Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الديني > المنتدى المسيحي > منتدى فرعي للأب القس ميخائيل يعقوب > مقالات - أبحاث - دراسات - نشاطات الخ

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-05-2008, 01:00 PM
الأب القس ميخائيل يعقوب الأب القس ميخائيل يعقوب غير متواجد حالياً
Ultra-User
 
تاريخ التسجيل: Feb 2007
المشاركات: 304
افتراضي لكي لا ينخدع المؤمن - 1 -

مقدمــة الكاتب :
إن اصطلاح البدعـة او الانشقاق يشيران إلى انقسـام وانفصال خطيرين في صفوف المؤمنين المسيحيين وعلى مستويين متباينين :
الأول : انفصال في الإيمان وهذا يتم بسبب البدع .
الثاني : الانفصال في وحدة الشركة من حيث الترتيب الرئاسي وهذا سببه الانشقاق .
ويجب ألا يفوتنا بأن أحدهما مسبب للآخر ، لذلك فإن البدع والهرطقات كانت وما تزال هي الخطر الأكبر الذي واجهته ولا تزال تواجهه الكنيسة وهذا ما عبر عنه الرسول بطرس بقوله : كان أيضا في الشعب أنبياء كذبة كما سيكون فيكم أيضاً معلمـون كذبة الذين يدسّون بدع هلاك وإذ هم ينكرون الرب الذي اشتراهم يجلبون على أنفسهم هلاكاً سريعاً وسيتبع كثيرون تهلكاتهم الذين بسببهم يجدَّف على طريق الحق ( 2بطرس 2: 1-2 ) .
هذا وإن الانقسامات التي تحدث بسبب البدع تتدرج شيئاً فشيئاً إلى شيع وأحزاب تجد نفسها في حلبة المنافسة ولها نظرياتها الخاصة في الإيمان والعبادة والتفسير والتأويل ، كما حدث في الماضي ، وهنا نقول ويا للأسف إن هذه هي عودة إلى الحالة اليهودية التي كانت قائمة حينما كانت هناك شيعاً متمايزة ومتعددة كشيع الصدوقيين ( أع5: 17 ) والفريسيين ( أع15: 5 ، 26: 5 )
أقول إنها عودة إلى اليهودية لأنها ضد ما أراد الرب في مخاطبته الآب : ليكونوا واحداً كما أننا واحد ( يو17: 22 ) .
هذا وإننا إذا ما نظرنا إلى البدع والمبتدعين منذ أيام بشارة ربنا يسوع المسيح له المجد وإلى اليوم لوجدناها في ثلاث حالات :
الأولــى : الخيانة . وذلك مثلما سلك يهـوذا الاسخريوطي وعبّر عنها ربنا له المجـد بالقـول : إن ابن الإنسان ماضٍ كما هو مكتوب عنه ولكن ويل لذلك الذي به يسلم ابن الإنسان ( مت26: 24 ) . وقوله أيضاً : من أنكرني أمام الناس أنكره أنا أيضاً أمام أبي الذي في السموات ( مت10: 33 ) .
الحــالة الثانية : حالة الذين كانوا يعتقدون باليهودية الذين كانوا يعلّمون لمن كان يؤمن من الوثنيين قائلين : إن لم تختتنوا حسب عادة موسى لا يمكنكم أن تخلصوا ( أع15: 1 ) . إنهم كانوا يحاولون إلزام الوثنيين المهتدين إلى المسيحية باستعمال فريضة الختان والشرائع الموسوية وذلك اعتداداً منهم بالأصل اليهودي وتعصباً لطرق العبادة اليهودية ، وهذا ما حدا ببولس وبرنابا إلى منازعتهم مما أدى إلى عقد مجمع أورشليم سنة 51م وكانت قرارات المجمع ألا يلزم المؤمنين بالتقيد بالعادات والرسوم الموسوية …وإلخ .
الحــالة الثالثة : حالة ظهور آراء فاسدة ومعتقدات باطلة عند البعض من الشخصيات المسيحية عبر التاريخ فانحرفوا عن الإيمان المستقيم وخرجوا عن حظيرة المسيح له المجد ، فمنهم من هلك وتبدد أتباعه ومنهم من أدت بدعته إلى انشقاق في الكنيسة وحدث الانفصال في الشركة إيمانياً وإدارياً .
واليوم نجد جماعات كثيرة معظم عقائدها بدع وإنَّ هرطقاتها هي دمج للحالات الثلاث الآنفة الذكر . وإذا ما حللنا بدعها الكثيرة لوجدنا :
- فيها خيانة للمسيح له المجد على طريقة يهوذا .
- وفيها اعتداد بالطريقة اليهودية في الإيمان والعبادة .
- وهي في جملتها آراء فاسدة ودعوة إلى اختطاف المؤمنين من كنائسهم .
إن بحثنا هذا يكشف زيف المظهر الذي يظهر به هؤلاء الذين خرجوا من كنائسهم الأم ، حيث أن لهم مظهراً مسيحياً رائعاً لكنهم ما وراء المظهر لا يمتّون إلى المسيح بصلة ، ذلك إنهم ينسفون في معتقداتهم الأسس التي لا بد منها كي يتحقق الخلاص بصليب المسيح له المجد وهذا ما ستتبينه أيها العزيز المؤمن من خلال قراءتك لهذا البحث الذي سأجعله في حلقات ، وإن الله هو مرشدنا آمين .

ملاحــظة : انتبه أخي المؤمن إلى أنه ربما ستظهر فرقٌ كثيرة لها أهدافٌ مكشوفة وربما غير مكشوفة ، فأنا أعتقد أنه كلما اكتُشِفت فرقة وفُضِح أمرها ستظهر فرقة أخرى وهكذا ...... لأن الغاية الرئيسية هي إفراغ الكنائس الرسولية التي تعتمد نظام المسيح في الرئاسة الكهنوتية من أبنائها وذلك لجعل المؤمنين في حالة إيمانية خاطئة تتطلب مسيحاً آخر .
ملاحظــــة : أرجو من القارئ العزيز أن ينسخ كل حلقة من هذا البحث إلى حاسوبه ويعود إليها مرات عدة لقرائتها وحفظها فيتسلح بفكر الكنيسة الصحيح آميـــــن .

الضعيف غير المستحق ولكن بنعمة الله
القس ميخائيل يعقوب
كاهن كنيسة مار أسيا الحكيم
بالدرباســية






الفصـــــل الأول

(( رفض الشفاعــــة ))

يقولون فيها :
نؤمن أن الرب يسوع هو المخلص الوحيد للعالم وأنَّه الوسيط والشفيع الوحيد بين الله والناس وأنَّه لا وسيط أو شفيع بين المسيح والناس .
ماذا يقصدون من وراء هذا الحديث ؟
إنهم يقصدون أن لا شفاعـة للشخصيات الدينية لـدى الله وأنَّ الذين ندعوهم نحن بالقديسين ابتداءً مـن شخص أمنا العذراء وسائر الآباء القديسين لا أهمية لهم في علاقة المؤمن مع الرب يسوع . فهل ما يقصدونه صحيحاً ؟
أمام ذلك لابد من معرفة من هو القديس وما هي الشفاعة .
أ - من هو القديس ؟
إن القديس لابد أن يكون معمّداً فبدون المعمودية لا يمكن أن يكون المرء قديسا مهما كان مؤمنا تقيا وصالحا فكرا وسلوكا وعبادة وذلك لأنه لا يمكن أن ينال الروح القدس إلا بعد أن يعتمد ومن لا ينال الروح القدس لا يمكن أن يصير قديسا . ولكن هل هناك بالمفهوم المسيحي شخص معين معنيٌّ باسم القديس أم أن صفة القداسة هي صفة عامة تشمل جميع من اعتمد باسم المسيح ؟
لا أريد الإجابة مباشرة على هذا السؤال ، إنما أستعرض بعضا من الآيات في هذا الخصوص ثم نأتي إلى الإجابة .
