![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
![]() بينَ الإساءةِ و الإحسان بقلم: فؤاد زاديكى الإساءةُ و الإحسانُ نقيضانِ لا يلتقيان، فالأولى تنبُعُ من سوءِ الطبعِ و خُبثِ النّيةِ، بينما الثانيةُ تَفيضُ من طِيبِ القلبِ و نقاءِ السّريرةِ. هذانِ المفهومانِ يُمثّلانِ ركيزتينِ متضادّتَينِ في سلوكِ الإنسانِ، و لهما الأثرُ البالغُ في تشكيلِ العلاقاتِ الاجتماعيةِ، و تحديدِ مساراتِ التّواصلِ اليوميِّ بينَ البشرِ. الإساءةُ، بمختلفِ صُوَرِها، تُخلِّفُ في النّفوسِ جِراحًا لا تُرى، و لكنّها تؤلمُ أكثرَ من الجراحِ الماديّةِ. فهي قد تأتي بكلمةٍ جارحةٍ، أو نظرةٍ متعاليةٍ، أو فعلٍ جارحٍ يُقصَدُ به الإذلالُ أو الإهانةُ. و مهما بدا شكلُها بسيطًا، فإنّ أثرَها عميقٌ، و قد يُدمِّرُ ثقةَ الإنسانِ بذاتِه، و يُفسدُ نسيجَ العلاقاتِ الإنسانيةِ. و من خطورتِها أنّها قد تؤدّي إلى القطيعةِ، و العداوةِ، و الانتقامِ، بل و ربّما تُسهمُ في نشرِ الكراهيةِ داخلَ المجتمعِ الواحدِ. أمّا الإحسانُ، فهو زينةُ الأخلاقِ، و روحُ التّعاملِ الإنسانيِّ الرّاقي. هو العطاءُ دونَ انتظارِ المقابلِ، و الكلمةُ الطيّبةُ، التي تفتحُ أبوابَ القلوبِ، و الابتسامةُ، التي تُعيدُ الحياةَ في قلبٍ أرهقتْهُ الهمومُ. المُحسنُ يرفعُ مقامَهُ عندَ اللهِ و عندَ النّاسِ، و تبقى ذكراهُ عبقةً في الضّمائرِ. فالإحسانُ يُعزّزُ من التّماسكِ الاجتماعيِّ، و يُقوّي روابطَ المحبّةِ، و يجعلُ منَ التّسامحِ نهجًا، و منَ التعاونِ أسلوبًا للحياةِ. في الحياةِ اليوميّةِ، نُواجهُ مواقفَ كثيرةً نُخيَّرُ فيها بينَ أن نُسيءَ أو نُحسنَ. قد نُجرَحُ فنردُّ، أو نُؤذَى فنُهاجمُ، لكنّ سموَّ الأخلاقِ يكمُنُ في القدرةِ على كبحِ النّفسِ، و مواجهةِ الإساءةِ بالإحسانِ. إنّها ليست ضعفًا، بل قُوّةٌ لا يَملِكُها إلّا من امتلكَ قلبًا كبيرًا. الإحسانُ أيضًا لا يقتصرُ على البشرِ، بل يشملُ كلَّ كائنٍ حيٍّ، فهو يُترجِمُ إنسانيّتَنا الحقيقيّةَ. و متى ما سادَ الإحسانُ في مجتمعٍ، قلّتْ فيه الأحقادُ، و زالتْ الضّغائنُ، و ارتفعتْ قيمُ التعاونِ و التّضامنِ. بينَ الإساءةِ و الإحسانِ، نحنُ نختارُ وجهَنا الحقيقيَّ. فإمّا أن نكونَ مصدرَ ألمٍ و كراهيةٍ، أو بُؤرةَ نورٍ و محبّةٍ. و علينا أن نتذكّرَ دومًا أنّ الكلمةَ الطيّبةَ صدقةٌ، و أنّ أرقى النّفوسِ هي تلكَ التي تُحسنُ حتى حينَ تُساءُ. فلنحرصْ على زرعِ بذورِ الإحسانِ في دروبِنا، علّها تُزهرُ خيرًا، و تُظلّلُ من حولِنا بظلالِ الودِّ و السّلامِ. التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 29-04-2025 الساعة 04:31 AM |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|