![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
![]() خِداعُ الذَّاتِ قَبلَ خِداعِ الآخَرينِ بقلم: فُؤاد زاديكِي يَزْعُمُ المَهْزُومُ أَنَّهُ مُنْتَصِرٌ، وَ يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ قَاهِرٌ لا يُقْهَرُ، فَيُخادِعُ ذَاتَهُ قَبْلَ أَنْ يُحاوِلَ خِداعَ الآخَرِينَ، وَ هُوَ يَعْلَمُ فِي قَرارَةِ نَفْسِهِ أَنَّهُ مُهْزُومٌ. لَكِنَّهُ يَرْفُضُ الإقْرارَ بِالْحَقِيقَةِ، وَ يَأْبَى أَنْ يُواجِهَ مَرَارَةَ الوَاقِعِ. هذِهِ الحَالَةُ لا تَقْتَصِرُ عَلَى الأَفْرَادِ فَقَطْ، بَلْ تَمْتَدُّ لِتَشْمَلَ شُعُوبًا بِأَسْرِهَا. هُنَاكَ أُمَمٌ تَخُوضُ هَزَائِمَ مُتَكَرِّرَةً، فِي كُلِّ مَجَالٍ: فِي العِلْمِ وَ الحَضَارَةِ، وَ الثَّقَافَةِ وَ السِّيَاسَةِ، وَ فِي أُسُسِ المَدَنِيَّةِ وَ الحُرِّيَّاتِ، وَ رَغْمَ ذَلِكَ، تُصِرُّ عَلَى أَنَّهَا فِي مَوْضِعِ التَّفَوُّقِ. تُغَلِّفُ الفَشَلَ بِغِشَاءِ الوَهْمِ، وَ تَصُوغُ مَشَاعِرَ مَوْهُومَةً بِالقُوَّةِ وَ الِانْتِصَارِ. إِنَّ هَذِهِ الشُّعُوبَ لا تَسْتَطِيعُ النُّهُوضَ، لِأَنَّهَا لا تُرِيدُ أَنْ تَعْتَرِفَ بِالسُّقُوطِ، وَ مَا لَمْ تَعْتَرِفْ، لَنْ تُفَكِّرَ فِي السَّبَبِ، وَ بِدُونِ تَحْلِيلٍ صَادِقٍ لِلهَزِيمَةِ، لَنْ يَتِمَّ تَفَادِيهَا. فَالمُشْكِلَةُ الأَعْمَقُ لَيْسَتْ فِي الهَزِيمَةِ نَفْسِهَا، بَلْ فِي العَجْزِ عَنِ الاِعْتِرَافِ بِهَا، وَ فِي الإِقَامَةِ الطَّوِيلَةِ فِي عَالَمِ الإِنْكَارِ وَ التَّجَاهُلِ. نَعَمْ، يُمْكِنُ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكْذِبَ عَلَى الآخَرِينَ، وَ لَكِنَّهُ إِذَا بَدَأَ يَكْذِبُ عَلَى نَفْسِهِ، فَقَدْ وَصَلَ إِلَى أَسْوَإِ دَرَجَاتِ الضَّعْفِ. فَكَمْ مِنْ حَاكِمٍ دَعَا إِلَى الوَحْدَةِ وَ هُوَ يَفْرِضُ الفُرْقَةَ، وَ كَمْ مِنْ نِظَامٍ زَعَمَ أَنَّهُ مِحْوَرُ المُقَاوَمَةِ وَ هُوَ يَسْتَجْدِي البَقَاءَ عَلَى فُتَاتِ القُوَى الكُبْرَى. الحَقِيقَةُ لا تُخْفِيهَا الأَهَازِيجُ، وَ لا يُغَطِّيهَا زَخْمُ الشِّعَارَاتِ، وَ لا تَحْجُبُهَا أَغْلِفَةُ الإِعْلَامِ. الوَاقِعُ أَقْوَى، وَ الهَزِيمَةُ، مَهْمَا أُنْكِرَتْ، تَظَلُّ مَرْسُومَةً فِي مَظَاهِرِ الحَيَاةِ: فِي مَنَاهِجِ التَّعْلِيمِ المُتَخَلِّفَةِ، وَ فِي الجَامِعَاتِ، الَّتِي لا تُنْتِجُ عِلْمًا، وَ فِي مَصَانِعِ لا تُنَافِسُ، وَ فِي مُجْتَمَعٍ لا يَقْبَلُ النَّقْدَ وَ لا يَسْمَحُ بِالْاخْتِلَافِ. تُرِيدُ بَعْضُ الأُمَمِ أَنْ تَعِيشَ وَهْمَ العَظَمَةِ، وَ تُفَضِّلُ النَّوْمَ فِي حِضْنِ الأَسَاطِيرِ عَلَى الصَّحْوِ عَلَى لَدْغَةِ الحَقِيقَةِ. لَكِنَّ الأُمَمَ، الَّتِي تَرْفُضُ النَّظَرَ فِي المِرْآةِ لا يُمْكِنُهَا أَنْ تُصْلِحَ وُجُوهَهَا. الوَعْيُ بِالنَّقْصِ هُوَ أَوَّلُ خُطُوَاتِ التَّقَدُّمِ، وَ الاعْتِرَافُ بِالخَطَأِ لَيْسَ ضَعْفًا، بَلْ شَجَاعَةٌ وَ بِدَايَةُ التَّغْيِيرِ. فَلْتَصْحُ هَذِهِ الشُّعُوبُ مِنْ سُكْرَةِ الزَّيْفِ، وَ تَتَخَلَّ عَنِ المَرَضِ المُزْمِنِ: مَرَضِ الإِنْكَارِ. فَالْمُواجَهَةُ الحَقِيقِيَّةُ مَعَ الذَّاتِ، وَ التَّصَالُحُ مَعَ الفَشَلِ هُوَ السَّبِيلُ الْوَحِيدُ إِلَى المُسْتَقْبَلِ. وَ إِلَّا، فَالهَزِيمَةُ، كَمَا يُقَالُ، لَيْسَتْ فِي الخَسَارَةِ، بَلْ فِي الإِصْرَارِ عَلَى عَدَمِ التَّعَلُّمِ مِنْهَا. التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 02-06-2025 الساعة 08:38 AM |
#2
|
||||
|
||||
![]() رنا عبد الله الشكر العميق لشخصكم الراقي استاذة رنا عبد الله و الاستاذ عمر طه اسماعيل العلواني و ملتقى ضفاف الرافدين لتوثيق نصي خداع الذات https://moltk.wordpress.com/2025/06/...xFeH-nzw0bs5pg |
#3
|
||||
|
||||
![]() لمياء العلي شكرا لكم الاستاذة لمياء العلي و الأكاديمية العربية المغربية للشعر و الأدب لتوثيق نصي خداع الذات https://akadamyalarab.blogspot.com/2...GVYFTx73Na-qOQ |
#4
|
||||
|
||||
![]() حنين كوكي كريمة عبدالوهاب اشكركم من القلب استاذة حنين و قسم الآداب و الشعر ديسك بوابة الإخبارية الالكترونية لتوثيق نصي خداع الذات https://alakhbrianews.blogspot.com/2...6xfwBEoVWduGhg |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|