قال حنانيا للرب في رؤيا عن بولس : قد سمعت من كثيرين عن هذا الرجل كم من الشرور فعل بقديسيك في أورشليم ( أع9: 13 ) وفي الحقيقة إن بولس وقبل أن يهتدي إلى الدين المسيحي فعل شرورا كثيرة لمن كانوا يدعون باسم الرب يسوع المسيح له المجد من التلاميـذ (أع9: 1 )
قال الرسول بولس في رسالته إلى أهل أفسس عن المسيح له المجد ( الذي في أجيال أخر لم يعرَّف به بنو البشر كما قد أعلنه الآن لرسله القديسين وأنبيائه بالروح ) أفسس3: 5
في الاصحاح التاسع من سفر أعمال الرسل مكتوب أيضاً ( وحدث أن بطرس وهو مجتاز بالجمع نزل أيضاً إلى القديسين الساكنين في لدّة ) أع9: 32 .
في نفس الاصحاح أيضاً وبعد أن أقام بطرس الصبية الميتة ( نادى القديسين والأرامل وأحضرها حية ) أع9: 41 .
في رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس قال الرسول بولس ( بولس عبد يسوع المسيح بمشيئة الله ، وتيموثاوس الأخ إلى كنيسة الله في كورنثوس مع القديسين أجمعين الذين في أخائيّة نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح ) 2كو1: 1-2 .
وفي الإصحاح الأخير من ذات الرسالة يقول ( يسلّم عليكم جميع القديسين ) 2كو13: 13 .
والآن :
- من الحديثين الأول والثاني نجد أن صفة القداسة أطلقت على فئة خاصة وكانت هي جوقة تلاميذ ربنا يسوع المسيح له المجد .
- من الأحاديث الأربعة الأخرى نجد أن هذه الصفة انطلقت لتعم جميع المسيحيين وذلك لأن بالروح القدس يشترك المسيحي في قداسة الله تبارك اسمه ، وإن قوة الروح القدس ينالها المؤمن المسيحي بالمعمودية وهذا ما نستشفه من قوله له المجد لنيقوديموس ( من لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله ) يو3: 5 . ولذا فإن الرسول بطرس قال للمؤمنين بالرب يسوع له المجد : وأما أنتم فجنس مختار وكهنوت ملوكي وأمة مقدسة 1(بط2: 9 ) ولكن … !
إن قداسة المؤمنين تتطلب منهم قطع الصلة كلياً بالخطيئة وبالصور والممارسات الوثنية وهذا ما لم يستطع المؤمنون عامة تحقيقه تحقيقاً تاماً عبر الأجيال التي سلفت إذ أنه إلى جانب إيمان المؤمنين وأعمالهم الصالحة وعبادتهم وسلوكهم المسيحي الطيب هناك خطايا كثيرة يرتكبونها وهناك ممارسات وثنية يمارسونها من محبة المال ومحبة الوجاهة والحزن الشديد على الأموات والاهتمامات العالمية الكثيرة والميل إلى الشهوات الحيوانية ……… وإلخ ، أي أن قداسة المؤمنين عامة ليست في درجات عالية . قال الرسول بولس (لأن هذه هي إرادة الله قداستكم أن تمتنعوا عن الزنا وأن يعرف كل واحد منكم أن يقتني إناءه بقداسة وكرامة لا في هوى شهوة كالأمم الذين لا يعرفون الله . أن لا يتطاول أحد ويطمع على أخيه …الله لم يدعُنا للنجاسة بل للقداسة ، إن من يرذل لا يرذل إنساناً بل الله الذي أعطانا أيضا روحـه القدوس ) 1 تسالونيكي 4: 3-8 .
إذاً : إن قداسة المؤمنين تتطلب أن يسلكوا بحسب كلمة الله التي لا حدود لقداستها وليس بحسب كلمة البشر التي في كثير من الأحيان لا قداسة فيها ، فقد قال ربنا يسوع المسيح ( كونوا كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل ) مت5: 48 . إن متطلبات القداسة هي أساس التراث المسيحي النسكي كله ، بمعنى أن التراث النسكي لا يستند إلى مُثُلٍ غير موجودة وغير معروفة ليس بالإمكان العمل بها ، وبمعنى أوضح إن القديس هو من عمل بحسب متطلبات القداسة ، جوهراً وشكلاً ، فكراً وعملاً فتحقق فيه قول الرسول بولس ( ألبسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيرا للجسد لأجل الشهوات ) رو13: 14 . كما أنه استطاع تحقيق قول الرب يسوع الآنف الذكر ( كونوا كاملين كما أن أباكم السماوي هو كامل ) من ذلك فإن القديس هو من مارس وحقق في حياته الزمنية الجسدية هذه الأربعة البارزة في تدبير المسيح الخلاصي :
1 - تعاليمه الإلهية . 2 - آلامه المخلِّصة . 3 - موته . 4 - قيامته .
1- تعاليمه الإلهية : في الصوم والصلاة الدائمين والمحبة والعبادة المستمرة والأعمال الصالحة والوعظ والإرشاد …… إلخ .
2- آلامه المخلِصة : فهو ( أي القديس ) قد اختار تحقيق قوله له المجد ( اجتهدوا أن تدخلـوا مـن الباب الضيق ) لو13: 24 . في الفقر الاختياري . في شظف العيش . في احتمال قساوة الحياة . في الوحدة . في الضرب والتعذيب والحرق والجوع والحرمان …… وإلخ .
3- في موته : وذلك في كل ما كان يحتمله القديس ، إماتة جسده إلى درجة أنه ما كان يحس به من حيث الجوع والعطش والبرد والحر أو من حيث دوافعه وشهواته المادية ..... وإلخ .
4- في قيامته : مع أنهم احتملوا كل العذابات بحياتهم كانوا يمجدون اسم الله فيهم وفي معجزاتهم التي كانوا يجترحونها باسم المسيح وفي صور القداسة التي كانوا يظهرون فيها دائماً أي أنهم كانوا يمارسون مجد قيامة المسيح دائماً ، لأنَّ من أبرز ما في قيامة المسيح إن هو منح القوة الخارقة للمؤمن في مواجهة إبليس اللعين ، لذا فإن من يستثمر هذه القوة فهو يتمتع بمجد قيامته له الـمجد . هذا ما أوجزه الرسول بولس في هذه العبارة : ( لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبهاً بموته ) فيلبي 3: 10
- لأعرفه : في تعاليمه ووصاياه ومعجزاته وأعماله .
- وقوة قيامته : أي أنـي أدرك قوة ومجد قيامته في انتصاري على إبليس بدءاً من جسدي وبكل شيء .
- وشركة آلامه : أي أني أدرك عظمة تألمي من أجل كرامة ومجد اسمه .
- متشبها بموته : أي أنـي أموت وأنا ما زلت حيّاً في الجسد .
هذه كلها لم يستطع المؤمنون تحقيقها تماماً باستثناء القليل القليل منهم في كل مكان وزمان ولذا فإن هؤلاء هم أكثر من استحق أن يوصف بصفة القداسة وفي مقدمتهم أمنا العذراء الكلية الطوبى فليس خطأً إذاً أن نصف العذراء بالقديسة الطاهرة مريم أو أن نقول القديس مار أسيا أو القديس مار كبرئيل أو القديسة مارت شوشان ... ، بل وبحسب ما ذكرناه فإنه يجب أن نخاطب هؤلاء القلة عبر الأجيال بصفة القديسين والقديسات دون أو نخاطب أي مؤمن آخر بهذه الصفة .
ب: الشفاعــــة .
أولاً : الشفاعة بالتعريف هي توسطٌ من شخص أولٍ لشخص ثانٍ عالي المقام لأجل شخص ثالث ذلك عندما يرى هذا الثالث أنه غير مستحق أو لا يتجرأ أن يسأل لنفسه بدون وساطة وسيطٍ أو شفاعة شفيعٍ ، والشرط في ذلك أن يكون المتشفع ذا مكانة ومقام يؤهله للتشفع ، وهكذا المؤمن الذي كلما ازداد انسحاقاً شعر أنه صغير جداً أمام عظمة الله اللامتناهية وهو بالتالي ليس مستحقاً أن يطلب لنفسه من الله مباشرة فيلجأ للتشفع بالقديسين.
ثانياً : غاية الشفاعة هي جلب الفائدة من صاحب القوة الذي هو الله للضعيف الذي هو الإنسان .
ثالثاً : هناك نوعان للشفاعة يكمّل أحدهما الآخر : وهنا نلجأ إلى التحليل المنطقي .
1 - نوع مطلق وهو خاص بالسيد المسيح . فالمراد بشفاعة المسيح هو وساطة الفداء والتكفير عن خطايانا للخلاص . وشفاعته دائمة ومستمرة وأبدية وعامة تشمل كل مؤمن به في العالم ولذا هتف الرسول بولس قائلاً : يقدر أن يخلص إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله إذ هو حيٌ في كل حينٍ ليتشفع فيهم ( عب7: 25 ) .
