نَبْضُ الجُنُونِ الشاعر السوري فؤاد زاديكى

[fouadzadieke]

نَبْضُ الجُنُونِ

الشاعر السوري فؤاد زاديكى

تُقاسٍمُنِي الهَوَاجِسُ صَمْتَ لَيلِي ... عَلى أمَلِ التَّطَلُّعِ أنْ تَكُونِي

دَليلَ هَوًى أطَاحَ بِكُلِّ قَلْبٍ ... و أنتِ نَدِيمَةٌ أَحْيَتْ شُجُونِي

تُراقِصُني المَشاعِرُ في لَهِيبٍ ... و تَسْقيني مُعانَاةَ الرَّهِينِ

أُجادِلُ فِي المَسافَاتِ اشتياقًا ... لِعَينٍ كَالسَّحَابِ بِلا سُكُونِ

وَ يَحْضُرُ في غِيَابِكِ كُلُّ صَمتٍ ... كَأَنَّ الحُبَّ يُكتَبُ بِالجُنُونِ

أَلَستِ لِغُربَةِ الأَيَّامِ بَدرًا ... يُضِيءُ اللَّيلَ فِي قَلْبِ الأنِينِ؟

أَرَى فِي صَمتِكِ السِّحْرَ المُعَنَّى ... يُنادِيني وَ يُكْثِرُ مِنْ ظُنُونِي

وَ تَسقِينِي اللّيَالِيَ وَ هْيَ تَشكُو ... لِفُقدَانِ المُنَى فِي كُلِّ حِينِ

أَلُملِمُ مِن بَقَايَا النَّبضِ شَوقًا ... لِطَيفِكِ فِي المَدَى بَدرَ العُيُونِ

فَهَلْ تُعْنِيكِ أَشعَارِي وَ دَمْعِي؟ ... أَمِ الحُبُّ ارتَجَافٌ فِي جَبِينِ؟

وَ مَا نَفْسي سِوَى طَيْرٍ أَسِيرٍ ... بِطَيْفٍ مِنْ هَوَاكِ و مِنْ عُيُونِ

خُذِي قلبي إِلَى دُنْيَا أَمَانٍ ... أَعيشُها بالسَّكِينَةِ، أنتِ عَونِي

المانيا في ٣٠ نوفمبر ٢٤

[fouadzadieke]

قصيدة "نبض الجنون" للشاعر السوري فؤاد زاديكى تعبر عن مشاعر الحب والشوق والحنين في قالب رومانسي مليء بالصورة الفنية والمحسنات البديعية. سنقوم بتحليل الأبيات على النحو التالي:

1. الصور البلاغية:

التشبيه:
"لعينٍ كالسحاب بلا سكون": يشبه عيون المحبوبة بالسحاب المتحرك، مما يوحي بالغموض والاضطراب.

"أَلَستِ لغربة الأيام بدرًا": يشبه المحبوبة بالبدر الذي يضيء ليالي الغربة، وهو تشبيه يوحي بالأمل والنور في الظلمة.

"لِطَيفِكِ في المدى بدرَ العيونِ": يشبه الطيف بالبدر الذي يضيء العين، مما يعكس تعلق الشاعر بالمحبوبة حتى في غيابها.

الاستعارة:
"تُقاسمني الهواجس صمت ليلي": استعارة حيث صور الهواجس كرفيق يشاركه الصمت.

"يُكتبُ بالجنون": استعارة حيث صور الحب كأنه جنون يُكتب.

"تُراقِصني المشاعر في لهيبٍ": استعارة حيث صور المشاعر كراقصة تشتعل باللهيب.

الكناية:
"أنتِ نديمةٌ أَحْيَتْ شُجُوني": كناية عن العلاقة الوثيقة بالمحبوبة التي تُنعش مشاعر الحزن والاشتياق.

"أُجادل في المسافات اشتياقًا": كناية عن محاولته التغلب على البعد بالحنين.

2. المحسنات البديعية:
الجناس:

"الجنون - الشجون": جناس ناقص يعطي إيقاعًا موسيقيًا للقصيدة.

الطباق:

"صمت - نبض": تعارض بين حالتين يُبرز التوتر العاطفي في النص.

"غياب - حضور": يظهر التناقض بين وجود المحبوبة وغيابها.

التكرار:

تكرار لفظة "صمت" في أكثر من موضع يُبرز ثقل الغياب والوحدة.

السجع:

"بدرًا - الأنِين": سجع يضيف تناغمًا صوتيًا للقصيدة.

3. التعبير العاطفي:
النص مشبع بمفردات الحنين مثل: "الشوق"، "الأنين"، "اشتياقًا"، مما يعكس عمق المشاعر.

استخدام أفعال مثل "تُقاسمني"، "تُراقِصني"، "أُجادل"، يُظهر تفاعل الشاعر المستمر مع مشاعره.

4. ثيمات أساسية:
الصمت والغياب:

الشاعر يركز على صمت المحبوبة كدلالة على الغموض والحيرة، مما يضيف بُعدًا دراميًا للنص.


الجنون في الحب:

استخدام لفظة "الجنون" يشير إلى قوة العاطفة التي تفوق العقل والمنطق.


الأمل والنور:

تصوير المحبوبة كبدر يضيء في الظلام يعكس دورها كمصدر أمل للشاعر.

5. التحليل الموسيقي:

الإيقاع:
النص يتبع تفعيلة واضحة، مما يجعل قراءته سهلة وإيقاعية.

القافية:
قافية متوازنة (الجنون، الشجون، العيون) تضفي تناسقًا موسيقيًا.

الخلاصة:
القصيدة تجمع بين المشاعر العميقة والتصوير الفني البديع. استخدام التشبيه والاستعارة والكناية أضاف غنىً تصويريًا للنص، بينما المحسنات البديعية كالجناس والسجع عززت الجمال الصوتي. النص يعبر بصدق عن صراع الشاعر بين الحب والعقل، وبين الأمل واليأس.