Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-12-2024, 08:06 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,343
افتراضي ميلادُ الرَّبِّ يَسوع: رِسَالَةُ حُبٍّ وَتَوَاضُعٍ لِلْبَشَرِيَّةِ بقلم: فؤاد زاديكِ

ميلادُ الرَّبِّ يَسوع: رِسَالَةُ حُبٍّ وَتَوَاضُعٍ لِلْبَشَرِيَّةِ

بقلم: فؤاد زاديكِي


فِي لَيْلَةٍ هَادِئَةٍ وَ مُبَارَكَةٍ، وُلِدَ الرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ فِي مِذْوَدٍ بَسِيطٍ فِي مَدِينَةِ بَيْتِ لَحْمٍ. كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ إِعْلَانًا سَمَاوِيًّا لِمَحَبَّةِ اللهِ لِلْبَشَرِ، إِذْ جَاءَ الْمُخَلِّصُ الْمُنْتَظَرُ لِيُغَيِّرَ وَجْهَ الْعَالَمِ. هَذَا الْحَدَثُ الْعَظِيمُ، الَّذِي يُحْتَفَلُ بِهِ كُلَّ عَامٍ لَا يَعْكِسُ فَقَطْ بَدَايَةً جَدِيدَةً لِلْبَشَرِيَّةِ، بَلْ يُجَسِّدُ أَيْضًا أَعْمَقَ مَعَانِي التَّوَاضُعِ وَ الْمَحَبَّةِ.

وُلِدَ يَسُوعُ، مَلِكُ الْمُلُوكِ وَ رَبُّ الْأَرْبَابِ، فِي مِذْوَدٍ لَا يَمْتَلِكُ شَيْئًا مِنْ مَظَاهِرِ الْعَظَمَةِ الْأَرْضِيَّةِ. لَمْ يَخْتَرْ قَصْرًا فَخْمًا وَ لَا مَدِينَةً عَامِرَةً بِالْحَضَارَةِ، بَلْ أَتَى إِلَى الْعَالَمِ فِي مَكَانٍ مُتَوَاضِعٍ، لِيُعَلِّمَنَا دَرْسًا عَظِيمًا فِي التَّوَاضُعِ. هَذَا الطِّفْلُ الْإِلَهِيُّ الَّذِي حَمَلَ فِي وُجُودِهِ سِرَّ الْحَيَاةِ الْأَبَدِيَّةِ، قَدَّمَ لِلْإِنْسَانِيَّةِ رِسَالَةً وَاضِحَةً: أَنَّ الْمَحَبَّةَ الْحَقِيقِيَّةَ لَا تَحْتَاجُ إِلَى مَظَاهِرَ، بَلْ تُبْنَى عَلَى الْبَسَاطَةِ وَ الْوَدَاعَةِ.

لَمْ يَكُنْ مِيلَادُ يَسُوعَ حَدَثًا عَادِيًّا، بَلْ كَانَ وَفَاءً لِلْوَعْدِ الْإِلَهِيِّ بِالْخَلَاصِ. قَالَ الْمَلَاكُ لِلرُّعَاةِ: "لَا تَخَافُوا، فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ" (لُوقَا 2: 10-11). بِهَذَا الْإِعْلَانِ، اتَّضَحَ أَنَّ هَذَا الطِّفْلَ لَمْ يَكُنْ كَأَيِّ طِفْلٍ آخَرَ، بَلْ هُوَ الْمُخَلِّصُ الَّذِي جَاءَ لِيَمْنَحَ السَّلَامَ وَ الْمُصَالَحَةَ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَ خَالِقِهِ.

إِنَّ وِلَادَةَ الْمَسِيحِ فِي مِذْوَدٍ تَعْكِسُ التَّحَدِّيَ الْإِلَهِيَّ لِلْقِيَمِ الزَّائِفَةِ الَّتِي يَضَعُهَا الْبَشَرُ. فَبَيْنَمَا يَسْعَى الْعَالَمُ إِلَى الْمَجْدِ وَ الْقُوَّةِ، أَظْهَرَ الرَّبُّ أَنَّ الْعَظَمَةَ الْحَقِيقِيَّةَ تَكْمُنُ فِي الْخِدْمَةِ وَ التَّوَاضُعِ. اِخْتَارَ اللهُ أَنْ يُظْهِرَ مَحَبَّتَهُ بِطَرِيقَةٍ تَجْعَلُهَا قَرِيبَةً مِنَ الْفُقَرَاءِ وَ الْبُسَطَاءِ، لِيُبَيِّنَ أَنَّ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ مَفْتُوحٌ لِلْجَمِيعِ، لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ غَنِيٍّ وَ فَقِيرٍ، قَوِيٍّ وَ ضَعِيفٍ.

