![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
![]() الحياةُ قصيرةٌ أكثرَ ممّا نتصوّرُ بقلم فؤاد زاديكى عندما نكونُ أصحّاءَ و على قيدِ الحياةِ، قليلونَ همُ الذينَ يخطرُ على بالِهم أنَّه سيأتي يومٌ لن يكونوا فيهِ قادرينَ لا على الحركةِ و لا على الكلامِ، عندئذٍ ينتابُهم شعورٌ بالحزنِ و التعاسةِ و الإحباطِ. إنَّ هذا الإدراكَ المتأخّرَ يجعلُهم يندمونَ على لحظاتٍ مضتْ، كانوا فيها غافلينَ عن حقيقةِ الحياةِ و محدوديّتِها. كم هو جميلٌ و مفيدٌ و مريحٌ أنْ تكونَ تلكَ اللحظةُ ماثلةً أمامَ أعينِنا، كي تجعلَنا قريبينَ من فهمِ ما يجري، و مستوعبينَ و متذكّرينَ دائمًا أنَّ الحياةَ قصيرةٌ، و يمكنُ أنْ يحصلَ ما نخافُ منهُ و نتحاشاهُ في أيَّةِ لحظةٍ من لحظاتِ العمرِ. فالإنسانُ غالبًا ما يعيشُ حياتهُ و كأنَّهُ خالدٌ، يتجاهلُ ضعفَهُ، و يؤجّلُ كثيرًا من الأمورِ، التي قد تكونُ جوهريّةً في حياتِهِ، حتى يصطدمَ بواقعٍ لا يمكنُ تغييرُهُ. حينَ يدركُ الإنسانُ هذه الحقيقةَ، تصبحُ نظرتهُ إلى الحياةِ أكثرَ عمقًا، فيسعى إلى استغلالِ كلِّ لحظةٍ منها بحكمةٍ و وعيٍ، بدلاً من إهدارِها في أمورٍ تافهةٍ أو نزاعاتٍ لا طائلَ منها. إنَّ الوعيَ بقصرِ الحياةِ يجعلُنا نُعيدُ ترتيبَ أولويّاتِنا، فنمنحُ وقتًا أكبرَ لمنْ نحبُّ، و نُعبّرُ عن مشاعرِنا قبلَ فواتِ الأوانِ، و نحرصُ على تحقيقِ أحلامِنا دونَ تسويفٍ أو تأجيلٍ. الحياةُ لا تُقاسُ بعددِ السنينِ التي نعيشُها، بل بجودةِ اللحظاتِ، التي نملأُها بالحبِّ و العطاءِ. فكم من إنسانٍ عاشَ عمرًا طويلًا، لكنهُ لم يتركْ أثرًا، و لم يعشْ لحظاتِهُ بسعادةٍ حقيقيّةٍ! و كم من شخصٍ آخرَ عاشَ سنواتٍ قليلةً، لكنَّهُ استطاعَ أنْ يتركَ بصمةً في قلوبِ الآخرينَ، و يمنحَ حياتَهُ معنىً أعمقَ! لذلكَ، علينا أنْ نعيشَ الحاضرَ بكلِّ تفاصيلِهِ، و ألّا نُهدرَ أوقاتَنا في الندمِ على ما فاتَ، أو القلقِ ممّا سيأتي. يجبُ أنْ نستغلَّ كلَّ فرصةٍ لنشرِ الخيرِ، و بناءِ الذكرياتِ الجميلةِ مع أحبّائِنا، و القيامِ بأعمالٍ تبقى شاهدةً على وجودِنا بعدَ رحيلِنا. فالسعادةُ الحقيقيّةُ ليستْ في امتلاكِ الأشياءِ، بل في تقديرِها، و في الشعورِ بالامتنانِ لما لدينا. إنَّ الحياةَ قصيرةٌ فعلًا، و نحنُ لا ندري متى سينتهي مشوارُنا فيها. لذلكَ، علينا أنْ نعيشَها بكلِّ تفاصيلِها، و أنْ لا نضيّعَ لحظةً منها في الحزنِ على الماضي أو الخوفِ من المستقبلِ. فالسعادةُ الحقيقيّةُ تكمنُ في تقديرِ ما نملكُ الآنَ، و في الاستمتاعِ بكلِّ نعمةٍ صغيرةٍ نُحظى بها. فلنُدركْ هذه الحقيقةَ قبلَ فواتِ الأوانِ، و لنحرصْ على أنْ نعيشَ حياتَنا بوعيٍ، و حبٍّ، و سلامٍ، لأنَّ اللحظاتِ، التي تضيعُ لن تعودَ أبدًا. |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|