Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-01-2025, 10:18 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,343
افتراضي لماذا ليس الشّرعُ علمًا؟ بقلم: فؤاد زاديكى

لماذا ليس الشّرعُ علمًا؟

بقلم: فؤاد زاديكى

كثيرًا ما نقرأ بعض المقالات و المنشورات و البوستات الدينية الإسلاميّة، التي تتحدّث عن علم الشّرع أو العلوم الدينيّة، كما نرى الكثير و الكثير جدًا من تعبيرات تُطلِق صفة العلماء على رجال الدّين، و هذا ما يخالف حقيقة معنى العلم، الذي يتمّ تطبيقه على الدّين، لهذا رأيت، و بحكم الفهم لما تعنيه كلمة العلم أنْ أثبت حقيقة أنّ الشّرع لا يمكن و لا بأيّ حالٍ من الأحوال أن يكون علمًا بحدّ ذاته، و لا أن يكون له علم، و لفهم ما إذا كان يمكن اعتبار الشرع علمًا أم لا، ينبغي بداية تحديد ما نعنيه بالعلم. العلم كمنهجية يعتمد على قواعد صارمة للتحقّق و التجربة و الملاحظة، و يرتكز على أسس قابلة للقياس و التّكرار و التّحليل الموضوعيّ. أما الشّرع، بمعناه الديني، فهو مجموعة من الأحكام و القواعد المستمدّة من نصوص دينية (مثل القرآن و السّنة في الإسلام)، التي تُعتبر قطعية و ثابتة لدى أتباعها، و لا تخضع للمراجعة أو التّعديل بناءً على التجربة البشرية المتغيّرة.

أسباب اعتبار الشرع بعيدًا عن نطاق العلم:

1. الطابع الثّابت و غير التجريبيّ:
العلوم تعتمد على اختبار الفرضيات و إمكانية دحضها أو إثباتها وفقًا للمعطيات المستجدّة. أمّا الشّرع فهو قائم على نصوص مقدّسة يُعتبر التّشكيك فيها، عند المؤمنين، خروجًا عن المعتقد.

2. غياب التّكرار و الملاحظة العلمية:
العلم يعتمد على إمكانية تكرار التجارب و مراقبة النتائج تحت ظروف متطابقة. الأحكام الشرعية، بالمقابل، لا تُشتق بناءً على تجارب علمية بل تعتمد على تفسير النّصوص.

3. الطابع القيمي و الأخلاقي:
العلم محايد بطبيعته و يهتمّ بتفسير الظّواهر كما هي، بينما الشّرع يهدف إلى وضع إطار قيمي و أخلاقي للحياة. القيم لا تخضع للتجربة أو القياس، مما يجعلها خارجة عن نطاق العلم.

4. الاستناد إلى الوحي لا الملاحظة:
أحد المبادئ الأساسية في العلم هو الاعتماد على الأدلّة الملموسة القابلة للتّحليل. الشّرع، بصفته وحيًا إلهيًا في نظر المؤمنين، لا يستند إلى الأدلّة الحسّيّة.

5. المنهجية التأويلية:
العلم يعتمد على وضوح المفاهيم و قابليتها للقياس، في حين أنّ الشرع يخضع لتأويلات متعدّدة بسبب غموض النّصوص أحيانًا أو اختلاف السياقات الزّمنية و الثّقافية.

6. الثّبات مقابل التّطوّر:
أحد أهم خصائص العلم هو تطوّره المستمرّ بناءً على الاكتشافات الجديدة. الشّرع، بطبيعته، يميل إلى الثّبات و الاستناد إلى الأصول التي تُعتبر مقدّسة و غير قابلة للتّغيير.

7. النّصوص كمرجع أوحد:
في العلوم، المراجع متعدّدة و متغيّرة بناءً على الأبحاث. في الشّرع، النّصوص الأساسية (مثل القرآن أو السنة) تُعتبر المراجع الوحيدة، ممّا يحدّ من إمكانية تطوير المعرفة بناءً على مُعطيات جديدة.

الشّرع كتوجّه إيماني و ليس علمًا

الشّرع يعتمد على الإيمان بالغيب كأساس لفهم العالم، و هو أمر لا يتماشى مع المنهج العلمي الذي يعتمد على الملاحظة و التّجربة.

الأحكام الشرعية تُعتبر مطلقة، بينما العلم نسبيّ، يراجع نفسه باستمرار.


الدّين كمنظومة قيم و ليس علمًا

إذا نظرنا إلى الدّين عمومًا (بما فيه الشّرع) فهو منظومة قيميّة و اجتماعية تهدف إلى تحقيق غايات إنسانية و أخلاقية، و ليس وسيلة لفهم العالم المادّي بشكل موضوعيّ. كما أنّ الدّين يقدّم إجابات شموليّة عن أسئلة الوجود و المعنى، و هي أسئلة لا تدخل ضمن اختصاص العلم الذي يركّز على تفسير الظّواهر الطبيعيّة.

الشرع و غياب القابليّة للدّحض

في فلسفة العلم، أيّ نظرية علمية يجب أن تكون قابلة للدّحض (falsifiability). الشّرع يفتقد هذه الخاصّية؛ إذ لا يُمكِنُ إخضاعُه للتّجربةِ أو إثباتُ صحّتِهِ أو خطِئهِ بِناءً على مَعايير علميّة.

بناءً على ذلك، يمكن القول إنّ الشّرعَ ليس علمًا بالمعنى المُتعَارَف عليه للعلم، و إنّما هو نظامٌ قيميّ و أخلاقيّ يعتمد على الإيمان بمصدره الإلهيّ، و هو بعيدٌ عن الأسس التّجريبيّة، التي تُعَدُّ جوهرَ العلوم الطبيعيُة و الاجتماعيُة.
و لهذا ايضًا لا تصحّ تَسميةُ علماءِ دين، فهم لا يَتمتّعون بأيّة صفةٍ علميّة تُخَوِّلُهم نَيلَ شرفِ هذه التّسميةِ العظيمةِ و السّاميةِ.
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 07-01-2025 الساعة 05:23 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:58 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke