مشاركتي قبل قليل على برنامج ماذا لو..؟ تقديم الدكتورة سيليا علي و بإشراف الدكتورة شهناز العبادي للأدب و السلام
ماذا لو تبادلنا الأدوار؟ أنتَ تنتظر... وأنا لا أعود؟
إنَّها فكرةٌ تَحملُ في طَيَّاتها كثيرًا من التأمُّل و الأسى. لِنَتخيَّل أنَّ الأدوار تبدَّلت، و أصبَحتَ أنتَ في مكانِ المُنتظِر، و أنا ذلكَ الغائبُ الذي لا يَعود. كيف ستَكون مشاعرك؟ و كيف سيتجلَّى الصَّبر في قلبِك؟
الانتظارُ يُرهقُ الرُّوح، فهو ليسَ مُجرَّد مرورٍ للوقت، بَل هو اختبارٌ للصَّبر، و معركةٌ مع الأمل. تخيَّل أنَّك جالسٌ في ذات المكان الذي كُنتَ فيه، تَنظُر إلى البابِ كلَّ حينٍ، تُلاحِقُ بخيالكَ صدى خطواتٍ قد تَكون لي، لكنَّها لا تأتي. يَمرُّ الوقتُ بطيئًا، و كأنَّه يتعمَّدُ أن يُثقِلَ كاهِلَك بالأشواق.
و أنا؟ أينَ أكون؟ في أيِّ عالمٍ غامضٍ أختفي؟ و ما السببُ وراءَ غيابي؟ هل هو إراديٌّ أم أنَّني عالِقٌ في مكانٍ ما، بلا قُدرةٍ على العودة؟ أو ربَّما أنا على قيدِ الحياة، لكنَّني اخترتُ ألَّا أعود.
في هذه الحالة، ستبدأُ الذكرياتُ في الغليانِ بداخلكَ، تَطفو صورنا معًا في كلِّ لحظةٍ جمعتنا. ضِحكاتنا، أحاديثنا، و تلكَ النَّظراتُ التي كانت تَحملُ حُبًّا صامتًا. سَتُدركُ حينها أنَّ الانتظار ليسَ مُجرَّد رغبةٍ في العودة، بل هو شوقٌ للمعنى الذي كُنتُ أضفيهِ على حياتِك.
و لكن، ماذا لو كانت لديَّ أسبابٌ للغِياب؟ ماذا لو كانَت هناك قصَّةٌ خلفَ اختفائي؟ هل سَتبحثُ عنِّي؟ أم ستنتظرني فقط؟ أم أنَّك ستَختارُ أن تُواصِل حياتَك، تاركًا وراءكَ هذا الانتظار؟
الفكرةُ تُثيرُ العديدَ من الأسئلة، و تُعمِّقُ من معنى الفقدِ والحنين. لعلَّكَ تَفهَمُ الآن مَدى صعوبةِ الانتظار على مَن يبقَى مُعلَّقًا بينَ أملِ اللقاء، و خوفِ الفقد.
و في النِّهاية، إنَّ تبادُل الأدوارِ هو تذكيرٌ لنا جميعًا بقيمةِ أولئكَ الذين يُنتظَرون، و واجبِنا تجاهَهم في أن نَعود، و ألَّا نَتركَهم يُصارعونَ وحدَهم عتمةَ الانتظار.
المانيا في ٩ ديسمبر ٢٤
09-12-2024, 02:45 PM
مشاركتي قبل قليل على برنامج ماذا لو..؟ تقديم الدكتورة سيليا علي و بإشراف الدكتورة شهن
العرض العادي
