لُغَةُ الْجَسَدِ: حَيَوِيَّةُ الْرَّغْبَةِ وَ سُكُونُ الْعُمْقِ بقلم: فؤاد زاديكى
لُغَةُ الْجَسَدِ: حَيَوِيَّةُ الْرَّغْبَةِ وَ سُكُونُ الْعُمْقِ
بقلم: فؤاد زاديكى
لُغَةُ الْجَسَدِ هِيَ أَبْجَدِيَّةٌ خَاصَّةٌ، تَخُطُّ بِالْكَلِمَاتِ مَا لَمْ يَسْتَطِعِ اللِّسَانُ قَوْلَهُ. هِيَ أُنْثَى بَاهِرَةٌ، تَعْبُرُ عَنْ رَغَبَاتِهَا الْدَّفِينَةِ بِإِيمَاءَاتٍ وَ تَعَابِيرَ. فِي حَرَكَةِ يَدِهَا الْلَّيْنةِ، وَ فِي نَظْرَةِ عَيْنَيْهَا الْعَمِيقَةِ، وَ فِي اِرْتِعَاشِ شَفَتَيْهَا، تَكْمُنُ حَيَوِيَّةُ رَغْبَةٍ تَتَحَدَّى الصَّمْتَ.
لُغَةُ الْجَسَدِ تُعَبِّرُ عَنْ الْأُنْثَى، فَهِيَ مَنْ تَعْرِفُ مَتَى تَبْتَسِمُ، وَ مَتَى تُغْمِضُ عَيْنَيْهَا فِي خَجَلٍ، وَ مَتَى تُدِيرُ وَجْهَهَا عَنْ حُبٍّ يُبْهِرُهَا. إِنَّهَا الْلُغَةُ، الَّتِي تَحْكِي قِصَّةَ الْشَّوْقِ، وَ تَرْوِي حِكَايَةَ الْحَنِينِ، وَ تُعْلِنُ عَنْ سِرٍّ دَفِينٍ لَا يُقَالُ.
حَرَكَةُ الْيَدِ، كَلِمَةٌ صَامِتَةٌ، لَكِنَّهَا تَعْنِي الْكَثِيرَ. فَهِيَ تُشِيرُ إِلَى الْشَّغَفِ، وَ تَبُوحُ بِالْشَّوْقِ، وَ تَدْعُو إِلَى الْقُرْبِ. وَ نَظْرَةُ الْعَيْنِ الْعَمِيقَةُ، هِيَ مِرْآةُ الرُّوحِ، فَهِيَ تَعْكِسُ مَشَاعِرَ لَا يَسْتَطِيعُ اللِّسَانُ قَوْلَهَا. تَنْظُرُ إِلَى الْآخَرِ بِشَغَفٍ، وَ بِعُذُوبَةٍ، وَ بِشَوْقٍ يَكَادُ يَفُوقُ الْوَعْيَ.
وَ عِنْدَمَا تَتَنَفَّسُ الْأُنْثَى، فَإِنَّ تَنَفُّسَهَا يُعَبِّرُ عَنْ حَاجَةٍ دَاخِلِيَّةٍ، وَ عَنْ رَغْبَةٍ فِي الْقُرْبِ، وَ عَنْ أَمَلٍ فِي اللِّقَاءِ. كُلُّ حَرَكَةٍ فِيهَا، كُلُّ نَظْرَةٍ مِنْهَا، كُلُّ لَمْسَةٍ مِنْهَا، هِيَ تَعْبِيرٌ عَنْ حَاجَةٍ لِلْقُرْبِ، وَ لِلْوَصْلِ، وَ لِلْوُصُولِ. إِنَّ الْجَسَدَ هُوَ لُغَةُ الْأُنْثَى الْخَاصَّةُ، وَ هُوَ مِرْآةُ رُوحِهَا الْعَمِيقَةِ.
فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِدُونِ أَيِّ صَوْتٍ، وَ يُعَبِّرُ بِدُونِ أَيِّ حَرَكَةٍ ظَاهِرَةٍ، وَ يَنْطِقُ بِكُلِّ مَا فِي الْقَلْبِ وَ فِي الرُّوحِ. إِنَّ لُغَةَ الْجَسَدِ لِلْأُنْثَى، هِيَ رَسَائِلُ الْحُبِّ الْغَامِضَةُ، الَّتِي تُرْسِلُهَا إِلَى مَنْ تُحِبُّ، وَ الَّتِي تُنَادِي بِهَا عَلَى مَنْ تَشْتَاقُ إِلَيْهِ.
عَيْنٌ تَبُوحُ بِالشَّوْقِ، وَ يَدٌ تُشِيرُ إِلَى الْقُرْبِ، وَ قَلْبٌ يَنْبِضُ بِالْوِصَالِ. فِي لُغَةِ الْجَسَدِ، تَتَجَلَّى الرَّغَبَاتُ، وَ تَتَحَرَّكُ الْأُمْنِيَاتُ، وَ تَتَسَرَّبُ الْمَشَاعِرُ الدَّفِينَةُ. لُغَةٌ لَيْسَ لَهَا قَوَاعِدُ، فَهِيَ تُسْتَشْعَرُ بِالْقَلْبِ، وَ تُفْهَمُ بِالرُّوحِ.
هِيَ اللُّغَةُ الَّتِي تُعَبِّرُ عَنْ الْحَيَاةِ، وَ عَنْ الْحُبِّ، وَ عَنْ الْشَّغَفِ. وَ الْأُنْثَى تَعْبِيرُهَا الْأَقْوَى، فَهِيَ بِلُغَةِ جَسَدِهَا، تَخْلُقُ عَالَمًا مِنْ الْأَحَاسِيسِ، وَ تُعَبِّرُ عَنْ رَغَبَاتٍ لَا يُمْكِنُ لِلْكَلِمَاتِ أَنْ تَعْبُرَ عَنْهَا. لُغَةٌ تَسْرُقُ الْقُلُوبَ، وَ تَأْسِرُ الْأَرْوَاحَ، وَ تُبْدِعُ فِي كُلِّ لَمْسَةٍ، وَ كُلِّ نَظْرَةٍ، وَ كُلِّ هَمْسَةٍ.
فَكَمْ مِنْ قِصَصِ حُبٍّ بَدَأَتْ بِنَظْرَةٍ صَامِتَةٍ، وَ بِإِيمَاءَةٍ خَجُولَةٍ، وَ بِحَرَكَةٍ لَا تُتَرْجَمُ إِلَّا بِالْقَلْبِ. لُغَةُ الْجَسَدِ هِيَ الْحَيَاةُ، الَّتِي تَنْبُضُ فِي الْقَلْبِ، وَ هِيَ الرُّوحُ، الَّتِي تَسْكُنُ الْجَسَدَ.
__________________
fouad.hanna@online.de
|