بَيْنَ النَّجَاحِ وَالفَشَلِ بقلم: فؤاد زاديكى يُعَدُّ النَّجَاحُ فِي العَمَلِ وَ ا
بَيْنَ النَّجَاحِ وَالفَشَلِ
بقلم: فؤاد زاديكى
يُعَدُّ النَّجَاحُ فِي العَمَلِ وَ الحَيَاةِ هَدَفًا يَسْعَى إِلَيْهِ كُلُّ إِنْسَانٍ، فَهُوَ يُعْطِي صَاحِبَهُ شُعُورًا بِالرِّضَا وَ الثِّقَةِ بِالنَّفْسِ، وَ يَنْعَكِسُ إِيجَابِيًّا عَلَى أَنْمَاطِ حَيَاتِهِ وَ سُلُوكِيَّاتِهِ. فَالْإِنْسَانُ النَّاجِحُ يَتَّسِمُ بِالنَّشَاطِ وَ التَّفَاؤُلِ، وَ يَمْتَلِكُ دَافِعِيَّةً مُسْتَمِرَّةً لِتَحْقِيقِ الْمَزِيدِ مِنَ الْإِنْجَازَاتِ. كَمَا أَنَّهُ يُؤَثِّرُ بِإِيجَابٍ عَلَى مَنْ حَوْلَهُ، فَيُسَاعِدُ الْآخَرِينَ وَ يَنْشُرُ الطَّاقَةَ الإِيجَابِيَّةَ فِي الْمُجْتَمَعِ.
وَ عِنْدَمَا يُحَقِّقُ الْإِنْسَانُ طُمُوحَاتِهِ، فَإِنَّهُ يَعِيشُ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً مَلِيئَةً بِالطُّمَأْنِينَةِ وَ الرِّضَا، وَ يُصْبِحُ أَكْثَرَ انْفِتَاحًا وَ تَوَاصُلًا مَعَ الْآخَرِينَ. يَكُونُ وَاثِقًا فِي قُدُرَاتِهِ وَ يُوَاجِهُ تَحَدِّيَاتِ الْحَيَاةِ بِشَجَاعَةٍ وَ إِصْرَارٍ، فَالنَّجَاحُ لَا يَعْنِي الْوُصُولَ إِلَى الْهَدَفِ فَقَطْ، بَلْ هُوَ اسْتِمْرَارُ السَّعْيِ وَ التَّقَدُّمِ نَحْوَ الْأَفْضَلِ.
أَمَّا فِي الْمُقَابِلِ، فَعِنْدَمَا يَفْشَلُ الْإِنْسَانُ فِي تَحْقِيقِ طُمُوحَاتِهِ، فَإِنَّهُ يُصَابُ بِالإِحْبَاطِ وَ الشُّعُورِ بِالْخَيْبَةِ، وَ يَفْقِدُ ثِقَتَهُ فِي نَفْسِهِ وَ فِي قُدُرَاتِهِ. وَ مَعَ تَكَرُّرِ الْفَشَلِ، يَدْخُلُ فِي دَائِرَةٍ مُغْلَقَةٍ مِنَ الْحُزْنِ وَالانْكِمَاشِ، فَيَمِيلُ إِلَى الانْطِوَاءِ وَ الِانْعِزَالِ، وَ يَبْتَعِدُ عَنِ النَّاسِ وَ الْمُجْتَمَعِ، مِمَّا يَزِيدُ مِنْ مَعَانَاتِهِ النَّفْسِيَّةِ.
وَ لِهَذَا، فَإِنَّ النَّجَاحَ وَ الْفَشَلَ وَجْهَانِ لِعُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَ كُلٌّ مِنْهُمَا يُؤَثِّرُ بِشَكْلٍ عَمِيقٍ عَلَى حَيَاةِ الْإِنْسَانِ. فَالْإِنْسَانُ الذَّكِيُّ هُوَ، الَّذِي يَتَعَلَّمُ مِنْ فَشَلِهِ وَ يَجْعَلُهُ سُلَّمًا لِلنَّجَاحِ، وَ لَا يَسْتَسْلِمُ لِلْإِحْبَاطِ وَ الْيَأْسِ. فَالصَّبْرُ وَ الْإِصْرَارُ وَ التَّفَاؤُلُ هِيَ الْمَفَاتِيحُ الْحَقِيقِيَّةُ لِتَحْقِيقِ الْأَحْلَامِ وَ تَجَاوُزِ الْعَقَبَاتِ.
المانيا في ٦ آذار ٢٠٢٥
__________________
fouad.hanna@online.de
|