاحِ و الرّاحَةِ النَّفسِيَّةِ.
و ما أجمَلَ الإنسانَ حينَ يكونُ سيِّدًا على ذاتِه، لا عَبدًا لِنَزَواتِه!

fouadzadieke 08-06-2025 05:06 AM

1 مرفق
الشكر الخالص و التقدير الكبير لشخصكم الفاضل أستاذة سارة سليمان و الاستاذ علي يوسف و الشاعر الأستاذ علي أبو رفيع لتكريم نصي حين يفقد الإنسان السيطرة على ذاته و نشره في العدد ٢٤ من مجلة الجامعة العربية الدولية للثقافة و السلام فرنسا


الساعة الآن 09:00 PM.

Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke