![]() |
Arabic keyboard |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() حينَ كُنتُ في حَضْرَةِ المُتَنَبِّي بقَلَمِ: الشَّاعِرِ فُؤَاد زَادِيكِي دَخَلْتُ دِيوَانَ المُتَنَبِّي، وَ قَدِ الْتَفَّ حَوْلَهُ وُجُوهُ النُّبَهَاءِ وَ الْأُدَبَاءِ، كَأَنَّمَا هُوَ بَدْرٌ يَتَلَأْلَأُ فِي سَمَاءِ البَيَانِ. كَانَ المَجْلِسُ مُضَاءً بِالمَشَاعِلِ، يَعْبُقُ بِعِطْرِ المِسْكِ وَ العَنْبَرِ، وَ أَصْوَاتُ القِيَانِ تَنْسَابُ كَالنَّهْرِ العَذْبِ فِي الآذَانِ. وَقَفْتُ عِنْدَ البَابِ بُرْهَةً، أَنْظُرُ إِلَى ذَاكَ الرَّجُلِ، الَّذِي مَلَأَ الدُّنْيَا وَ شَغَلَ النَّاسَ، فَإِذَا هُوَ فِي أَبْهَى حُلَّةٍ، تَكْسُو وَجْهَهُ مَهَابَةُ المُلُوكِ، وَ تَنْبَعِثُ مِنْ عَيْنَيْهِ شَرَارَةُ الذَّكَاءِ وَ الِاعْتِدَادِ بِالنَّفْسِ. تَقَدَّمْتُ نَحْوَهُ بِخُطًى وَقُورَةٍ، وَ انْحَنَيْتُ تَحِيَّةً، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ وَ قَالَ: "مَنْ أَنْتَ، وَومَاذَا تُرِيدُ مِنْ مَجْلِسِ الشُّعَرَاءِ؟" قُلْتُ، وَ أَنَا أُحَاوِلُ أَنْ أَثْبُتَ أَمَامَ عَظَمَتِهِ: "أَنَا عَاشِقٌ لِلشِّعْرِ، جِئْتُ أُنَازِلُكَ فِي مِضْمَارِ البَيَانِ، وَ أُجَارِيكَ إِنِ اسْتَطَعْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا." ابْتَسَمَ المُتَنَبِّي، تِلْكَ الابْتِسَامَةُ، الَّتِي تُنْبِئُ عَنْ ثِقَةٍ لَا تَزَعْزُعَ فِيهَا، وَ قَالَ: "أَهْلًا بِمَنْ طَمَحَ إِلَى العَلْيَاءِ، فَهَلْ جِئْتَ بِزَادٍ كَافٍ لِرِحْلَةِ المُنَافَسَةِ؟" جَلَسْتُ بَيْنَ الحَاضِرِينَ، وَ قَدْ تَهَيَّأَ المَجْلِسُ لِلْمُبَارَزَةِ، وَ أَخَذَ المُتَنَبِّي يَتَغَنَّى بِأَبْيَاتِهِ: إِذَا غَامَرْتَ فِي شَرَفٍ مَرُومِ فَلَا تَقْنَعْ بِمَا دُونَ النُّجُومِ فَأَجَبْتُهُ، وَ قَلْبِي يَخْفِقُ بَيْنَ الضُّلُوعِ: تَسَامَيْنَا إِلَى نَيلِ العُلُومِ عَسانَا في مُلاقَاةِ النُّجُومِ ضَجَّ المَجْلِسُ بِالْإِعْجَابِ، فَرَفَعَ المُتَنَبِّي حَاجِبَيْهِ، ثُمَّ قَالَ مُتَحَدِّيًا: أَنَا الَّذِي نَظَرَ الْأَعْمَى إِلَى أَدَبِي وَوأَسْمَعَتْ كَلِمَاتِي مَنْ بِهِ صَمَمُ فَأَجَبْتُ، مُحَاوِلًا أَنْ أَرْتَقِيَ إِلَى شِعْرِهِ: أَنَا المُغَرِّدُ يَسْمُو فِي بَلَاغَتِهِ أُنَادِمُ المَجْدَ وَالأَفْذَاذُ قَدْ عَلِمُوا ابْتَسَمَ المُتَنَبِّي، وَ أَلْقَى عَلَيَّ نَظْرَةَ إِعْجَابٍ مَمْزُوجَةً بِالدَّهْشَةِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الحَاضِرِينَ وَ قَالَ: "هَذَا فَتًى طَمَحَ كَمَا طَمَحْتُ، وَ جَرَّبَ كَمَا جَرَّبْتُ، غَيْرَ أَنَّ المِيدَانَ لَا يَسَعُ إِلَّا وَاحِدًا!" فَأَجَبْتُهُ، وَ قَدْ أَحْسَسْتُ أَنَّنِي فِي حَضْرَةِ جَبَلٍ لَا يُزَحْزَحُ: "وَ أَنَا يَا أَبَا الطَّيِّبِ مَا جِئْتُ لِأُزَاحِمَكَ فِي سُمُوِّكَ، بَلْ جِئْتُ لِأَنْهَلَ مِنْ بَحْرِكَ، وَ أَغْتَرِفَ مِنْ بَلَاغَتِكَ، فَالشَّمْسُ لَا تُضَاهَى وَزلَكِنَّهَا تُضِيءُ مَنْ يَسِيرُ فِي دَرْبِهَا." فَهَزَّ رَأْسَهُ مُقِرًّا، وَ قَالَ بِصَوْتٍ وَقُورٍ: "لِلَّهِ دَرُّكَ! فَهَكَذَا يَكُونُ السَّائِرُونَ عَلَى خُطَى المَجْدِ، وَ مَنْ طَمَحَ إِلَى العُلَا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ هِمَّةٍ تُجَارِي الصُّقُورَ." وَ فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ، شَعَرْتُ أَنَّنِي وَ إِنْ لَمْ أُنَافِسْهُ، فَقَدْ نِلْتُ شَرَفَ الجُلُوسِ فِي مَجْلِسِهِ، وَ سَمَتْ رُوحِي بِوَهَجِ البَيَانِ، فَغَادَرْتُ الدِّيوَانَ وَ أَنَا أَحْمِلُ فِي صَدْرِي شُعْلَةً لَنْ تَنْطَفِئَ. أَلْمَانِيَا فِي ٩ شُبَاطَ ٢٠٢٥ التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 21-02-2025 الساعة 07:24 AM |
#2
|
||||
|
||||
![]() أعمق عبارات الشكر و اجزل مشاعر الامتنان لشخصكم الكريم استاذة عبق الياسمين و الاستاذة رنا عبد الله لنشر و توثيق نصي حين كنت في حضرة المتنبي و ذلك في للعدد (٥٥) من مجلة ملتقى ضفاف الرافدين المنشورة على موقع كلامي العالمي
|
#3
|
||||
|
||||
![]() اسرار الصمت شكرا من كل قلبي لتشجيعكم و تفاعلكم و توثيقكم نصي حين كنت بحضرة المتنبي الاستاذة اسرار الصمت و مجلة ضفاف القلوب https://dhifafgolob.blogspot.com/202...mgVHTtB-0nRW2Q |
#4
|
||||
|
||||
![]() Sabah Drwish الشكر الكثير و العميق لشخصكم الفاضل استاذة صباح و الهيئة العليا لرابطة شعراء ديوان المبدعين العرب لتوثيق نصي كنت في حضرة المتنبي https://mynewbloadressbogsoot.blogsp...NMr7Z_hHcpdjIQ |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|