2- النوع الثاني وهو موضوع حديثنا ألا وهو الشفاعة النسبية ، التي هي شفاعة القديسين . هذه الشفاعة مقبولة لدى الله تبارك اسمه إذ تؤمن الكنيسة أن للقديسين الأحياء والمنتقلين إلى السماء مقاماً رفيعاً أمام الله ومنزلة عالية لدى عرشه الإلهي ، لذا فإنها تطلب احتياجاتها في الحياة الزمنية من الله عن طريق هؤلاء القديسين ويدعى ذلك تشفّعاً ، والكنيسة إذ تعتقد بهذا المبدأ فلأن الكتاب المقدس مليء بالصور التي تدعمه بالإضافة إلى تاريخها الذي يحفل بما يثبت ذلك ، وبالتالي فإن المؤمن الذي يتشفع بالقديس أياً كان هذا القديس فهو ليس مخطئاً وليس هذا فحسب بل إن تشفعه بالقديس إلى الله هو ضرب من التواضع والانسحاق يعبران عن رهبةِ ومحبةِ وشوقِ المؤمنِ للرب الإله ، أي أنه يرى نفسه صغيراً جداً وخاطئاً غير مستحقٍ أن يقف أمام الله ليطلب منه مباشرة ما يريد .
والآن نأخذ من الصور الكتابية هذه التأكيدات عن شفاعة القديسين:
نذكر من العهد القديم :
- لقد شفع موسى في شعبه الذي كان قد صنع له عجلاً وصار يعبده ، فقبل الله شفاعته فيه وصفح عن ذلك الشعب الخاطئ بعد أن كان قد اشتدّ غضبه عليهم وأراد أن يفنيهم ( خر32: 11-14 ) .
- صورة من الاصحاح 17 من السفر الأول للملوك عن أرملة صرفة صيدون التي مرض ابنها ومات فلجأت إلى الله بوساطة إيليا النبي فلبى لها إيليا ما أرادت وصلى إلى الله فاستمع إليه الله وأعاد إلى الصبي روحه ( 1مل17 ) . وقد كان إيليا من رجال الله الأتقياء القديسين ، وكان الله يقبل شفاعته وطلباته .
من العهد الجديد نذكر :
- ما حدث في عرس قانا الجليل لهو أعظم مثال على قبول الله شفاعة القديسين الأحياء ، إذ بالرغم من أن ساعة عمل المعجزات لم تكن قد حانت بعد ، إلا أنه له المجد نزل عند شفاعة أمه العذراء وحول الماء إلى خمرٍ ( يو2: 1-8 ) .
- قال ربنا لـه المجد مؤكداً بأن المؤمنين القديسين لن يُخزَوا إن عملوا مثلما عمل الرسل على تحقيق قوله : كونوا كاملين كما أن أباكم السماوي كامـل ( مت5: 48 ) فإنه قال : هذه الآيات تتبع المؤمنين يخرجون الشياطين باسمي ويتكلمون بألسنة جديدة يحملون حيات وإن شربوا شيئاً مميتاً لا يضرهم ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون ( مر16: 17-18) .
- والرب له المجد أعطى درساً قي تكريمه للآباء القديسين الأحياء والمنتقلين وذلك حينما تجلى على الجبل وظهر معه موسى وإيليا . ففي تحليلنا لهذه الصورة نجد :
1 - المسيح هو الله المخلّص .
2 - موسى : رمزٌ لكل الآباء القديسين المنتقلين لأن موسى مات .
3 - ايليا : رمزٌ لكل الآباء القديسين الأحياء لأنه انتقل إلى السماء حياً بجسده
4 – بطرس ويعقوب ويوحنا كانوا ثلاثة من الرسل الاثني عشر الذين كان ربنا قد قرر أنه سيمنحهم قوة الروح القدس لعمل المعجزات الباهرات باسمه وبقوة صليبه وإنهم سوف يشفعون للمؤمنين ، وإنهم بحسب سلطان الحل والربط الذي سيمنحهم إياه سوف يورّثون ما ينالونه منه للأجيال القادمة من بعدهـم ، وبالتالي فكأن ربنا يقول : هم الآن أحياء لكنهم سيموتون ويأتي غيرهم وهكذا .
