ماذا يُفْهَمُ من مَقُولةِ "عندما أدّعِي الغَبَاءَ، ثِقْ أنّني أفهمُكَ جيّدًا"؟
بقلم: فؤاد زاديكى
عندما أقولُ: "عندما أُدَّعي الغباءَ، ثِقْ أنّني أفهمُكَ جيّدًا"، فإنّي أُشير إلى حالةٍ من الوعيِ العميقِ، الذي يتجاوزُ حدودَ الظاهرِ، حيثُ يختارُ الإنسانُ أحيانًا أن يبدوَ أقلَّ إدراكًا أو فهمًا مِمّا هو عليهِ في الحقيقة. هذا التصرُّفُ ليسَ دائمًا دلالةً على ضعفٍ أو جهلٍ، بل هو وسيلةٌ للتأمُّلِ و المراقبةِ دونَ التدخُّلِ المباشر. حينَ يتظاهرُ الشّخصُ بالغباءِ، فهو يُفسحُ المجالَ للطّرفِ الآخرِ للتّعبيرِ عن أفكارهِ بحرّيةٍ أكبر، و يُتيحُ لنفسهِ الفرصةَ لاستيعابِ الأمورِ بعمقٍ أكبرَ.
الادّعاءُ بالغباءِ قد يكونُ تكتيكًا ذكيًّا في مواقفٍ معيّنة، فالشّخصُ قد يختارُ هذا النّهجَ ليفهمَ نوايا الآخرينَ أو ليستخلصَ معلوماتٍ أكثرَ دقّة. فبعضُ النّاسِ قد يَمِيلونَ إلى التّقليلِ من شأنِ الآخرينَ عندما يعتقدونَ أنّهم أقلُّ ذكاءً، و هنا تكمنُ الفرصةُ لِمَنْ يَتَظاهرُ بالغباءِ، حيثُ يُتيحُ لنفسهِ اكتسابَ رؤيةٍ أوسعَ للموقفِ.
مِنْ ناحيةٍ أخرى، يُمكنُ أنْ يكونَ التّظاهرُ بالغباءِ وسيلةً لتفادي الصّداماتِ أو الجدالاتِ غير المثمرة. فبعضُ المواقفِ قد تتطلّبُ التّجاهلَ الظّاهريَّ أو التّصنُّعَ بعدمِ الفهمِ لتجنُّبِ الخوضِ في نقاشاتٍ عقيمة. في هذه الحالات، الشّخصُ الذي يدّعي الغباءَ قد يكونُ أكثرَ حكمةً من غيرهِ، حيثُ يُدركُ أنّ الفهمَ لا يعني بالضرورةِ إظهارَهُ دائمًا.
في النّهاية، فإنّ القدرةَ على التّظاهرِ بالغباءِ هيَ فنٌّ يتطلُبُ الذّكاءَ العاطفيَّ و الاجتماعيّ، فهيَ تعتمدُ على معرفةِ متى و كيفَ يتمُّ استخدامُها. لذا، عندما يَدّعي شخصٌ ما الغباءَ، يجبُ أن يكونَ لدينا الحذرُ و التّأمُّلُ، لأنّه ربما يفهمُنا أكثرَ مِمَّا نتوقّعُ.
المانيا في ٨ اوكتوبر ٢٤