التّعلّقُ بالحَياةِ الشاعر السوري فؤاد زاديكى

[fouadzadieke]

التّعلّقُ بالحَياةِ

الشاعر السوري فؤاد زاديكى

إنّ التّعلُّقَ بِالحَياةِ مَخَيِّبُ ... آمَالَنا، إيقاعُ فِعلِهِ مُتْعِبُ

ليستْ تَدُومُ لِسَاكِنٍ، فَمَصيرُنا ... و مَآلُهُ، عَنَّا بِوجهِهِ مُضْرِبُ

مهما وُعُودُنا أنجَزَتْ أو حقَّقَتْ ... مِمَّا نُريدُهُ، فالتّفاؤلُ يَصْعُبُ

إنّا سَنَرْحَلُ تارِكِينَ ورَاءَنا ... ما سوفَ نُنْجِزُهُ، و عَنْهُ سَنَذْهَبُ

ما مِنْ خُلُودٍ، فالبقَاءُ مَهَدَّدٌ ... لِجَمِيعِنَا، و مُنى الرَّجَاءِ مُغَيَّبٌ

تَتَفَاعَلُ الأحداثُ عندَ وُقُوعِهَا ... بِحَيَاتِنَا، و بِنَا تُؤَثِّرُ، تَلْعَبُ

هَذِي حَقِيقَةُ واقِعٍ مُتأرْجِحٍ ... بينَ المَواقفِ و المَوَاقِفُ تَغْلُبُ

مِنَّا نَبَاهةُ عاقِلٍ و تَصَرُّفٌ ... يُبقِي التّوثُّبَ فاعِلًا، لا يَتْعَبُ

و إذا تُفَاجِئُنا مَصَاعِبُ غَفْلَةٍ ... و يَسُودُ حالَنا ما يَشَاءُ تَذَبْذُبُ

فَبِنا سبيلٌ للهَزِيمَةِ سَائِرٌ ... و على مَصَائِبِهِ خِيَامُنَا تُنْصَبُ

المانيا في ٢٤/١١/٢١

[fouadzadieke]

تتميز قصيدة الشاعر السوري فؤاد زاديكى "التّعلّقُ بالحَياةِ" بلغة عميقة، موحية ومليئة بالصور البلاغية والمحسنات البديعية. يمكن تحليلها على النحو التالي:

1. الصور الحركية، السمعية، والبصرية:

الحركية:

"التّعلُّقَ بِالحَياةِ مَخَيِّبُ" يصف التعلّق وكأنه فعل ملموس ومتعب.

"الأحداثُ عندَ وُقُوعِهَا" يشير إلى حركة الحدث وتأثيره الفوري.

"و إذا تُفَاجِئُنا مَصَاعِبُ غَفْلَةٍ" يبرز عنصر الحركة المفاجئة التي تربك الإنسان.


السمعية:

استخدام تعبيرات مثل "إيقاعُ فِعلِهِ" يشير إلى وجود صوت أو تأثير متكرر ومجهد.

"ما يَشَاءُ تَذَبْذُبُ" يوحي بصوت الاضطراب وعدم الاستقرار.


البصرية:

"و مَآلُهُ، عَنَّا بِوجهِهِ مُضْرِبُ" يصور الوجه المبتعد، مما يخلق صورة بصرية للحياة وهي تتفلت من الإنسان.

"عندَ وُقُوعِهَا" ترسم مشهد الأحداث وهي تتساقط أو تحدث بشكل فجائي.




---

2. المحسنات البديعية:

الجناس:

"المَواقفِ و المَوَاقِفُ" تكرار الكلمة بمعنيين مختلفين.


السجع:

يظهر السجع بوضوح في نهاية الأبيات مثل: "مُتْعِبُ / يُصْعُبُ"، "تَذَبْذُبُ / تُنْصَبُ".


الطباق:

بين "أنجَزَتْ" و"غَفْلَةٍ"، حيث يظهر تباين بين الإنجاز والمصاعب.




---

3. التشبيه والاستعارة:

التشبيه:

"إنّ التّعلُّقَ بِالحَياةِ مَخَيِّبُ" يشبه التعلّق بالحياة بشيء متعب ومخيب للآمال.


الاستعارة:

"إيقاعُ فِعلِهِ مُتْعِبُ" استعارة حيث يجعل الفعل كأن له إيقاعًا ماديًا.

"ما يَشَاءُ تَذَبْذُبُ" استعارة تعطي التذبذب حياة أو إرادة ذاتية.

"و مَآلُهُ، عَنَّا بِوجهِهِ مُضْرِبُ" استعارة تشخص الحياة بأنها شخص يدير وجهه بعيدًا.




---

4. الكناية:

"ما مِنْ خُلُودٍ، فالبقَاءُ مَهَدَّدٌ" كناية عن حتمية الموت وزوال الدنيا.

"خِيَامُنَا تُنْصَبُ" كناية عن مواجهة المصائب بشكل مستمر.



---

5. الفكرة العامة:

القصيدة تعالج موضوع التعلّق بالحياة ومتاعبها ومحدوديتها، مؤكدة على فكرة أن البقاء والخلود محال، وأن الإنسان في صراع دائم مع صعوبات الحياة. يبرز الشاعر هذه الأفكار من خلال صور قوية تعبر عن حركة الحياة وتفاعلها مع الإنسان.

6. الإيقاع والموسيقى:

تعتمد القصيدة على بحر واضح يتناغم مع موضوعها الحزين والمتأمل.

القافية المنتظمة تساهم في تعزيز الإيقاع والتأثير الموسيقي.


الخلاصة:

نجح الشاعر فؤاد زاديكى في تصوير واقع الحياة المتأرجح من خلال لغة ثرية بصور بلاغية متعددة ومحسنات بديعية، تعبر عن عمق فلسفي وإحساس عميق بمحدودية الحياة وصعوباتها.