مشاركتي الثالثة على برنامج حروف نابضة بالحياة في أكاديمية العبادي للأدب و السلام إعداد و تقديم الدكتورة مها سلطان بإشراف عميد الأكاديمية الدكتورة شهناز العبادي
للصّداقة متطلبات كما لحالة العشق ما تقتضيه من ذوبان و تفاعل و انصهار. فالصّداقة الحقّة ليست مجرّد كلمات تُلقى على عواهنها، أو لقاءات عابرة تمضي بلا أثر. إنّها رابطة روحية عميقة، تستلزم التّفاهم المشترك، و القدرة على الإصغاء للآخر، كما تستدعي العطاء بلا حدود، و الوقوف جنبًا إلى جنب في لحظات الشّدّة قبل لحظات الفرح.
و كما يقتضي العشق ذوبان الأرواح و انصهار القلوب في بوتقة واحدة، فإنّ الصّداقة الحقيقية تنشأ على أساسٍ من التّفاعل المتوازن بين طرفيها، حيث تتكامل الأدوار، و تتبادل المشاعر بصدقٍ خالص. هي تجربة إنسانية تنمو مع الزّمن، و تتطلّب الصّبر و الوفاء، تمامًا كما تحتاج العلاقة العاطفية إلى التّفاهم و التّسامح كي تزهر.
فالصّديق كما العاشق، يرى في الآخر امتدادًا لنفسه، و يجد فيه المأوى حين تشتدّ الرّياح. و لعلّ أجمل ما يميّز الصّداقة أنّها لا تقتصر على وقتٍ أو مكان، بل تستمرّ كجذوة لا تخبو، تضيء مسيرة الحياة.
المانيا في ٢٢ ديسمبر ٢٤