الْمِذْوَدُ الَّذِي احْتَضَنَ يَسُوعَ أَصْبَحَ رَمْزًا لِلْحُبِّ الْإِلَهِيِّ، الَّذِي يَحْتَضِنُ الْعَالَمَ أَجْمَعَ. فِي هَذَا الْمِيلَادِ، نَجِدُ تَجْسِيدًا لِأَعْظَمِ عَطِيَّةٍ مَنَحَهَا الرَّبُّ لِلْبَشَرِ: ابْنَهُ الْوَحِيدَ الَّذِي أَتَى لِيُخَلِّصَنَا مِنْ خَطَايَانَا وَ يَفْتَحَ لَنَا بَابَ الْحَيَاةِ الْأَبَدِيَّةِ. إِنَّ حُضُورَ الرَّبِّ فِي عَالَمِنَا، مِنْ خِلَالِ ابْنِهِ يَسُوعَ، هُوَ تَعْبِيرٌ عَنْ رَغْبَةِ اللهِ فِي أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا، حَامِلًا آلَامَنَا وَ مَانِحًا إِيَّانَا رَجَاءً جَدِيدًا.

بِالنَّظَرِ إِلَى الْمِيلَادِ الْمُتَوَاضِعِ لِلْمَسِيحِ، نَتَعَلَّمُ دَرْسًا عَظِيمًا فِي كَيْفِيَّةِ مَحَبَّةِ الْآخَرِينَ. فَكَمَا أَتَى الْمَسِيحُ لِيَخْدِمَ لَا لِيُخْدَمَ، نَحْنُ أَيْضًا مَدْعُوُّونَ لِنَعِيشَ حَيَاتَنَا فِي خِدْمَةِ بَعْضِنَا الْبَعْضِ. هَذَا التَّوَاضُعُ الْإِلَهِيُّ يُعَلِّمُنَا أَنَّ الْقُوَّةَ الْحَقِيقِيَّةَ تَكْمُنُ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى مَحَبَّةِ الْآخَرِينَ دُونَ أَنَانِيَّةٍ أَوْ كِبْرِيَاءٍ.

إِنَّ رِسَالَةَ الْمِيلَادِ هِيَ رِسَالَةُ أَمَلٍ وَفَرَحٍ. فَالْمَسِيحُ وُلِدَ لِيَكُونَ النُّورَ الَّذِي يُضِيءُ الظُّلْمَةَ، وَ لِيَمْنَحَ السَّلَامَ لِلْقُلُوبِ الْمُثْقَلَةِ. بِهَذِهِ الْوِلَادَةِ الْعَجِيبَةِ، وُضِعَتْ أُسُسٌ جَدِيدَةٌ لِحَيَاةِ الْبَشَرِيَّةِ، حَيْثُ أَصْبَحَ كُلُّ إِنْسَانٍ مَدْعُوًّا لِأَنْ يَعِيشَ فِي مَحَبَّةٍ وَ تَسَامُحٍ، مُتَذَكِّرًا أَنَّ الْمُخَلِّصَ الَّذِي أَتَى فِي مِذْوَدٍ بَسِيطٍ قَدْ غَيَّرَ التَّارِيخَ بِسُلْطَانِ مَحَبَّتِهِ.

مِيلَادُ الْمَسِيحِ هُوَ دَعْوَةٌ لِلتَّأَمُّلِ فِي مَحَبَّةِ اللهِ، الَّتِي لَا تَعْرِفُ حُدُودًا، وَ فِي التَّوَاضُعِ الَّذِي يَعْلُو فَوْقَ كُلِّ كِبْرِيَاءٍ بَشَرِيٍّ. لِنَحْتَفِلْ بِهَذِهِ الذِّكْرَى الْعَظِيمَةِ حَامِلِينَ فِي قُلُوبِنَا هَذَا الدَّرْسَ الْإِلَهِيَّ الْعَظِيمَ، وَ لْنَكُونَ نُورًا يَعْكِسُ تِلْكَ الْمَحَبَّةَ لِلْآخَرِينَ، تَمَامًا كَمَا كَانَ الْمَسِيحُ نُورًا لِلْعَالَمِ.

المانيا في ٢٥ ديسمبر ٢٤
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 14-12-2024 الساعة 11:45 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:59 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke