Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-02-2025, 11:03 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,122
افتراضي مشاركتي الآن على برنامج بوح الخواطر و موضوع شريعة الغاب في المجتمعات البشرية إعداد و

مشاركتي الآن على برنامج بوح الخواطر و موضوع شريعة الغاب في المجتمعات البشرية إعداد و تقديم الاديبة إنصاف ابو ترابي و إشراف الدكتور عدنان الطيبي و الدكتورة مها يوسف نصر في مجلة أسرة القلم

مَنْطِقُ شَرِيعَةِ الْغَابِ

بقلم: فُؤَاد زَادِيكِي

فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمُجْتَمَعَاتِ الْبَشَرِيَّةِ، يَسُودُ مَنْطِقُ شَرِيعَةِ الْغَابِ، حَيْثُ يَتَحَكَّمُ الْقَوِيُّ فِي مَصِيرِ الضَّعِيفِ، وَ يَسْتَبِيحُ حُقُوقَهُ دُونَ وَازِعٍ أَوْ رَادِعٍ. فَالْحَقُّ فِي هَذَا الْمَنْظُومِ يَكُونُ لِلْأَقْوَى، وَ الضَّعِيفُ لَا حِيلَةَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَرْضَخَ أَوْ يَنْدَثِرَ.

إِنَّ مِيزَانَ الْعَدْلِ وَ الْعَدَالَةِ فِي هَذِهِ الْمُجْتَمَعَاتِ مُخْتَلُّ التَّوَازُنِ، وَ ذَلِكَ لِأَسْبَابٍ كَثِيرَةٍ وَ مُتَعَدِّدَةٍ، مِنْهَا الطَّمَعُ وَ حُبُّ السَّيْطَرَةِ، وَ مِنْهَا أَيْضًا مَا يَكْمُنُ فِي طَبِيعَةِ الْإِنْسَانِ مِنْ بَوَاعِثِ الشَّرِّ الْمُتَأَصِّلَةِ فِيهِ مُنْذُ الْقِدَمِ.

فَالْإِنْسَانُ، عَلَى الرَّغْمِ مِنَ التَّطَوُّرِ الْحَضَارِيِّ وَ الْمَدَنِيِّ، لَمْ يَتَخَلَّصْ بِالْكُلِّيَّةِ مِنْ نَزْعَتِهِ الْبَرِيَّةِ، وَ مَا زَالَ يُمَارِسُ الْجَوْرَ وَ الظُّلْمَ حِينَ تَتَاحُ لَهُ الْفُرْصَةُ لِذَلِكَ. فَالتَّارِيخُ مَلِيءٌ بِالْأَمْثِلَةِ الَّتِي تُثْبِتُ أَنَّ الطَّمَعَ و الجشَعَ وَ حُبَّ السُّلْطَةِ يَجْعَلَانِ الْإِنْسَانَ يَتَجَرَّدُ مِنْ أَخْلَاقِهِ وَ يَتَحَوَّلُ إِلَى وَحْشٍ كَاسِرٍ.

وَ مِنَ الْمَظَاهِرِ الْوَاضِحَةِ لِهَذِهِ الظَّاهِرَةِ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الْحَدِيثَةِ، اسْتِغْلَالُ أَصْحَابِ النُّفُوذِ وَ الثَّرْوَاتِ لِلطَّبَقَاتِ الْأَضْعَفِ، حَيْثُ يَتِمُّ تَكْرِيسُ الْفَوَارِقِ الطَّبَقِيَّةِ وَ الِاجْتِمَاعِيَّةِ، فَيُحْرَمُ الْفُقَرَاءُ مِنْ أَبْسَطِ حُقُوقِهِمْ، وَ يُسَاقُونَ إِلَى الْخُضُوعِ وَ الِاسْتِسْلَامِ.

وَ لَا يَقْتَصِرُ هَذَا الْمَنْطِقُ عَلَى الْمُسْتَوَى الِاجْتِمَاعِيِّ فَقَطْ، بَلْ يَتَعَدَّاهُ إِلَى السِّيَاسَةِ الدَّوْلِيَّةِ، حَيْثُ تَسْتَأْثِرُ الدُّوَلُ الْقَوِيَّةُ بِالْقَرَارِ وَ السَّيْطَرَةِ، وَ تَفْرِضُ نُفُوذَهَا عَلَى الدُّوَلِ الضَّعِيفَةِ، مُتَذَرِّعَةً بِشِعَارَاتٍ زَائِفَةٍ كَحِفَاظِ السِّلْمِ الدَّوْلِيِّ أَوْ نَشْرِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ.

إِنَّ مَا يُسَاعِدُ عَلَى اسْتِمْرَارِ هَذَا الْمَنْهَجِ هُوَ ضَعْفُ الْقَوَانِينِ وَ غِيَابُ التَّطْبِيقِ الْعَادِلِ لَهَا، فَالْعَدَالَةُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْحَالَاتِ تُصْبِحُ أَدَاةً بِيَدِ الْأَقْوِيَاءِ، وَ يَتَحَوَّلُ الْقَانُونُ إِلَى وَسِيلَةٍ لِخِدْمَةِ مَصَالِحِ فِئَةٍ مُعَيَّنَةٍ، بَيْنَمَا يُحْرَمُ الْبُسَطَاءُ مِنْ إِنْصَافِهِمْ.

وَ لِكَيْ يَتَجَاوَزَ الْإِنْسَانُ هَذَا الْمَنْطِقَ الْغَابَوِيَّ، يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ وَعْيٌ جَمَاعِيٌّ بِأَهَمِّيَّةِ الْمُسَاوَاةِ وَ إِعَادَةِ التَّوَازُنِ لِمِيزَانِ الْعَدْلِ، وَ ذَلِكَ مِنْ خِلَالِ تَطْبِيقِ قَوَانِينِ تَكْفُلُ الْحُقُوقَ لِلْجَمِيعِ بِلَا تَفْرِيقٍ أَوْ تَمْيِيزٍ.

كَذَلِكَ، فَإِنَّ غَرْسَ قِيَمِ الرَّحْمَةِ وَ التَّعَاوُنِ وَ نَبْذِ الظُّلْمِ فِي الْأَجْيَالِ الْقَادِمَةِ، يَعُدُّ مِنَ الْخُطُوَاتِ الْأَسَاسِيَّةِ لِبِنَاءِ مُجْتَمَعٍ أَكْثَرَ عَدَالَةً وَ إِنْصَافًا، وَ إِنْ كَانَ الْقُوِيُّ فِي طَبِيعَتِهِ يَسْعَى لِسَحْقِ الضَّعِيفِ، فَلَابُدَّ مِنْ كَبْحِ هَذِهِ النَّزْعَةِ وَ ضَبْطِهَا، وَ إِلَّا فَإِنَّ الْبَشَرِيَّةَ سَتَبْقَى دَائِرَةً فِي حَلْقَةٍ مُفْرَغَةٍ، لَا مَكَانَ فِيهَا لِلْحَقِّ وَ لَا لِلْإِنْصَافِ.

المانيا في ١٩ شباط ٢٠٢٥
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 21-02-2025 الساعة 06:14 AM
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:37 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke