Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الديني > المنتدى المسيحي > منتدى فرعي للأب القس ميخائيل يعقوب > مقالات - أبحاث - دراسات - نشاطات الخ

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-06-2008, 12:56 PM
الأب القس ميخائيل يعقوب الأب القس ميخائيل يعقوب غير متواجد حالياً
Ultra-User
 
تاريخ التسجيل: Feb 2007
المشاركات: 304
افتراضي لكي لا ينخدع المؤمن - 2 -

لكي لا ينخدع المؤمن – 2 -

(( رفض التقاليــــــد ))





يقولون فيها : نحترم التقاليد الكنسية التي لا تتعارض مع نص وروح الكتاب المقدس دون الالتزام بحال من الأحوال بالتقيد سوى بنص وروح كلمة الله .

هذا المعتقد يشير إلى أنهم يميزون نوعين من التقاليد ، الأول وهو الذي لا يتعارض مع نص الكتاب المقدس والثاني يتعارض ، فيحترمون الأول وينكرون الثاني .
يقولون : دون الالتزام بحال من الأحوال بالتقيد سوى بنص وروح كلمة الله وفي هذا يجعلون للمسيح الإله حدوداً أي أنهم يجعلونه محدوداً ومقصِّراً في تصوره وفكره وتعليمه لأنه لا يمكن للعقل أن يقبل أن المسيح الذي قال عنه يوحنا في بدء إنجيله أنه الله أن يكون قد تكلم خلال سنوات بشارته ما هو مكتوب في الأناجيل فقط وأنه عمل خلال زمن البشارة الأعمال المشار إليها في الأناجيل الأربعة فقط ، إذ أننا لو جمعنا تعاليمه الإلهية المكتوبة في الأناجيل مع أعماله وقرأناها وتصورناها وصورناها في شريط فيديو مع مراعاة الرحلات التي قام بها السيد المسيح له المجد كالذهاب إلى السامرة وإلى كورة الجرجسيين أو إلى الجليل …… وإلخ . لما استغرق منّا زمناً أكثر من شهرين أو ثلاثة فقط ، فهل إذاّ ما قاله ربنا له المجد وما عمله لم يستغرق أكثر من هذه المدة الزمنية القصيرة ؟ وإذا كان ذلك صحيحاً فيكون له المجد قد قضى زمن البشارة من بدايتها حتى نهايتها بالتنـزه والمشاوير فقط ، فهل هذا صحيح ؟
نضرب هذا المثل : حينما قال له المجد : الحق أقول لكم إن من القيام ههنا قومٌ لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الانسان آتياً في ملكوته ( مت16: 38 ، مر8: 1 ، لو9: 27 ) . ثم بعد ستة أيام أخذ ربنا له المجد بطرس ويعقوب ويوحنا وصعد بهم إلى الجبل حيث تجلّى أمامهم وحقق فيهم قوله هذا إذ ظهر أمامهم بهيئته الإلهية التي سيظهر بها يوم مجيئه في ملكوته ، ولا يذكر الإنجيل عن يسوع قولاً قاله ولا عملاً عمله في هذه الأيام الستة ، ولكن ! هل إنه له المجد جـمّد نشاطه وأوقف بشارته إلى أن صعد إلى الجبل ليثبت ما قاله قبل ستة أيام ، هل أخذ لـه استراحة ؟ بالتأكيد لا .
كيف سيأخذ له استراحة وهو الذي قال : اسهروا لأنكم لا تعرفون متى يأتي ربكم ( مت24: 42 ) وضرب مثلاً عن العبد الأمين الذي يسهر وينتبه دائماً لئلا يسهو ولا يشرد ولا يأخذ لنفسه استراحة فيكافئه سيده جيداً ، وأما العبد الكسلان الذي ينام ولا ينتبه ويسهـو كثيراً ويشرد ويقضي أوقات يقظته بالمشاوير فإن سيـده سيعاقبه عقاباً شديداً ( مت24: 44-51 ) . هذا وإنه ليس من المعقول أن المسيح قال شيئاً وتصرف بعكسه . ومن ذلك فإنه في تلك الأيام الستة قال كلاماً كثيراً وعمل أعمالاً كثيرة أيضاً ولكن ما قاله وما عمله خلالها لم يدوَّن فهل ضـاع ؟ لا لم يضع ! . إنما مثله مثل غيره تداولته الكنيسة تداولاً شفهياً وعملت به وهـو ما سمّي بالتقليد . فما هو التقليد ؟
التقليد هو التعليم الذي حُفِظَ في الكنيسة منذ أيام الرسل وإلى الآن ، لم يكتب ولم يعطَ تفصيلياً في الكتاب المقـدس بل تناقله المؤمنون خلفاً عن سلفٍ جيلاً بعد جيل بكل إجلالٍ واحترام حريصين عليه حرصهم على كلام الله المكتوب . لماذا ؟
لوثوقهم بحقيقته وصدقه وصحّة مصدره . وثمة ملاحظة يجب الانتباه إليها ألا وهي : حدوث المعجزات الإلهية بين الحين والآخر في كنائسنا التي تعتمد التقليد ، فلو كان اعتمادنا التقليد خاطئاً لكانت عبادتنا خاطئة وبالتالي لما كنّا مستحقين أن يجري المسيح لـه المجد معجزاته الإلهية في كنائسنا كي لا يُظْهِرَ نفسـه أنه مؤيد للعبادة الخاطئة والاعتقاد الباطل . هذا وإن لزوم التقليد وضرورته ووجوب مراعاته وممارسته يتضـح مما يلي :
أولاً : لأن الكتاب المقدس يؤكده كممارسةٍ وعملٍ إذ يشير إليه إشارات جلية ويحثنا علـى حفظه والعمل بموجبه ، ومن هذه الإشارات :
قال الرسول بولس لأهل تسالونيكي : فاثبتوا إذاً أيها الأخوة وتمسكوا بالتقليدات التي تعلمتموها سواء أكان بالكلام أم برسالتنا (2تسا2: 15 ) . في هـذا الحديث يشير الرسول إلى أن هناك نوعان من التعليم في الكنيسة الأول كتابي والثاني شفهي أي ( التقليد ) وكلاهما على الكنيسة أن تعمل بهما ، كما أنه ربط بين التقليد ونظام الكنيسة وأن من لا يعمل بالتقليد هو خارج عن نظام الكنيسة إذ قال : تجنبوا كل أخٍ يسلك بلا ترتيب وليس حسب التقليد الذي أخذه منّا (2تسا3: 6 كما أنه امتدح أهل كورنثوس مدحاً فائقاً لأنهم أخذوا بالتقليد واحترموه وعملوا بموجبه ، ومدحه هذا جاء في رسالته الأولى وليس في الثانية ، فإنه قَبْلَ أن يكتب لهم رسالته الأولى لم يكن قد أرسل إليهم شيئاً مكتوباً بل ما كانوا قد سمعوه منه بالكلام والنظام الذي رسمه شفهياً ، وهذا هو مديحه لهم إذ قال : فأمدحكم أيها الأخوة على أنكم تذكروني في كل شيء وتحفظون التعاليم كما سلمتها إليكم وأما الأمور الباقية فعندما أجيء أرتبها (1كو11: 1و34 ) .
ثانياً : إنه من الثابت أن أموراً كثيرة متعلقة بالآداب والعقائد قد سلمها الرسل للمؤمنين شفاهاً ولم تدون في الأسفار المقدسة ، وهذا ما سميَّ بالتعليم الشفهي الذي هو جدير بالثقة والاحترام والأخذ به تماماً كالتعليم الكتابي ، من ذلك فقد أصبحت مراعاة التقليد واحترامه من الأمور التي يجب ألا يتهرب منها المؤمن وألا يستهزئ ويزدري بها .
