![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
![]() حينَ يَفقِدُ الإنسانُ السَّيطَرَةَ على ذاتِه بقلم: فُؤاد زادِيكِي عِندَما يَبلُغُ الإنسانُ مَرحلَةً لا يَستَطيعُ فيها السَّيطَرَةَ على نَفسِه، يُصبِحُ وَقعُ الحياةِ أثقَلَ مِمّا يُحتَمَلُ، و يَغدو أسيرًا لحالةٍ تُفرَضُ علَيهِ دونَ اختِيارٍ. و هذِه الحالةُ، الّتي يَنزَلِقُ إليها غالِبًا بِفِعلِ الضُّغوطِ النَّفسِيَّةِ أو الأزماتِ الحادَّةِ، تُنتِجُ تَفاعُلاتٍ داخِلِيَّةً قَدرُها أنْ تُؤثِّرَ بِقُوَّةٍ على مُستَقبلِه و مَسيرتِه في الحياةِ. فَفي لحظاتِ الغَضَبِ، أو في ساعاتِ الضَّعفِ و الانكَسارِ، قد يَفقدُ المرءُ رُشدَه، و يَتصرَّفُ بانفِعالٍ دونَ تَفكيرٍ أو حِسابٍ. و إذا تَكرَّرت تِلكَ اللحظاتُ و أصبَحت نَهجًا، فإنَّ الشَّخصَ يَتَحوَّلُ تدريجيًّا إلى كائِنٍ مَقهورٍ، تَدفَعُه الأهواءُ و تَجرُّه النَّزَعاتُ السَّلبيَّةُ. حينَها، يَفقدُ الإنسانُ قُدرَتَه على التَّمييزِ بينَ ما يَنبَغي و ما لا يَنبَغي، و يُصبِحُ خاضِعًا لِقُوى داخِلِيَّةٍ تَسلِبُه إرادَتَه. الإنسانُ الّذي لا يُدرِكُ مَكامنَ ضَغطِه و لا يُحاوِلُ السَّيطَرَةَ علَيها، إنّما يَحفُرُ بيدِهِ حُفرةً عَميقةً تَبتَلِعُ استِقرارَه و سَكينَتَه. فَالأمراضُ النَّفسيَّةُ، و التَّوتُّرُ الدّائِمُ، وَ فِقدانُ الثِّقةِ بالنَّفسِ، كلُّها تَظهَرُ كَثمارٍ مُرَّةٍ لِحالاتِ العَجزِ عن ضَبطِ الذاتِ. كما أنَّ العَلاقاتِ الاجتِماعِيَّةَ تتأثَّرُ بشدَّةٍ مِثلَما يَتأثَّرُ العملُ و الإنتاجُ و التَّواصُلُ السَّليمُ معَ الآخرينَ. لا يُمكِنُ أنْ يُحقِّقَ الإنسانُ التَّوازُنَ في حياتِه إلّا إذا امتَلَكَ أَدواتِ السَّيطَرَةِ على المَشاعِرِ و الانفِعالاتِ. و ذلكَ لا يَكونُ إلّا من خِلالِ التَّأمُّلِ، و الرِّياضَةِ الرُّوحِيَّةِ، و مُراجَعَةِ الذَّاتِ، وَ طَرحِ الأسئِلَةِ الجَوهَرِيَّةِ على النَّفسِ. ما الّذي يُغضِبُنِي؟ ما الّذي يُقلِقُنِي؟ لماذا تَتكرَّرُ حالاتُ انفِلاتي؟ كيفَ يُمكِنُ أنْ أكونَ أهدَأَ و أقوى؟ كلُّها أسئِلَةٌ لا بُدَّ مِن طَرحِها بِصِدقٍ إنْ أَردنا الخُروجَ مِن سِجنِ الضَّعفِ النَّفسيِّ. فَالحُرِّيَّةُ الحَقِيقِيَّةُ لا تَكمنُ في الخُروجِ إلى العالمِ، بَل في تَحريرِ النَّفسِ من داخِلِها، و حينَ نَفشَلُ في ذلكَ، تَتراكمُ الأَعباءُ، و نَفقِدُ هُويَّتَنا، و نُصبِحُ كَالسَّفينةِ التَّائهةِ في بَحرِ العَواصفِ. لا عَيبَ أنْ نَضعُفَ، فَالبَشَرُ يَخطَأونَ و يَضعُفونَ. لكنَّ العَيبَ أنْ نَستَسلِمَ لهذا الضَّعفِ دونَ مُحاوَلةٍ للتَّغَلُّبِ علَيهِ. فالإنسانُ القَوِيُّ ليسَ مَن لا يَسقُطُ، بَل مَن يَنهَضُ كُلَّما تَعثَّرَ، و يَسعى إلى إصلاحِ ذاتِه. فَحينَ نَتَعلَّمُ السَّيطَرَةَ على نُفوسِنا، نَكُونُ قد مَلَكنا أَغلى مَفاتيحِ النَّجاحِ و الرّاحَةِ النَّفسِيَّةِ. و ما أجمَلَ الإنسانَ حينَ يكونُ سيِّدًا على ذاتِه، لا عَبدًا لِنَزَواتِه! التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 13-05-2025 الساعة 07:38 AM |
#2
|
||||
|
||||
![]()
الشكر الخالص و التقدير الكبير لشخصكم الفاضل أستاذة سارة سليمان و الاستاذ علي يوسف و الشاعر الأستاذ علي أبو رفيع لتكريم نصي حين يفقد الإنسان السيطرة على ذاته و نشره في العدد ٢٤ من مجلة الجامعة العربية الدولية للثقافة و السلام فرنسا
|
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|