5- إن ظهور الرب بهيئته الإلهية لموسى وإيليا وبطرس ويعقوب ويوحنا كان إكراماً فائقاً لهم ، وبما أنهم كانوا صوراً ترمز إلى كل الآباء والقديسين عبر الأجيال لذا فإن ذلك التجلّي كان إشارةً بل تأكيداً إلى أن كل الآباء والقديسين هم مكرّمون أمام عرش النعمة ، أقرأ ( رؤ4: 2-4 ) .
6- إن كلام موسى وإيليا مع المسيح عن خروجه الذي كان مزمعاً أن يتمَّ في أورشليم ( لو9: 31 ) ثم حديث بطرس مع المسيح وجواب الآب له ( لو9: 33-35 ) إنما هو تأكيدٌ على استماع الله لقديسيه وسروره بشفاعتهم .
- أيضاً قال ربنا له المجد : إن كان أحدٌ يخدمني فليتبعني وحيث أكون أنا هناك أيضاً يكون خادمي وإن كان أحدٌ يخدمني يكرمه الآب ( يو12: 26 ) . وإن خادم المسيح الحقيقي بالدرجة الأولى هو الأب القديس الذي كرّس حياته في خدمة المسيح محتملاً كل تعبٍ وقهرٍ وذلٍ غير متمتعٍ بأي نوعٍ من أنواعِ المباهج الحياتية المادية في حياته الزمنية من أجل اسم المسيح ولذا فإن الله يكرمه وواحدة من أشكال تكريمه لهؤلاء القديسين هو قبوله شفاعتهم .
- بعد أن قال ربنا في أمر التينة التي لم يجد فيها ثمراً : لا يكون منك ثمرٌ بعد إلى الأبد فيبست في الحال ( مت21: 19 ) وتعجّب التلاميذ من ذلك قال لهم : إن كان لكم إيمان ولا تشكّون فلا تفعلون أمر التينة فقط بل إن قلتم لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر فيكون وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه ( مت 21: 21-22 ) أي أن الذي يملك هذا الإيمان الجبار فإنه يستطيع أن ينقل الجبال وكل ما يطلبه في الصلاة يناله وهذه تعني الشفاعة .
فمن هم هؤلاء الذين عمل أمامهم تلك المعجزة وأسمعهم هذا الكلام ؟
إنهم رسله القديسين ، وكما نعلم إنهم كانوا نواة الكنيسة ، أي أن لـه المجد قال ذلك لكل قديسي الكنيسة عبر الأجيال إلى انقضاء الدهر من خلال هؤلاء الاثني عشر ، وتتضح هذه المسألة أكثر إذا ما قارناها بالحديث السابق الذي ذكرناه من ( مر16: 17-18 ) . وبحديث آخر من الاصحاح 28 من إنجيل متى قال فيه له المجـد : ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر (مت28: 20 ) . فإذا كان ذلك الحديث وما شابهه من أحاديث أخرى ذكرناها وأخرى لم نذكرها موجهاً إلى الرسل فقط فكيف أنه معهم إلى انقضاء الدهر وقد ماتوا جميعاً والمعروف أن مصطلح انقضاء الدهر يعني نهاية الحياة الزمنية على هذه الأرض ؟
في الحقيقة هو معهم من خلال آباء الكنيسة وقديسيها .
- ونذكر حديثه له المجد : الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فالأعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضاً ويعمل أعظم منها لأني ماضٍ إلى أبي ، ومهما سألتم باسمي فذلك أفعله ليتمجد الآب بالابن ، إن سألتم شيئاً باسمي فإني أفعله ( يو14: 12-14 ) . في هذا الحديث يشير لـه المجد إلى ضرورة فعل المعجزات وتقديم الشفاعة وخاصة أنه كان يعلم بصعوده إلى الآب ولن يراه العالم بعد في هذه الحياة الزمنية إلا في يوم القيامة العامة ولذا كان لابد أن يكون هناك من يراهم الناس فيفعلوا المعجزات باسم المسيح ويتشفع الناس بهم .
أما الرسول بولس فله أقوال كثيرة في الشفاعة ، نذكر له بعضأً من تلك الأقـوال :
- طلب من أهل تسالونيكي أن يصلّوا من أجله بقوله : صلوّا لأجلنا لكي تجري كلمة الرب وتتمجد ولكي نُنْقَذ من الناس الأردياء والأشرار لأن الإيمان ليس للجميع ( 2تسالونيكي3 : 1 ) فالصلاة من أجل الآخرين هي شفاعة ، وإذا كانت تقبل من المؤمنين إن رفعوها إلى الله بإيمان فكم بالأحرى إن كانت من الآباء القديسين الذين اختاروا الفقر من أجل مجد المسيح بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى إيماناً بقوة كلمة المسيح لـه المجد في مكافأتهم ، وذلك من منطلق إن كان المؤمن الذي يمارس كل فعاليات حياته من أكل وشرب ونوم وراحة وكسب المال ، إن كان في لحظة إيمان وانسحاق يصلي وتقبل شفاعته فكيف بصلاة القديس الذي حرم نفسه من كل تلك المباهج تمجيداً لاسم المسيح .
- في رسالته إلى أفسس يقول : خذوا خوذة الخلاص وسيف الروح الذي هو كلمة الله مصلين بكل صلوات وطلبة كل وقت في الروح ، ساهرين بهذا عينه بكل مواظبة وطلبة لأجل جميع القديسين ولأجلي لكي يعطى لي كلامٌ عند افتتاح فمي لأعلّم جهاراً بسرّ الإنجيل ( أفسس 6: 17-19 ) .
وفي سفر الرؤيا شاهد الرسول يوحنا في أكثر من صورة كيف أن شفاعة القديسين المميزين تقبل أمام الله ومن تلك الصور نأتي بصورتين
الصورة الأولى . رأى فيها أربعة وعشرين عرشاً حول عرش الله على كل عرشٍ رجل قديس جالس وهؤلاء الأربعة والعشرون منهم اثنا عشر رسولاً نواة الكنيسة المسيحية وأما الإثنا عشر الآخرون فكانوا بحسب التفاسير هم الاثني عشر سبطاً الذين قامت عليهم كنيسة العهد القديم أي القيادة الروحية في العهد القديم . ومن جملة الصور التي شاهد فيها يوحنا هؤلاء الأربعة والعشرين عبّر عنها كالتالي إذ قال : رأيت الأربعة والعشرين شيخاً أخذ كل منهم قيثارات وجامات من ذهـب مملوءة بخـوراً هي صلـوات القديسين ( رؤ5 : 8 ) . وفي تفسير هذه الصورة نجد أن اسم شيخ يؤخذ من مصدرين .
الأول : من اللغة السريانية . وهوقشيشا ( قاشيشو )وجميع معاني هذا الاسم تتفق مع الفكر الإلهي الذي في الكتاب المقدس ، من تلك المعاني ( قديم ، شيخ ، كاهن ……) .
- القديم . فالمسيح له المجد وُصِفَ بالقديم الأيام تعبيراً عن أزليته .
- الشيخ . وهو الكبير الذي لـه المكانة العالية من العلم ، وله فضل على الجماعة وهو الأول فيها ،كلمته مسموعة وله رئاسة وهذه الرئاسة تمثل سلطة الله
- كاهن . هو خادم الدين من خلال خدمة كلمة الله وخدمة الأسرار المقدسة وهو معني بصلاحية الحـل والربط التي وضعها المسيح في الكنيسة وبشكل خـاص ربـط أو مغفرة الخطايا
إذاً . الشيخ وبحسب اللغة السريانية هو اسم يطلق على شخص معين يؤدي خدمات معينة أمام الله تبارك اسمه وأن الله يقبلها منه .