هذا وإن تعاليم وأوامر الرسل الشفوية لا تقلّ في أهميتها ومنفعتها عن التعاليم المكتوبة ونذكر في ذلك هذه الاستشهادات من الكتاب المقدس :
1- قال يوحنا الرسول : إذ كان لي كثيرٌ أن أكتبه إليكم لم أرد أن يكون بورقٍ وحبرٍ لأني أرجو أن آتي إليكم وأتكلم فماً لفم لكي يكون فرحنا كاملاً ( 2يو1: 12 ) . هنا يفصح يوحنا على أن تعليماً كثيراً كان لديه بحسب ما سمعه وشاهده من الرب يسوع المسيح لـه المجد ، لكنه لم يرسله مكتوباً على ورقٍ إنما سيذهب إليهم ليقوله لهم فماً لفم ، ويؤكد أهمية ما سيقوله لهم شفاهاً بقوله : لكي يكون فرحنا كاملاً ، ومن المؤكد أنه ذهب وتكلم معهم فماً لفم كما وعد . والآن لِمَ لا يكون ما كان قد كلمهم به الذي من المؤكد كان عن الرب يسوع وتعاليمه ووصاياه … لِمَ لا يكون قد انتقل أيضاً شفهياً عبر الأجيال وصار هو التقليد في الكنيسة ؟
2- قال لوقا البشير في افتتاحية الانجيل الذي كتبه : إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة رأيت أنا أيضاً إذ قد تتبعت كل شيءٍ من البدء بتدقيقٍ أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي عُلِّمْتَ به ( لو1: 1 ) . وفي هذا يشير لوقا إلى أن تعاليم المسيح مع شروحات ورسومات الرسل واجتهاداتهم نُقِلَتْ شفاهاً زمناً طويلاً قبل أن تكتب البشارة على الورق وهذا ما هو مؤكدٌ في العبارة ( كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة لتعرف صحة الكلام الذي عُلِّمْتَ به )
ثالثاً: أيضاً تأتي ضرورة التقليد لمعرفة المعاني الصحيحة للكثير من الآيات التي لا تخلو من بعض الغموض ، وفي الحقيقة فإن الفهم غير الصحيح لآيات الكتاب المقدس يحوِّر في الآية ويحول معناها من اتجاه لآخر ، لذا فإن الاستعانة بتعليم الكنيسة وتقاليدها التي توارثتها من الرسل والآباء هي ضرورية جداً ليحافظ الإنسان على استقامة إيمانه .
ومثال ذلك نقول : إن آريوس في شرحه لحديث السيد المسيح له المجد ( أما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بها أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب ) مر13: 32 . ذهب بعيداً عن جادة الصواب فخسر الخلاص ونال الهلاك الأبدي ، إذ قال بأن المسيح ليس إلهاً لأنه لو كان إلهاً لما قال أنه لا يعلم تلك الساعة . ولكن لو أن آريوس كان قد أخذ بالتقليد المتوارث الذي يؤكد أن المسيح كإله ليست له معرفة الخيانة التي تؤدي به إلى كشف سرٍّ إلهي مقررٌ له أن يظلَّ مخفيّاً عن البشر لما وقع في ذلك الخطأ الشنيع .
هذا وإن تعـدد المذاهب في المسيحية الذي أحدث جرحاً لا يزال ينـزف كان من نتائجه أن حارب أتباع المذاهب المختلفة بعضهم البعض مما أدى أيضاً إلى توقف انتشار المسيحية بين الذين ليسوا من حظيرتها . كل ذلك ما كان لولا التباين والاختلاف في الآراء حول تفسير هذه الآية أو تلك من العهد الجديد ، فلو سلّم المسيحيون أجمعين بما تسلمته الكنيسة من الرسل والآباء لما وُجِدَتْ تلك التباينات والاختلافات ولما وجدت كل تلك المذاهب ، وكمثال على ذلك نذكر هذا الحديث .
قال الاسقف جيب الانكليكاني * : إن كل من يريد أن يتحاشى الغلط في الإيمان يجب عليه أن يلجأ إلى الكتاب المقدس كقانون أولي في الإيمان ثم ايضاً إلى تقليد الأجيال الأولى .
رابعا : تأتي ضرورة التقليد من عدم الاستغناء عنه ونضرب بعض الأمثلة .
1- لم يَرِد في العهد الجديد آية تقول : حوّلوا يوم الرب من السبت إلى الأحد . ولكن تغيَّرَ يوم الرب في العهد الجديد من يوم السبت الى الأحد وصار هذا تقليداً مقدساً في الكنيسة ومعترفاً به في السماء لأن لـه المجد قال : ما تحلونه على الأرض يكون محلولا في السماء ( مت18: 18 )
هذا وإن الأغلبية الساحقة من المسيحيين الذين يؤمنون بالتقليد أو لا يؤمنون فإنهم يعتبرون أن يومالأحد هو يوم الرب ويقدسونه مخصصين إياه للعبادة لأن فيه تجددت الخليقة بقيامة المسيح .
2- لم يَرِد في العهد الجديد أية صلاة محددة سوى الصلاة الربانية التي علمنا إياها له المجد . إلا أننا نجد في كل كنيسة مجموعة كبيرة من الصلوات ليست واردة في العهد الجديد . فمن أين جاءت ؟ أليس هذا تقليداً مستوحى من الصلاة الربانية ذاتها ؟
3- إن قانون الإيمان لم يَرِد بحرفيته في العهد الجديد فمن أين جاء ؟ وبالتالي أنصلي ونتلو قانون الايمان أم لا نتلوه ؟ وإذا كان الجواب نعم يجب أن نتلوه لأنه إعلان اعترافنا بالآب والابن والروح القدس وبتأنس الأقنوم الثاني وصلبه وموته على خشبة الصليب ودفنه وقيامته في اليوم الثالث وصعوده إلى السماء كما نعترف به أيضاً بالمعمودية الواحدة والكنيسة الواحدة وبقيامة الأموات والحياة الجديدة في الملكوت السماوي إلى الأبد ، فمن أين جاءت قانونيته** ؟

1- يدّعون : إن التقاليد التي علمها الرسل وكتبوها هي واحدة ، أي أنهم علّموا أولاً ثم دوّنوا ما كتبوا .
الـــــــردّ
إن هذا ليس صحيحاً إذ ليس ما كُُتِبَ هو كلّ ما استمعه الرسل وعلّموه وهذا ما يؤكده يوحنا
بالقول : ( وأشياء أخر كثيرة صنعها يسوع إن كتبت واحدة فواحدة فلست أظن أن العالم نفسه
يسع الكتب المكتوبة ) يو21: 25 . كما أن الرسول بولس نفسه يردُّ علـى هـذه الحجـة في ( 2تي1: 13 ) إذ يقول : تمسك بصورة الكلام الصحيح
الذي سمعته مني . أي أنه كان قد علمَّ تيموثاوس تعليماً شفهياً غير الذي كتبه إليه في الرسالة الأولى والثانية فعاد وطلب منه ألا ينساه بل يتمسك به .
وفي (2تي2: 2) يقول : وما سمعته مني بشهود كثيرين أودعه أناساً أمناء يكونون أكْفَاءً أن يعلّموا آخرين أيضاً ) . وهناك ردوداً أخرى كثيرة غير هذه .
2- يقولون : إن ربنا يسوع المسيح هو الذي رفض التقليد أولاً لأنه وبخ اليهود توبيخاً عنيفاً لإفسادهم كلام الله بوساطة تقاليدهم وذلك حينما قال ( وأنتم أيضاً لماذا تتعدون وصية الله بسبب تقليدكم ) مت15 : 3 .
الـــــردّ إنهم مخطئون في هذا الاحتجاج وذلك لأن ربنا لـه المجد لم يذمّ أو يرفض تقليداً مقدساً كان من وحي التعاليم الالهية بل الذي كان من وحي إبليس ، لأن ذلك التقليد الذي عناه ربنا بالرفض كان يدحض ويرفض إحدى الوصايا العشر التي تقول: أكرم أباك وأمك لكي يطول عمرك في الأرض التي أنت عليها ( تث5:16 ) فماذا كان يقول ذلك التقليد الذي وبخهم ربنا يسوع المسيح عليه ؟ كان ذلك التقليد يقول : إن طلب أبوك منك شاة أو خروفاً فقل له إن ما تطلبه مني هو قربان ، أي هو نذر علي سأقدمه ذبيحة حتى وإن لم يكن نذراً . وكان الأب يجد نفسه مضطراً إلى العودة عن طلبه لئلا يجد نفسه مخالفاً للناموس ويعود أدراجه دون أن يعطيه ابنه شيئاً . ( راجع مت15: 1-6 ) . وغيرها أيضاً من التقاليد التي كانت لديهم وكانت مستوحاة من فكرٍ ماديٍ شيطانيٍ رفضه ربنا له المجـد .
3 - يحتجون على لزوم التقليد لأن موسى قال : لا تزيدوا على الكلام الذي أنا أوصيكم ولا تنقصوا منه لكي تحفظوا وصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها ( تث4: 2 ) . وما جاء أيضاً في سفر الرؤيا ( إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب ) رؤ22: 18 .
الـــــردّ : إن النهـي الـذي ورد في هـذين الـحديثين لا علاقة له بالتقليد أصلاً لماذا ؟
أولاً : بالنسبة إلى حديث موسى فإنه كان عن الفرائض والأحكام التي تسلمها من الله حرفياً ، وكما تسلمها أعطاها ولذا فإنه أمر ألا يزاد عليها شيء أو ينقص . وكانت تلك وصايا محدودة ومعدودة وما كانت قادرة أن تنمح الخلاص للمؤمنين إنما كانت فقط لتنظيم أمورهـم الحياتية والطقسية . وما يؤكد ذلك إن من يقرأ الكتاب المقدس لن يجد في العهد القديم عبارة ( لو كل شئ أعطاه الله لموسى كتب لما وسع العالم الكتب المكتوبة ) كما قال يوحنا عن يسوع لـه المجد وعن تعاليمه وأعماله الإلهية (يو21: 25) .
ثانيـــاً : بالنسبة إلى ما ورد في سفر الرؤيا فإن المقصود هو نهيٌ عن زيادة صورٍ على الصور التي شاهدها يوحنا في هذا السفر ، وذلك لأن يوحنا قد شاهد في سفر الرؤيا كل ما جرى منذ نشأة الكنيسة المسيحية وما سيجري إلى يوم القيامة ، وكل ذلك في صورٍ وأقوالٍ ، وهذا هو تحديد لما سيجري في المستقبل ، وبما أنه تحديد من المسيح بالذات لما سيكون للكنيسة مستقبلاً وحتى انقضاء الزمن وأن المسيح هو الله العارف بكل شيء ماضياً وحاضراً ومستقبلاً ، لذا . فإن كل الصور اللازمة لقوة هذه الرؤيا والتحديد الذي ورد فيها قد أراها له المجد ليوحنا ، وبالتالي فإنه لم تعد هناك حاجة إلى صورٍ وأقوالٍ أخرى لأنه لو وُجِدَتْ هذه الحاجة لعَلِمَ له المجد وأكمل تلك الحاجة ، لذا فإن من يضيف صوراً أو أقوالاً جديدة كأنه يقول : إن هناك نقصاً في صور هذه الرؤيا وأقوالها وإن المسيح الله ما كان عالماً بهذا النقص فأنا أعوضها بدلاً عنه ، والحقيقة إن في ذلك إهانة كبرى لعظمة الله العالِم مسبقاً بكل شئ ، هذا من جهة ومن جهة أخـرى فإن الذي يضيـف صـوراً جـديدة يجعل من نفسه عالماً بالحاجـة أكثر من الله ، أي أنه يجعل نفسه أعظم من الله .
ثالثــــاً: إن النهي الذي ورد في هذين القولين لا يطال التقليد وذلك من منطلق أن التقليد ليس أمراً جديداً على التعاليم الإلهية بل هو من صلبها يشرحها ويفسرها ويوجِدُ نظاماً وترتيباً لتطبيقها وتحقيقها . نـورد هذا المثل .
حينما يتقدّم الطفل إلى المعمودية فإن الكاهن يؤدي صلاة خاصة ، ثم يصلي على الماء ويسكب الميرون فيه ثم يغطِّس المعتمد في ذلك الماء وبعد خروجه يمسحه بالميرون المقدس ..إلخ . وفي الحقيقة إن هذا الطقس هو صـورة لعماد الرب يسـوع له المـجد في نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان وما قيل وما حدث قبل وأثناء وبعد عماده لـه المجد ، أي أن الكنيسة تقلد ذات الصورة على نهر الأردن . فإذا كان التقليد خطأً فإننا إذاً نخطئ في تكريس صورة عماد المسيح على يد يوحنا في نهر الأردن ، لأنه إن كان التقليد خطأ فإن هذه الصورة ( صورة عماد الرب ) هي أيضاً صورةٌ خاطئةٌ والمسيح لم يعتمد إذاً أو أنه أخطأ في عماده ذاك . فهل صحيح أن المسيح لم يعتمد ؟ حاشا وكلا . وهل صحيح أنه أخطأ ؟ حاشا وكلا .
4 - ومن جملة ما يستندون إليه أيضاً في رفضهم للتقليد هو قولهم : إذا كانت التقاليد هي كلام الله غير المكتوب وضرورية للخلاص فلماذا كتب جزء من كلام الله وتُرِكَ جزءً غير مكتوب ؟ ولماذا لم يكتب كل ما هو ضروري للخلاص في الكلام المكتوب ؟
الجـــواب : إن ما كُتب من كلام ربنا يسوع المسيح لـه المجد وما ذُكـر ،كُتب وذُكر ما يحقق الخلاص تحقيقاً كاملاً ، أما بالنسبة إلى التقليد فهو وسيلة لشرحِ وتأكيدِ ما قد كتب وممارسته عملياً ، أي أنه عاملٌ مساعدٌ لازم لتحقيق الخلاص تحقيقاً كاملاً . هذا وإنه غير معقولٍ أن تُدوَّنَ الكلمة وتحليلها وشرحها ووسيلة تطبيقها وإلاَّ لكان الكتاب المقدس وتحديداً الإنجيل مئات الأجزاء أو أكثر ومئات الآلاف من الصفحات ، ولضاع المؤمنون وتشتتوا وكانت كلمة الله والحالة هذه ستنقلب من وسيلة للخلاص إلى وسيلة للهلاك . ومن ذلك نقول : إنَّ ما لم يكتب الذي هو التقليد جاء متناقلا في الكنيسة عبر الأجيال من أيام الرسل وإلى اليوم محفوظاً بالروح القدس ليكون شاهداً ومؤكداً ومبرهنا على صحة ما دوِّن في الكتاب المقدس . هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن القول إن التقليد لم يدوَّن في الكتاب المقدس هو قول فيه الكثير من المغالاة وذلك لأنه وعلى الأقل أُشير إليه في الكتاب المقدس إشارات واضحة جلية كما سبق وذكرنا . ونضيف على ذلك أن هناك في الكتاب المقدس صوراً كثيرة واضحة للتقليد منها غسل المسيح لـه المجد لأرجل تلاميذه الذي نقلده في كل سنة مرة في يوم الخميس الذي يسبق عيد القيامة وأيضاً دفن المسيح الذي نقلده أيضاً كل سنة مرة في يوم الجمعة الذي يسبق عيد القيامة هذا بالاضافة إلى تقاليد أخرى كصورة رفع يديه على الاثني عشر فسامهم كهنة ، وصورة وضع الرسولين بطـرس ويوحنا أيديهما على رؤوس المؤمنين في السامرة فمنحوهم الروح القدس التي هي ذات الصورة حينما يرفع الكاهن يديه ويمسح المعتمد بالميرون فيقبل الروح القدس . ومن بين هذه كلّها نتوقف عند صورة عماد ربنا يسوع المسيح له المجد ، وهذه الصورة كما سبق وذكرنا أنها تمارس في الكنيسة من أيام المسيح وإلى اليوم . كيف ذلك ؟
الجـــــواب : إن المعمودية هي أحد عوامل الخلاص الأساسية إذ قال لـه المجد لنيقوديموس : الحق أقول لك إن من لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله ( يو3: 5 ) أي أنه لا يمكن لأي كائن أن يدخل إلى ملكوت الله إن لم يكن معتمداً ولذا فإن لـه المجد قال لتلاميذه : اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس ( مت28: 19 ) كما أن الرسول بولس فسّر السبب الذي من أجله لا يمكن لأحد أن يدخل ملكوت الله إن لم يكن معتمداً بقوله : كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته ، دفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من بين الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضاً في جدة الحياة . ( رو6: 3-4 ) بمعنى أن من يعتمد فهو يموت ويدفن مع المسيح ويقوم للحياة الأبدية .
- يموت ويدفن وذلك عند تغطيسه في الماء .
- يقوم وذلك حين إخراجه من الماء ثم مسحه بالميرون المقدس.
هذا وإننا ندرك عمق وأهمية هذا التفسير لهذا التقليد ، إذا أدركنا أنه لولا أن المسيح صلب ودفن وقام لما نال إنسانٌ استحقاق الخلاص …… لماذا ؟
لأن لـه المجد حينما ارتفع على الصليب وصلب عليه فإنه رفع معه خطية العالم وصلبها عليه ، وإذ أنه ذُبح وسُفك دمه على الصليب فإنه ذبحها وإذ أنه مات فإنه أماتها ثم إنه دُفِنَ ودفنها كما أنه إذ قام بعد ثلاثة أيام فإنه أقام الانسان بمجد من دونها . هذا كله يستحقه ويحققه المؤمن بالمعمودية . أما كيف يعتمد ، فهذا تقليد توارثته الكنيسة أباً عن جد منذ أيام الرسل ، والرسل استوحوه من حادثة عماد الرب في نهر الاردن على يد عبده يوحنا المعمدان .
- فالمسيح يمثل كل مؤمن يتقدم إلى العماد .
- يوحنا يمثل الكاهن الذي يعمد .
- ماء الاردن يمثل كل ماء يوضع في جرن المعمودية .
- مجرى النهر كان رمزاً لجرن المعمودية
- ضفة نهر الاردن التي التقى فيها المسيح مع يوحنا وتلك الجموع المحتشدة قبل أن ينـزل إلى الماء ترمز إلى البيعة التي تحتوي على جرن المعمودية .
- حلول الروح القدس بشكل حمامة على المسيح إشارة إلى أن من يعتمد فإنه وبسرّ التثبيت يُمْنَح الروح القدس بعد العماد مباشرة .
- انفتاح السماء وصوت الآب الذي قال : هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت كان إشارة إلى أن كل من يعتمد وينال الروح القدس فإن السماء تنفتح له لتعلن أن هذا المعتمد قد كتب اسمه في سفر الحياة وصار ابنا لله .
وهكذا وجدنا أن الكتاب المقدس لم يخلُ من الاشارة إلى التقليد أو حتى رسمه في صور .
وأخيراً . نتأكد مما سبق أن التقليد هو من الأمور الأكثر حاجة لطقوس الكنيسة وللمؤمنين لأنه يوضح ما يبدو غامضاً ويقدم التفسير الصحيح لطقوس العبادة ، ومن ذلك فنحن نحترم التقليد الكنسي ونعمل به ولا نرضى عنه بديلاً .
أخيــــراً . لابد من ذكر حديث لربنا يسوع المسيح وهو يكلّم الاثني عشر فيه تأكيدٌ على كل ما قلناه في مسألة التقليد بأنه وحيٌ إلهي ألا وهو : إن لي أموراً كثيرة لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن . وأما متى جاء ذاك روح الحق ( الروح القدس ) فهو يُرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويُخبركم بأمورٍ آتية ، ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم .. ( يو16: 12-14 )
ما معنى ما قاله ربنا في هذا الحديث ؟
الجــواب :
1 – هناك أمورٌ كثيرة عند المسيح كان يلزم أن يقولها للرسل ولكن فهمها وإدراك أهميتها كان يلزمه قوة الصليب بالذات عن طريق الروح القدس ، ولذا فإنه أجَّلَ ذكرها إلى أن يُصلَب ويرسل لهم الروح القدس فيوحي بها لهم ويُعلِّمهم إياها ، وهي لم تكتب بالكتاب المقدس .
2 – ما كان لازماً قوله ولم يقله المسيح بل تركه لمهمة للروح القدس هو حقٌ .
3- الروح القدس يأخذ مما للمسيح ويعطيه للكنيسة .
4- بما أن ما يوحيه الروح القدس للكنيسة هو مما للمسيح وهو حق فهو إذاً لازمٌ للخلاص وضرورته مطلقة .
5- الروح القدس يُخبر الكنيسة بأمورٍ آتية ، أي كل ما يجب أن ترتّبه الكنيسة وما سيحدث لها أيضاً حتى انقضاء الدهر .
فما هو الذي لم يقله المسيح بل تركه لمهمة الروح القدس وهو لازم للخلاص ؟
بالتأكيد هو التقليد .

والمجد كل المجد للآب والابن والروح القدس إلى أبد الآبدين آميـــــن
----------------------------------------
* علم اللاهوت للقمص ميخائيل مينا – الجزء الثالث ص369
أليس هو تقليد الكنيسة الذي اعتمد قرارات المجامع المقدسـة التي انعقدت في نيقية وقسطنطينية وأفسس التي صاغت هذا الدستور بعد أن توسعت في شرح قانون الايمان الرسولي* ذلك الذي وضعه الرسل بوحي من تعاليم ربنا يسوع المسيح .
إن ما ذكرناه كان أهم وأشهر الحجج التي تعتمد عليها الكنيسة لإثبات لزوم التقليد وضرورته . ولكن ما هي أشهر الحجج التي يعتمد عليها هؤلاء الذين يقولون بعدم لزوم التقليد وضرورته ؟

**قانون الايمان الرسولي كما ورد في كتاب تعاليم الرسل ( الدسقولية ص698 ) هذا بعض مما ورد فيه : نؤمن بإله واحد رب الناموس والأنبياء خالق الموجودات . أب المسيحولمتكن له علة لخلق ذاته …، بل دائم كل حين بلا ابتداء ، ساكن في النور الذي لا يدنى منه …… ، الله أبو الوحيد وبكر كل الخليقة . إله واحد . لإبن واحد مساوٍ معه . خالق كل الطغمات وخالق كل الخليقة يسوع المسيح العاقل لكل شئ وواضع الناموس بالحق . هذا الذي سرّ في آخر الأزمان أن يتأنس ويتجسد من مريم العذراء بغير زرعٍ بشريٍ ، تألم ومات بالجسد ، قام من الأموات في اليوم الثالث ، صعد إلى أعلى السموات إلى الآب الذي أرسله ، جلس عن يمين العظمة في العلا . أرسل لنا موعد الروح القدس الفارقليط المنبثق من الآب ويحيى الكل ، مساوٍ أيضاً وجليس الآب … نعترف أيضاً أنه ستكون قيامة للأبرار والظالمين ومجازاةً للأعمال …………… إلخ .
__________________


مسيحنا الله

الأب القس ميخائيل بهنان صارة

هـــــــــــــــــــــ : 711840
موبايل (هاتف خلوي) : 0988650314
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22-06-2008, 01:54 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 46,010
افتراضي

بارخمور أبونا ميخائيل مع الشكر الكبير لهذه الدراسة القيّمة و هذا التوضيح الجليل لمفهوم التقليد الكنسي الذي يعتبر من أحد أركان معتقجنا المسيحي لكونه النهج الذي صار عليه الآباء الأولون و قد تمّ تناقله إن نصوصاً أو توارثا شفهياً فليس للكنيسة غنى عنه بل هو مكمّل لنص الكتاب المقدس و تعاليمه النيّرة.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:28 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke