![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
![]() فكرة القومية العربية: بين الحلم و الخذلان بقلم: فؤاد زاديكى (ردّّي على مقال السيد عبد الناصر عليوي العبيدي بعنوان: القومية العربية الضحية الأولى لحزب البعث العربي الاشتراكي ) نشأت فكرة القومية العربية في أواخر القرن التاسع عشر و أوائل القرن العشرين، كردّ فعل على التراجع، الذي عاشته الشعوب العربية تحت الحكم العثماني، ثم الاستعمار الأوروبي. كانت في بداياتها دعوة إلى النهضة، التحرر، و الوحدة بين الشعوب الناطقة بالعربية، تستند إلى اللغة و التاريخ المشترك و الثقافة الجامعة، كأواصر توحّد شعوباً مقسّمة بين إمبراطوريات و حدود مصطنعة. كان الهدف الأساسي لفكرة القومية العربية هو: تحقيق الاستقلال و التحرر من الاستعمار الغربي. توحيد العرب في كيان سياسي واحد (دولة أو اتحاد). إحياء الهوية العربية في مواجهة التغريب و التتريك و الاستعمار. تحقيق العدالة الاجتماعية و النهضة الاقتصادية و الثقافية في العالم العربي. رغم الانتقادات، لا يمكن إنكار بعض إنجازاتها، خاصة في منتصف القرن العشرين: تحفيز الحركات الوطنية ضد الاستعمار. تأسيس جمهوريات عربية بعد إسقاط الملكيات المدعومة من الاستعمار. صعود رموز قومية مثل جمال عبد الناصر، الذين ألهموا الجماهير بحلم الوحدة و التحرر. دعم قضايا مركزية كالقضية الفلسطينية (لكنّهم في واقع الأمر أضرّوها اكثر ممّا أفادوها) و تقديم خطاب موحّد ضد الاستعمار و الصهيونية (إلّا أنّه ظلّ خطابًا للاستهلاك الشعبوي دون تحقيق أية نتائج إيجابية ملموسة على أرض الواقع مع الوقت، انحرفت القومية العربية من فكرة نهضوية إلى أداة للسلطة، و تمّ استخدامها كغطاء سياسي لقمع المعارضين و فرض أنظمة استبدادية. أكبر النكسات تمثلت في: فشل مشروع الوحدة (مثل الوحدة المصرية السورية، التي لم تدم سوى ثلاث سنوات). نكسة 1967 و سقوط الخطاب القومي في أول اختبار عسكري جدّي. صراعات داخلية عربية-عربية، مثل حرب العراق على الكويت، أو الحروب الأهلية في لبنان و اليمن و اليوم الحرب الدائرة في السودان و ليبيا و سوريا و غيرها. تضييق على الحريات بحجة الحفاظ على "الوحدة الوطنية" أو "الروح القومية". للأسف، في كثير من الدول، التي تبنت الفكر القومي، تمّ استغلاله لقمع أو تهميش الفئات، التي لا تنتمي لما سُمّي بـ"الأمة العربية"، و منها: الأكراد، الذين تعرّضوا للقمع اللغوي و الثقافي بل و الإبادة في بعض الحالات. الأمازيغ، الذين تمّ إنكار هويتهم و محو لغتهم في بعض البلدان المغاربية. الأقليات الدينية مثل المسيحيين و اليزيديين و العلويين و الدروز و غيرهم، الذين وُضعوا في موقع "الضيوف" داخل أوطانهم. الشيعة أو الطوائف التي لا تتماهى مع "الخط القومي السني السائد"، و تمّ اتهامهم بالخيانة أو الارتباط بجهات خارجية. لقد فقدت القومية العربية بريقها، لأنّها تحوّلت من مشروع جامع إلى أداة فرقة. عوضاً عن أن تكون جسراً، صارت جداراً، و خبدلاً من أن تحرّر، شرّعت للاستبداد. نشأت منها أنظمة عسكرية رفعت شعار القومية و أقامت أنظمة بوليسية حكمت بالنار و الحديد. الخلاصة: فكرة القومية العربية بدأت كمشروع تحرّري، لكنّها أُفرغت من مضمونها و تحوّلت إلى سلطة تقصي و تهمّش باسم الهوية. الوحدة الحقيقية لا تقوم على العرق أو اللغة وحدها، بل على العدالة، التنوع، و الحرية. ما تحتاجه شعوبنا اليوم هو مشروع جامع إنساني ديمقراطي، يعترف بتنوعها و لا يسحقه باسم أمة موحدة مفترضة. بالنتيجة فشلت الفكرة القوميّة العربية و لم تعد صالحة نهائيًا، فلا حزب البعث و لا غيره من الأحزاب القومية العربية استطاعت أن تحقّق العدالة أو أي نجاح عملي. المانيا في ٧ نيسان ٢٠٢٥ التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 12-04-2025 الساعة 01:15 AM |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|