التّعبيرُ عن لوعَةِ الْعِشْقِ بقلم: فؤاد زاديكى إِنَّ الْعِشْقَ لَيْسَ مُجَرَّدَ كَ
التّعبيرُ عن لوعَةِ الْعِشْقِ
بقلم: فؤاد زاديكى
إِنَّ الْعِشْقَ لَيْسَ مُجَرَّدَ كَلِمَاتٍ تُقَالُ، أَوْ أَفْعَالٍ تُفْعَلُ، بَلْ هُوَ حَالَةٌ خَاصَّةٌ، وَ شُعُورٌ عَمِيقٌ يَسْكُنُ الرُّوحَ وَ الْقَلْبَ. وَ لَوْعَةُ الْعِشْقِ، هِيَ الْحَرَارَةُ، الَّتِي تَشْتَعِلُ فِي الدَّاخِلِ، وَ الْشَّوْقُ، الَّذِي يَفُوقُ الْوَعْيَ. لَا يَسْتَطِيعُ الْإِبْحَارَ فِي أَعْمَاقِهَا إِلَّا الْمُدْرِكُونَ لِرُوحِ الْعِشْقِ الْحَقِيقِيَّةِ، الَّذِينَ يَتَفَاعَلُونَ مَعَهَا بِصِدْقٍ خَالِصٍ دُونَ مُوَارَاةٍ أَوْ كَذِبٍ.
الْعِشْقُ هُوَ لُغَةٌ خَاصَّةٌ، يَفْهَمُهَا الْعُشَّاقُ بِقُلُوبِهِمْ، لَا بِعُقُولِهِمْ. فَهِيَ لُغَةٌ تَتَجَلَّى فِي النَّظْرَةِ، وَ فِي الْإِيمَاءَةِ، وَ فِي كُلِّ حَرَكَةٍ تُعَبِّرُ عَنْ الْحُبِّ. إِنَّ الْمُدْرِكَ لِلَوْعَةِ الْعِشْقِ هُوَ مَنْ يَفْهَمُ أَنَّ الْحُبَّ لَيْسَ سَهْلًا، وَ أَنَّهُ يَأْتِي بِلَوْعَةٍ وَ أَلَمٍ، كَمَا يَأْتِي بِفَرْحَةٍ وَ سَعَادَةٍ.
التَّعْبِيرُ عَنْ لَوْعَةِ الْعِشْقِ يَتَطَلَّبُ صِدْقًا لَا مُتَوَازِيًا. فَهِيَ رِحْلَةٌ فِي الْأَعْمَاقِ، وَ غَوْصٌ فِي الْبُحُورِ الدَّفِينَةِ، وَ كَشْفٌ لِلْأَسْرَارِ، الَّتِي لَا يُفْشِيهَا إِلَّا الْقَلْبُ. الْعَاشِقُ الصَّادِقُ هُوَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى التَّعْبِيرِ عَنْ لَوْعَةِ عِشْقِهِ دُونَ خَوْفٍ، وَ دُونَ حَيَاءٍ. فَهَذَا الشُّعُورُ الْعَمِيقُ يَجْعَلُهُ يَتَخَطَّى كُلَّ الْحَوَاجِزِ، وَ يُسْقِطُ كُلَّ الْأَقْنِعَةِ.
فِي لَوْعَةِ الْعِشْقِ، تَتَجَلَّى حَقِيقَةُ الْأَرْوَاحِ، وَ تَتَكَشَّفُ أَسْرَارُ الْقُلُوبِ. إِنَّهَا حَالَةٌ مِنْ الْوَجْدِ وَ الشَّوْقِ، وَ الْأَلَمِ وَ الْفَرْحَةِ. وَ الْمُدْرِكُ لِرُوحِ الْعِشْقِ هُوَ مَنْ يَسْتَطِيعُ التَّعْبِيرَ عَنْ هَذَا الْكُلِّ فِي جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ فِي نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ.
فَالْقَلْبُ الَّذِي يَعْشَقُ بِصِدْقٍ، يُعَبِّرُ عَنْ لَوْعَةِ عِشْقِهِ بِدُونَ كَلَامٍ، وَ بِدُونَ جُهْدٍ. فَالْحُبُّ الْحَقِيقِيُّ يُتَرْجِمُ نَفْسَهُ بِلُغَةٍ خَاصَّةٍ، يَفْهَمُهَا الْقَلْبُ، وَ يَسْتَشْعِرُهَا الْوِجْدَانُ. وَ الْأُنْثَى فِي عِشْقِهَا، هِيَ الْفَنَّانَةُ، الَّتِي تُجِيدُ التَّعْبِيرَ عَنْ لَوْعَتِهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مِنْ رِقَّةٍ وَ جَمَالٍ وَ عُمْقٍ.
تَعَابِيرُ الْوَجْهِ، وَ هَمَسَاتُ الرُّوحِ، وَ نَظَرَاتُ الْعُيُونِ، كُلُّهَا تَعْبِيرٌ عَنْ لَوْعَةِ الْعِشْقِ. فَهِيَ حَالَةٌ تُشْعِلُ فِتِيلَ الْحَيَاةِ، وَ تُعِيدُ إِلَى الْقَلْبِ نَبْضَهُ. وَ مَنْ لَا يَعْرِفُ لَوْعَةَ الْعِشْقِ، لَا يَعْرِفُ الْحُبَّ الْحَقِيقِيَّ.
__________________
fouad.hanna@online.de
|