الثانـي : قسيس الذي في اللغة اليونانية التي كتب بها يوحنا سفر الرؤيا هـو ( أبريسفيتيروس ) مشتق من المصـدر ( أبرسفيا ) ويعني الشفاعة ولذا فإن كلمة أبريسفيتيروس تعني الشفيع . بمعنى أن اسم الشيخ الوارد ذكره في الصـور التي تحدث عنها يوحنا وبحسب اللغة اليونانية تعني الشفيع ، والأربعة والعشرون شيخاً إذ كانوا يقدمون بخوراً أمام الله فهــم كانوا يشفعون في الكنيسة . هذه الصورة تؤكد لنا مبدأ شفاعة القديسين كمؤمنين مميزين تحلّوا بالقداسة إلى درجات عالية جداً ، لأن هؤلاء الشيوخ كانوا يقدمون صلواتهم أمام عرش الله من أجل إخوتهم الذين لا زالوا في العالم تحت الآلام ، إنهم يحملون أنات وصرخات وطلبات البشر ويرفعونها إلى الله فتكون شفاعتهم هذه طيبة مثل رائحة البخور الذي يتصاعد ناشراً طيب رائحته .
هذا وإنني أتساءل : لماذا شبه تشفعات القديسين بالبخور ؟
أذكر سببين فقط من الأسباب الكثيرة .
1- إن البخور لا تتصاعد رائحته ولا دخانه إلا بالنار ، وهكذا المؤمن يفوح عطر سيرته بالآلام والعذابات من أجل اسم المسيح ، وبقدر حجم تلك الآلام يكون حجم التشبه بالمسيح في آلامه ، وهؤلاء الذين تشبهوا بالمسيح في كامل آلامه هم قلة قليلة ولذا فإنهم استحقوا صفة القداسة وإن شفاعتهم تقبل أمام عرش الله .
2- الصلاة النابعة من إيمان صادق ومن انسحاق القلب لهي أمام الله طيبة كطيب تسابيح الملائكة ، ومن هنا أيضاً جاء تشبيه تشفعات القديسين بالبخور وذلك لأن رائحة البخور طيبة جداً.
في الصورة الثانيةقال يوحنا : جاء ملاك آخر ووقف عند المذبح ومعه مبخرة من ذهب وأعطي بخوراً كثيراً لكي يقدمه مع صلوات القديسين جميعهم على مذبح الذهب الذي أمام العرش فصعد دخان البخور مع صلوات القديسين من الملاك أمام الله ( رؤ8: 3 ) أي وقف هذا الملاك إلى جانب القديسين وضمّ شفاعته إلى شفاعتهم ببخور كثيرٍ ، أي بطلبات وصلوات وتوسلات كثيرةٍ
استشهادات شاهدناها أو سمعناها في محيطنا :
هناك معجزات كثيرة حدثت في كنائسنا بعد التشفع بالسيدة العذراء القديسة مريم والدة الله أو بالقديسين وإذا ما بحثنا في هذا الأمر فقط لوجدنا أنفسنا أمام عمـل كبيرٍ وضخمٍ لا يحصر .
إذاً تحدث المعجزات في كنائسنا مع الذين يلجؤون إلى الله بشفاعة هذا القديس أو ذاك ، أو تلك القديسة أو هذه . وأنا ككاهن لكنيسة القديس مار أسيا الحكيم بالدرباسية عاينت ولا زلت حتى الآن ألمس معجزاتٍ كثيرةً يجريها الله مع كثيرٍ من الذين يلجؤون إلى الله بشفاعة القديس مار أسيا الحكيم ( انظر كتابنا الذي يحمل عنوان : من معجزات القديس مار أسيا الحكيم بأجزائه الثلاثة المتضمنة عشرات المعجزات التي اجترحها القديس مار أسيا الحكيم ولا تزال هناك أجزاء أخرى إنشاء الله ) . وأختتم حديثي من وحي قول ربنا يسوع المسيح : فليضيء نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الصالحة ويمجدو أباكم الذي في السموات ( مت5: 16 ) وإن واحدة من وحي هذا الحديث هي إن لمس غريب عن الإيمان معجزة من قديسٍ فإنه سيقول علناً أو في سرّه : إن كان هذا القديس يفعل هكذا فمسيحه ماذا يفعل ؟ بالتأكيد إذ أن مسيحه هو أعظم منه يفعل أعظم وأكبر من ذلك بكثير ، له كل المجد مع أبيه وروحه القدوس من الآن وإلى أبد الآبدين آميــــن .
__________________


مسيحنا الله

الأب القس ميخائيل بهنان صارة

هـــــــــــــــــــــ : 711840
موبايل (هاتف خلوي) : 0988650314
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:29 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke