مشاركتي قبل قليل في مجلة أسرة القلم للثّقافة و الفنون على برنامج (بوح الخواطر) تقديم الأديبة إنصاف أبو ترابي بإشراف كلّ من الدّكتورة مها يوسف نصر و الدّكتور عدنان الطيبي
موضوع الحلقة (الكَفَنُ ليسَ لهُ جُيُوبٌ).
الْكَفَنُ لَيْسَ لَهُ جُيُوبٌ
بقلم: فؤاد زاديكى
الْكَفَنُ لَيْسَ لَهُ جُيُوبٌ، هَذِهِ عِبَارَةٌ تَحْمِلُ مَعْنَى عَمِيقًا وَ عِبْرَةً لِكُلِّ الْإِنْسَانِيَّةِ. فِي الْحَيَاةِ، يَسْعَى الْإِنْسَانُ لِجَمْعِ الْمَالِ وَ الرّكضِ خَلفَ الثَّرْوَاتِ، وَ هو يَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ الْمُمْتَلَكَاتِ سَتُحَقِّقُ لَهُ السَّعَادَةَ وَ الرِّضَا، لَكِنْ و فِي نِهَايَةِ الْمَطَافِ، عِنْدَمَا يُغَادِرُ الْإِنْسَانُ هَذِهِ الدُّنْيَا، لَا يَأْخُذُ مَعَهُ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْمَالِ وَ اللذَّاتِ الدُّنْيَوِيَّةِ. عملًا بقول: ربّي كما خَلَقتَني. اتينا عُراةً و سنغادِرُ كمَا أتَينَا
يُوضَعُ الْإِنْسَانُ فِي قَبْرِهِ بِدُونِ جُيُوبٍ فِي كَفَنِهِ، فَيُدْرِكُ أَنَّ كُلَّ مَا جَمَعَهُ قَدْ تَرَكَهُ وَرَاءَهُ. هَذِهِ الْحَقِيقَةُ تُذَكِّرُنَا بِأَنَّ الْقِيمَةَ الْحَقِيقِيَّةَ لِلْحَيَاةِ تَكْمُنُ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الَّتِي نَتْرُكُهَا وَرَاءَنَا، و الصّيتِ الحَسَنِ، الذي سَوفَ يَذكرُنا النّاسُ بِهِ.
إِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ يَعْمَلُ لِلْآخِرَةِ، فَإِنَّهُ سَيَجِدُ السَّعَادَةَ وَ الرِّضَا الْحَقِيقِيَّيْنِ. لِذَلِكَ، يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُرَكِّزَ عَلَى مَا يُفِيدُنَا فِي دَارِ الْخُلُودِ، حين نمتثِلُ امامَ الرّبّ، الذي سيحَاسِبُنَا على كلِّ ما فَعَناهُ مِنْ خيرٍ و مِنْ شَرٍّ، وَ أَنْ نَعْمَلَ عَلَى تَحْقِيقِ تَوَازُنٍ بَيْنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَ الْآخِرَةِ. هَذِهِ الْحَقِيقَةُ تُذَكِّرُنَا بِأَنَّ الْحَيَاةَ قَصِيرَةٌ، وَ أَنَّ الْغَايَةَ الْحَقِيقِيَّةَ لَهَا هِيَ تَرْكُ أَثَرٍ طَيِّبٍ وَ ذِكْرٍ حَسَنٍ بَيْنَ النَّاسِ.
المانيا في ٦ أيلول ٢٤